رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

صراع العامية والفصحى يضع مسلسل "الحشاشين" في مرمى الجدل

الحشاشين
الحشاشين

على الرغم من النجاح الواضح لمسلسل الحشاشين، الذي يمثل سردية تاريخية، كاشفة لأسرار أول جماعة إرهابية في التاريخ الإسلامي، فإن العمل مازال في مرمى الجدل، ليس بسبب دقة أحداثه تاريخيا، ولا بسبب الحبكة الدرامية التي يقدم بها للمشاهد، وإنما بسبب اللغة التي استخدمها صناع العمل.

وبينما اعتبر فريق من النقاد أن قديم مثل هذا العمل المهم باللغة العامية، انتقاص من أهميته وقدرته على الإقناع، بوصف اللغة كالملابس والديكورات، لا بد أن تتوافق مع الفترة الزمنية لأحداث العمل حفاظا على مصداقيته، رأى فريق آخر أن التخلي عن تقديم المسلسل باللغة الفصحى، هو قرار جريء ينتصر لهدف أسمى وهو توصيل رسالة العمل لأكبر عدد من المتابعين بأسهل كلمات ممكنة، على اعتبار أن الألفاظ الدارجة أقرب للعقول.

ويبدو أن مسلسل الحشاشين سيبقى لفترة طويلة أحد أبرز الأعمال الدرامية المقدمة حديثا، لا بسبب موضوعه فقط، وإنما بسبب الطبيعة غير التقليدية للجدل المثار حوله، وارتباطه باللغة.

ويسلط العمل الضوء على حياة حسن الصباح، الشخصية الغامضة التي خلدت اسمها في التاريخ كمؤسس لجماعة الحشاشين، التي أثارت الرعب في قلوب الأعداء والأصدقاء على حد سواء​​​​.

جدل العامية والفصحى؟

بشير الديك: العامية أثرت سلبًا على مسلسل الحشاشين

قال الكاتب الكبير بشير الديك، إن اللغة العامية المصرية تصلح لأن تكون أساس لعمل فني بحجم مسلسل الحشاشين، ولكن شكل الصورة والأحداث يجعل اللغة العامية تؤثر سلبًا على العمل، لأن اللغة العامية تفكرنا دائمًا بأجواء مصر والقاهرة، والصورة تقول عكس هذا لأن الأحداث والأماكن تاريخية، وهذا تسبب في عدم تلقي جيد للموضوع بسبب اللغة العامية.

وأضاف بشير الديك في تصريح خاص لـ "النبأ"، أنه مع الرأيين المثارين حول العمل سواء القائل بأنه يجب استخدام اللغة العربية الفصحى حفاظا على المصداقية لإقناع المشاهد لأن هذه اللغة التي كانت تستخدم في هذه الحقبة الزمنية، والآخر الذي يفيد بأنه ليس من الضروري استخدام اللغة العربية، في سبيل إقناع وتوصيل الرسالة للمشاهد بطريقة سلسلة، مضيفًا: "أنا مع الرأيين أن تكون اللغة العربية لتساعد على توصيل الموضوع، ولكن هي فكرة أن هناك شيء ناقص، كيف استخدام اللغة العامية المصرية المعاصرة وأنا أتحدث عن أحداث تاريخية تحتوي على جبال وكهوف وغيرها، ومن وجهته نظري أنها تجعل المتلقي صعب".

وتابع: "عالم الحشاشين عالم خاص، وأعتقد أن اللغة العامية أضرته وأثرت بالسلب على التلقي للمسلسل من وجهة نظري، الصورة جيدة جدًا والممثلين والديكورات والصورة أيضًا، لكن لغة الحوار لم تكن متسقة مع التركيبة دي، وعبد الرحيم كمال أكيد لم يكتب العمل باللغة العربية وهم حولها للعامية، المكتوب مكتوب باللغة العامية ليصل لأكبر قدر من الجمهور بسهولة".

وأوضح بشير الديك: "يجب أن يكون هناك حفاظ على الأحداث خصوصًا التاريخية، وهناك شيء مُضر جدًا لفت انتباهي هذا العام من الموسم الدرامي، وهو الإعلانات ليس منطقي أن يكون كل 5 دقائق هناك إعلان مدته ربع ساعة، فهذا يفقد مصداقية العمل واندماج المتلقي".

واختتم قائلًا: "الصورة واللوكيشن والديكورات وشكل الممثلين الخارجي جيد جدًا، والمخرج بيتر ميمي والكاتب عبد الرحيم كمال هايلين وعاملين شغل حلو، ولكن في رأيي أن استخدام اللغة العامية أثرت سلبًا على العمل، بالإضافة إلى كثرة الإعلانات".

