تحالفات تتفكك ووجوه تغيب.. تفاصيل خريطة برلمان 2025
عمرو هاشم ربيع: لدينا جمعيات خيرية وليس أحزاب.. والبرلمان المقبل سيكون أكثر سوءًا
خبير شؤون برلمانية: الوجوه المعروفة غابت وتم تغييرها لكن السياسات ما زالت قائمة وثابتة
«مستقبل وطن» يحتفظ بالصدارة بعد ضمان 121 مقعدا برلمانيا.. و«الجبهة الوطنية» فى المركز الثانى بـ43 مقعدا
الهيئة الوطنية للانتخابات تبرر استبعاد القوائم المنافسة بخطأ إجرائى.. و«الجيل» يرد: مندهشون مما حدث بفحص الأوراق
تشهد انتخابات مجلس النواب 2025، أجواء سياسية ساخنة مشحونة بكثير من التوترات والمفاجآت، والتي تعكس مزيجًا من التنافس الحزبي والحسابات المعقدة المرتبطة بصراعات المال السياسي، وحرب الوجود تحت قبة البرلمان.
ومع انطلاق ماراثون الترشح، ظهرت على السطح خلافات داخلية وانقسامات حادة بين القوى السياسية حول القوائم ونسب التمثيل، لتكشف عن أزمة ثقة متنامية داخل المشهد الحزبي.
ومع ضعف حضور بعض الأحزاب التقليدية والمعارضة مقارنة بالدورات السابقة، غابت وجوه برلمانية كانت تشكّل ثقلًا في الحياة السياسية، ما جعل خريطة الترشحات تبدو مختلفة هذه المرة، وأكثر انحيازًا لتحالفات النفوذ على حساب التعددية والمنافسة.
وأثار استبعاد 3 قوائم انتخابية بشكل مبدئي من الترشح على مقاعد «القائمة المغلقة المطلقة» جدلًا واسعًا داخل الأوساط الحزبية، بعدما أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات القائمة المبدئية للمرشحين، التي تضمنت قبول «القائمة الوطنية من أجل مصر» فقط في القطاعات الأربعة المخصصة لهذا النظام، واستبعاد كل من قائمة حزب الجيل الديمقراطي عن قطاعي شرق وغرب الدلتا، و«القائمة الشعبية صوتك لمصر»، و«قائمة نداء مصر» عن قطاع غرب الدلتا.
وبررت الهيئة الاستبعاد بعدم استيفاء الشروط القانونية والإجرائية، الأمر الذي قوبل بموجب انتقاد كبيرة، ففي بيان أصدره «حزب الجيل الديمقراطي»، أعرب الحزب عن اندهاشه من قرار لجنة فحص الأوراق باستبعاد قائمته، مشيرًا إلى أن القائمة ضمّت كوادر سياسية من الحزب إلى جانب ممثلين عن حزب حقوق الإنسان والمواطنة.
في المقابل، احتفظت القائمة الوطنية من أجل مصر بموقعها في جميع القطاعات، لتكون القائمة الوحيدة المقبولة مبدئيًا. وتضم 12 حزبًا سياسيًا، أبرزها: «مستقبل وطن» (صاحب الأغلبية في البرلمان الحالي)، إلى جانب أحزاب «الوفد، التجمع، الجبهة الوطنية، حماة الوطن، الحزب الجمهوري، المصري الديمقراطي الاجتماعي، العدل، الإصلاح والتنمية، إرادة الجيل، الحرية المصري، المؤتمر»، بالإضافة إلى تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.
وتشير الأرقام إلى تفاصيل توزيع المقاعد داخل القائمة الوطنية من أجل مصر، والتي تقدمت بأوراقها رسميًا إلى الهيئة الوطنية للانتخابات خلال الأيام الماضية، وضمت عددًا من الأحزاب المشاركة في السباق البرلماني.
وجاء حزب مستقبل وطن في الصدارة من حيث عدد المقاعد المخصصة له داخل القائمة، بحصة بلغت 121 مقعدًا موزعة على القطاعات الأربعة، فيما حلّ حزب حماة الوطن في المرتبة الثانية بـ 54 مقعدًا، تلاه حزب الجبهة الوطنية الذي حصل على 43 مقعدًا.
كما ضمت القائمة أحزابًا أخرى بنسب متفاوتة؛ إذ حصل حزب الشعب الجمهوري على 15 مقعدًا، ومصر الديمقراطي الاجتماعي على 9 مقاعد، والعدل على 8 مقاعد، وهي النسبة نفسها التي حصل عليها كل من الوفد والإصلاح والتنمية.
أما الأحزاب الأصغر تمثيلًا داخل القائمة فجاءت على النحو الآتي: حزب المؤتمر بـ 3 مقاعد، الحرية بمقعدين، بينما نال حزب إرادة جيل مقعدًا واحدًا فقط.
ويعكس هذا التوزيع، استمرار هيمنة الأحزاب الكبرى داخل التحالف الانتخابي، مع حضور رمزي لعدد من الأحزاب ذات القواعد المحدودة، في محاولة للحفاظ على التنوع داخل القائمة الوطنية.
