ستغير موازين القوى في الشرق الأوسط..تفاصيل لقاء ترامب وبن سلمان في البيت الأبيض
يلتقى ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان البيت الأبيض اليوم الثلاثاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، لإجراء محادثات تهدف إلى تعزيز التعاون القائم منذ عقود في قطاعي النفط والأمن، فضلا عن توسيع العلاقات في التجارة والتكنولوجيا وربما حتى الطاقة النووية.
وأكد بيان الديوان الملكي الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية أن بن سلمان غادر المملكة إلى الولايات المتحدة، بناء على توجيه من العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وتلبية لدعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأشار البيان إلى أن محمد بن سلمان سيلتقي خلال زيارته الرسمية بالرئيس الأمريكي لبحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وقال ترامب: "أخطط لبيع طائرات "إف 35" للسعودية فهي شريك رائع".
وأضاف الرئيس الأمريكي للصحفيين في المكتب البيضاوي: "سأقول إننا سنفعل ذلك.. سنبيع طائرات إف-35".
وأشار ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى أنه يفكر جديا في الموافقة على صفقة إف-35 السعودية، قائلا للصحفيين على متن طائرة الرئاسة: "يريدون شراء الكثير من الطائرات وأنا أدرس ذلك.. لقد طلبوا مني دراسته.. يريدون شراء الكثير من طائرات "إف-35" لكنهم في الواقع يريدون شراء أكثر من ذلك".
وجدد أمله في أن تنضم السعودية إلى "اتفاقيات إبراهيم" وتطبع علاقاتها مع إسرائيل.
كما صرح مسؤول كبير في البيت الأبيض، بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "يميل إلى دعم بيع طائرات إف-35 للسعودية".
وذكرت "شبكة سي.بي.إس نيوز" أن القمة ستُعقد في مركز جون إف. كنيدي للفنون الأدائية، مبينة أنها ستنظم بالشراكة بين وزارة الاستثمار السعودية، والمجلس التجاري الأميركي السعودي.
وحسب وكالة رويترز، ستكون هذه أول زيارة لولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة منذ مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي على يد سعوديين في إسطنبول عام 2018، والذي فجر غضبا عالميا. وخلصت المخابرات الأمريكية إلى أن الأمير محمد بن سلمان وافق على القبض على خاشقجي أو قتله.
ونفى ولي العهد السعودي إصدار الأمر بتنفيذ العملية، لكنه أقر بمسؤوليته بصفته الحاكم الفعلي للمملكة.
وبعد مرور أكثر من سبع سنوات على الواقعة، يرغب كل من أكبر اقتصاد في العالم وأكبر منتج للنفط في العالم في المضي قدما.
ويسعى ترامب إلى الاستفادة من التعهد السعودي باستثمارات بقيمة 600 مليار دولار الذي جرى الإعلان عنه خلال زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة في مايو أيار. وتجنب ترامب ذكر المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان خلال تلك الزيارة، ومن المتوقع أن يفعل ذلك مجددا.
ويسعى الأمير محمد إلى الحصول على ضمانات أمنية وسط الاضطرابات التي تشهدها المنطقة ويريد الوصول إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتقدم نحو اتفاق بشأن برنامج نووي مدني.
وتنقل رويترز عن بعض الصحفيين القول، أن ترامب أكد عزمه الموافقة على بيع طائرات مقاتلة أمريكية الصنع من طراز إف-35 إلى السعودية، والتي سعت المملكة للحصول عليها منذ فترة طويلة. وقال ترامب "سأقول إننا سنفعل ذلك".
وتعلق رويترز على ذلك بالقول، ومن شأن هذه الصفقة أن تمثل تحولا كبيرا في السياسة، وربما تغير التوازن العسكري في الشرق الأوسط وتختبر مدى التزام الولايات المتحدة الأزلي بالحفاظ على ما تصفه واشنطن "بالتفوق العسكري النوعي" لإسرائيل على جيرانها.
ونقلت رويترز عن عزيز الغشيان، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية والمقيم في السعودية، قوله، إن هناك "صفحة طويت" بشأن مقتل خاشقجي.هناك ترتيب قائم منذ فترة بعيدة بين الولايات المتحدة والسعودية يقضي بأن تبيع المملكة النفط بأسعار تفضيلية وأن توفر القوة العظمى الأمن في المقابل.
