رئيس التحرير
خالد مهران

المستشار وليد عز الدين يكتب: الإطار التشريعى لمحاربة الغش التجارى فى القانون المصرى

المستشار وليد عز
المستشار وليد عز الدين

الغش التجاري هو كل عمل يهدف إلى تغيير أو تعديل على الأساس الطبيعي لمادة أو سلعة معدة للبيع وينال من جوهرها الأصلي أو من خواصها الأساسية ويدخل ضمن مفهوم الغش التجاري إخفاء عيوب السلعة أو إكسابها مظهرًا آخر يختلف عن الحقيقة، ويكفي أن يقع الغش بأي وسيلة تؤدي إلى الخداع ولو لم يتحقق ضرر فعلي.

ويُعد الغش التجاري أحد أخطر الجرائم الاقتصادية التي تهدد ثقة المستهلك وسلامته وتخل بمبدأ المنافسة الشريفة في السوق، وقد أولى المشرع المصري هذه الجريمة عناية خاصة نظرًا لآثارها الضارة على الاقتصاد وصحة المواطنين.

أسباب انتشار ظاهرة الغش التجاري:
يرتبط الغش بوصفه سلوكًا إجراميًا بانعدام القيم واختلال الضمائر والبعد عن الدين والأخلاق، وتفاقمت ظاهرة الغش التجاري نتيجة الانفتاح الاقتصادي وحرية المعاملات التجارية والصناعية وزيادة المنتجات الصناعية، وعمل البعض على تحقيق الربح غير المشروع بأي وسيلة مع عدم الاكتراث بصحة ومصالح المواطنين.

ويدفع ضعف القدرة الشرائية وتراجع المبيعات بعض التجار إلى الغش لبيع منتجات أرخص لمكونات غير مطابقة للمواصفات القياسية.

محاربة المشرع المصري للغش التجاري:
أصدر المشرع المصري القانون رقم (48) لسنة 1941 وهو قانون قمع الغش والتدليس، وأدخل عليه عدة تعديلات متتالية لمحاربة الغش التجاري وملاحقة صوره المتعددة، وقد اعتبر المشرع المصري الأغذية مغشوشة في الحالات الآتية:

إذا كانت غير مطابقة للمواصفات المقررة.

إذا خلطت أو مزجت بمادة أخرى تُغيّر من طبيعتها أو جودة صنعها.

إذا استُعيض جزئيًا أو كليًا عن أحد المواد الداخلة في تركيبها بمادة أخرى تقل عنها جودة.

إذا نُزع جزئيًا أو كليًا أحد عناصرها.

إذا احتوت على أية مواد ملوثة أو حافظة أو إضافات غير ضارة بالصحة لم ترد في المواصفات المقررة.

إذا احتوت كليًا أو جزئيًا على عناصر غذائية فاسدة نباتية أو حيوانية سواء كانت مصنّعة أو خامًا، أو إذا كانت من منتجات حيوان مريض أو نافق.

إذا كانت البيانات الموجودة على عبواتها تخالف حقيقة تركيبها، مما يؤدي إلى خداع المستهلك أو الإضرار الصحي به.

ويُعتبر الغش ضارًا بالصحة إذا كانت المواد المغشوشة أو كانت المواد التي تُستعمل في الغش ضارة بصحة الإنسان.

وقد عمل قانون حماية المستهلك على تجريم أي فعل أو امتناع من جانب المنتج أو مضلل لدى المستهلك أو يؤدي إلى وقوعه في خلط أو غلط.
وألزم قانون حماية المستهلك المورد أو المُعلن إلى تجنب أي سلوك خادع يؤدي إلى خداع أو تضليل المستهلك.

عقوبة الغش التجاري:
حدد القانون المصري عقوبات ضد من يرتكب جريمة الغش والتدليس في البضائع أو السلع التجارية، ووضع القانون عقوبات ضد الخداع أو الشروع في الخداع، وجاءت العقوبات كالتالي:

أولًا:
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأي طريقة من الطرق في إحدى الأمور الآتية:

حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة وبوجه عام العناصر الداخلة في تركيبها.

