علي جمعة يوضح معنى الإحسان في العبادة: "أن تعبد الله كأنك تراه"
في تأمل روحاني عميق، تناول فضيلة الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك"، شرحًا مفصلًا لمعنى الإحسان كما ورد في حديث النبي ﷺ: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك."
كأنك تراه
وأوضح فضيلته أن عبارة "كأنك تراه" تشير إلى مقام المراقبة، حيث يعيش المؤمن في حالة دائمة من حضور القلب واستشعار مراقبة الله، مشيرًا إلى أن الكاف في "كأنك" هي كاف التشبيه، مما يدل على أن الرؤية هنا ليست بصرية بل قلبية، وأن الله لا يُرى في الدنيا بالأبصار، وإنما تُقبل عليه القلوب.
وأضاف أن العارفين بالله يمتلكون بصائر تُسمى "عيون القلوب"، وهي أعلى من البصر الحسي، مستشهدًا بقوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}، وقصة سيدنا موسى عليه السلام حين طلب رؤية الله، فجاء الرد الإلهي: {لَنْ تَرَانِي}.
كما أشار إلى أن مقام الإحسان يتطلب مراقبة النفس باستمرار، مستدلًا بسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي كان يراقب نفسه حتى في أنفاسه، مما يعكس عمق الاستحضار لعظمة الله، ويمنع الإنسان من الوقوع في المعصية أو التقصير.
واختتم فضيلته بأن الوصول إلى مقام الإحسان هو بداية الفناء عن الذات، والوعي بأن الوجود الحقيقي هو لله وحده، وأن وجود الإنسان عارض وزائل، داعيًا إلى دوام الذكر واستحضار مراقبة الله في كل لحظة من الحياة.