عاطف بشاي: كريم عبد العزيز مفتقر جدًا للإيقاع الموسيقي في اللغة العربية في الحشاشين

قال السيناريست الكبير عاطف بشاي: هناك شيء هام تم تجاهله من قبل النقاد، وهي أن الدراما التليفزيونية مثل السينما هي فنون مكانية زمنية، بمعنى أن الزمن والصورة المرئية عنصران أساسيان، حينما يتم التعرض لمسلسل يعود تاريخه للقرن الحادي عشر فهذا لا يمكن أن يكون بالعامية المصرية، هذا أمر بديهي".

واستكمل حديثه لـ "النبأ": أي شخصية في البناء الدرامي يكون لها شروط ومن ضمن هذه الشروط أن يكون هناك ثلاث أبعاد وهم اجتماعي ونفسي وجسدي أو مادي، ولا بد أن تعبر الشخصية عن بيئتها وطبقتها ولغتها ولهجتها، إذا لم تتم كل ما سبق فهذا عيب خطير جدًا في الدراما، وخلال فترة الفاطميين اللغة العربية".

وتابع: "وضمن الشخصيات التاريخية التي يرصدها المسلسل هي شخصية عمر الخيام وهو شاعر وعندما شاهدته في حلقتين من مسلسل الحشاشين ضحكت، فكيف يكون هناك مسلسل يحمل شخصيات هامة منهم الشعراء والأدباء ويتحدثون بالعامية، وهناك شيء أخر وهو أن النقاد مدانين لأنهم برروا ما حدث بأن استخدام اللغة العامية لكي يصل للعامة، لكن هذا يقودنا إلى مصيبة وهي آفة يعاني منها المجتمع المصري وهي تراجع اللغة العربية الفصحى والشباب الجديد يبدوا أنه يحتقرها ولم يحبها، لدرجة أنهم عملوا لغة جديدة يستخدمها الجيل الحالي تسيئ للغة العربية الفصحى والعامية أيضًا".

مشيرا إلى أنه من المفترض أن ارتفع بمستوى العامة وليس انخفض به، من الذي صرح بأن الرسالة لم تصل للمشاهد والجمهور باللغة العربية الفصحى، بالإضافة إلى أداء الممثلين بما فيهم البطل كريم عبد العزيز مفتقر جدًا للإيقاع الموسيقي الجميل الموجود في اللغة العربية، وأدائهم باهت نتيجة أن اللغة لم تساعدهم، فهناك انفصال وإحساس بالغربة".

ماجدة خيرالله: اللغة العامية هي وسيلة لتوضيح ما يدور في عقل كل شخص

كشفت الناقدة الفنية ماجدة خير الله عن رأيها في استخدام اللغة العامية في مسلسل الحشاشين، وقالت إن اللغة الفصحى يمكن أن تحمل عمل فني بحجم الحشاشين، لافتة إلى أن الأحداث التي تحدث في إيران أو مناطق قريبة منها لماذا نستخدم اللغة العربية الفصحى!".

وقالت ماجدة خيرالله لـ "النبأ" إن اللغة العامية هي وسيلة لتوضيح ما يدور في عقل كل شخص، والكلام مفهوم لدى المتفرج وهذا هو المقصود، ولكن هل يمكن استخدام اللغة العربية الفصحى كما كانت تستخدم ونقول "ثكلتك أمك، ويحك"، فالأمر سيتحول إلى ضحك، وهناك عدة أعمال في العالم أجمع تستخدم اللغة الدارجة.

وأشادت الناقدة الفنية بالحشاشين، قائلة: "مسلسل مصنوع بشكل جيد ومن الأعمال الفاخرة في موسم دراما رمضان 2024".

الغوص في تاريخ الرجل الغامض

يغوص المسلسل في العمق التاريخي لإحدى أشهر الجماعات الإسلامية التي لفتت انتباه العالم بأساليبها ونفوذها خلال القرن الحادي عشر، مستكشفًا حياة مؤسسها، حسن الصباح الذي حسن في مدينة قم، لينتقل بعدها ويترعرع في مدينة الري، مركز نشاطات الطائفة الإسماعيلية، ومن هناك بدأ رحلته الطويلة التي قادته أخيرًا إلى قلعة ألموت التي تحولت تحت قيادته إلى مركز لنفوذ جماعة الحشاشين​​.

