دمياط في ذكرى رحيل مفكرها الكبير: زكي نجيب محمود حاضر بفكره لا يغيب

في مثل هذا اليوم، الثامن من سبتمبر، يمر عام جديد على رحيل الفيلسوف والمفكر الكبير زكي نجيب محمود، الذي ولد في مدينة دمياط عام ١٩٠٥، وغادر عالمنا عام ١٩٩٣، تاركًا وراءه إرثًا فكريًا وأدبيًا جعل اسمه محفورًا في ذاكرة المصريين والعرب.
عندما يتحدث أبناء دمياط عن زكي نجيب محمود، لا يذكرونه فقط كمفكر وفيلسوف، بل كأحد أبنائهم الذين حملوا اسم المحافظة إلى العالم، فقد نشأ في بيت متواضع بأحد أحياء دمياط الشعبية، وبدأت ملامح نبوغه تظهر منذ طفولته.
ورغم صعوبة الظروف آنذاك، إلا أن شغفه بالعلم جعله يسعى وراء المعرفة حتى بلغ مكانة رفيعة في الفكر العربي الحديث.
الفيلسوف الإنسان
لم يكن زكي نجيب محمود مجرد أستاذ جامعي أو كاتب للمقالات، بل كان ابنًا بارًا بمدينته، ظل يذكر دمياط وأهلها في كتاباته ولقاءاته. كان يرى أن البساطة التي نشأ فيها ساعدته على الاقتراب من الناس، وفهم احتياجاتهم، وصياغة أفكار فلسفية بلغة واضحة لا تنفصل عن الواقع.
ويحكي كبار السن في دمياط أن اسمه كان مصدر فخر لهم، فكلما ذُكر في الصحف أو على شاشات التلفاز، شعروا أنهم شركاء في هذا الإنجاز، وأن مدينتهم الصغيرة على البحر أصبحت تُذكر في المحافل الثقافية بسبب ابنها الفيلسوف.
أثر باقٍ في الذاكرة
على مدار سنوات طويلة، ظل طلاب المدارس والجامعات في دمياط يدرسون مؤلفات "الأستاذ"، كما كانوا يلقبونه. كتبه مثل تجديد الفكر العربي والمعقول واللامعقول وقصة عقل، لم تكن مجرد أوراق مطبوعة، بل جسورًا تصل بين العقل والوجدان، وبين التراث والمعاصرة.
حتى اليوم، يتحدث معلمو الفلسفة في مدارس دمياط عن مشروعه الفكري كإرث يجب الحفاظ عليه، ويعتبرونه قدوة في المثابرة والسعي نحو العلم رغم كل التحديات.
ذكرى تتجدد
ومع حلول ذكرى رحيله هذا العام، يتجدد الحنين لدى المثقفين وأبناء دمياط لاستعادة سيرته ومسيرته. فزكي نجيب محمود لم يكن مجرد مفكر عابر، بل كان رمزًا لقيمة العلم والإصرار على أن العقل هو السلاح الأهم في مواجهة الجهل والتخلف.
ويؤكد أبناء دمياط أن تخليد ذكراه لا يكون فقط بإحياء يوم وفاته، بل بالعمل على نشر فكره بين الأجيال الجديدة، ليظل حاضرًا كما كان، رمزًا للعلم والنزاهة والفكر المستنير.
خاتمة
هكذا يبقى اسم زكي نجيب محمود جزءًا من ذاكرة دمياط التي أنجبته، وقطعة مضيئة من تاريخ الفكر العربي. فبين أزقة مدينته الصغيرة، خرج الفيلسوف الكبير ليضع بصمة خالدة، تؤكد أن العظمة قد تبدأ من أماكن متواضعة، لكنها تصنع تاريخًا لا يزول.