يطالبون بتخفيف الإجراءات المفروضة..
حظر الصيد يهدد «لقمة عيش» صيادى البحر الأحمر وخليج السويس

في ظل أزمة تهدد واحدة من أعرق المهن في مصر يقف الصيادون على شواطئ البحر الأحمر وخليج السويس أمام مصير مجهول، بعد أن حُرمُوا من مصدر رزقهم الوحيد بموجب قرارات رسمية تحظر الصيد في تلك المياه.
وما بين المبررات الحكومية بشأن الحفاظ على الثروة السمكية وضرورات التنمية الاقتصادية، تُطرح تساؤلات عديدة عن مدى توازن هذه القرارات بين الاعتبارات البيئية والاجتماعية، وعن البدائل المقدمة لمئات العائلات التي تعتمد على البحر في تأمين قوت يومها، فبعدما كان البحر يومًا مصدر الزرق للصيادين أصبح الخطر الأكبر الذي يهدد استقرار أسرهم باحثين عن حل يعيد لهم أرزاقهم وللبحر توازنه.
أزمة صيادو البحر الأحمر
بدأت أزمة صيادو البحر الأحمر بعدما أصدرت هيئة الثروة السمكية، قرارا مطلع شهر إبريل الماضي، بوقف الصيد في البحر الأحمر وخليجي السويس والعقبة لمدة 3 أشهر اعتبارا من 15 أبريل وحتى 15 من شهر يوليو القادم؛ لحماية المخزون السمكي ومنح الأسماك فرصة للتكاثر.
وشملت قائمة حرف الصيد المحظورة «الجر» و«السنار» و«ٰالشانشولا» و«فلايك الأوت بورد».
وشددت هيئة الثروة السمكية على اتخاذ عقوبات ضد المخالفين، مشيرة إلى أن العقوبات تشمل سحب الترخيص لمدة شهرين، ومصادرة أدوات الصيد، وتصل إلى الإيقاف 6 أشهر مع الإحالة للنيابة العامة حال تكرار المخالفة.
أزمة البردويل
ولم تتوقف أزمات الصيادين عند هذا الحد، بل اشتكى عدد كبير من صيادي بحيرة البردويل، من قرارات واشتراطات جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة.
وبحسب مصادر حكومية، أسندت مهمة إدارة بحيرة البردويل إلى جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة نهاية العام الماضي؛ لتنميتها وتطوير مراسي الصيد لزيادة الإتاجية وإحداث نقلة نوعية في أعمال النقل والتداول بالأسواق وتقديم حزم اجتماعية للصيادين.
وطالب صيادو البردويل السماح لهم بصيد «الجمبري» وتخفيف الإجراءات المفروضة عليهم فيما يخص الغزل وتجهيزات المراكب؛ لما لها من تأثير كبير في أعداد الحصيلة اليومية، وإعادة النظر في قيمة تصاريح الصيد في جميع الحرف بعدما زادت بشكل مبالغ فيه -على حد قولهم-.
تدخل رئاسي
ورغم ذلك، لم تكن أزمات الصيادين بعيدة عن رأس الدولة، بعدما قرر الرئيس السيسي، توجيه رسائل عدة إلى الصيادين أثناء حضوره افتتاح المرحلة الأولى من مشروع مدينة «مستقبل مصر الصناعية» الأسبوع الماضي.
وقال الرئيس السيسي: «إحنا عندنا شواطئ ممتدة كبيرة أوي، ومصر فيها 14 بحيرة، والبحيرات دي ثروة محتملة مش بس للدولة، للناس كمان، طول ما بنستخدمش طرق صيد جيدة، وما بنستخدمش أساليب علمية في تنمية الثروة السمكية هتفضل أنت كصياد دخلك محدود».
وأضاف: «بقول دا علشان تتعاون معايا، وتعرف أن الهدف مش إني أخسرك أو أمنعك، بس عاوزك تصبر سنة ولا اتنين، لأن البحيرات فيها نظام بيئي لازم نحافظ عليه».