المسلسل يتتبع الأحداث التاريخية المحيطة بحياة حسن الصباح وكيف تمكن من تأسيس هذه الجماعة التي كانت معروفة بدقتها وفعاليتها في تنفيذ الاغتيالات للشخصيات المهمة والمؤثرة في ذلك العصر، حيث تتوزع الأحداث عبر الحلقات التي تم إذاعتها حتى اليوم لتتناول جوانب مختلفة من حياة حسن وأتباعه، وكيف استخدم الإيمان والولاء للتأثير فيهم وتوجيههم لتحقيق أهدافه​​​​.

تُقدم كل حلقة تطورات جديدة في رحلة حسن، مع تسليط الضوء على التحديات التي واجهها وكيف تغلب على الأعداء والمنافسين ليعزز نفوذه وسيطرته وسط أحداث محملة بالغموض والتشويق، مع إضافة نكهة درامية تزيد من عمق الشخصيات وتعقيدات القصة. 

والخلفية التاريخية للمسلسل، بالإضافة إلى السرد القصصي الذي يجمع بين الوقائع والخيال الدرامي، يقدم للجمهور فرصة لاستكشاف جانب فريد من التاريخ الإسلامي مع الاستمتاع بقصة مشوقة ومليئة بالأحداث الدرامية.

إنتاج ضخم يرفع سقف الطموحات 

مسلسل "الحشاشين" يمثل نقلة درامية نوعية، حيث يصفه صناعة بأنه أحد أهم المسلسلات التاريخية عبر العصور، بإنتاج هو من بين الأضخم تاريخيا بالفعل.

العمل الذي يحمل توقيع المخرج بيتر ميمي، يأخذنا في رحلة معقدة داخل أروقة التاريخ، مستندًا إلى سيناريو يجمع بين اللمحة التاريخية والخيال الجامح.

ولضمان الوصول إلى أعلى درجات الأصالة والدقة، استعان فريق الإنتاج بمجموعة واسعة من المراجع التاريخية والخبراء لتقديم صورة واقعية للعصر الذي عاش فيه حسن الصباح وجماعة الحشاشين، حيث تمت الاستعانة بخبراء في التاريخ الإسلامي لضمان صحة المعلومات المقدمة، وعمل مصممو الديكور والأزياء بدقة متناهية لإعادة تصور الملابس، العمارة، والأدوات المستخدمة في تلك الحقبة بأمانة​​.

اختيار فنانين بوزن كريم عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب وغيرهم يضمن أداء تمثيلي عالي يليق بالأحداث التاريخية الجليلة التي يتناولها المسلسل الذي تم تصويره في مجموعة من المواقع التي تعكس الطابع التاريخي للقصة، بالإضافة إلى استخدام تقنيات الجرافيك المتقدمة لإعادة إحياء المعارك والمشاهد التاريخية بأكبر قدر من الواقعية​​​​.

انتقادات واسعة بسبب اللهجة والأخطاء 

بالرغم من الجهود الكبيرة المبذولة لإضفاء الأصالة والدقة على العمل، فقد واجه المسلسل بعض الانتقادات، وهو ما دافع عنه فريق العمل بالتأكيد على الطابع الدرامي للمسلسل الذي يستهدف جمهورًا عريضًا​​​​.

أحد أبرز نقاط الجدل كان استخدام اللهجة المصرية العامية في مسلسل يعالج حقبة تاريخية عميقة وشخصيات لها وزنها في التاريخ الإسلامي، النقاش حول استخدام اللهجة العامية في تصوير الأعمال التاريخية ليس بجديد، لكنه تجدد مع "الحشاشين"، حيث انقسم المتابعون بين مؤيد لهذه الخطوة لتسهيل الوصول والتواصل مع الجمهور العريض، وبين من يرون أن اللغة الفصحى كانت ستضفي مزيدًا من الأصالة والجدية على العمل​​.

كما واجه المسلسل انتقادات بخصوص دقته التاريخية وتجسيد شخصية حسن الصباح، لكن المخرج بيتر ميمي خرج عن صمته مؤكدًا أن العمل يعتبر "من وحي التاريخ" وليس وثيقة تاريخية دقيقة، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من الإبداع والخيال الدرامي المستخدم في سرد القصة​​. تم الدفاع عن هذه النقطة بالتأكيد على أن الدراما التاريخية في جوهرها نوع فني يسمح ببعض الحريات الإبداعية لتقديم الأحداث والشخصيات بطريقة تحكي وتشد الجمهور.

علاوة على ذلك، واجهت بعض المشاهد انتقادات تتعلق باستنساخها من أعمال سينمائية أخرى، مثل مشهد حسن الصباح أثناء العاصفة في البحر وغيرها بنفس الكادرات التي تم تنفيذها في أعمال غربية من قبل، مما أثار حفيظة بعض المشاهدين الذين انتقدوا تلك السقطات.

