رئيس التحرير
خالد مهران

المهندس محمد الفيشاوى يكتب: الشرعية الدولية بين المبدأ والمصلحة

المهندس محمد الفيشاوى
المهندس محمد الفيشاوى

 

لطالما عرّف علماء السياسة الدولة بأنها كيان يتكون من ثلاثة عناصر رئيسية: أرض، وشعب، وسلطة حاكمة تنبع من دستور وقوانين منظمة. هذا هو التعريف الكلاسيكي الذي استقر لقرون.
لكن مع تطورات السياسة الدولية وتشابك المصالح بين الأمم، أُضيف عنصر رابع – أو بالأحرى قيد رابع – وهو ما بات يُعرف بـ "الشرعية الدولية".
هذا المصطلح، الذي يبدو في ظاهره محمّلًا بالقيم والمبادئ، يُستخدم اليوم كأداة ضغط وترويض، أكثر مما يُستخدم كوسيلة لتحقيق العدالة.
لقد تحوّلت الشرعية الدولية من مظلة يُفترض أن تحمي الضعفاء وتُحاسب المعتدين، إلى عصا غليظة في يد الكبار تُضرب بها الدول الخارجة عن طاعتهم، لا الخارجة عن القانون.
ما يُسمى بالمجتمع الدولي – والذي تتزعمه دول مجموعة السبع – لا يُمارس الشرعية، بل يمنحها أو يسحبها وفق مزاجه ومصلحته. فإسرائيل، التي تنتهك عشرات القرارات الدولية، لا تُعاقب، بل تُكافأ. بينما تُفرض العقوبات على دول لمجرد أنها تجرأت على رفض الوصاية الغربية أو رسمت لنفسها مسارًا مستقلًا.
وهنا تبرز المفارقة:
هل باتت الشرعية تُمنح من قِبل "شرطيٍّ لقيط"، لا يملك شرعية أخلاقية ولا قانونية؟
وهل يُطلب من الدول أن تنصاع لهذه الشرعية المزعومة، وإلا تُصنّف كمارقة أو إرهابية؟
إن مفهوم الدولة أصبح اليوم رهينة لرضا "النظام الدولي"، ولم يعد الاكتفاء بالسيادة الداخلية كافيًا. فالمنظمات الدولية – التي كان يُفترض بها أن تحمي القانون – باتت تخدم القوى العظمى، وتُمرر أجندتها تحت ستار الشرعية.
وإزاء هذا الواقع الظالم، لا يسعنا إلا أن نُردد:
"لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".

مهندس محمد الفيشاوى 
خبير التنمية البشرية 
دبلوم الدراسات العليا من المعهد العالي للدراسات الإسلامية.