رئيس التحرير
خالد مهران

كواليس دخول السينما المصرية عصر «الجرافيكس» ومنافسة «هوليوود»

النبأ

دخلت السينما المصرية مرحلة جديدة مع استخدام «الجرافيكس» على نطاق واسع وهو ما يجعلها تقترب من المستوى العالمي في تقديم المؤثرات البصرية وتعد هذه الخطوة بداية فعلية لمصر في صناعة أفلام يمكن أن تنافس دوليا.

أحدث مثال على ذلك هو فيلم «أوسكار عودة الماموث» الذي يعرض حاليا في دور العرض ويعتمد على «الجرافيكس» بنسبة تقارب 90%، مقدما مشاهد بصرية تجعل الجمهور يعيش تجربة سينمائية مشابهة للأفلام الهوليوودية.

تدور أحداث الفيلم في إطار من «الخيال العلمي»، حيث تبدأ القصة بتجربة علمية سرية لإعادة إحياء حيوان الماموث المنقرض باستخدام أحدث تقنيات «التعديل الجيني» لكن هذا الإنجاز العلمي سرعان ما يتحول إلى كارثة تهدد التوازن الطبيعي وتضع الأبطال في مواجهة تحديات غير مسبوقة.

فيلم الغربان

يعد فيلم «الغربان» أحد أبرز الأعمال الحالية قيد الإنتاج ومُنتظر عرضه قريبا ويضم نخبة من الفنانين من بطولة عمرو سعد.

 

تدور أحداث الفيلم في حقبة زمنية عام 1941 متعلقة بالحرب العالمية الثانية ومعركة رومل في العلمين في إطار من الأكشن والتشويق.

وتعتمد بعض مشاهد الفيلم على الجرافيكس والمؤثرات البصرية الحديثة لإعادة خلق الأجواء الحربية والمعارك ما يعكس قدرة السينما المصرية على إنتاج أعمال قريبة من التجارب العالمية في هذا النوع من الأفلام التاريخية والأكشن

فيلم أسد

طرحت الشركة المنتجة لفيلم «أسد» بطولة محمد رمضان البوستر التشويقي حيث يظهر مكبلا بالسلاسل فوق هضبة وخلفه مدينة مشتعلة لتعكس صراعا ملحميا وأجواء درامية قوية.

تدور أحداث الفيلم في عام 1280 خلال عصر المماليك ويروي ثورة العبيد ضد الجيش العباسي مع معارك قوية مصممة بالجرافيكس لإظهار ضخامة الأحداث التاريخية بطريقة مبهرة.

أفلام قيد الإنتاج

إلى جانب هذه الأعمال تشهد السينما أعمالا أخرى قيد الإنتاج تعتمد على الجرافيكس بشكل مكثف وهو ما يعكس توجه الصناعة نحو خلق أفلام تاريخية وخيالية ومليئة بالإثارة بمستوى عالمي

ومن جانبه قال هشام الرشيدي، مخرج فيلم «أوسكار عودة الماموث»، إن الفيلم يعتمد على «الجرافيكس» بشكل كبير.

وأضاف «الرشيدي» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»: «ولكن الجرافيكس هنا ليس بالمنطق الذي يتصوره الناس بأنه مجرد جرافيكس بروچكت 3D، بل هو معتمد على دمج الجرافيكس داخل التفاصيل الحقيقية للعمل لأن بطل الفيلم أوسكار هو في الأساس شخصية جرافيكس وهي الماموث، وبالتالي كان الاعتماد على أن البطل جرافيكس وليس أن الفيلم بأكمله كذلك».

وأوضح أن تأخر دخول «الجرافيكس» إلى الصناعة المصرية يعود في الأساس إلى حالة من الخوف لدى معظم صناع السينما.

وتابع: «معظم الصناع يخافون من الشيء الذي لا يلمسونه بأيديهم فالكثير من المخرجين يفضلون التصوير الواقعي لأنهم لا يضمنون النتيجة النهائية بعد دمج الجرافيكس».

واستكمل: «في فيلم أوسكار لم أشعر بهذا التخوف لأن الفيلم نُفذ بالتعاون مع شركة "Trend Ex" وهي شركة متخصصة في مجال الجرافيكس تعمل خارج مصر ليس فقط في الشرق الأوسط بل في هوليوود أيضًا وقد نفذت أعمالًا هناك وهذا ما جعلني أثق فيهم كثيرًا».

وأشار إلى أن شخصية «أوسكار» تم تصميمها بالكامل قبل بدء التصوير مما منح فريق العمل ثقة كبيرة أثناء التنفيذ، موضحًا: «حتى الإعلان القصير الذي عُرض لمدة 30 ثانية ويظهر فيه أوسكار يسير في وسط البلد تم تنفيذه بالكامل بتقنيات الجرافيكس نحن صممنا الشخصية قبل التصوير وهذا جعلنا مطمئنين جدًا لأن كل شيء كان مدروسًا بدقة ولم نكن نعمل بانتظار ما ستظهر عليه النتيجة بعد التصوير».

وتابع: «بصراحة كنا متخوفين قليلًا من مدى تقبل الجمهور لفكرة الجرافيكس، كنا نتابع آراء الجمهور باستمرار والحمد لله بعد طرح الفيلم كانت ردود الأفعال قوية جدًا والجمهور تقبل الفكرة بل أصبح فخورًا بأننا في مصر وصلنا إلى هذا المستوى».