رغم هذه الانتقادات، فقد دافع الكثيرون عن الخيارات الإبداعية التي اتخذت، مشيرين إلى أهمية التجديد في الدراما التاريخية والسعي لجعلها مقبولة وجذابة للجمهور المعاصر، مؤكدين على أن "الحشاشين" يقدم نظرة فنية خاصة تحترم السياق التاريخي مع إضافة لمسات درامية تزيد من عمق العمل وتشويقه​​​​.

قال المخرج بيتر ميمي عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك، إنه لم يكن ينوي الرد على الانتقادات الموجهة لمسلسل الحشاشين رغم عرض 4 حلقات فقط وقت كتابته الرد.

وأضاف ميمي أن المسلسل من وحي التاريخ، وليس وثيقة تاريخية، مستشهدًا بالمخرج تارنتينو الذي قتل هتلر في أحد أفلامه، بجانب شكل وطبيعة ظهور نابليون فى فيلم ريدلي سكوت الأخير وعدم التقيد بصورته المعتادة.

وعن اللغة المستخدمة في المسلسل قال إن المسلسل في كل بلد يعرضه بلغة البلد، متسائلًا: هل الڤيكنجز كانوا بيتكلموا انجليزي؟ ولا ويليام والاس كان بيتكلم اللكنة الامريكية".

بدوره علق السيناريست عبد الرحيم كمال في تصريحات صحفية على انتقاد قطاعات من الجمهور لاستخدام اللهجة العامية في مسلسل الحشاشين مؤكدًا أن هناك العديد من الأسباب التي دفعته للنقاش مع المخرج بيتر ميمي والوصول للقرار.

وأضاف عبد الرحيم أن أول سبب هو القرب من الجمهور بلغته العربية، متسائلًا هل كان يجب أن يكون المسلسل بالفارسية؟ وهل لو أنتجنا مسلسلًا فرعونيًا سيتحدث الأبطال بالفصحى؟

رحلة مليئة بالتشويق والإثارة 

مسلسل "الحشاشين" ينطوي على أهمية ثقافية وتاريخية بالغة، إذ يلقي الضوء على فترة محورية في التاريخ الإسلامي من خلال سرد قصة حسن الصباح وجماعة الحشاشين، التي لطالما كانت محاطة بالأسرار والغموض.

يعيد هذا العمل تقديم الشخصيات والأحداث التاريخية بطريقة تجذب الجمهور لاستكشاف جوانب متعددة من التاريخ الإسلامي والثقافة العربية التي قد لا تكون معروفة للكثيرين​​.

المسلسل لا يقدم فقط تجربة درامية غنية، بل يحفز أيضًا على البحث والتعلم عن حقبة تاريخية كان لها أثر كبير في تشكيل السياسة والثقافة في العالم الإسلامي، من خلال تسليط الضوء على حسن الصباح وجماعته، يوفر المسلسل فرصة للتفكير في الديناميكيات السياسية والاجتماعية لتلك الفترة، وكيفية تأثيرها على الأحداث التاريخية​​.

بالإضافة إلى ذلك، يعزز "الحشاشين" من الوعي بأهمية التوثيق والحفاظ على التاريخ، حيث يعكس التحديات المتعلقة بفهم التاريخ وتفسيره، خصوصًا عندما تكون المصادر محدودة أو متضاربة كما هو الحال في قصة الحشاشين. 

على الصعيد الثقافي، يعرض "الحشاشين" جوانب متنوعة من الحياة في القرن الحادي عشر، بما في ذلك العمارة، الملابس، والعادات الاجتماعية، مما يسهم في إثراء المعرفة الثقافية للمشاهدين وتعميق تقديرهم للتراث الحضاري الإسلامي، من خلال تجسيد هذه العناصر بدقة وعناية، يبرز المسلسل الغنى الثقافي والتاريخي للعالم العربي والإسلامي، مقدمًا نافذة فريدة على حقبة من التاريخ كثيرًا ما تغيب عن الأضواء.

انقسام معتاد بين الجمهور 

مسلسل "الحشاشين" لقي استقبالًا متباينًا من الجمهور وآراء مختلفة من النقاد عقب عرضه ففي حين استقطب العمل جمهورًا واسعًا، مدفوعًا بالفضول حول الشخصية الغامضة لحسن الصباح وتاريخ جماعة الحشاشين، وكذلك بسبب الإنتاج الضخم، إلا أنه وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت تعليقات متعددة تشيد بالأداء التمثيلي والإخراج والديكورات التي نقلت المشاهدين إلى عصور تاريخية بعيدة بأسلوب مقنع.

