رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كاتب فرنسي يتوقع نهاية ماكرون على أيدي أصحاب "السترات الصفراء"

ايمانويل ماكرون
ايمانويل ماكرون


يرى الدكتور جي ميللر، الأستاذ بجامعة باريس أن إنفصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن واقع بلاده هو السبب الرئيس في الأضطرابات والمظاهرات التي تشهدها البلاد حاليًا.

ينقل جي ميللر في مقال له بموقع معهد جيتستون للسياسة الخارجية عن لورنس سايلت المتحدث باسم حزب يمين الوسط، الذي قال في 27 نوفمبر الماضي: سيدي الرئيس لا يمكننا تلبية نفقات المواطنين، فيرد ماكرون: "سننشئ مجلسًا متخصصًا في قضايا المناخ" في إشارة واضحة لحالة الأنفصال لدى الرئيس الفرنسي.

وأشار الكاتب إلى أن جراء هذا الانفصال يطالب المتظاهرين في احتجاجات "السترات الصفراء"، التي تحظى بدعم 77% من السكان الفرنسيين، باستقالة ماكرون والتغيير الفوري للحكومة.

ووصف العالم السياسي جان ايف كامو ما يحدث في فرنسا بأنه ثورة لملايين الناس الذين يشعرون بالخنق بسبب الضرائب المفروضة عليهم، والذين لا يريدون "الدفع لأجل غير مسمى" لحكومة تبدو "غير قادرة على الحد من الإنفاق".

جدير بالذكر أن الانتخابات الفرنسية من المقرر لها أن تكون في الربيع المقبل، حيث تظهر الاستطلاعات أن حزب "التجمع الوطني" سيكون في الصدارة، متقدما بفارق كبير عن حزبLa République En Marche! الذي أنشأه ماكرون نفسه.

ويواصل الكاتب حديثه في المقال المطول، فيقول إن الرئيس الفرنسي احتفل بالذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى من خلال دعوة سبعين من رؤساء الدول لتنظيم "منتدى السلام" ذو التكلفة الباهظة وعديم الجدوى.

وألمح الكاتب إلى فشل الرئيس الفرنسي في إدارة ملف السياسة الخارجية للدولة، حيث دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المعروف بقوميته الشديدة، ليعود ويعرّف القومية في خطابه مع ترامب بالخيانة، كما وضع الولايات المتحدة بين "أعداء" أوروبا للمرة الأولى في تاريخ أوروبا.

وهو ما قابله ترامب بسلسلة من التغريدات، حيث ذكّر ترامب العالم بأن فرنسا احتاجت إلى مساعدة الولايات المتحدة لاستعادة الحرية خلال الحروب العالمية، وأن الناتو لا يزال يحمي أوروبا التي لا حول لها ولا قوة، وأن العديد من الدول الأوروبية ما زالت لا تدفع المبلغ الذي وعدت به مقابل الدفاع عن أمنها. وأضاف ترامب في تغريداته أن ماكرون كان عنده نسبة تأييد منخفضة للغاية (26٪) ، وكان يواجه مستوى مرتفع للغاية من البطالة ، وربما كان يحاول صرف الانتباه عن ذلك.

وتعرض الكاتب في المقال إلى الحالة الاقتصادية في فرنسا، حيث ينذر مستوى البطالة بالخطر، حيث وصل إلى نسبة 9.1%، ويعاني ما نسبته 14.2٪ من السكان من الفقر، علاوة على أن النمو الاقتصادي غير موجود فعليًا حيث يوجد بنسبة (0.4٪ في الربع الثالث من عام 2018 ، ارتفاعًا من 0.2٪ في الأشهر الثلاثة السابقة).

علاوة على أن متوسط ​​الدخل للفرد الفرنسي (20.520 يورو ما يعادل 23.000 دولار أمريكي في السنة) ما يعني أن نصف الفرنسيين يعيشون على أقل من 1710 يورو (1946 دولار) في الشهر، ويعيش خمسة ملايين شخص على أقل من 855 يورو (973 دولار) في الشهر.

ويرى الكاتب أنه على الرغم من بعض الإصلاحات التجميلية، مثل القيود على الفصل التعسفي أو السماح لقيام الشركات الصغيرة بالتفاوض على عقود عمل قصيرة، إلا أن قانون العمل الفرنسي لا يزال أحد أكثر القوانين جامدة في العالم المتقدم، ويحول دون خلق الوظائف، بسبب العبء الضريبي الذي يعد (أكثر من 45٪ من الناتج المحلي الإجمالي) هو الأعلى في العالم المتقدم.

الوضع الأمني أيضًا، شهد تأخرًا ملحوظًا في فرنسا منذ انتخاب ماكرون، حيث تزايدت حالات الاعتداءات العنيفة وجرائم الاغتصاب، كما ازداد عدد المناطق المحظورة في باريس والتي خرجت عن سيطرة الأمن تمامًا.

ويضيف الكاتب: كانت إضرابات النقل العام، التي وقعت في الربيع الماضي، والتي صحبها العديد من المظاهرات المتحمسة للمصارف والمتاجر، دليلًا آخر على الفشل الأمني، كما جاء فوز فرنسا بكأس العالم لكرة القدم في يوليو الماضي، متبوعًا بالابتهاج الذي سرعان ما أفسح المجال للعنف من جانب الجماعات التي حطمت نوافذ المتجر وهاجمت الشرطة.

واعتبر الكاتب الفرنسي أن القرار الأخير لزيادة الضرائب على الغاز هو القشة الأخيرة، وهو ما أثار غضب فوري، انتقل على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنه إلى الشارع.

وحذر الكاتب من تجاهل الحكومة مطالب المتظاهرين. وبدلاً من ذلك، حيث يكرر المسؤولون العديد من الضرورات غير المبررة "لتغير المناخ" والحاجة إلى القضاء على استخدام "الوقود الأحفوري"، لكنهم يرفضون تغيير المسار.

خاصة أن ماكرون لازال يواصل تجاهله الاعتراف بالحقيقة، وأعلن أنه سيخلق "مجلسًا عاليًا للمناخ" ، مؤلفًا من علماء البيئة والسياسيين المحترفين، وأن هدفه كان إنقاذ الكوكب وتجنب "نهاية العالم"، ولم ينطق بكلمة واحدة عن المظالم الاقتصادية التي وقعت خلال الأيام العشرة الماضية.

الآن "السترات الصفراء" تحظى بدعم 84٪ من السكان الفرنسيين، ويطالبون باستقالة ماكرون والتغيير الفوري للحكومة. يقول أولئك الذين يتحدثون في الإذاعة والتلفزيون إن ماكرون والحكومة أصابها العمى والصمم.

وتوقع الكاتب أن مع استمرار الوضع على هذا المنوال، تفاقم الثورة في البلاد، فالثوار الذي يدعمهم 84% من الشعب يرفضون دفع الضرائب لأجل غير مسمى، والحكومة تبدو "غير قادرة على الحد من الإنفاق".