نوع البضاعة أو منشؤها أو أصلها أو مصدرها في الأحوال التي يُعتبر فيها بموجب الاتفاق أو العرف النوع والمنشأ أو الأصل أو المصدر المسند غشًا إلى البضاعة سببًا أساسيًا في التعاقد.

عدد البضاعة أو مقدارها أو مقامها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها أو عيارها.

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتُكبت الجريمة أو شرع في ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو قياسها أو كيلها أو فحصها غير صحيحة.

ثانيًا:

يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر.

كل من غش أو شرع في أن يغش شيئًا من أغذية الإنسان أو الحيوان أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو من الحاصلات الزراعية أو المنتجات الطبيعية أو من المنتجات الصناعية معدًا للبيع، وكذلك كل من طرح أو عرض للبيع أو باع شيئًا من هذه الأغذية أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات أو منتجات مغشوشة أو فاسدة أو انتهى تاريخ صلاحيتها مع علمه بذلك.

كل من صنع أو طرح أو عرض للبيع أو باع مواد أو عبوات أو أغلفة مما يُستعمل في غش أغذية الإنسان أو الحيوان أو العقاقير الطبية أو الأدوية أو الحاصلات الزراعية أو المنتجات الطبيعية أو المنتجات الصناعية على وجه ينفي جواز استعمالها استعمالًا مشروعًا أو بقصد الغش، وكذلك كل من حرّض أو ساعد على استعمالها في الغش بواسطة كراسات أو مطبوعات أو بأي وسيلة أخرى من أي نوع كانت.

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز أربعين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، إذا كانت الأغذية أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات الزراعية أو المنتجات المغشوشة أو الفاسدة أو التي انتهى تاريخ صلاحيتها أو كانت المواد التي تُستعمل في الغش ضارة بصحة الإنسان أو الحيوان.

وتُطبق تلك العقوبات ولو كان المشتري أو المستهلك عالمًا بغش البضاعة أو بفسادها أو بانتهاء تاريخ صلاحيتها.

ثالثًا:

يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو إحدى هاتين العقوبتين كل من حاز بقصد التداول لغرض غير مشروع شيئًا من الأغذية أو الحاصلات أو المنتجات أو المواد المشار إليها.

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر إذا كانت الأغذية أو الحاصلات أو المنتجات أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية المشار إليها ضارة بصحة الإنسان.

العقوبة في حال استيراد منتجات مغشوشة:
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة وعشرين ألف ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، كل من استورد أو جلب إلى البلاد شيئًا من أغذية الإنسان أو الحيوان أو من العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو من الحاصلات الزراعية أو المنتجات الطبيعية أو الصناعية يكون مغشوشًا أو فاسدًا أو انتهى تاريخ صلاحيته مع علمه بذلك.

العقوبة في حال إصابة شخص بعاهة مستديمة:

إذا أُصيب شخص بعاهة مستديمة ناتجة عن الغش التجاري في السلع، تكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن خمسة وعشرين ألف جنيه ولا تجاوز أربعين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر.

أما إذا نشأ عن الجريمة وفاة شخص أو أكثر، تكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر.

عقوبة الشخص المعنوي جنائيًا:
دون الإخلال بمسؤولية الشخص الطبيعي المنصوص عليها في القانون المصري، يُسأل الشخص المعنوي جنائيًا عن الجرائم المنصوص عليها في قانون قمع الغش والتدليس إذا وقعت لحسابه أو باسمه أو بواسطة أحد أجهزته أو ممثليه أو أحد العاملين لديه، ويجوز للمحكمة أن تقضي بوقف نشاط الشخص المعنوي المتعلق بالجريمة لمدة لا تزيد على سنة، وفي حالة العود يجوز الحكم بوقف النشاط مدة لا تزيد على خمس سنوات أو بإلغاء الترخيص في المزاولة نهائيًا.