ويضيف، واختلت هذه المعادلة بسبب عدم تحرك واشنطن عندما ضربت إيران منشآت نفطية في المملكة في عام 2019. وعادت المخاوف إلى الظهور في سبتمبر أيلول عندما نفذت إسرائيل هجوما على العاصمة القطرية الدوحة قالت إنه استهدف قيادات في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وفي أعقاب ذلك، وقع ترامب اتفاقا دفاعيا مع قطر بموجب أمر تنفيذي. ويعتقد عدد من المحللين والدبلوماسيين والمسؤولين الإقليميين أن السعوديين سيحصلون على شيء مماثل.
وتضيف رويترز، وكانت السعودية تسعى إلى إبرام اتفاقية دفاعية يصادق عليها الكونجرس الأمريكي في المفاوضات الأحدث، إلا أن واشنطن جعلت ذلك مشروطا بتطبيع المملكة لعلاقاتها مع إسرائيل.
وبدورها ربطت الرياض ذلك بالتزام الحكومة الإسرائيلية، الحكومة اليمينية الأكثر تشددا في تاريخ إسرائيل، إزاء إقامة دولة فلسطينية. وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الأحد معارضته الشديدة لإقامة دولة مستقلة للفلسطينيين.
ووافق نتنياهو على وقف إطلاق النار الذي توسط فيه ترامب مع حركة حماس في غزة الشهر الماضي بعد حرب استمرت عامين.
وسيكون إصدار ترامب لأمر تنفيذي بشأن الدفاع، مشابه للاتفاق مع قطر، أقل من الاتفاقية الدفاعية الذي يطمح إليها السعوديون. لكن الغشيان قال إنه "سيكون خطوة على الطريق، وجزءا من العملية، وليس نهايتها".
ولخص دبلوماسي غربي مقيم في الخليج الوضع بالقول "ترامب يريد التطبيع والسعودية تريد اتفاقية دفاعية كاملة، لكن الظروف لا تسمح بذلك. في النهاية، سيحصل الطرفان على الأرجح على أقل مما يريدان. هذه هي الدبلوماسية".
وقال دينيس روس، وهو مفاوض سابق لشؤون الشرق الأوسط لإدارات لكل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ويعمل الآن في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إنه يتوقع صدور أمر تنفيذي يدعو الولايات المتحدة والسعوديين "للتشاور الفوري حول ما يجب القيام به ردا على أي تهديد". دون إلزام واشنطن بالمسارعة بشكل فعلي للدفاع عن الرياض.
وأضاف "يمكن أن يتراوح النطاق بين تقديم مجموعة من المساعدات المختلفة واستبدال الأسلحة ونشر بطاريات صواريخ دفاعية مثل ثاد أو باتريوت ونشر قوات بحرية مع وحدة من مشاة البحرية، إلى المشاركة الفعلية في القتال بطريقة هجومية وليس دفاعية فقط".
تضغط الرياض كذلك من أجل إبرام صفقات في مجال الطاقة النووية والذكاء الاصطناعي في إطار خطتها الطموح (رؤية 2030) لتنويع اقتصادها وتعزيز مكانتها مقارنة بمنافسيها في المنطقة.
وسيكون الحصول على موافقة تتعلق بالرقائق الحاسوبية المتطورة أمرا بالغ الأهمية لخطط المملكة لتصبح حلقة مركزية في مجال الذكاء الاصطناعي العالمي والتنافس مع الإمارات التي وقعت في يونيو حزيران صفقة أمريكية بمليارات الدولارات للحصول على رقائق متطورة.
ويتطلع الأمير محمد كذلك لإبرام اتفاق مع واشنطن بشأن تطوير برنامج نووي مدني سعودي، في إطار جهوده لتنويع مصادر الطاقة بعيدا عن النفط.
ومن شأن مثل هذا الاتفاق أن يتيح إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا النووية الأمريكية والضمانات الأمنية الأمريكية ويساعد السعودية على اللحاق بالإمارات التي لديها برنامجها الخاص، وكذلك بخصمها التقليدي إيران.
لكن التقدم في مثل هذا الاتفاق الأمريكي أمر صعب لأن السعوديين لا يرغبون في الموافقة على شرط أمريكي يستبعد تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة الوقود المستنفد، وكلاهما مساران محتملان لصنع قنبلة نووية.
