رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

علي الهواري يكتب: «الملاك» الذي خدر إسرائيل

علي الهواري يكتب:
علي الهواري يكتب: «الملاك» الذي خدر إسرائيل

يحتفل المصريون هذا الشهر بالذكرى الخمسين لنصر أكتوبر 1973 المجيد«اليوبيل الذهبي»، الحرب الذي أذاق فيه المصريون وجيشهم العظيم إسرائيل مرارة الهزيمة، وقهروا القوة التي لا تقهر، وهزموا هزيمة 1967، وأنهوا أسطورة الجيش الذي لا يقهر، ولولا نجدة الولايات المتحدة الأمريكية لهذا العدو الغاصب لدخل الجيش المصري تل أبيب.

إسرائيل تحاول افساد فرحة المصريين.. وثائق مزيفة ومضللة

وفي ظل فرحة المصريين بهذا النصر العظيم تفرج إسرائيل عن ألاف الوثائق السرية «المزيفة والمضللة» عن حرب أكتوبر، في محاولة منها لإفساد فرحة المصريين وضرب العلاقة بين الشعب وقواته المسلحة والتقليل من هذا النصر الكبير وتشويه صورة رموزه الوطنية وعلى رأسهم أشرف مروان صهر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وسكرتير الرئيس الأسبق محمد أنور السادات لشئون المعلومات، والتي يزعم الموساد الإسرائيلي من خلال الوثائق المزيفة والمضللة أنه لم يكن عميلا مزدوجا، ولكنه كان جاسوسا لإسرائيل، وأنه قدم خدمات جليلة لها، وأنه قام بتسريب موعد حرب أكتوبر لها، وقامت بعمل فيلم له باسم«الملاك».

وأصدر جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" كتابًا تحت عنوان "ذات يوم، عندما يكون الحديث مسموحًا"، زعم فيها أنه حصل من اشرف مروان على معلومات دقيقة حول نية مصر وسوريا شن الحرب على إسرائيل، ومن ضمن هذه المعلومات موعد إطلاق الحرب من طرف الدولتين العربيتين وهو السادس من أكتوبر.

ويرفض الموساد الإسرائيلي، اعتبار أشرف مروان عميلًا مزدوجًا، ويعتبر أنه  كان "في خدمة إسرائيل.

كما يزعم، أن "أشرف مروان واظب على إيصال الرسائل بشكل مستمر مستغلًا منصبه في مصر، إذ كان البريد يصل أولًا إليه ثم إلى أنور السادات، كما استغل مسؤوليته في نقل تعليمات رئيس الجمهورية إلى الأجهزة الحكومية، والأهم من هذا وصول جميع معلومات أجهزة الاستخبارات المصرية إليه لينقلها إلى الرئيس".

هل كان «مروان» جاسوسا لإسرائيل؟

ولكن الحقيقة وحسب شهادات الكثيرين، كان أشرف مروان وطنيا شريفا ومخلصا لبلده ولم يكن أبدا جاسوسا لإسرائيل أو عميلا لها.

الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك أدلى بشهادته عن أشرف مروان في تصريحات لصحفية الكويتية "الأنباء" الكويتية.

وقال مبارك، إن معلوماته التي حصل عليها من سلفه الرئيس الراحل أنور السادات تؤكد أن أشرف مروان رجل الأعمال الراحل وصهر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كان مكلفا من السادات شخصيا بإعطاء الإسرائيليين معلومات مضللة في الفترة السابقة على حرب أكتوبر 1973.

وأكد الرئيس الأسبق الذي أقام جنازة عسكرية لمروان بعد وفاته الغامضة في لندن عام 2007: "يقينا السادات كان يعلم بكل لقاءات اشرف مروان بهم في لندن، هو كان مكلف من السادات نفسه، دي شهادة للتاريخ أنا سمعتها من الرئيس السادات شخصيا".

وحسب الكثير من القادة العسكريين الكبار الذين التقيت بهم، وعلى رأسهم اللواء أركان حرب دكتور سمير فرج، أن إسرائيل تحاول من خلال نشر هذه الوثائق «المزيفة» التغطية على هزيمتها النكراء في حرب أكتوبر.