انقسامات داخلية واستقالات بالجملة
ولم تكن التحالفات السياسية وحدها في مرمى نيران معركة المرشحين، إذ شهدت الأيام الأخيرة انقسامات حادة واستقالات متتالية داخل عدد من الأحزاب الكبرى.
ففي محافظة سوهاج، أعلن عدد من قيادات وأعضاء حزب الجبهة الوطنية استقالتهم احتجاجًا على ترشيح أسماء من خارج المحافظة ضمن قوائم الحزب، معتبرين أن القرار يمثل «إقصاءً متعمدًا للكوادر المحلية التي شاركت في بناء الحزب منذ تأسيسه».
وجاء في بيان الأعضاء المستقيلين أن القرار خالف مبدأ تمكين أبناء المحافظات، ووجه ضربة موجعة للكوادر التنظيمية العاملة على الأرض.
ولم تتوقف موجة الاستقالات عند ذلك، إذ قدّم أعضاء أمانة مركز الواسطى ببني سويف استقالة جماعية، احتجاجًا على ما وصفوه بـ«التعنت والإهمال» من قبل أمانة الحزب بالمحافظة، مشيرين إلى غياب الدعم المادي والمعنوي رغم جهودهم التنظيمية.
كذلك شهد حزب حماة وطن استقالات مشابهة من أمانة مركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، حيث أرجع الأعضاء المستقيلون قرارهم إلى ما وصفوه بـ«تغليب أصحاب المال السياسي على الكوادر العاملة».
خلافات تحالف الأحزاب تشتعل
في الوقت ذاته، تصاعدت الخلافات داخل تحالف الأحزاب المكوّن من 42 حزبًا، حول طبيعة المشاركة في الانتخابات المقبلة، خاصة على المقاعد الفردية.
وشهدت اجتماعات التحالف مناقشات ساخنة بين رؤساء الأحزاب، الذين أعربوا عن قلقهم من ضعف فرص التنافس الحقيقي، رغم الدور الداعم الذي لعبته تلك الأحزاب للدولة خلال السنوات الماضية.
وطالب عدد من المشاركين بضرورة التوصل إلى “توافق وطني يضمن مشاركة عادلة” ودفع قيادات الأحزاب إلى السباق الانتخابي بضمانات واضحة لحياد العملية الانتخابية ومراقبتها.
غياب وجوه برلمانية بارزة
ومن أبرز المفاجآت التي فجّرها إعلان القوائم المبدئية، غياب عدد كبير من النواب ورؤساء اللجان البرلمانية الحاليين، وهو ما أثار تساؤلات حول الأسباب والخلفيات السياسية لهذا التغيير.
وضمت قائمة الغائبين أسماء بارزة مثل:الدكتور فخري الفقي،رئيس لجنة الخطة والموازنة)،النائب علاء عابد، رئيس لجنة النقل والمواصلات ونائب رئيس حزب مستقبل وطن، النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان، النائب سامي هاشم رئيس لجنة التعليم، النائب محمود حسين رئيس لجنة الشباب والرياضة، النائب محمد السلاب رئيس لجنة الصناعة، اللواء أحمد العوضي، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي،النائب محمد كمال مرعي، رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الدكتور عبد الهادي القصبي رئيس لجنة التضامن الاجتماعي وزعيم الكتلة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، والمهندس أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية.
كما غابت وجوه بارزة من تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين مثل محمود بدر، ومحمد عزت، وطارق الخولي، إلى جانب النائبتين مايسة عطوة وهالة أبو السعد.
جمعيات مدللة وليست أحزاب
وفي هذا السياق، قال الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير في الشؤون البرلمانية، إن ما يجري لا يعكس حياة حزبية حقيقية، مضيفًا: «لا يوجد أحزاب في مصر بالمعنى المتعارف عليه، وإنما جمعيات خيرية وكيانات؛ جزء منها مدلل من قبل الدولة، وآخر موالٍ، والقليل جدًا منها معارض».
وأشار إلى أن النظام الانتخابي القائم على القائمة المطلقة المغلقة يعد أحد أسباب ضعف التعددية، موضحًا أن هذا النظام يلغي 49% من الأصوات ويمنحها للقائمة التي حصدت 51%، في إشارة إلى غياب العدالة التمثيلية.
وأضاف أن المناخ العام الذي يشوب العملية الانتخابية ظهر جليًا في القرار الأخير للهيئة الوطنية للانتخابات، والذي استبعد عددًا من القوائم لصالح قائمة الدولة.
وتابع قائلًا: «قد تكون الوجوه المعروفة غابت وتم تغييرها، لكن السياسات ما زالت قائمة وثابتة، وتزداد سوءًا»، متوقعًا أن البرلمان القادم سيكون أكثر سوءًا من سابقه، لافتًا إلى أن جزءًا معتبرًا من المرشحين «دخلوا بالفساد والمال السياسي وشراء المقاعد داخل القوائم».







