خطة «التعليم العالى» لإنهاء أزمة تكدس خريجى الكليات النظرية

أمين الأعلى للجامعات: دور «التعليم العالى» لا يقتصر على البرامج الأكاديمية التقليدية ويمتد توفير مسارات بديلة تلبى احتياجات الخريجين
رفعت: زيادة أعداد خريجي التخصصات التقليدية دفعت بعضهم للرغبة فى تحويل المسار
التعبئة والإحصاء: 77% من خريجى الجامعات الحكومية لعام 2022 تخرجوا من كليات نظرية مقابل 24% فقط
%72.8 نسبة خريجى الكليات العملية بالجامعات الخاصة
استشارى تحول رقمى: سوق البرمجيات فى مصر لا تحكمه ضوابط على نفاذ العاملين بتخصصاته المختلفة
«الدسوقى»: حرية الدخول والخروج من سوق البرمجيات عبر البرامج التدريبية أو برامج تحويل المسار تضر بسوق العمل
«توجيه لجان القطاع، خصوصًا قطاع الحاسبات والمعلومات، لدراسة توفير برامج تحويل مسار مهنية لخريجي التخصصات النظرية التقليدية إلى أخرى تتماشى مع سوق العمل»، خطوة جديدة يستعد لها المجلس الأعلى للجامعات لحل أزمة تكدس خريجي التخصصات التقليدية النظرية الذين لم يجدوا فرص عمل حقيقية، لتأهيلهم للحصول على فرص عمل بمهن الحوسبة والمعلوماتية.
تلك الخطوة تثير الكثير من التساؤلات بشأنها، لاسيَّما فيما يتعلق بمعايير التحاق خريجي التخصصات التقليدية إليها؟ وهل سوق العمل بحاجة للمزيد من خريجي تخصصات الحاسبات والمعلومات أم عدد خريجي البرامج الأكاديمية كاف؟، وهل من الممكن أن تتحول أزمة تكدس الخريجين من التخصصات التقليدية إلى تلك التخصصات؟، وهل خريج برامج تحويل المسار يستطيع منافسة قرنائه من خريجي التخصصات الأكاديمية ذاتها؟ وما الضمانة لاستمرار الحاصلين على تلك البرامج بالمجال الجديد؟
تحويل مسار
دور منظومة التعليم العالي لا يقتصر على توفير البرامج الأكاديمية التقليدية، ولكنه يمتد إلى توفير مسارات بديلة مرنة تلبي احتياجات الخريجين، وتمنحهم فرصًا لتحويل مساراتهم المهنية، حسبما يوضح أمين المجلس الأعلى للجامعات الدكتور مصطفى رفعت.

ويؤكد أن زيادة أعداد خريجي التخصصات التقليدية التي لم تجد فرصًا حقيقية بسوق العمل، دفعت الكثير منهم إلى الرغبة في تحويل المسار إلى تخصصات تتماشى مع سوق العمل، وعليه فإنه تم توجيه لجان القطاع الخاص؛ لاسيَّما قطاع الحاسبات والمعلومات لدراسة توفير برامج تحويل مسار مهنية.
المسارات البديلة -المُشار إليها- تمثل فرصة جديدة للخريجين تمكنهم من إعادة بناء مسارهم الوظيفي، وتحقيق الاستفادة القصوى من مؤهلاتهم، والاندماج فى سوق العمل بكفاءة ومرونة، ما يعني أن تلك الاستراتيجية تعكس رؤية التعليم العالي الشاملة والتي تستجيب للتحديات الواقعية، وتسعى إلى تفعيل مفهوم التعليم الدائم «مدى الحياة»، بمعنى أن تكون مخرجات التعليم قادرة على مواكبة تحولات سوق العمل العالمي المتسارعة، حسبما يصف الدكتور مصطفى رفعت.
أرقام وإحصاءات
77% من خريجي الجامعات الحكومية لعام 2022 -أحدث البيانات المتاحة- تخرجوا من كليات نظرية مقابل 24% فقط درسوا تخصصات علمية، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
بينما بلغت نسبة خريجي الكليات العملية بالجامعات الحكومية والخاصة مجتمعة خلال عام 2022، نحو 28.1%، بواقع 543.6 ألف خريج، بينهم نحو 152 ألف و900 خريج درسوا تخصصات علمية، وفقًا لنشرة خريجي التعليم العالي الصادرة عن جهازة التعئبة والإحصاء، ديسمبر 2023.
وتتفوق نسبة خريجي الكليات العملية بالجامعات الخاصة عن نظيرتها الحكومية، لأنها بلغت 72.8%، لقاء نحو 24% بالجامعات الحكومية، وفقًا للبيانات.
برامج متسارعة
تلك الأرقام دفعت القائمين على منظومة التعليم العالي، إلى البحث عن حلول للأزمة، وكان من بينها مساعي إتاحة برامج تحويل المسار المهني أمام خريجي التخصصات التقليدية والنظرية، والتي تسير بالتوازي مع مبادرات الجامعات التي تتعاون خلالها مع قطاع الصناعة، لاستحداث برامج تعليمية حديثة ومهنية تعتمد على متطلبات السوق المحلي والدولي، وفقًا لما أكده الدكتور مصطفى رفعت.
برامج تحويل المسار المقرر إتاحتها، ستكون متسارعة ومكثفة، وبالتالي سيتم إنجازها خلال فترة قصيرة، لتأهيل الخريجين بشكل سريع وفعال للاندماج في تخصصات مطلوبة بشدة في سوق العمل، وفقًا لأمين المجلس الأعلى للجامعات.
سوق بلا ضوابط
سوق العمل في أي دولة بالعالم يحتاج عمالة متنوعة من حيث المستوى المهني، والأمر ذاته يسري على مهن الحوسبة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وسوق البرمجيات، وبالتالي حتى وإن لم تؤهل برامج تحويل المسار تلك الملتحقين بها بشكل كامل يتساوى مع خريجي البكالوريوس بالتخصصات العلمية فإنها ستوفر عددًا من العمالة التي يحتاجها سوق العمل، حسبما يرى استشاري التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي الدكتور أحمد الدسوقي.
ويوضح، أن سوق البرمجيات في مصر لا تحكمه ضوابط على نفاذ العاملين بتخصصاته المختلفة، بمعنى أنه من الممكن أن البعض خريجي علوم اجتماعية حصلوا على برامج تدريبية في أحد تخصصات الحوسبة أو تكنولوجيا المعلومات، ونفذ إلى سوق العمل من خلالها.