ومع ذلك، شهد المسلسل أيضًا جدلًا، خاصةً حول استخدام اللهجة المصرية العامية، مما أثار تساؤلات حول الأصالة التاريخية والانغماس في الأجواء الزمانية والمكانية للمسلسل​​.

من ناحية أخرى، طرح النقاد رؤى متفاوتة حول "الحشاشين". بعضهم أشاد بالمحاولة الجريئة لتقديم قصة معقدة وشخصية تاريخية مثيرة للجدل بطريقة درامية مشوقة، مع التأكيد على القيمة الإنتاجية العالية والتفاصيل الدقيقة في تصميم المشاهد والأزياء.

وفي الوقت ذاته انتقد آخرون الحريات الإبداعية التي اتُخذت في تصوير الشخصيات والأحداث، مشيرين إلى أن بعض العناصر الدرامية ربما تكون قد ابتعدت عن الواقع التاريخي، وأثرت على قدرة المسلسل على تقديم تصور دقيق للحقبة التي يعالجها​​.

في النهاية، يبدو أن "الحشاشين" قد نجح في إثارة اهتمام المشاهدين وحفزهم على النقاش والبحث حول الفترة التاريخية التي يستكشفها، مما يعكس الدور الفعّال الذي يمكن أن تلعبه الدراما في تعزيز التواصل الثقافي والتاريخي، حتى وإن كانت محور جدل ونقاش.

الاعتبارات الأخلاقية في مناقشة الأحداث التاريخية دراميًا 

التعامل مع المواد التاريخية في الدراما على غرار الحشاشين يطرح العديد من الاعتبارات الأخلاقية المهمة، خاصة عند تصوير شخصيات وأحداث لها تأثير عميق في التاريخ الثقافي والديني، أحد هذه الاعتبارات يتعلق بالدقة التاريخية وكيفية تقديم الشخصيات والأحداث بطريقة تحترم الحقائق المعروفة وتقدير المجتمعات التي تنتمي إليها هذه الشخصيات​​.

من ناحية أخرى، توجد مسألة الحرية الفنية التي تتيح للمبدعين استكشاف السياقات التاريخية بطرق جديدة ومبتكرة قد تشمل إضافة عناصر درامية أو تغييرات في الأحداث لتعزيز القصة، ومع ذلك، يجب على صناع الأعمال التوازن بين هذه الحرية والمسؤولية تجاه تمثيل الشخصيات والأحداث بطريقة تحافظ على المصداقية.

كما يثير استخدام اللهجة المصرية العامية في مسلسل تاريخي نقاشًا حول كيفية تأثير الخيارات اللغوية على تجربة المشاهد وإدراكه للأصالة والسياق التاريخي، مما يطرح أسئلة حول الطرق المثلى لجعل الأعمال التاريخية متاحة ومفهومة للجمهور الواسع مع الحفاظ على الدقة الثقافية والتاريخية​​.

وتقديم شخصيات تاريخية مثيرة للجدل مثل حسن الصباح يتطلب حساسية خاصة نظرًا للتأثير الكبير الذي يمكن أن يحدثه تصويرهم في تشكيل الفهم الثقافي والتاريخي لدى المشاهدين، لذلك، يجب على صناع الأعمال الدرامية توخي الحذر والمسؤولية عند تناول هذه المواضيع، مع الاعتراف بالتأثير الذي يمكن أن يحمله عملهم على الوعي العام والتقدير التاريخي.

العرض في رمضان 2024 والحكم للتاريخ 

مسلسل "الحشاشين"، الذي أثار الجدل والإعجاب في آن واحد يقف شاهدًا على قوة الدراما التاريخية في استكشاف الأحداث والشخصيات التي شكلت مسارات الحضارات، حيث تُلقي الأضواء على فترة مليئة بالغموض والإثارة في التاريخ الإسلامي، وتتيح للجمهور فرصة الغوص في أعماق القصص التي ما دام كانت موضوعًا للبحث والنقاش​​​​​​.

وبالرغم من الانتقادات والجدل الذي صاحب عرضه، يُظهر "الحشاشين" كيف يمكن للدراما أن تفتح أبواب الحوار والاستفسار حول أجزاء من التاريخ ربما كانت مغيبة أو مهملة، كما يعكس النقاش الدائر حول العمل التوتر المستمر بين الدقة التاريخية والحرية الإبداعية، والذي يعتبر جزءًا لا يتجزأ من إنتاج الأعمال التاريخية​​​​​​، وفي النهاية الحكم على نجاح أو فشل الأعمال الفنية متروك للتاريخ.