رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الأصل في مشروعية الاعتكاف..

سؤال وجواب.. كل ما تريد معرفته عن سنة الاعتكاف

النبأ

وردت العديد من الأسئلة المتعلقة بسنة الاعتكاف خلال شهر رمضان  “النبأ” تستعرض بعض من أهم الأسئلة المتعلقة بالاعتكاف والإجابة عنها وذلك من خلال الأسئلة الواردة للجان الفتوى.

ما هي حقيقة الاعتكاف؟ وما هو الأصل في مشروعيته وجوازه؟

 الاعتكاف هو لزوم الشيء، يقال: عَكَف على الشيء إذا لبث عنده ولزمه، ومنه قوله تعالى: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} وأما الاعتكاف في شريعة الله: فهو لزوم المسجد لطاعة الله عز وجل.

وقرر العلماء رحمهم الله أن الاعتكاف الشرعي لا يكون إلا بلزوم المساجد، ومذهب جمهور العلماء رحمهم الله على أنه لا يصح في غير المسجد.

وذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز للمرأة وحدها أن تعتكف في مسجد بيتها.والصحيح ما ذهب إليه الجمهور؛ لظاهر الكتاب في قوله سبحانه: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة:187].

فدل على أن الاعتكاف لا يكون إلا في بيوت الله تعالى وهي المساجد.وقول العلماء: "إن الاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله" أي من أجل طاعة الله عز وجل، فلا يكون الاعتكاف اعتكافا شرعيا إلا إذا قصد صاحبه التقرب لله تعالى بالطاعات المختلفة من: الصلاة، والذكر، ومن التسبيح، والتحميد والتكبير، وتلاوة القرآن، والاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك مما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.والأصل في مشروعية الاعتكاف قوله عز وجل: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج:26].فبين عز وجل شرف الاعتكاف وفضله، وأنه مشروع، حينما بيّن أن بيته الحرام الذي هو أفضل البيوت على وجه الأرض على الإطلاق، أنه أمر خليله، وعبده إبراهيم عليه السلام أن يطهّره من أجل العاكفين، وهذا يدل على فضل الاعتكاف وشرفه، وعلوّ منزلته.

وقال عز وجل: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة:187].فعظّم الاعتكاف، وجعل للاعتكاف حرمة، حيث حظَر على الزوج أن يباشر زوجته وهو معتكف، وهذا يدلّ دلالة واضحة على مشروعية الاعتكاف، وأنه قربة لله تعالى توجب الإمساك عن بعض ما حظر.

وأما دليل السّنة فإن النّبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان، واعتكف العشر الوسطى كما في الصحيح من حديث أبي موسى رضي الله عنه وأرضاه، ونزل عليه الوحي، وذلك في آخر ليلة من ليالي العشر الوسطى، نزل عليه جبريل تعالى وقال: "يا محمد، إن الذي تطلبه أمامك" يعني ليلة القدر. فأمر عليه الصلاة والسلام أصحابه أن يعتكفوا معه العشر الأواخر، فدلّ هذا على مشروعيّة الاعتكاف، فثبت الاعتكاف بالقول من سنّة النّبي صلى الله عليه وسلم، وثبت بالفعل، وكان عليه الصلاة والسلام يفعل الاعتكاف.

وأجمع العلماء رحمهم الله على مشروعيّة الاعتكاف، وأنه قربة لله تعالى، وطاعة لله عز وجل، ويتأكّد استحباب هذه العبادة العظيمة في العشر الأواخر من شهر رمضان، وهي جائزة في سائر السَنّة، يجوز للمسلم أن يعتكف في المسجد في أي ليلة، وفي أي يوم، وفي أي ساعة على الصحيح: أن الاعتكاف ليس له حد أدنى؛ لعدم عدم ثبوت التحديد والتأقيت، ولذلك لا يتقيد بزمان، وهذا مذهب الأئمة الأربعة رحمهم الله على مشروعية الاعتكاف في سائر السنة وليس مخصوصا في رمضان، وأنه يجوز للمسلم أن يعتكف في أيّ يوم أو في أي ليلة، ما عدا من يشترط الصوم، فإنه يمنع إذا كان يوما محظورا على المسلم أن يصومه.

ويتأكّد الاستحباب في العشر الأواخر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأواخر، وقد ثبت عن النّبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى اعتكافه في رمضان في شوّال، وهذا يدلّ على مشروعية الاعتكاف في سائر السَنّة، لأنه أنزل ليالي في شوال منزلة الليالي من رمضان، فدل هذا على صحة الاعتكاف في سائر السنة.

والإجماع منعقد على أن هذه العبادة والطاعة مما يتقرّب بها إلى الله تعالى إذا حفظ العبد حدودها، وقام بحقوقها، وأداها على وجهها؛ نال بركتها وخيرها، فعظم ثوابه، وحسن جزاؤه عند الله عز وجل، ولذلك قلّ أن ترى عينك رجلا قام بالاعتكاف على وجهه إلا وجدت أثره في نفسه، وفي قوله وعمله.

