القاهرة تستعد للجولة الثانية من مؤتمر القوى السياسية..
3 تحديات تهدد تحركات مصر لوقف الحرب فى السودان

وزير الخارجية: مصر تدعم أمن واستقرار السودان وتؤكد ضرورة الاستجابة الإنسانية للتطورات به
خبير بالشؤون الإفريقية: قرار وقف الحرب بالسودان ليس قرارًا مصريًا
قرنى: ربط الحوار المدنى السودانى المرتقب بالقاهرة بإمكانية وقف الحرب بعيد تمامًا عن فلسفته
رمضان قرنى: المتغيرات التي طرأت على الحرب السودانية يمكن أن تكون حافزا للقوى السياسية
مساعد وزير الخارجية الأسبق: الرؤية المشتركة بين القوى السودانية كلمة سر نجاح الجولة الثانية من المؤتمر المرتقب
«هريدى»: موقف مصر تجاه الأزمة السودانية يتمثل في دعوة كل السودانيين إلى كلمة واحدة وإعلاء مصالح الوطن
السفير حسين هريدى: الحديث عن إعادة إعمار السودان حاليًا وطرحه غير واقعى بالمرة.. والأولى إنهاء الحرب
لاتزال تسعى مصر في حل الأزمة السودانية والتوفيق بين القوى السياسية والمدنية بالشقيقة السمراء، من خلال استضافة جولة ثانية من مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية -رغم تجاهل توصيات الجولة الأولى- بالتزامن مع جهود وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطي، في هذا الملف من لقاءات واجتماعات.
مساعي مصر تلك لإنهاء أزمة السودان، يقابلها متغيرات عدة طرأت على الحرب الطاحنة بين القوى المتحاربة، ما يثير تساؤلات عدة بشأن العقبات التي ستواجه الجولة الثانية من الحوار المرتقب بالقاهرة؟ وهل ستنجح مصر في إنهاء مأساة السودان وإتمام التوافق بين القوى السياسية والمدنية هناك؟ وما الملفات المتوقع التركيز عليها في النسخة الثانية من المؤتمر؟
قرار سوداني
قرار وقف الحرب بالسودان -بطبيعة الحال- ليس قرارًا مصريًا، ولكنه قرار سوداني بالأساس، ولا يتعلق أيضًا بالقوى السياسية المُشاركة في الحوار، خاصة وأنها قوى مدنية في أغلبها وطبيعتها، وعليه قرار وقف الحرب يتعلق بدرجة كبير ما بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ما يعني أن ربط الحوار المدني المقرر عقده في القاهرة بإمكانية وقف الحرب، بعيدة تمامًا عن مجريات المؤتمر المرتقب، وعن فلسفة الحوار في القاهرة وفلسفة اجتماع القوى المدنية والسياسية السودانية، حسبما يؤكد الخبير في الشؤون الإفريقية بالهيئة العامة للاستعلامات الدكتور رمضان قرني، في حديثه مع «النبأ الوطني».
وشهدت القاهرة في السادس من يوليو 2024، مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية، والذي جمع تكتلات سياسية رئيسية لأول مرة منذ اندلاع الحرب، بينها «قوى الكتلة الديمقراطية»، و«قوى الحراك الوطني السوداني»، و«فصيل من قوى الحرية والتغيير»، وعدد من الشخصيات السودانية المستقلة.
وجود رؤية مشتركة وإرادة سياسية تُعلي مصلحة الوطن والشعب السوداني فوق كل المصالح الفئوية الطبقية، هو كلمة سر نجاح الجولة الثانية من مؤتمر القاهرة المرتقب، من وجهة نظر مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير حسين هريدي، في حديثه مع «النبأ الوطني».
مصر والأزمة السودانية
موقف مصر من الأزمة في السودان يؤكد انحيازها ودعمها لأمنه واستقراره في المقام الأول، مع تأكيدها ضرورة دعم المؤسسات السودانية والحفاظ عليها، وتكثيف جهود الاستجابة الإنسانية للتطورات في السودان، وهذا ما أكده وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطي خلال لقائه المبعوث الشخصي لسكرتير عام الأمم المتحدة للسودان رمطان لعمامرة، لبحث التطورات السياسية والميدانية في السودان، 30 أبريل الماضي.