وقال روس إنه يتوقع الإعلان عن اتفاق يتعلق بالطاقة النووية، أو على الأقل بيان حول التقدم المحرز نحو اتفاق.
وقالت سفيرة المملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة الأمريكية، الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، أن زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن تعد فصلًا "جديدًا ومهمًا" في العلاقات بين البلدين.
ونشرت الأميرة ريما خبر مغادرة ولي العهد السعودي المملكة متجها إلى واشنطن عبر صفحتها على منصة التدوينات القصيرة "إكس" تويتر سابقا.
وقالت بنت بندر: "يشرفني باسمي ونيابةً عن كافة منسوبي البعثة الدبلوماسية للمملكة في الولايات المتحدة الأمريكية أن أرحب بسيدي صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان آل سعود– يحفظه الله-، في زيارته التي تمثل فصلًا جديدًا ومهمًا في العلاقات السعودية الأمريكية".
وأضافت سفيرة السعودية لدى واشنطن: إن الزيارة سوف "تحقق بإذن الله ما تتطلع له قيادات الشعبين الصديقين وتواصل الارتقاء بهذه العلاقة الاستراتيجية نحو آفاق أوسع تعزز من مصالحنا المشتركة وتساهم في السلم والاستقرار العالمي"، حسب قولها.
وفي زيارة ترامب في مايو الماضي، جرى توقيع وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية، التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات الحيوية.
وشهدت الزيارة الرسمية التي يقوم بها ترامب إلى الرياض، توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة لتعزيز أمن الإمدادات وتطوير التقنيات المستدامة، إضافة إلى اتفاقية تنفيذية للتعاون في مجال الفضاء، تشمل برامج مشتركة في البحث والتطوير واستكشاف الفضاء.
كما تم توقيع تعديل على اتفاقية النقل الجوي بين البلدين، بهدف تحديث أطر التعاون وزيادة كفاءة الربط الجوي.
ووقعت المملكة وأميركا أيضا عدة مذكرات تفاهم أمنية واقتصادية وتكنولوجية لتعزيز الشراكات الاستراتيجية في مجالات الدفاع، الأمن السيبراني، والابتكار.
وفي قطاع التعدين والموارد المعدنية، تم توقيع مذكرات تفاهم لدعم الاستثمارات ونقل المعرفة، إلى جانب توقيع مذكرة لتطوير وتحديث القوات المسلحة السعودية، بما يعزز من قدراتها الدفاعية وفق أعلى المعايير العالمية.
كما تم توقيع مذكرات تفاهم في مجالات الصحة والبحوث الطبية، تهدف إلى دعم الابتكار وتبادل الخبرات في مجالات الصناعات الدوائية والتقنيات الصحية الحديثة.
وتعمل السعودية وأمريكا على فرص شراكة اقتصادية بحجم 600 مليار دولار، من بينها اتفاقيات بقيمة تزيد على 300 مليار دولار جرى الإعلان عنها أثناء زيارة الرئيس ترامب إلى الرياض، في حين يعتزم ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الأميركي إتمام المرحلة الثانية من بقية الاتفاقيات لرفعها إلى تريليون دولار.
وتمثل الشراكة الاقتصادية المتنامية امتدادًا للتعاون المتعدد في المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والتقنية، بما يعزز المنافع المتبادلة ويدعم فرص العمل في المملكة، ويسهم في توطين الصناعات وتنمية المحتوى المحلي ونمو الناتج المحلي.
وتعد أمريكا وجهة رئيسية لصندوق الاستثمارات العامة، إذ تستحوذ على نحو 40% من استثماراته العالمية؛ مما يعكس الثقة في قدرات الاقتصاد الأميركي على الابتكار، خصوصًا في القطاعات الواعدة مثل التقنية والذكاء الاصطناعي، بما ينقل المعرفة وتبادل الخبرات.
وسيلتقي الرئيس الأمريكي ولي العهد السعودي، اليوم الثلاثاء في تمام الساعة 11 بالتوقيت المحلي لواشنطن في البيت الأبيض، وسيعقدان لقاءً ثنائيًا في المكتب البيضاوي بعد ذلك بـ45 دقيقة قبل أن يشاركا في مأدبة غداء في تمام الساعة 12:15 ثم سيودع ترامب ضيفه عند الساعة 2:00 بعد ظهر الثلاثاء.