ومن الناس من يخرج من اعتكافه صالح الحال سائر السَنّة، ومن الناس من يخرج بالقليل والكثير، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، نسأل الله العظيم ربّ العرش الكريم أن يجعل لنا من فضله أوفر الحظ والنصيب، والله تعالى أعلم.

هل الاعتكاف واجب، وإذا لم يكن واجبا فمتى يحكم بوجوبه، وما هي الشروط التي ينبغي توفرها لصحة الاعتكاف؟

الاعتكاف ليس بواجب، بل هو قربة، وسنة مستحبة، وليس هناك دليل يدل على الإلزام بالاعتكاف، وإنما فعله النبي صلى الله عليه وسلم طلبا للأفضل والأكمل، والتماسا لليلة القدر في العشر الأواخر.

وأما متى يكون واجبا؟ فإن الاعتكاف يكون واجبا بالنذر، فإذا نذر الإنسان أن يعتكف؛ فإنه يوفي بنذره؛ لأن النّبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: "من نذر أن يطيع الله؛ فليطعه".

فهذا أمر يقتضي وجوب الوفاء بالنذر، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح حينما سأله عمر عن أنه نذر في الجاهلية أن يعتكف، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يوفي بنذره، فهذا يدل على أن الاعتكاف يكون واجبا في حال النذر. واختلف العلماء رحمهم الله لو كان الاعتكاف نافلة وطاعة، فدخل فيها المكلف: هل الشروع في النافلة يُصيّرها فريضة وقد تقدمت معنا هذه المسألة وبيّنا أن هناك عبادات نص الشرع على أن الدخول في نافلتها يُصيّرها فريضة، ويلزم إتمامها، كما في الحج والعمرة، وأن هناك عبادات تبقى على الأصل، كما في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام في الصوم أنه قال: « المتطوع أمير نفسه».

فهذا الحديث أصل عند طائفة من العلماء رحمهم الله على أن المتطوع أمير لنفسه، إن شاء أتم، وإن شاء لم يتم، ولا شك أن الأفضل والأكمل أن يتم العبد طاعته لله تعالى.

أما الشروط التي ينبغي توفرها في المعتكف:

فأولا: يشترط الإسلام، فلا يصح الاعتكاف من كافر؛ لأن الله عز وجل أحبط الأعمال بالكفر، كما قال عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} [الفرقان:23].

فأحبط الله الأعمال بالكفر، فلا يصح اعتكاف الكافر.

ثانيا: يشترط العقل، فلا يصح الاعتكاف من مجنون، ولا يصح الاعتكاف من سكران غائب العقل.

وثالثا: يشترط النية، فلا يصح الاعتكاف إلا بالنية، فلو أنه دخل المسجد، ومكث فيه ليالي العشر، ولم يستحضر أنه معتكف، ولم ينوِ الاعتكاف؛ فإنه يُعتبر متقربا لله تعالى، مطيعا، ممتثلا، ولكنه ليس بمعتكف؛ لأنه لم ينوِ الاعتكاف، فلا يصح الاعتكاف إلا بنيّة؛ لأن النبّي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».

كذلك يشترط في المعتكف: أن يكون طاهرا من الحدث الأكبر من: الجنابة، والحيض، والنفاس، فلا يصح الاعتكاف من الجُنُب، وكذلك الحائض والنفساء، ولكن المعتكف إذا أجنب خرج واغتسل، ثم رجع إلى المسجد، ولا يقطع ذلك اعتكافه؛ لوجود العذر الشرعي.

وكذلك المرأة إذا اعتكفت، ثم نزل عليها الحيض خرجت من مسجدها واعتكافها.

كذلك أيضا يشترط في الاعتكاف: أن يكون في المسجد، فلا يصح الاعتكاف في غير المسجد؛ لأن الله تعالى خص الاعتكاف في المساجد؛ فقال سبحانه: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة:187].

فدل على أن محل الاعتكاف إنما هو المسجد، فإذا استتمّت هذه الشروط؛ فإنه يحكم بصحة الاعتكاف واعتباره، واختلف في شرط الصوم فالصحيح عدم لزومه. والله تعالى أعلم.

ما هو الضابط في تفضيل المساجد بعضها على بعض في الاعتكاف، وأيها يقدم المعتكف ويحرص عليه مع ذكر الدليل على تلك الضوابط من الكتاب والسنة؟

أول المساجد فضلا، وأعظمها أجرا، وأعلاها قدرا البيت الحرام، فمسجد الكعبة هو أعظم المساجد، وأفضلها على الإطلاق؛ لأنه اجتمعت فيه فضائل لا توجد في غيره:

فأولا: أن الطواف لا يشرع إلا فيه، وهذه فضيلة لا توجد في غير المسجد الحرام، والطواف من أجل القربات لله عز وجل.

وثانيا: مضاعفة الصلاة فيه أكثر من غيره، فالصلاة في مسجد الكعبة بمائة ألف صلاة، وهذه فضيلة لا توجد في غيره؛ كما نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك.