يقول اللواء سمير فرج، أنه منذ حرب أكتوبر وحتى الأن إسرائيل تعيش ماساة ومشكلة كبرى، ففي نهاية حرب أكتوبر عام 1973 قامت ثورة في إسرائيل فتم تشكيل لجنة اسمها «أجرانات»، برئاسة شيمون أجرانات كبير قضاة إسرائيل للتحقيق في القصور التي حدثت في حرب أكتوبر، حتى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية أطلقت عليها «لجنة التقصير»، كان الهدف منها معرفة حقيقة ما حدث، هذه اللجنة أصدرت أول قرار لها بعزل رئيس الأركان الإسرائيلي، وهو قائد الجيش في إسرائيل، ومنعه من تولي أي مناصب، وكذلك إقالة مدير المخابرات الحربية «أمان»، وهناك إدانة لموشي ديان وجولدا مائير وزيرة الخارجية أنهما لم يعلنا التعبئة يوم 6 أكتوبر 1973، وهذا أدى إلى دخول إسرائيل الحرب وهي متأخرة، بالإضفة إلى أن رئيس الموساد الإسرائيلي لم يبلغ أن مصر وسوريا سوف تقومان بالهجوم، وحتى الأن لم يصدر تقرير لجنة «أجرانات»، من هنا بدأت إسرائيل التغطية على هذا الموضوع من خلال، نشر الوثائق، رغم أن هذه الوثائق لا تحتوي على شئ جديد، وإثارة قصة أشرف مروان.

وأكد اللواء سمير فرج، أن أشرف مروان رجل وطني شريف كما جاء في قرار الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، والذي أمر بعمل جنازة رسمية له وليست عسكرية حضرها المشير محمد حسين طنطاوي،  من خلال أشرف مروان تم اعطاء معلومات خطأ للجانب الإسرائيلي، بدليل أنه لو كان عميلا لأعطاهم موعد الحرب، يوم 5 أكتوبر 1973 طلب أشرف مروان مقابلة مدير المخابرات العامة الإسرائيلية في لندن لإعطائه معلومات، حتى لا يكون مدير المخابرات موجودا في إسرائيل يوم 6 أكتوبر وقت الهجوم، وبالتالي وقت الهجوم كان موجود في إسرائيل جولدا مائير رئيسة الوزراء وموشي ديان وزير الدفاع ورئيس الأركان، ولم يكن مدير المخابرات العامة موجودا، بعد أن سحبه أشرف مروان للخارج، وهذا يؤكد أن أشرف مروان كان رجل عظيم، أدى دور عظيم لمصر، والدليل أنهم قتلوه في لندن، ومشكلتهم مع أشرف مروان بسبب أن مسلسل رأفت الهجان عمل مشكلة لهم في إسرائيل، وهو من أفضل المسلسلات التي أثرت في العالم العربي، من هنا بدأت إسرائيل تطلع قصة اشرف مروان، وكذلك الوثائق السرية من أجل أخفاء ما حدث في لجنة «أجرانات».

ويقول المهندس جمال السادات، نجل الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ردا على الادعاءات الإسرائيلية التي تثيرها من وقت إلى آخر بشأن أشرف مروان، إن أشرف مروان بطل مصري، ولم يكن جاسوسًا لإسرائيل على الإطلاق.

واتهم جمال السادات إسرائيل باغتيال أشرف مروان، متابعًا: «إسرائيل هي التي خلَّصت عليه، لأنه أعطاهم ميعاد حرب غلط، ومش بينسوا مهما طال الزمن».

وأضاف نجل الرئيس الراحل أنه كان يعرف «مروان» شخصيًا، مشيرًا إلى أنه كان إنسانًا جميلًا ونبيهًا جدًّا.

وتابع: «تزوج بنت عبدالناصر، وبعدين اشتغل مع أنور السادات، لو في حاجة زي كده هتتعرف، كل الناس اللي بتشتغل حوالين رئيس الدولة بيبقى عليهم العين بطرق كثيرة ومختلفة، مفيش احتمالات إن حد من دول يدخل في السكة دي».

