إحالة 7 متهمين للجنايات بعد تزوير عقود وأحكام رسمية بمحكمة جنوب القاهرة

أحالت نيابة جنوب القاهرة 7 متهمين إلى محكمة الجنايات، بينهم موظف بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية ومحامٍ وعامل، وآخرون من غير الموظفين العموميين، في قضية تزوير محررات رسمية واستغلالها لتحقيق مكاسب شخصية، بعد أن أكدت التحقيقات ارتكابهم جرائم منظمة باتفاق ومساعدة بين بعضهم وبين مجهولين.
تفاصيل الجرائم والتزوير
كشفت التحقيقات أن المتهم الأول قام بتزوير محررات رسمية، مقلدًا توقيعات محكمة مصر القديمة الجزئية، وختمها بخاتم شعار الجمهورية المقلد، بالتعاون مع مجهول آخر، واستخدمت هذه المحررات المزورة في دعاوى قضائية، مع نسب زورًا لتوقيعات أمناء السر ورئيس محكمة مصر القديمة الجزئية.
كما وجهت النيابة للمتهمين الثاني والثالث تهمة الاشتراك في تزوير محررات إضافية، منها دعاوى صحة توقيع محكمة مصر القديمة، وعقد بيع مؤرخ يتعلق بالمجني عليها "العنود بنت خليفة بن حمد"، مع علمهم الكامل بتزويرها واستعمالها لتحقيق مصالح شخصية على خلاف القانون.
أما المتهمون الرابع والخامس والسادس، وهم من غير موظفي الجهات العامة، فقد شاركوا باتفاق فيما بينهم وبمساعدة مجهول في تزوير محررات رسمية وختموها بخاتم شعار الجمهورية المقلد، كما استغلوا صورًا رسمية وأحكامًا صادرة، وقدموا مستندات مزورة في جلسات نظر الدعاوى بهدف الاستيلاء على أموال وممتلكات الغير، من بينها قطعة أرض مملوكة للمجني عليه "صلاح عوض أبو بكر الموسى"، إلا أن محكمة شمال الجيزة أصدرت تصريحًا رسميًا لاستخراج نسخة من الحكم، ما كشف عملية التزوير.
أما المتهمة السابعة، وهي غير موظفة عامة، فقد شاركت بالاشتراك والمساعدة مع مجهول آخر في تزوير محررات رسمية، بما في ذلك دعاوى صحة توقيع محكمة مصر القديمة، وتقليد خاتم شعار الجمهورية الخاص بالمصالح الحكومية، واستعمال المحررات المزورة في تحقيق مصالح شخصية، مع علمها الكامل بالتزوير.
شهادات موثقة تكشف تفاصيل الجريمة
شهد أحمد حسين إسكندر، رئيس قلم الصور الكلية بمحكمة جنوب القاهرة، أن الدعوى المدنية الخاصة بمحكمة مصر القديمة كانت محفوظة بغرفة الحفظ، وعهدة المتهم الأول، أمين الحفظ السابق بالمحكمة. وأضاف أن المتهم الثاني حصل على صور رسمية من العريضة والتقارير والحكم، ما يعزز واقعة الاستيلاء على المستندات الرسمية.
كما شهد يحيى حسن، رئيس اللجنة المشكلة من وزارة العدل، بأن فحوصات اللجنة أكدت تزوير بعض الدعاوى المرفوعة ضد المجني عليهم، مع تعديل بعض البيانات الأصلية بما يخالف الحقيقة، وأن المتهمين استغلوا دعاوى محروقة خلال فترة الفوضى.
وكشف المجني عليه صلاح عوض أبو بكر، مالك شركة "التين والزيتون"، عن تزوير دعاوى مدنية أمام محكمة شمال الجيزة، زعم فيها المتهمان الرابع والخامس ملكيتهما لأرضه، مستندين على سند مزور يُثبت صحة توقيع محكمة مصر القديمة.
كما شهدت فريال عواد إبراهيم، طبيبة أسنان، بأنه أثناء تنفيذ حكم طرد لمالكة قطعة أرض وأبنائها، قدم لها مدعون عقود بيع مزورة من المتهم السابع، مرفقة بصورة رسمية من حكم صحة التوقيع، إلا أن مراجعتها لاحقًا كشفت وقوع التزوير.
تحريات الشرطة والرقابة الإدارية
أظهرت تحريات العقيد كمال محمد، بإدارة مكافحة جرائم الأموال العامة، تورط المتهمين في تزوير الأحكام والمحررات الخاصة بالأزبكية، وأكدت الفحوصات المقدمة من الإدارة المركزية لشؤون أبحاث التزوير والتزوير الشرعي أن بصمات خاتم شعار الجمهورية المنسوب لمحكمة مصر القديمة مقلدة باستخدام قالب صناعي، ولم تُأخذ من القالب الأصلي المعتمد، كما ثبت أن القاضي وسكرتير الجلسة لم يحرروا أي توقيعات منسوبة إليهم في الملفات المزورة.
وكشفت تحريات الرقابة الإدارية أن المتهمين استولوا على ملفات الدعاوى بالاشتراك والاتفاق فيما بينهم، بهدف الاستيلاء على أملاك المجني عليهم، وهو ما يعكس تنظيمًا متعمدًا لاستغلال المستندات الرسمية المزورة لتحقيق مصالح شخصية على حساب الحقوق القانونية للمتضررين.
خيوط الجريمة وارتباطاتها
أكدت التحقيقات أن جميع هذه الجرائم تمت بناءً على اتفاق وتنسيق بين المتهمين وبعض مجهولي الهوية، واعتمدوا على تقليد خاتم شعار الجمهورية واستغلال المستندات الرسمية، سواء من دعاوى حقيقية أو محروقة، لتحقيق مكاسب غير قانونية، واستخدم المتهمون أساليب متقدمة للتزوير، تضمنت إنشاء محررات كاملة على غرار المحررات الأصلية، وتزوير التوقيعات والختم الرسمي.
تعد هذه القضية نموذجًا حديثًا لاستغلال التزوير الرسمي في مصر، خصوصًا عند استغلال الثغرات القانونية والفوضى المؤقتة في بعض المحاكم، وتحمل القضية إشارات واضحة إلى أهمية مراقبة عمليات حفظ المستندات والمحافظة على سلامتها، وضرورة تشديد العقوبات على أي محاولة لتزوير المستندات الرسمية أو استغلالها للربح الشخصي.