4 ملفات شائكة تهدد بفشل المرحلة الثانية من خطة ترامب لوقف الحرب في غزة

أخطرها الانسحاب وسلاح حماس
بدء تنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب للسلام وانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية
نتنياهو يرفض التسوية الجزئية مع حماس.. وروبيو يترقب جدية الحركة فى المحادثات
خبير اقتصادى: وقف إطلاق النار فى غزة يمنح مصر دفعة اقتصادية قوية ويعيد النشاط لقناة السويس
دخلت المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيّز التنفيذ صباح اليوم، مع بدء انسحاب القوات الإسرائيلية باتجاه الخط الأصفر، في خطوة تهدف إلى تهيئة الأجواء لعملية تبادل الأسرى بين الجانبين.
وشهدت مدينة غزة منذ ساعات الصباح الأولى توافد آلاف الفلسطينيين عبر شارع الرشيد، وسط ترقب شعبي واسع لتطورات الاتفاق. ووفقًا لتصريحات الوسطاء الدوليين والرئيس ترامب، من المقرر أن تتم عملية تبادل الأسرى يوم الإثنين المقبل، حيث ستُعاد الأسرى الأحياء من الجانب الإسرائيلي مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وتسليم الجثامين.
و مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في قطاع غزة، تتجه الأنظار نحو المرحلة الثانية التي تواجه تحديات كبيرة قد تعرقل استكمال الاتفاق، وسط تصاعد المخاوف من انهيار التفاهمات بين الأطراف المعنية.
ملفات رئيسية من خطة ترامب
وبحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، هناك أربعة ملفات رئيسية تهدد نجاح المرحلة المقبلة من الخطة:
1. نزع سلاح حركة حماس
يُعد هذا البند الأكثر حساسية، إذ ترفض الحركة حتى الآن أي صيغة تؤدي إلى تفكيك جناحها العسكري، معتبرة ذلك مساسًا بحق المقاومة. في المقابل، تصر إسرائيل على ضمانات أمنية صارمة قبل المضي قدمًا في أي خطوات سياسية أو اقتصادية.
2. ضمانات دولية لوقف الحرب
رغم تعهد ترامب بوقف كامل للعمليات العسكرية، إلا أن غياب آلية رقابة دولية واضحة يثير شكوكًا حول مدى التزام إسرائيل بعدم استئناف الهجمات، خاصة في حال حدوث خروقات أمنية أو تصعيد ميداني.
3. تبادل الأسرى والجثامين
بينما تم الاتفاق على تنفيذ عملية التبادل يوم الإثنين المقبل، لا تزال هناك خلافات حول قوائم الأسرى، ومصير بعض الجثامين التي تطالب بها الأطراف، ما قد يؤخر تنفيذ هذا البند الحيوي.
4. الاعتراف السياسي والتمثيل الدولي
تطالب حماس بضمانات لتمثيلها في أي مفاوضات مستقبلية، بينما ترفض إسرائيل الاعتراف بها كطرف سياسي شرعي، ما يضع عراقيل أمام تشكيل إطار تفاوضي شامل للمرحلة الثانية.
وتشير التقديرات إلى أن فشل معالجة هذه الملفات قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق برمّته، رغم الجهود المكثفة التي تبذلها واشنطن والوسطاء الإقليميون لتثبيت التهدئة وبناء مسار سياسي مستدام.
حماس تتحفظ وإسرائيل تلوّح بالتصعيد
قال قيادي بارز في حركة حماس، إن الحركة حريصة جدًا على التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب والبدء الفوري في عملية تبادل المحتجزين، لكنها أعربت للوسطاء المصريين عن مخاوفها من مماطلة الحكومة الإسرائيلية.
في المقابل، أكد مسؤول في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، استعداد «تل أبيب» لكافة السيناريوهات، معربًا عن أمله في نجاح المحادثات، مشددًا على أن إسرائيل ملتزمة بنزع سلاح قطاع غزة، وأن السلطة الفلسطينية لن تشارك في إدارة القطاع بعد الحرب.
ضغط شعبي داخل إسرائيل
أظهر استطلاع رأي حديث أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي، أن 64% من الإسرائيليين يطالبون باستقالة نتنياهو على خلفية هجوم 7 أكتوبر 2023، فيما يرى 66% أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب في غزة، بزيادة 13 نقطة مئوية عن استطلاع العام الماضي.
ووفق صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، فإن الخطر الذي يواجه حياة الرهائن هو السبب الرئيسي وراء تصاعد الدعوات الشعبية لإنهاء الحرب.
.
قائمة طويلة من القضايا العالقة
ورغم التفاؤل الحذر، استبعد المسؤول إمكانية التوصل إلى اتفاق سريع، نظرًا لتعقيد الملفات المطروحة والحاجة إلى معالجة التفاصيل الدقيقة، مؤكدًا أن الوسطاء يواجهون تحديات كبيرة في إقناع الطرفين بالتوافق على بنود الاتفاق.
وأوضح المصدر، أن أبرز القضايا المطروحة تشمل: «تفاصيل انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، والجدول الزمني لتنفيذ الانسحاب، وآلية نقل إدارة غزة من حركة حماس، وتشكيل قوة دولية لتثبيت الاستقرار، وفقًا لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب».
ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فكرة التوصل إلى أي تسوية جزئية مع حركة حماس، مؤكدًا أن المطلوب هو استسلام كامل ونزع سلاح الحركة دون أي تحفظات، في إشارة إلى موقف إسرائيل الثابت تجاه شروط إنهاء الحرب في غزة.
في المقابل، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، إن الإدارة الأمريكية تراقب عن كثب سير المحادثات الفنية، مشيرًا إلى أن الوقت القريب سيكشف مدى جدية حركة حماس من خلال تعاملها مع التفاصيل اللوجستية المطروحة.
من جانبه، قال الدكتور عبد السلام النويري، أستاذ العلوم السياسية، إن مفاوضات شرم الشيخ بين إسرائيل وحركة حماس تواجه تحديات كبيرة تتعلق بآليات نزع السلاح، وإدارة قطاع غزة بعد الحرب، وضمانات أمنية طويلة الأمد، في ظل تباين واضح في مواقف الأطراف، وتزايد الضغط الشعبي داخل إسرائيل لإنهاء الحرب.
وأوضح «النويري»، أن الوسطاء يواجهون قائمة طويلة من القضايا المعقدة، تبدأ بتفاصيل انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة والجدول الزمني لذلك، وصولًا إلى نقل إدارة القطاع من حركة حماس وتشكيل قوة دولية لتثبيت الاستقرار، وفقًا لما تضمنته خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
مفاوضات بلا نية حقيقية
وأشار إلى أن الأطراف الثلاثة «ترامب، نتنياهو، وحماس» يدخلون المفاوضات دون نية حقيقية لاستكمالها حتى النهاية، مؤكدًا أن كل طرف يسعى إلى مكسب مرحلي، معقبا: «حماس تبحث عن تثبيت وجودها السياسي والميداني، ونتنياهو يسعى إلى تهدئة الداخل الإسرائيلي وسط تصاعد الغضب الشعبي، وترامب يطمح إلى إنجاز سياسي يُترجم إلى جائزة نوبل للسلام».
وأضاف أن النية الحقيقية لنتنياهو ليست إنجاز اتفاق شامل، بل الوصول إلى المرحلة الأولى فقط، وهي تبادل الأسرى، ثم تعطيل باقي البنود لاحقًا، خاصة تلك المتعلقة بنزع سلاح حماس، الانسحاب الإسرائيلي، وإعادة إعمار غزة، وهي نقاط يرى النويري أنها قد تنسف الاتفاق برمّته.
حماس تناور سياسيًا
وأكد «النويري»، أن حركة حماس تدرك أن نزع سلاحها يعني فقدان تأثيرها في «اليوم التالي لغزة»، ولهذا تسعى إلى توسيع دائرة الحوار عبر إشراك فصائل فلسطينية أخرى، في محاولة لتحويل مطلب نزع السلاح من شرط خارجي إلى قضية داخلية فلسطينية.
واختتم أستاذ العلوم السياسية حديثه مؤكدا أن حماس قد تقبل النقاش حول المرحلة الأولى من الاتفاق – تبادل الأسرى – لكنها ستتوقف عند المرحلة الثانية، حيث تبدأ العقبات الجوهرية التي تهدد مستقبل الاتفاق.
في السياق ذاته، كشف الدكتور محمود الشريف، الخبير الاقتصادي، عن المكاسب الاقتصادية الكبيرة التي يمكن أن تحققها مصر في حال التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأشار «الشريف» إلى أن هذه الخطوة لا تقتصر على إنهاء المعاناة الإنسانية، بل تمثل نقطة تحول اقتصادي واستراتيجي للمنطقة، وعلى رأسها مصر.
وأوضح أن أبرز تلك المكاسب عودة الملاحة كاملة في قناة السويس عن طريق وقف الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر، والتي كانت سببا في تراجع حركة الملاحة بقناة السويس، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات بأكثر من 7 مليارات دولار خلال العام الماضي.، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد المصري من خلال زيادة الإيرادات وخفض تكاليف النقل البحري بنسبة تصل إلى 50%.
فرصة اقتصادية واعدة
وأضاف أن عملية إعادة إعمار غزة تمثل فرصة اقتصادية ضخمة للشركات المصرية، خاصة في مجالات البناء ومواد الإنشاءات، حيث تُقدّر تكلفة إعادة الإعمار بأكثر من 80 مليار دولار، وتشمل إزالة نحو 42 مليون طن من الركام، ما يوفر آلاف فرص العمل ويدعم الاقتصاد المحلي.
كما توقع الخبير الاقتصادي أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى تعزيز ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد المصري، وهو ما قد يدفع وكالات التصنيف الائتماني إلى تحسين التصنيف السيادي للبلاد، ويُسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما تتيح للبنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة بوتيرة أسرع، مما يخفف العبء عن الشركات والمواطنين، ويُحسن توقعات النمو الاقتصادي.
وأكد الدكتور محمود الشريف، أن وقف إطلاق النار في غزة لا يحمل فقط أبعادًا إنسانية وسياسية، بل يمثل فرصة اقتصادية كبيرة لمصر، خاصة في ملف إعادة الإعمار، الذي يُتوقع أن تتولاه شركات ومقاولون مصريون في تنفيذ مشروعات ضخمة للبنية التحتية، وبناء المستشفيات والمساكن داخل القطاع.