علي الهواري يكتب: معركة الدين والإخلاق والإلحاد بين العلمانيين وشيخ الأزهر

انتقد عدد من رموزالتيار العلماني التصريحات التي أدلى بها فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، خلال جلسة نقاشيَّة مع عددٍ من أبرز الإعلاميين العرب، على هامش مشاركة فضيلته في قمة الإعلام العربي بدبي، والتي قال فيها، أن «مرجعية الأخلاق هي الدين وليس للعقل البشري المتقلب، الدين هو الذي يثبت الأخلاق، ولا ينبغي إسناد المرجعية الأخلاقية إلى العقل وحده».
فقد كتب المفكر والطبيب الدكتور خالد منتصر بوستا مطولا على صفحته على الفيس بوك قال فيه: #هل_الدين_هو_مصدر_الأخلاق_الوحيد؟..قضية فلسفية كبرى هل الدين هو مصدر الأخلاق أم العقل ؟؟.. في كلمة واحدة حاسمة يحسمها فضيلة شيخ الأزهر لصالح الدين مهاجمًا العقل كمصدر أخلاقي، لأنه متغير وبشري.. واسمح لي فضيلتك مع كامل الاحترام لشخصك، أن أقول أن تلك هي أسباب قوة مرجعية العقل، أنه متغير يحترم تغير الأزمنة والعصور، وبشري يتعامل مع بشر لا ملائكة، ومجتمعات لا روبوتات أو يوتوبيات، الدين ليس مصدر الأخلاق الوحيد، والعقيدة ليست منبع الضمير المتفرد يا فضيلة الشيخ، لعدة أسباب:
•هناك دول بلا دين ( سماوي) مثل اليابان أو مساحة الدين عندهم محدودة جدًا مثل السويد، والوازع الأخلاقي عندهم قوي جدًا، والقيم الأخلاقية من صدق وعدل وعمل خير وتكافل..الخ راسخة أكثر من بلاد تصرخ بالطقوس الدينية، والضمير حاضر بقوة وبدون رقيب معمم أو شرطة نهي عن المنكر.
* كثير من القيم الأخلاقية ومظاهر الضمير اليقظ موجودة بالفطرة حتى عند الأطفال والمجتمعات البدائية، بعرفون أن القتل خطيئة والسرقة سطو على حق آخر، وتتطور الأخلاق بتطور الزمن.
•ما تطلقون عليه المجتمع الجاهلي، وأنا أسميه مجتمع أو عصر ما قبل الاسلام، كانت لديه قيم أخلاقية رفيعة مثل المروءة والشهامة واحترام المواثيق والكرم واغاثة الجار..الخ، ولم يكن عاريًا من الأخلاق كما يصوره البعض.
* القيم الأخلاقية في أحيان كثيرة متغيرة، وما كان أخلاقيًا في الماضي من الممكن جدًا ألا يكون أخلاقيًا في الحاضر ، ومن الوارد أن يتغير في المستقبل،
* أمثلة:
*الرق كان في الماضي أخلاقيًا ومقبول دينيًا بل وله تشريعات ومثله سبي النساء والدخول بهن وتوزيعهم كغنائم، ونظام الجواري اللاتي من العادي والأخلاقي أن يمارس سيدها الجنس معها رغمًا عنها ويبيعها ويتفحصها في السوق..الخ دون أي شعور بالذنب، اليوم في نظامنا الأخلاقي المعاصر هذه جرائم وحشية.
* الجزية قديمًا كانت أخلاقية ومشرعنة وواجبة وفريضة على أصحاب الدين المخالف، الآن في النظام الأخلاقي الحديث هي تصرف عنصري غير مقبول.
* حد الردة كان من ضمن المنظومة الأخلاقية ، هو لا يتناسب أخلاقيًا الآن مع حرية العقيدة، وأيضًا العقوبات الجسدية كالرجم والجلد وقطع اليد..الخ تدان الآن طبقًا للمنظومة الأخلاقية الحديثة……
•وضع المرأة والنظر اليها والتعامل معها ككائن أدنى في كثير من التشريعات والآراء الدينية، غير مقبول أخلاقيًا الآن، يحكم التعامل معها مبدأ المساواة.
