رئيس التحرير
خالد مهران

«النبأ» ترصد الأرقام والأرباح الوهمية..

العالم السري لشركات توظيف الأموال إلكترونيا

توظيف الأموال
توظيف الأموال

عقب إعلان البنك المركزي، خفض أسعار الفائدة بقيمة 2.25%، لأول مرة منذ 4 سنوات ونصف لتسجل 25% للإيداع و26% للإقراض، ظهرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«إكس – تويتر سابقًا»، تروج إلى أرباح خيالية لاستثمار الأموال مقابل عائد يصل إلى 500% سنويًا و30% شهريًا، حسب تحذيرات الخبراء.

وبحسب الدعاية الترويجية لهذه الصفحات، فإنها تقدم عائدًا شهريًا بقيمة 7500 جنيه، لمّن يدفع 50 ألف جنيه، على أن يتم صرفه بعد 52 يومًا فقط، ومّن يدفع 35 ألف جنيه يحصل على عائد شهري 5000 جنيه، كما يوجد استثمار بالدولار، حيث مّن يدفع 10 آلاف دولار يحصل على مقابل قيمته 1500 دولار شهريًا، أما مّن يدفع 5 آلاف دولار يحصل على عائد شهرى 600 دولار.

ولم يقف الأمر الترويجي، إلى حد الدعاية لعوائد سنوية أو شهرية فقط، بل هناك بعض الصفحات تقدم أرباحًا أسبوعية، وهو الأمر الذي أثار حالة من الجدل ودفع الخبراء إلى إطلاق تحذيرات، مطالبين المواطنين بعدم الانسياق وراء هذه الصفحات؛ خوفًا على أموالهم من النصب.

وتدعي هذه الصفحات، أنها شركات لتوظيف الأموال، ولكنهم في القانون يطلق عليهم «المستريحين»، والذي كان بداية نشاطهم في السبعينيات من القرن الماضي، بهدف جمع أموال مقابل عوائد مالية مرتفعة تفوق فائدة البنوك، ما ضاعف الإقبال عليها، بخاصة من العاملين في الخارج، حتى وقع خلاف في نهاية الثمانينيات بين تلك الشركات والدولة حين تم اكتشاف ضياع أموال المصريين وتحويلها للخارج بغرض المضاربة في البورصات العالمية.

القانون ومصير أموال المودعين

ووفقًا للمادة 21 من قانون 146 لسنة 1988 الخاص بالشركات العاملة في مجال تلقي الأموال واستثمارها، تكون عقوبة توظيف الأموال تصل إلى 10 سنوات سجن وغرامة تبدأ من 100 ألف جنيه أو مثل المبلغ الذي تمّ الاستيلاء عليه، بالإضافة إلى رد الأموال المستولى عليها.

ويعد مصير أموال المودعين لدى هؤلاء المستريحين غامضًا رغم إلقاء القبض على بعض المستريحين أو أصحاب شركات توظيف الأمال، حيث يصعب على كثير من الضحايا إثبات مقدار خسارته أو ما يملكه بعد الأرباح، في ظل اعتمادهم على الاتفاقات الشفهية والعرفية دون أي أوراق أو مستندات أو ضمان للمعاملات التجارية.

وفي هذا السياق، حذر هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، من انتشار بعض الإعلانات التي تستهدف الأفراد البسطاء باستثمارات تحقق عائدًا سنويًا يفوق الـ500% وأرباح تسدد أسبوعيًا، متسائلًا: «أين قانون توظيف الأموال؟».

وقال «توفيق»، إن هذا يعتبر نصبا علنيا، وعلى الأفراد تجنبه، مطالبًا الدولة بتطبيق القانون لإيقاف هذه الظاهرة التى انتشرت بشكل يفوق الوصف.

وأضاف: «الأيام القادمة صعبة اقتصاديًا، فاحترس من إعلانات توظيف الأموال فى مشروعات تعد بأرباح وهمية، كما يجب الحذر فى تعاملاتك مع أقرب الناس إليك، ولا تستثمر -حتى مع صديقك- دون دراسة مالية وقانونية وافية؛ لأنك فى النهاية قد تخسر استثمارك، أو صديقك، وعلى الأرجح الاثنين معًا».

ضعف الثقافة المالية

ومن ناحيته، قال هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، إنه لا يوجد ما يسمى بشركات توظيف الأموال، والمنتشر -حاليًا- ما هو إلا منصات وهمية للاحتيال الإلكتروني، تروج للاستثمار في مجالات مختلفة مثل تجارة المواشي والعقارات والذهب.

وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-: «يطلق عليهم أيضًا المستريح هو المحتال الذي يدعي أنه راجل أعمال كبير أو مستثمر ناجح، ويبدأ باقناع الأفراد بأرباح خيالية في حالة الاستثمار معه، بعائد يصل إلى 30% كل شهر أو مضاعفة المبلغ خلال عام».

وأشار «أبو الفتوح»، إلى أن المستريح يلعب على «الطمع» لدى البعض، خصوصًا مع تقديم أول عائد من الأرباح في الأيام الأولى للاستثمار، متابعًا: «بس الحقيقة إنه بياخد فلوس ناس جديدة عشان يدي بيها أرباح للناس اللي قبلهم، يعني شغله كله نصب على نصب، وده اللي بيتسمى علميًا (مخطط بونزي)، وبعد فترة، لما الفلوس تخلص ومع عدم دخول ناس جديدة يختفي أو بيقع في إيد الحكومة، والناس اللي استثمرت معاه بتكون خسرت كل تحويشة عمرها».

وواصل: «الوقت الحالي، هو الأنسب لنشاط هذه المنصاب الوهمية للاحتيال عبر الإنترنت، وخاصة بعد قرار بنكي مصر والأهلي الأخير بإيقاف الشهادات السنوية وخفض العائد على الشهادات الادخارية بنسبة 2%، حيث إن القرار سيؤثر بشكل ملحوظ على أصحاب الدخول الثابتة من المدخرين، يدفع البعض منهم للبحث عن بدائل أخرى قد تكون محفوفة بالمخاطر مثل قضايا (المستريح) وخاصة مع ضعف الثقافة المالية لدى بعض المدخرين يجعلهم عرضة لهذه العمليات».

وحول تجنب الوقوع في «فخ» المنصات الاحتيال، شدد على ضرورة تكثيف البنك المركزي وهيئة الرقابة المالية، حملات التوعية بعدم الانخداع والانسياق، إلى المخططات الاحتيالية التي تدعي توزيع أرباح خيالية تصل إلى 500%، والترويج إلى اللجوء للجهات الرسمية والمصرح لها بالتعامل مع الأموال والاستثمار.

وطالب الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي والرقابة المالية لتطوير قنوات استثمارية ملائمة لتقديم عوائد تناسب المدخرين وخصوصا من ذوي المدخرات الضئيلة وتلبية احتياجاتهم لتتناسب مع الضغوط التضخمية بعد خفض الفائدة.