رئيس التحرير
خالد مهران

وعود كاذبة أم تحديات عالقة؟ سر فشل إنتاج الأجزاء الثانية من أشهر أفلام السينما

النبأ

تحولت نية المنتجين لإنتاج أجزاء ثانية من الأفلام السينمائية الناجحة لظاهرة تحتاج للتقييم والمناقشة خلال السنوات الأخيرة، خاصة وأنها لا تتعدى حدود التصريحات الإعلامية والشو عبر شاشات التلفزيون.

ويستغل صناع الأفلام، النجاح الجماهيري الكبير لعدد من الأعمال الفنية التي تعتبر علامات في تاريخ السينما المصرية الحديثة، للعب على وتر الحنين للإعلان عن إنتاج جزء ثاني من العمل؛ إلا أن هذه الأجزاء الجديدة لم ترى النور حتى الآن لتصبح مجرد «بروباجندا».

وشهدت السينما عددًا من الأعمال التي أثارت جدلًا إعلاميًا حول تحضير أجزاء ثانية لها، لكنها لم تُنفذ حتى الآن، ومن بين هذه الأمثلة: «55 إسعاف - الناظر - غبي منه فيه - صعيدي في الجامعة الأمريكية - كده رضا».

مكاسب مالية

من جانبه، يرى الناقد الفني مجدي الشحري، أن استغلال بعض المنتجين لنجاح الجزء الأول قد يكون هدفه تحقيق مكاسب مالية، ولكن ليس بالضرورة أن ينجح الجزء الثاني بنفس نجاح الأول.

وأوضح «الشحري»، أن هناك عقبات مهمة تواجه الأجزاء الثانية أبرزها مسألة الحفاظ على نفس فريق التمثيل أو الاستعانة بنجوم جدد.

وأضاف: «على سبيل المثال أفلام مثل صعيدي في الجامعة الأمريكية التي تضم محمد هنيدي وهاني رمزي لا يمكن للمنتج أن يضمن مشاركة نفس النجوم في الجزء الثاني وبالتالي فإن نجاح الجزء الثاني يعتمد بشكل كبير على السيناريو والمخرج الذي يستطيع توظيف الممثلين بشكل جيد».

وعن توليفة النجوم الكبيرة في فيلم واحد، أشار «الشحري» إلى أن ارتفاع أجور كبار النجوم في الفترة الأخيرة يجعل أي منتج يتردد قبل استثمار ميزانية ضخمة في عمل سينمائي خاصة إذا كانت الميزانية قد تصل إلى 250 مليون جنيه.

وأضاف أن بعض النجوم قد يرفضون المشاركة في الجزء الثاني حتى لو حقق الجزء الأول نجاحا كبيرا مثل حالة أحمد السقا في فيلم تيتو.

وبخصوص أسباب عدم اكتمال المشاريع المعلنة للأجزاء الثانية، أكد «الشحري» أن الأمر غالبا يتعلق بالعروض المبدئية للفنانين، حيث قد يتم الإعلان عن موافقة الفنانين للصحافة والإعلام بشكل مبدئي لكن بعد الاطلاع على السيناريو قد يعتذر الفنان عن المشاركة وبالتالي لا يكتمل المشروع.

وأشار «الشحري»، إلى أن أكبر تحدٍ يواجه صناعة الأجزاء الثانية في السنوات الأخيرة هو كتابة السيناريو، معقبا: «تغيرت معايير الكتابة مقارنة بالماضي حيث كان هناك كتاب كبار مثل أسامة أنور عكاشة ومحمد جلال عبد القوي وبشير الديك بينما في الفترة الأخيرة ظهرت ورش عمل تضم مجموعات من الشباب يكتبون السيناريو والحوار ما يؤدي أحيانا إلى ثغرات في التسلسل الفني والحوار حتى لو كان المخرج يمتلك قدرات كبيرة مما ينعكس على جوده العمل النهائي».

واختتم حديثه قائلا إن التحديات الكبرى في صناعة الأجزاء الثانية تتعلق بالكتابة والإنتاج واختيار المخرجين وأن نجاح أي جزء ثاني يعتمد على التوازن بين هذه العناصر.

نقص النجوم

وفي السياق ذاته، قال الناقد الفني حسن عبد العال إن العديد من الأفلام الناجحة في أواخر التسعينيات طرحت لها فكرة إنتاج أجزاء ثانية وسط حماس الجمهور وحنينهم لتكرار التجربة إلا أن هذه المشاريع لم تتخط مرحلة التصريحات ما أثار انتقادات واسعة لصناع القرار في الصناعة.

وأضاف «عبد العال» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»: «النجوم متواجدون، لكن غياب الإنتاج الصحيح هو السبب الأساسي، إذ يبني المنتجون أعمالهم على التكرار ويترددون في ضخ ميزانيات ضخمة في مشاريع قد لا تضمن تحقيق نفس النجاح الجماهيري للجزء الأول، التوليفة التي صنعت نجاح الأجزاء الأولى -سواء من حيث حضور نجوم بعينهم أو انسجام فريق العمل- ما زالت متوافرة، لأن السينما ولّادة بطبيعتها».