وأوضح الرئيس: «هنوصل لوقت معين ونمنع الصيد كمان في بحيرة ناصر علشان ندي فرصة للبيئة البيولوجية للبحيرات أنها تنمو ودا بياخد فترة طويلة تصل لأكثر من سنتين».
واستكمل: «مش جايين غير علشان نزود الإنتاج ونحسنه ونحسن حياتكم وأرجو أن أنتوا تصدقوا وتثقوا فينا أننا جايين بالخير لكل البحيرات، أنتوا بتاخدوا جزء صغير جدا من الإنتاج لو جيتوا اشتغلتوا معانا هتاخدوا حجم أكبر من كدا، الشغل التقليدي القديم اللي ماشيين بيه مش هينفع ولازم ننقد أنفسنا لازم نغير حال بلدنا، مش بالنوايا بالأفعال».
واختتم الرئيس السيسي حديثه للصيادين قائلا: «عمرنا ما بنعمل حاجة يبقى الهدف منها تحقيق منفعة للحكومة وبس، هدفنا المصلحة حتى لو أنت شوفت الأمور في الأول مش كده، من فضلكم ساعدونا نحقق دا».

قرارات غير مدروسة ونتائج كارثية
وفي هذا الصدد، قال النائب ناصر عطية، عضو مجلس النواب عن محافظة البحر الأحمر، إن قرار هيئة الثروة السمكية في البحر الأحمر، بمنع الصيد لمدة 4 أشهر قرار خاطئ وغير مدروس ونتائجه ستكون كارثية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي للصيادين.
وأضاف «عطية» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-: «تبرير البعض بأن القرار جاء نتيجة هجوم سمكة قرش على السياح بالبحر الأحمر كلام خاطئ وغير منطقي، سمكة القرش دي مش فريدة من نوعها في العالم علشان بسببها نمنع الصيد بشكل نهائي، هل معنى وقوع حادث على طريق ما إننا نقوم بغلق الطريق بشكل كامل ونمنع سير المواطنين فيه، دا مش سبب قوي وقرار غير مدروس».
وأوضح أن هيئة الثروة السمكية حددت فترة الوقف بداية من 15 أبريل وحتى يوم 15 من شهر يوليو القادم، معقبا: «تقدمت بطلب إحاطة في مجلس النواب وعقدنا اجتماع داخل لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، وتم تأجيل مناقشة الأمر لعدم حضور رئيس هيئة الثروة السمكية».
وأشار النائب ناصر عطية، إلى أن الخلاف الرئيسي مع هيئة الثروة السمكية في قرارها بشأن منع حرفة السنار لا سيما وأنها من طرق الصيد الآمنة وصديقة البيئة فكيف نقوم بمنعها.
واستطرد: «صيد الناجل ممنوع في السعودية على مدار السنة في أكثر من 200 نوع من أنواع السمك، فلماذا نقوم بمنع الصيد بشكل عام بدلا من تحديد أنواع معينة يحظر صيدها كما يحدث في المملكة».

واستكمل: «كيف يتم تعويض الصيادين خلال تلك الفترة، خاصة وأن موسم عملهم فصل الصيد، الصياد بيعتمد على موسم الصيد خلال الـ3 أشهر دول ويفضل عايش عليهم السنة كلها، خصوصا أن أغلبهم صيادين يمتلكون مراكب صغيرة وليست كبيرة، هل تستطيع وزارة البيئة أو المحافظة أو الهيئة تعويضهم».
وتابع: «المحافظة ستكتفي بتعويض الصيادين بمبالغ زهيدة كما حدث من قبل 2000 ولا 3000 جنيه، هل تلك المبالغ تتلائم مع الظروف الاقتصادية الحالية».
وأكد «عطية»، أن ما يحدث من منع الصيد في البحر الأحمر قرارات غير مدروسة ولا تتوافق حتى مع البحث العلمي، معقبا: «معهد علوم البحار يعتمد على أبحاث الخبراء وليس الصيادين أنفسهم، أنا راجل صاحب مهنة ولازم كلامنا يستمع ويتاخد بيه».