……الخ
•الحكم الأخلاقي الذي نتفرد به كمسلمين للمجتمعات الغربية أو غير المتدينة، وادانتها من خلال الخمر وزي المرأة وحرية العلاقات، والتي نعتبرها ترمومتر الحرارة الأخلاقية الوحيد، وميكرسكوب فحصنا لمستوى الأخلاق عندهم، هي أحكام تخصنا فقط ولا تعني اطلاقًا أن تلك المجتمعات المعتمدة على عقلها كمصدر أخلاقي هي مجتمعات بلا أخلاق، فنحن ننظر إلى تلك المسائل فقط، ونتناسى ونتجاهل احترامهم للنظام وعدم الكذب واعتباره أكبر الجرائم، تعاملهم مع الطفل وكبير السن بكل تبجيل، واحترام حرية الرأي والتفكير …الخ.
مختلف مع هذا الطرح كما اختلفت مع طرح الداعية الذي أكد على أنه لولا الإسلام لنكحنا أمهاتنا !!، وكما اختلفت مع الشيخ الذي وصف العقل بالحمار الذي ما أن نصل إلى باب البيت فعلينا ربطه،
كل التحية لفضيلتكم، وما زال العقل عندي هو طوق نجاة وبر أمان لوطن يريد صناعة مستقبل يجد فيه مكانًا في المقدمة لا أن ينزوي مهملًا في الظل.
أما المفكر والكاتب الصحفي اسماعيل حسني فقال في بوست على صفحته على فيس بوك: لا يا فضيلة الشيخ الدين ليس مصدر الأخلاق، فالأخلاق وجدت ونظر فيها الفلاسفة قبل ظهور الأديان، لأن مصدر الأخلاق هو العقل القادر على التمييز بين الحسن والقبيح..وهناك دول ومجتمعات بلا دين سماوي أو غير سماوي مثل اليابان وأهلها يتميزون بوازع أخلاقي قوي لإنهم يقومون بتربية ضمير أبنائهم على حب الفعل الحسن وكراهية الفعل القبيح دونما حاجة إلى عقيدة دينية وطقوس تعبدية..
وهذه الدول اليوم أكثر تقدما من بلادنا في جميع المجالات العلمية والإجتماعية وشعوبها أكثر إلتزامًا من شعوبنا بأخلاقيات التعامل والقوانين.
وكانت الكاتبة الصحفية سحر الجعارة، زوجة الدكتور خالد منتصر، قد كتبت يوست، على صفحتها على الفيس بوك، قالت فيه: حزب (لولا الاسلام لنكحت أمي ).. دول عندهم عقدة أوديب وبيعشقوا المحارم .. وتعالي يا #محمد_أبو بكر يا من تباهي بالتشدد والتطرف والاستغراق في الجنسية نسأل أي قاضي في أقوالك.
وفي التعليقات أرفقت فيديو للداعية الإسلامي وليد إسماعيل، الذي سأله المذيع: هل الذي يمنعك من النوم مع أمك هو الإسلام؟ فأجاب: نعم الاسلام.
وسأله المذيع المذيع مرة أخرى: هل لو كنت غير مسلم كنت نمت مع أمك؟
أجاب الشيخ وليد إسماعيل: نعم، لو مكنتش مسلم وكنت ملحد مفيش عندي حرمات ومكانش حد هيحاسبني، نمت مع أمي، نمت مع أبوي، نمت مع أختى، نمت مع عمتي، نمت مع خالتي، مفيش حد هيحاسبني.
فهل هناك علاقة بين الدين والأخلاق؟
هذا السؤال سنحاول أن نجيب عليه من خلال الملحدين أنفسهم، وكذلك من خلال بعض الأدلة العقلية التي يؤمن بها الملحدون؟.
إذا لم يكن الإله موجودا فكل شيء مباح
في مناظرته الشهيرة مع الداعية حمزة تزورتيس سُئل الفيزيائي الشهير الملحد لورنس كراوس: "لماذا يُعتبر زنا المحارم خطأ؟" فردّ قائلا: "ليس من الواضح بالنسبة إليّ أنه خطأ!"، ولاقى الردّ استهجان الجمهور بشكل كبير.
يعترف الفيلسوف الوجودي الملحد جان بول سارتر بهذه المشكلة قائلا: "يجد الوجودي حرجا بالغا في ألّا يكون الله موجودا، لأنه بعدم وجوده تنعدم كل إمكانية للعثور على قيم في عالم واضح".
الملحد الشهير ريتشارد دوكنز يتسق مع إلحاده ويلتزم بمآلاته، فيرفض صبغ الوجود ككلّ بأية صفة قيمية على الإطلاق، فيقول مقرّا بمشكلة النسبية الأخلاقية: "في هذا العالم لا يوجد شر ولا يوجد خير، لا يوجد سوى لامبالاة عمياء وعديمة الرحمة".