وأشار إلى أن السينما اليوم تعاني من نقص النجوم القادرين على حمل فيلم جماهيري كبير بمفردهم، مقارنة بالأجيال السابقة، ما يجعل إعادة تقديم نفس التجارب أكثر صعوبة.

وتطرق «عبد العال» إلى الانتقادات الموجهة للمنتج مدحت العدل وغيره من صناع السينما، قائلًا: «الجمهور يرى أن هناك وعودًا معلقة لا تُترجم إلى أعمال حقيقية، ما ينعكس سلبًا على صورة الصناعة، خاصة مع غياب رؤية واضحة لإدارة مشاريع الأجزاء الثانية ونقص الجرأة الاستثمارية في تقديم أعمال قد تكون ناجحة إذا أعيد إنتاجها بمعايير تناسب العصر».

وأكد أن الجمهور ما زال متعطشًا لإحياء هذه التجارب، سواء بدافع الحنين أو الفضول لمعرفة تطور الشخصيات بعد سنوات، لكنه حذر من أن الرهان على الحنين وحده دون تطوير في السيناريو والإخراج قد يؤدي إلى خيبة أمل إذا جاء العمل الجديد أقل مستوى من الجزء الأول.

الغرور بالنجاح

وفي السياق ذاته، يرى الناقد الفني الدكتور طارق سعد، أن السينما المصرية تعاني من مشكلة واضحة تتعلق بالغرور بالنجاح حيث إن أي فيلم يحقق إيرادات كبيرة يثير حماسة صناع العمل لاستكمال الأحداث في جزء ثاني.

وأضاف: «هذا يدفع المنتج لاستثمار النجاح ماديا خصوصا في الأفلام الكبيرة مثل صعيدي في الجامعة الأمريكية همام في أمستردام ومافيا وتيتو والتي يترابط معها الجمهور عاطفيا ويعيش حالة الشخصيات».

وتابع: «لكن هذه الحماسة غالبا ما تصطدم بعقبات عدة أبرزها غرور المنتج بالنجاح إذ يتخذ قرارات سريعة لاستثمار الفيلم ويعد الجمهور بجزء ثاني دون دراسة دقيقة».

وأشار «سعد»، إلى أن المشكلة ليست نقص التمويل أو خلافات بين النجوم فالإنتاج حاليًا يعتمد على شراكات كبيرة بين كيانات ورعاة والمنتج الذكي يعرف كيفية حل الخلافات إذا كان الجميع متحمسًا لإتمام العمل، وغالبا ما تكون الخلافات حول الأجور والاتفاقات، وليست شخصية.

واستشهد الناقد الفني الدكتور طارق سعد، بتجارب عدة مثل أفلام هنيدي حيث كانت كل أعمالهم الناجحة تثار حول فكرة جزء ثاني والجمهور متحمس لكن مع الوقت يخف الحماس بسبب الخوف من المغامرة بعد فشل العديد من اعمال هنيدي الجديدة.

وتابع: «بعض المنتجين يستخدمون الإعلان عن جزء ثاني كأداة لجذب الجمهور وزيادة الإيرادات وقت عرض الفيلم وهو أسلوب استثماري لكنه محفوف بالمخاطر».

وأكد «سعد» أن الجمهور عاطفي ويرتبط بالنجوم والشخصيات بشكل مختلف عن الجمهور الخارجي فهو يحب استكمال التجربة والارتباط العاطفي بالشخصيات بينما بعد مرور الوقت يفقد الاهتمام، معقبا: «بعض التجارب مثل فيلم الجزيرة للسقا نجح في الجزئين وفيلم اللمبي نجح في 3 أجزاء، ولكن بعد نحت الشخصية من محمد سعد في أعمال أخرى فشل لأن الجمهور لم يعد مرتبطا بالشخصية بعد الابتعاد عن الحالة الأصلية».

وأوضح أن بعض صناع العمل مثل هاني رمزي تأخروا في عمل جزء ثاني لأفلام ناجحة مثل «غبي منه فيه» حتى وفاة الفنان حسن حسني وطلعت زكريا العمود الأساسي للفيلم وبعدها توقفت الفكرة نهائيًا.

وأشار «سعد» إلى أن الدكتور مدحت العدل يعتمد على الإعلان المستمر عن مشاريع وأجزاء جديدة حتى لو لم تنفذ على أرض الواقع ليحافظ على اسمه في المشهد السينمائي ويثير حماس الجمهورفقط لكنه قد يضعف مصداقيته.

وأضاف أن بعض المحاولات لإنتاج أجزاء جديدة من عمل مثل صعيدي في الجامعة الأمريكية يواجه صعوبة كبيرة في جمع النجوم، معقبا: «هذا عمل يحتاج إلى ميزانية بنك دولي أو مركزي كل بطل في العمل يحتاج ميزانية فيلم».

الناقد الفني الدكتور طارق سعد

357

الناقد الفني مجدي الشحري

156

الناقد الفني حسن عبدالعال

157