عدم وجود ضوابط في سوق البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات بمصر، يؤثر بكشل كبير على الكفاءة في سوق العمل، وهذا يفسر الأعداد الكبيرة الموجودة لحاملي التخصصات سواء الحاصلين على مؤهلات أكاديمية أو برامج تدريبيبة في هذه المجالات، أما من الناحية الفعلية نسبة الذين يمتلكون الحد الأدنى من المهارات اللازمة للعمل تتراوح بين 10: 20% من الذين قرروا تغيير مسارهم المهني، وفقًا لـ«الدسوقي».
غير كافٍ
ويُشير «الدسوقي»، إلى عدد خريجي الكليات العملية المتعلقة بمجال الحوسبة الـ«IT» وتكنولوجيا المعلومات غير كاف لتغطية سوق العمل بأكمله، وبالتالي نحن في حاجة إلى المزيد من المختصين، ولكن بشرط أن يكون هناك ضوابط تسمح للقادر والمؤهل على العمل للنفاذ في سوق العمل وتضمن تدرجه في المهني والوظيفي، حتى لا يكون يسمح بخروج هؤلاء من سوق العمل بسهولة.
ويعتقد استشاري التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، أن في حال الإحصاء ستجد الحكومة أن هناك فائض عمالة بمجالات الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات، ولكن في الواقع شركات الاستثمار في هذه المجالات تعاني للحصول على عمالة مؤهلة بالسوق المصري في تلك التخصصات، فيجب ألا تنخدع الحكومة في أرقام مزيفة كأن يكون عدد العاملين بالمجال مثلًا 300 ألف في حين المؤهل منهم أقل بكثير، لاسيَّما وأن الكفاءات في تلك التخصصات يلجأون إلى العمل عن بعد بالسوق الخارجي من داخل مصر، أو أن يسافر إلى الخارج، ما يعني أن هناك أزمة في السوق المحلي في تلك التخصصات.
حرية الدخول والخروج من سوق عمل الحوسبة والبرمجيات وتكنولوجيا المعلومات، عبر البرامج التدريبية أو برامج تحويل المسار تضر بسوق العمل وتؤدي إلى عزوف المستثمرين في مجال صناعة التعهيد، وفقًا لما يوضح الدكتور أحمد الدسوقي.
معايير مُنَظِمة
ويتخوف من أن تؤدي برامج تحويل المسار المهني المرتقبة، إلى خلق فائض عمالة في مجالات الحوسبة وتكنولوجيا المعلومات، ونقل الأزمة من خريجي التخصصات التقليدية إلى تخصصات برامج التحويل تلك.
وأشار «الدسوقي» إلى أنه لضمان تخريج عمالة مؤهلة بالحد الأدنى -على الأقل- من متطلبات المهنة في مجالات تخصصات برامج تحويل المسار، يجب على وزارة التعليم العالي والقائمين على برامج تحويل المسار أن يتم وضع معايير تضمن نجاح تلك السياسة التعليمية الجديدة وتحقق الغرض منها، مع العلم أنه لا يمكن تأهيل نسبة 100% من خريجي تلك البرامج بكفاءة خريجي التخصصات الأكاديمية ذاتها، ولكن التخطيط الجيد لها يمكن أن يثمر عن تأهيل بصورة جيدة لنحو من 60 لـ70% من خريجيها، بحيث يكونون قيمة مضافة فعلية بالسوق ويستطيعون المنافسة.