وأكد أن أشرف مروان كان يعمل لمصلحة مصر، ويعد أكبر خديعة لإسرائيل.

ويقول اللواء تامر الشهاوي ضابط الاستخبارات العسكرية المصري السابق وعضو مجلس النواب ولجنه الدفاع والأمن القومي السابق، أن: "الوثائق التي أفرجت عنها تل أبيب مؤخرا والتى تدعي تعاون السيد أشرف مروان معها قبل حرب 73 تأتي فى إطار سعي إسرائيل المستمر لتشويه صورة السيد أشرف مروان، وللانتقام من الدور الذي لعبه في خطة الخداع الاستراتيجي التي وضعها الرئيس الراحل محمد أنور السادات خلال حرب أكتوبر المجيدة، وهي ليست المره الأولى التي تقوم بها إسرائيل بتوجيه هذه الاتهامات للرجل ولكنها تأتي ضمن محاولات مستمره لا تنقطع وكان اخرها فيلم " الملاك " الذي عرض منذ أعوام".

وتابع أن معظم دوائر السياسة الإسرائيلية تعترف أنه تم خداعها في قضية أشرف مروان. ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وقيادات بارزة في الكنيست يرون جميعا أن أشرف مروان قد تلاعب بالموساد وهزم إسرائيل وهناك معركة داخلية بين الموساد والاستخبارات العسكرية، حيث ترى الاستخبارات العسكرية أن رواية الموساد غير صحيحة، وأن خداع أشرف مروان للجهاز قد ألحق ضررا جسيما بإسرائيل.

وأردف: "وفي تحقيقات "لجنة أجرانات" التى تشكلت عقب هزيمة إسرائيل في حرب اكتوبر وأطلق عليها لجنة أجرانات نسبة إلى القاضي الاسرائيلي شمعون اجرانات shimon agranat الذى شغل منصب رئيس المحكمة العليا في إسرائيل فى الفترة من عام 1965 حتى عام 1976.وكان الهدف الرئيسى من تشكيلها برئاسة ذلك القاضي المخضرم، محاكمة الذين تسببوا في الفشل والتقصير والإهمال والهزيمة. ومن بين الذين استجوبتهم اللجنة: جولدا مائير رئيسة الوزراء وموشيه ديان وزير الدفاع وجميع الوزراء والمسؤلين الإسرائيليين. كما كان من بين الذين استجوبتهم اللجنة، ايلى زعيرا Eli zeira الذي كان يشغل منصب رئيس شعبة المخابرات العسكرية أمان أثناء حرب اكتوبر واعتبرته لجنة اجرانات المسئول الرئيسى عن المفاجأة التى نفذها الجيش المصري بعبور قناة السويس يوم 6 اكتوبر 1973 والأيام التالية وما ترتب على ذلك من نتائج تشكّلت عقب هزيمة إسرائيل في حرب 1973، حيث اعترفت رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير بخداع أشرف مروان لإسرائيل. حيث قالت "كنت أشكّ دوما في أشرف مروان، وأرى أنّه أكبر خطر علينا. ولكنّ الموساد كان متحمّسًا له وأرى أنّ الموساد قد ابتلع الطعم، ونجح أشرف في خداعنا جميعا".

واضاف، "ولقد كانت الدولة المصريه واضحة تماما في جنازته المهيبة. كانت تلك رسالة حاسمة: إننا نعرف جيدا أنّ أشرف مروان أحد أعظم أبطالنا، وأن أدبيات الموساد التي تحاول النيل منه لا قيمه لها ولم يزِده صمته إزاء محاولات التشويه الإسرائيلية، احتراما لمصلحة بلاده، وقواعد السرية في عمل الاستخبارات، إلا احتراما وتقديرا" فمروان أحد رجال سلسال الابطال الذي عرفهم الشعب المصري مع رأفت الهجان وجمعه الهوان وغيرهم فمهما طال الزمن لا بدّ من سيادة الحقيقة، فليس للقيم الوطنية تاريخ صلاحية، والأدوار الكبرى لا تسقط بالتقادم وان التاريخ سيتذكرهم انهم اضحوا ابطال شعبيين مصريين ولقنوا اسرائيل درس القرن".