لم يتوقف دور مصر وموقفها من الأزمة عند هذا الحد، إلا أنها حريصة على إنهاء معاناة السودانيين، عبر التفاعل مع الجهود الإقليمية والدولية الهادفة لوقف إطلاق النار، وفقًا لـ«عبدالعاطي».

لطالما أكدت مصر ضرورة البحث عن حلول سودانية للوضع في السودان، ما جعلها وتبنت شعار «حوار سوداني- سوداني» للبحث عن مخرجات ما بعد الحرب، خصوصًا وأنها تعلم جيدًا أن الحرب بطبيعتها ستتوقف في لحظة ما، ولكن لا نعلم متى لارتباطها بمتغيرات كثيرة، وبالتالي مصر تركز في الأساس على بناء الدولة السودانية ما بعد وقف الحرب، حسبما الخبير بالشؤون الأفريقية الدكتور رمضان قرني.
بينما يرى مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الموقف المصري تجاه الأزمة السودانية ثابت منذ اللحظة الأولى، والذي يتمثل في دعوة كل السودانيين إلى كلمة واحدة، والالتفاف وإعلاء مصالح الوطن.
لقاء «العمامرة» ذلك الذي تزامن مع استعداد القاهرة لعقد جولة ثانية من مؤثمر القوى السياسية والمدنية السودانية، سبقه أيضًا لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، حسبما أفادت الجامعة العربية.
مبعوث سكرتير الأمم المتحدة أشار خلال اللقاء إلى تحديات تواجه الجهود الدبلوماسية بالسودان، وتطرق إلى مستجدات الوضع بالسودان، لاسيَّما بعدما طرأ متغيرات كثيرة على الحرب، عسكرية في المقام الأول في مقدمتها استعادة القوات المسلحة السيطرة على العاصمة الخرطوم، وشدد على ضرورة التنسيق بين الأمم المتحدة والجامعة العربية لضمان فعالية المبادرات الدولية.

تطور سريع
يرى «قرني»، أن قراءة المتغيرات العسكرية والاستراتيجية، تشير إلى صعوبة وقف الحرب في هذه اللحظة الراهنة، لاسيَّما مع تمسك طرفي الحرب في السودان بما يسمى بالمعادلة الصفرية، والتي يريد فيها كل طرف تحقيق أكبر قدر من المكاسب.
ويضيف، أن القوات السوادنية وضعت شرطًا رئيسًا لوقف الحرب، بأن تسلم قوات الدعم السريع السلاح وأن تخرج من المناطق التي سيطرت عليها، وهو ما لا تعترف به «الدعم السريع»، بل ذهبت إلى ما أبعد من ذلك باتهامها القوات المسلحة السودانية «الشرعية» بأنها مغتصبة للسلطة.
عقبات أمام الحوار
الجولة الثانية من حوار القاهرة المنتظر، ستواجه الكثير من العقبات والتحديات التي فرضتها متغيرات عدة طرأت على الحرب، والتي كان أبرزها استمرار العمليات العسكرية والتطور النوعي بها، لاسيَّما وأنه عقب سيطرة الجيش السوداني على العاصمة الخرطوم ومطارها، وفقًا لـ«قرني».
ويصف استخدام ميليشيا الدعم السريع للمسيَّرات بـ المُتغير النوعي -إن جاز التعبير- وهذا المتغير سيطيل أمد الحرب، باعتبار أن ميليشيا الدعم السريع يحاول شد أذرع الجيش بعيدًا عن دارفور وكردفان.
متغير آخر قد يؤثر على حوار القاهرة، يتمثل في تحالف بعض السياسية مع الدعم السريع، فيما يسمونه بتحالف «تأسيس»، والذي ضم مكونات سياسية مختلفة، وبدأت يطرح فكرة في منتهى الخطورة، وستؤثر على مستقبل السودان، وهي فكرة الحكومة الموازية أو حكومة السلام والوحدة كما يطلقون عليها.
رغم أن كل تلك المتغيرات ستفرض تحديات سياسية وعسكرية مهمة على الحوار المرتقب، إلا أنها ستكون حافز للقوى السودانية التي ستجتمع في القاهرة للتسريع في تنفيذ مخرجات الجولة الأولى من الحوار، وتسريع إنفاذ ما سيخرج عنه حوار القاهرة في جولته الثانية، حسبما يؤكد الدكتور رمضان قرني.