الباحث الأمريكي اللاأدري ديفيد برلنسكي يوضّح مقولة دوستويفسكي: "إذا كان الإله غير موجود فكلّ شيء مباح" ويقول شارحا: "فإذا لم تكن الواجبات الأخلاقية مأمورة بإرادة الله، ولم تكن في الوقت ذاته مطلقة، فإن (ما ينبغي أن يكون) هو ببساطة ما يقرّره الرجال والنساء. لا يوجد مصدر آخر للحكم. هل هذه إلا طريقة أخرى للقول بأنه ما دام أن الإله غير موجود، فكل شيء مباح؟".
يقول بعض الباحثين والمفكرين في الأديان، أنه من الواضح أنه لا يوجد هناك دستور أخلاقي ثابت أو مرجعية قيمية مطلقة عند الملاحدة، ومن ثمّ فإن الالتزام بلوازم الإلحاد ومقتضياته يجعل الملحد ساقطا في نسبية لانهائية من القيم، الأمر الذي يؤدّي إلى إيمان الملحدين ببعض الأخلاقيات الصادمة، مثل تصريح لورنس كراوس بإيمانه بصحّة زنا المحارم في مناظرته مع حمزة تزورتيس.
أمّا ريتشارد دوكنز فقد صرّح في تغريدة له على موقع تويتر بأن الإجهاض فعل أخلاقي ومشروع ما دام ليس هناك ألم، وبرّر ذلك قائلا: "لأن الجنين في بطن أمّه هو أقل إنسانية من أي خنزير بالغ" (19). تعرّض دوكنز للنقد بشدّة عند نشره لهذه التغريدة وحاول أن يوضح مراده في عدّة تغريدات لاحقة، لكن تغريداته ظلّت غامضة وغير مفهومة.
في نفس الإطار يرى الملحد الأسترالي وأستاذ الفلسفة الأخلاقية بيتر سنجر أن ممارسة البشر للجنس مع الحيوانات والبهائم ما دام لا تتضمّن أذيّة من أي نوع للحيوان هو أمر طبيعي ومقبول في إطار حميمية العلاقة بين الحيوانات والإنسان، وبالنسبة إليه: "فلا خطأ في ذلك على الإطلاق، بل إنه أمر محمود ما دام يؤدي إلى استمتاع الطرفين: الحيوان والإنسان". هل معنى ذلك أن الملاحدة كلهم لاأخلاقيّون؟ بالطبع لا، يقول فرانك توريك: "لا أقول بأن الملاحدة لا يعرفون الأخلاق وإنما أقول إنهم لا يمكنهم تبرير الأخلاق. نعم يمكنهم التصرّف بخُلق ويمكنهم الحكم على بعض الأفعال بأنها أخلاقية أو لاأخلاقية، لكنهم لا يستطيعون توفير قاعدة موضوعية لأحكامهم الأخلاقية.
وأيا ما كان الأمر: الهولوكوست، الاغتصاب، ذبح الأطفال، أو أكل الأطفال، فلا يوجد لدى الملحدين معيار موضوعي للحكم على أي منهم". وهو الأمر الذي قرّره كذلك علي عزت بيجوفيتش قائلا: "يوجد ملحدون على خلق، ولكن لا يوجد إلحاد أخلاقي".
وأنا أقول، في بلادنا الطفل قبل أن يدرك وجود الله، عندما يخطأ يخوفونه بالعفريت أو العسكري أو اللسع بالنار حتى لا يفعل الخطا مرة أخرى، وهذا يؤكد على ضرورة وجود مرجعية تجعل هذا الطفل لا يكرر الخطأ مرة أخرى، مهما كان شكل هذه المرجعية.
وأنا أتساءل: من الذي يمنع دولة من الاعتداء على دولة أخرى؟.
الإجابة: أن هذه الدولة تمتلك قوة عسكرية فتاكة، أو لديها أسلحة نووية أو أسلحة دمار شامل، وهو ما يسمى بقوة الردع، تجعل الدول الأخرى تفكر ألف مرة قبل الإعتداء عليها.
ما الذين يمنع الإنسان أن يقتل أو يزني أو يسرق أو يكذب أو يظلم؟
الإجابة: الدين، الذي وضع عقوبات وجزاءات للمحسنين والمسيئين، وجعل هناك جنة ونار، وحساب وعقاب.
وأختم بمقولة: الحرية المطلقة مفسدة مطلقة.