وسط تحديات وضمانات التنفيذ والتمويل..
سيناريوهات قيادة مصر لإعادة إعمار غزة
في مشهد يعكس دورها الإقليمي في دعم القضية الفلسطينية، تستضيف مصر مؤتمرًا موسعًا لإعادة إعمار غزة، بمشاركة وفود عربية ودولية ومؤسسات مانحة وشركات متخصصة في البناء والتشيد والبنية التحتية.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى، أعلن استضافة مصر مؤتمر دولي حول التعافي المبكر وإعادة الإعمار بقطاع غزة في نهاية نوفمبر الجاري.
ويأتي المؤتمر في وقت تتصاعد فيه الحاجة إلى تحرك عاجل لإعادة تأهيل القطاع بعد الدمار الواسع الذي خلّفه العدوان، حيث تسعى مصر إلى توحيد جهود الدول المانحة ووضع إطار عملي وخطة تنفيذية واضحة لإعادة الإعمار، تتضمن مراحل عاجلة لإغاثة المدنيين، وأخرى طويلة المدى لإحياء البنية الأساسية وإعادة دوران عجلة الحياة.
ويهدف المؤتمر إلى حشد التمويل الدولي، وتنسيق الأدوار بين الجهات المشاركة، وفتح المجال أمام الشركات المصرية والعربية للمساهمة بخبراتها في إعادة بناء المنازل والمستشفيات وشبكات الطرق والمرافق الحيوية، بما يعيد الأمل لسكان القطاع ويثبت قدرة العمل العربي المشترك على مواجهة التحديات الإنسانية والتنموية.
وتنقسم خطة الإعمار إلى ثلاث مراحل لضمان الكفاءة، تبدأ المرحلة الأولى، المخصصة للتعافي المبكر، بتكلفة 3 مليارات دولار على مدى ستة أشهر، وتشمل إزالة الأنقاض من محور صلاح الدين ومناطق أخرى، وتوفير 200 ألف وحدة سكن مؤقتة تستوعب 360 ألف فرد، إلى جانب ترميم 60 ألف وحدة مدمرة جزئيًا، وتشمل هذه المرحلة أيضًا إنشاء سبعة مواقع إيواء لأكثر من 1.5 مليون شخص.
وتمتد المرحلة الثانية حتى عام 2027 بتكلفة 20 مليار دولار، وتركز على بناء المرافق، الشبكات، والوحدات السكنية الدائمة، إلى جانب استصلاح الأراضي الزراعية.
أما المرحلة الثالثة، التي تستمر حتى 2030 بتكلفة 30 مليار دولار، فتهدف إلى إنشاء مناطق صناعية، ميناء صيد، ميناء بحري، ومطار لتعزيز الاقتصاد المحلي.
ويقدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تكلفة إعادة الإعمار بـ 70 مليار دولار، بالإضافة إلى وجود أكثر من 55 مليون طن من الأنقاض في القطاع.
وبحسب تقرير البنك الدولي، فإن قطاع الإسكان في غزة يمثل حوالي 30% من احتياجات إعادة الإعمار، أي 15.2 مليار دولار، ثم التجارة والصناعة 6.9 مليار دولار، والصحة 6.9 مليار دولار، والزراعة 4.2 مليار دولار، والحماية الاجتماعية 4.2 مليار دولار، والنقل 2.9 مليار دولار، والمياه والصرف الصحي 2.7 مليار دولار، والتعليم 2.6 مليار دولار.
شركات المقاولات المصرية جاهزة
وفي هذا السياق، قال المهندس داكر عبد اللاه، عضو لجنة التطوير والعقاري والمقاولات بجمعية رجال الأعمال المصريين وعضو شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية، إن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تضع ملف اعادة إعمار غزة ضمن أولوياتها وتحث الشركاء الدوليين والعالم على المساهمة في إعادة إعمار غزة.
وأشاد داكر عبّد اللاه بدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإقامة مؤتمر دولي بالقاهرة في شهر نوفمبر الجاري ودعوة جميع دول العالم للمشاركة في إعادة الإعمار خاصة أنه طبقا للاحصائيات الأممية فتصل تكلفة إعمار غزة 70 مليار دولار منها 20 مليار دولار للبنية التحتية بشكل عاجل.
وأضاف أن شركات المقاولات المصرية جاهزة لتلبية نداء الرئيس السيسي في أي وقت للبدء في إعادة إعمار غزة خاصة أن الشركات المصرية لديها الخبرات الكبيرة في أعمال المقاولات والإنشاءات والبنى التحتية وهي موجودة بقوة في العديد من الدول الإفريقية والعربية وتتمتع بسمعة مميزة.