واستكمل: «الصياد مش بيطلع للصيد في الشتاء وبيستغل فصل الصيف علشان أكل عيشه، في أثار اقتصادية صعبة على الصيادين لا يستطيع أحد تحملها».
وعن تأثير القرار على أسعار الأسماك في الأسواق، أكد أن أسعار السمك تزداد بشكل جنوني، معتبرا أن ما يُصدر من قرارات رسمية بمثابة «افتعال للأزمات بلا داعي».
وأضاف: «قبل بدء فترة الحظر بشهر واتنين في تجار بيقوموا بتخزين السمك ودا طبعا بيزيد من الأزمة وبيتسبب في رفع الأسعار بشكل كبير».
ولفت النائب إلى وجود أزمة فعلية في توافر أنواع عديدة من الأسماك بالأسواق في محافظة البحر الأحمر، متابعا: «يعني محافظة زي البحر الأحمر تمتلك كل الثروة السمكية دي تبقى مجبرة على أنها تشتري السمك البلطي من المزارع، بلد فيها بحر عندها اكتفاء ذاتي وبتحقق اكتفاء ذاتي للبلد كلها تبعت تجيب من المزارع».
قرار منعدم المشروعية
وفي سياق متصل، قال النائب ضياء الدين داود، إن قرار منع الصيد في البحر الأحمر وخليج السويس، خاطئ ومنعدم وباطل من حيث المشروعة الإجرائية ولا بد من مراجعته.
وأكد «داود» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»- أن حقيقة الأمر تتمثل في صدور توصيات من اللجنة المشكلة من مجلس الوزراء فور هجوم بعض أسماك القرش على السائحين بمنطقة البحر الأحمر، بحظر بعض مراكب الصيد كالشانشولا والجر في بعض المناطق وليس على طول سواحل البحر الأحمر وخليج السويس، وهو ما حدث عكسه تماما من القرارات الصادرة من محافظتي البحر الأحمر وجنوب سيناء.
وأشار إلى أن قطاع الصيد في البحر الأحمر ليس كبير العدد ولكنه في كل الأحوال جزء من أسطول الصيد المصري، وجزء من الأمن القومي الغذائي.
وتابع: «توفير البروتين من الأسماك دا استحقاق مهم لا بد من توافره، خصوصا أن عدد كبير من المراكب التي تم منعها تقوم بعمل اتفاقيات مع بعض الدول المجاورة زي الصومال واليمن وإريتريا وبيقدروا يدخلوا كميات كبيرة من الأسماك من هذه المناطق للسوق المحلي، بالإضافة إلى التصدير الذي يوفر النقد الأجنبي».

واستكمل: «سواء المشتغلين بهذا القطاع أو أصحاب المراكب تضرروا ضررا بالغا خلال فترة التوقف للحرف المختلفة سواء حرفة الجر أو حرفة الشانشولا، ولا بد أن تكون القرارات من هذا النوع مدروسة، بالإضافة إلى دراسة الأثر المتعلق بالبيئة البحرية».
وأكد ضياء الدين داود، أن نشاط الصيد لا يسبب أي ضرر للبيئة البحرية على الإطلاق، لافتًا إلى أن مثل هذه القرارات غير المدورسة تنتج عنها آثار اقتصادية صعبة للعاملين بقطاع الصيد بالإضافة إلى إسهام ذلك في ارتفاع أسعار الأسماك بالأسواق في ظل استغلال بعض التجار للأزمات وتخزين كميات كبيرة من الأسماك وبيعها بأسعار مضاعفة خلال فترة حظر الصيد.
وعن إمكانية تعويض المتضررين، اختتم داود حديثه قائلًا: «لم نرى صرف أي مبالغ للمتضررين ولم يتحدث أحد عن ذلك حتى الآن».