وأضاف «الرشيدي»: «في مصر بدأنا نكسر تابوهات مغلقة على أنفسنا منذ سنوات طويلة كنا نخاف من خوضها ولكن الحمد لله الفيدباك كان ممتازًا والناس شعرت بالفخر أن التجربة مصرية بهذا المستوى».

وعن التكلفة قال: «هي مرتفعة للغاية سواء في مرحلة التحضير أو أثناء التصوير فالجرافيكس عمل صعب ومجهد، ولكن في النهاية هو مشروع تجاري وصناعة صحيح أن التكلفة العامة تبدو كبيرة لكنها تُغطى بالعائد لأن هذا النوع من الأفلام يمكن عرضه في جميع أنحاء العالم وليس في مصر فقط وبالتالي يدر عملة صعبة ويفتح أبوابًا جديدة للسوق المصري عالميًا».

أما عن مستقبل «الجرافيكس» في السينما، قال «الرشيدي»: «أعتقد أن الطريق بدأ بالفعل ففيلم عمرو سعد (الغربان) يعتمد بدرجة كبيرة على المعارك والجرافيكس وأرى أنه سيكمل المسار الذي بدأه أوسكار كذلك فيلم (أسد) للفنان محمد رمضان الذي يتم تصويره حاليًا يعتمد أيضًا على الجرافيكس في مشاهد المعارك وهذا يعني أن الاتجاه مستمر إن شاء الله».

وأوضح أنه لكي يشعر المشاهد بأن «الجرافيكس» حقيقي لا يمكن تنفيذ الفيلم بالكامل بهذه التقنية، معقبا: «في أوسكار كنا نعمل بنظام الدمج من بين عشرين مشهدًا مثلًا يوجد مشهد واحد جرافيكس والباقي حقيقي زاوية معينة تُصور بشكل واقعي وأخرى يُضاف فيها الجرافيكس كما صممنا ماكيت حقيقي للماموث لاستخدامه في بعض اللقطات مثل الزوايا المأخوذة من ظهره حتى نحافظ على الواقعية البصرية».

وعن العقبات التي واجهته قال: «العقبة الأكبر كانت في تقبل السوق والماركت لأنك عندما تقدم شيئًا مختلفًا تمامًا في البداية الناس قد تضحك أو تعتبرك غريبًا أو مجنونًا ثم بعد أن يروا النتيجة يقدرون النجاح ويقفون إلى جانبك هذا طبيعي في أي تجربة جديدة».

ليست نقلة حقيقية

على الجانب الآخر، يرى الناقد الفني والمخرج بالذكاء الاصطناعي أكرم ناجي، إن صناعة فيلم «عودة الماموث» بـ«الجرافيكس» ليست نقلة حقيقية بنسبة 100%، موضحا أن النقلة الحقيقية لها عوامل عديدة وليست مجرد استخدام الجرافيك فقط.

وأضاف «ناجي» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-: «مع كامل الاحترام لصناع العمل فإن الفيلم، لو كان من بطولة كريم عبدالعزيز أو أحمد عز لاختلف تمامًا في التسويق لأن تسويقه ليس بنفس قوة فكرة أنه فيلم جرافيكس بهذا الشكل قد ألوم جانب التسويق قليلًا فالفيلم جيد بالتأكيد لكنه ليس بالقوة التي توازي حجم الحدث أو الجرافيكس المستخدم ولو كان من بطولة أحد نجوم الصف الأول لكان تأثيره مختلفًا تمامًا».

وأشار إلى أن صناعة «الجرافيكس» في حد ذاتها صعبة جدًا، معقبا: «يجب أن نحيي فريق عمل عودة الماموث لأنهم تعاملوا مع عناصر غير موجودة والممثل كان عليه أن يقدم ردود فعل حقيقية أمام شيء غير واقعي وهو أمر في غاية الصعوبة».

وعن تأثير «الجرافيكس» على الصناعة، أكد «ناجي» أنه لن يضر السينما إذا تم توظيفه بالشكل الصحي، مشيرًا إلى أن نجاح أي عمل حاليًا لن يكون مبهرًا إلا إذا كان متكامل العناصر من إخراج وكتابة وتمثيل وبمشاركة أسماء كبيرة لأن وقتها فقط سيكون تأثير «الجرافيكس» أقوى.

تحدي كبير

وفي سياق متصل، قال أمين خير الله، الناقد الفني ونائب رئيس رابطة كتاب ونقاد الفن، أن «الجرافيكس» أصبح جزءًا أساسيا في صناعة السينما وأن الجمهور المصري والعربي يولي اهتماما كبيرا لجودة الصور والمؤثرات البصرية خاصة في الأفلام الأجنبية.

وأضاف «خير الله» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن فيلم أوسكار عودة الماموث جيدا في استخدام «الجرافيكس» ولكن يبقى التحدي الأكبر هو الاستمرارية وتقديم أفكار مبتكرة تتناسب مع البيئة المصرية.

 

وأوضح: «أغلب الأعمال الجرافيكس تعتمد على اقتباسات من أفلام أجنبية لذلك يواجه العمل تحديا في التمصير، ليشعر المشاهد أن الفيلم يعكس واقعه وبيئته وليس مجرد مشاهدة عمل أجنبي».

واختتم أمين خير الله حديثه قائلا: «نجاح السينما المصرية في مجال الجرافيكس يحتاج إلى مجهود مستمر وإنتاج أعمال كثيرة لنتمكن من المنافسة عالميا ونقدم أفلامًا بمستوى يضاهي هوليود».