توصيات منسية
البيان الختامي للجولة الأولى من مؤتمر القوى السودانية، تضمن توصيات في 3 مسارات رئيسة، وهي وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية للحل، إلا أن تلك التوصيات ضُرب بها عرض الحائط ولم تلتفت لها أيٍ من القوى السودانية، ما زاد الأزمة تعقيدًا.
يقول السفير حسين هريدي، إنه قبل البدء في الجولة الثانية المرتقبة، لا بد من تقييم نتائج الجولة الأولى ومدى تحققها على أرض الواقع، ما تحقق منها وفي حال لم يتحقق بعضها أو تم تأجيلها فما السبب، فلا يصح بدء جولة ثانية من الصفر، دون تشريح نتائج وتوصيات الجولة الأولى.
ويجب أن يكون البند الأول على جدول أعمال الجولة الثانية من حوار القاهرة، هو تقييم نتائج الجولة الأولى، والنظر إلى ما نجح السودانيين في تحقيقه من التوصيات الأولى وبماذا فشلوا ولماذا، وبغض النظر عن الخطب والتوصيات فإن الشعب السوداني يواجه الآن تحديات وجودية أما مشهد يثير العديد من علامات الاستفهام بعد دمار الهوية الوطنية وضياع الشرعية، فهل سينجح في إعادة بناء شرعية جديدة! وفقًا لـ«هريدي».

ملفات مهمة
أجندة الجولة الثانية من الحوار، ستشهد ملفين مهمين للغاية، الأول متعلق بإعادة إعمار السودان، والثاني متعلق بدور القوى السياسية السودانية بتشكيل مستقبل السودان، خصوصًا وأن القوات المسلحة السودانية أعلنت أنها ستشرع في تشكيل اهذه الرؤية والدستور الدائم للسودان بالتعاون مع الشركاء من القوى المدنية، وفقًا لرؤية خبير الشؤون الأفريقية الدكتور رمضان قرني.
ويرى، أن أهمية طرح ملف إعادة إعمار السودان في حوار القاهرة، جاءت بعد حديث الحكومة والقوات المسلحة السودانية عن أهمية مشاركة جميع القوى المدنية والمجتمعية في إعادة الإعمار، خصوصًا وأنها لا ترتبط بالشأن العسكري أو الشأن الحكومي، ولكنها تتعلق بمستقبل البلاد.
جانب آخر -من وجهة نظره- يزيد من أهمية طرح ملف إعادة الإعمار بالحوار المرتقب، يتمثل في ما أعلنه الجيش السوداني والحكومة السودانية في أكثر من مناسبة عن تصورات لإعادة بناء السودان، لإدماج المجتمع المدني في العملية السياسية وأهمية دور المرأة والشباب، لاسيَّما وأن هذه المحاور كانت السمة العامة التي غلبت مؤتمر القاهرة في جولته الأولى، حسب وصفه.
شعارات غير واقعية
الحديث عن إعادة إعمار السودان في الوقت الراهن، وطرحه في الحوار المرتقب، أمر غير منطقي وغير واقعي بالمرة، فمن الأولى التركيز على إنهاء الحرب أولًا، وإيجاد حكومة ونظام سياسي يتمتع بشرعية راسخة، ثم يأتي الحديث عن الإعمار، لاسيَّما وأنه لم يتم الأخذ بتوصيات الجولة الأولى من الأساس، بخلاف تصميم الأطراف المتحاربة على الاستمرار على طريق الاحتراب الداخلي، وبالتالي الحديث عن الإعمار عبث، حسبما يصف السفير حسين هريدي.
ويختتم «هريدي»، حديثه بأن إعادة إعمار السودان أهداف بعيدة المدى، يمكن الحديث عنها في إطار شعارات، لكن لا أحد يستطيع القول بأنها قابلة للتنفيذ في الوقت الراهن، ويتساءل: من سيضع مشاريع إعادة الإعمار؟ ومن سيمولها ومن سيشرف على تنفيذها؟ ورغم أن هذه التساؤلات مطلوبة؛ إلا أنه لا يمكن الإجابة عليها الآن، خصوصًا وأن المعارك مازالت دائرة.