وأشار إلى أنه يمكن عقد تحالفات مع شركات مقاولات من الدول الشركاء في إعادة الإعمار للإسراع في وتيرة إعادة الإعمار، لافتًا إلى أن مؤتمر إعادة إعمار غزة الذي تعد له مصر ليقام خلال شهر نوفمبر سيكون له دور كبير في اتخاذ خطوات حقيقية وفعالة في إعادة الإعمار وتوفير التمويل اللازم.
حضور واسع للدول العربية والأجنبية
ومن ناحيته، قال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي ومدير عام مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، إن يعد مؤتمر إعمار غزة، هو أحد بنود الاتفاق الذي تم في شرم الشيخ ودعم الجهود الإنسانية وإعادة ما دمرته الحرب من خدمات وبنية تحتية على مدار العامين الماضيين، حيث مصر تهتم بشكل كامل بالقضية الفلسطينية.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن المؤتمر سيناقش 4 محاور أساسية، حيث الأول يتمثل في مناقشة آليات التمويل والدعم الدولي والثاني يتمثل في وضع أولويات عاجلة لإعادة الإعمار، والثالث يتمثل في تعزيز دور مؤسسات الإغاثة الدولة والإنسانية، والرابع يتمثل في تنسيق الجهود بين الجهات الحكومية والدولية لضمان وصول المساعدات.
وأشار «عامر»، إلى أن الدولة الكبري مثل أمريكا وفرنسا وتركيا وقطر، هم المسئولين في وضع الضمانات لإعادة إعمار غزة، وعدم عودة الحرب.
وتابع: «سيكون هناك حضور واسع لرؤساء وممثلين لجميع الدول العربية والأجنية، وعلى رأسهم الولايات المتحد الأمريكية، لضمان وصول المساعدات لأهالي غزة طوال فترة الإعمار».
وأكد الخبير الاقتصادي، أن التحدي الأساسي الذي سيقف أمام تنفيذ نتائج مؤتمر إعادة إعمار غزة، وهو الجانب الإسرائيلي ومدي إلتزامه بما يم الاتفاق عليه.
وأوضح أن هناك إطار الإقليمي يمثل تحدي، ويمثل في 5 نقاط وهي: «استمرار عدم الاستقرار الأمني وصعوبة دخول المعدات؛ نتيجة الحصار من الجانب الإسرائيلي، والقلق من تجدد العمليات العسكرية وتأثيرها على أي خطوات إنشائية، بجانب تدمير للبنية التحتية وشبكات الطرق والكهرباء والتي تحتاج إلى أدوات هندسية دقيقة قبل البناء، بالإضافة إلى نقص التمويل حيث عملية إعادة الإعمار ستتكلف مبالغ ضخمة تقدر بـ70 مليار دولار على الأقل».
شق سياسي وعسكري
وبدوره، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إن هناك تحديات ستقف أمام تنفيذ الإعمار في غزة، وأبرزها التحديات المادية وتكلفة التمويل، والتنسيق والتنظيم وترتيب الأولويات، بجانب الشركات المشاركة والدول الداعمة، فضلًا عن الجدول الزمني.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه يجب وجود ضمانات من الجانب الإسرئيلي، لإعادة الإعمار حيث الكيان يمكن خرق جميع الاتفاقيات بصاروخ واحد، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على ما يتم إعمارة، حيث هناك شق سياسي وعسكري في المقام الأول، لذلك يجب أن يضع في خطة.
وأشار «الإدريسي»، إلى أن المؤتمر سيأتي بنتائج إيجابية، وذلك بعد نجاح الاتفاق في شرم الشيخ، والذي هدي بشكل كبير التوترات في المنطقة، هو ما يحسب للدولة المصرية في ملف القضية الفلسطينية.
وتابع: «مصر لديها مئات الشركات المستعدة إعمار غزة، وهي ستكون فرص جيدة إثبات كفاءة الشركات المصرية ووجود استثمارات واضحة لها في المنطقة، بجانب توفير فرص عمل لآلاف العاملين المصريين، في حالة تواجد التنسيق الجيد بين الدول وبعضها».
أوضح الخبير الاقتصادي، أن استقرار قطاع غزة يعد جزء من استقرار المنطقة كلها، ونتمني إقامة المؤتمر في أسرع وقت والبدء في تنفيذ خطة الإعمار.