وثالثا: قِدَمه؛ لأنه أول بيت وضع للناس، وهو مسجد الكعبة، والأقدم مقدّم على غيره كما سيأتي في ضوابط التفضيل بين المساجد. فالأفضل مسجد الكعبة، ثم يليه مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الصلاة فيه بألف، وهذه فضيلة لا توجد في غيره ما عدا المسجد الحرام، ولذلك يفضل مسجد المدينة على ما سواه من المساجد بعد مسجد الكعبة، ثم المسجد الأقصى؛ لورود الفضل فيه، والصلاة فيه بخمسمائة، وكذلك ينظر في التفضيل إلى أصول وضوابط دلت عليها أدلة الكتاب والسنة:

فأولها: قِدَم المسجد، فإذا كان المسجد أقدم؛ فإنه أفضل، وأولى بالاعتكاف؛ والدليل على ذلك قوله تعالى: {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ} [التوبة:10] فبيّن عز وجل في هذه الآية الكريمة أن المسجد الأقدم أحقّ أن يقوم الإنسان فيه بالعبادة، وهذا أخذ منه الأئمة رحمهم الله تفضيل المسجد الأقدم.

كذلك أيضا: يفضل المسجد الأكثر عددًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت في الحديث الصحيح عنه أنه قال: « صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الواحد وما كان أكثر فهو أزكى».

ففضّل الصلاة مع كثرة العدد، فتفضل المساجد التي هي أكثر عددا؛ لوجود هذه الفضيلة الثابتة في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

كذلك يفضل الاعتكاف في المسجد الذي يخشع فيه قلب الإنسان أكثر، وتتوفر الدواعي للخشوع من: وجود إمام يتأثر بقراءته، ويتأثر بخُطَبه، ويتأثر بمواعظه، ويتأثر بتوجيهه؛ فحينئذ يحرص على أن يصلي فيه؛ لأن الله عز وجل مقلّب القلوب، ويرزق أئمة المساجد القبول فضلا منه عز وجل، والإخلاص له أثر، فقلّ أن يوضع القبول لإنسان في أمر من أمور الدين إلا ووراء ذلك بعد فضل الله سر من الإخلاص.

فإذا صلى الإنسان وراء إمام مخلص أو تظهر آثار إخلاصه في انتفاعه بوعظه، وانتفاعه بتوجيهه، وحبه له، وتأثره بنصائحه، فهذا لا شك أنه أفضل في حق هذا المكلف؛ لأن المقصود الأعظم هو الخشوع، وحضور القلب، وهذا أصل معتبر في سماع التلاوة، والتأثر بالقرآن، وبالمواعظ.

وبخلاف الإمام الذي ينفّر الناس؛ وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، فقال: "إن منكم منفرين".

فإذا كان في المسجد له إمام ينفر، وأسلوبه ينفّر ولا يحبّب، فحينئذ يقدّم غيره عليه؛ لأنه أقرب إلى السنة، وإتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه كلها من الأسباب أو الضوابط التي توجب تفضيل مسجد على آخر، وتقديمه على غيره. والله تعالى أعلم.

 إذا أرادت المرأة الاعتكاف هل يشترط إذن زوجها لها؟

هذا من الشروط الخاصة، والاعتكاف على صورتين:

الصورة الأولى: إذا كان من المرأة إما أن يكون نافلة؛ فيجب عليها أن تستأذن زوجها، ففي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا استأذنت امرأة أحدكم المسجد فليأذن لها».

وهذا يدل على أن المرأة لا تخرج إلا بإذن زوجها، وإذا ثبت هذا فإن له الحق أن يمنعها، وأن يأمرها أن تلزم البيت إذا كان عندها أطفال، أو هو محتاج إليها، أو يخاف الفتنة إذا غابت عنه أو نحو ذلك، مما يرى أن الأفضل فيه أن تبقى، وعلى المرأة أن تعلم أنها لو أرادت الاعتكاف ومنعها زوجها أنه يكتب لها الأجر كاملا؛ لأنه حبسها العذر الشرعي.

أما إذا كان الاعتكاف واجبا على المرأة كأن يكون نذرا؛ فإنه لا يجب استئذان الزوج، وتعتكف دون إذنه كما هو الأصل المقرر في التفريق بين الواجبات وغير الواجبات في مسائل الإذن. والله تعالى أعلم.

ما هي الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها المعتكف فيما بينه وبين الله تعالى، وفيما بينه وبين نفسه، وفيما بينه وبين الناس؟

هذه المسألة لا يستطيع الإنسان أن يستوعبها كاملة: الأدب مع الله، والأدب مع النفس، وأدب المعتكف مع الناس، لو جلسنا إلى الفجر ما استوفينا شيئا من ذلك حقه وقدره، لكن ننبه على بعض الأمور المهمة:

الأدب فيما بينك وبين الله:

أول ما يفكر فيها المعتكف أن يعلم علم اليقين أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وأن الله ينظر إلى قلبه، وأنه لا يعطيه من قوله وعمله إلا ما أراد به وجه الله تعالى، فيخرج من بيته حينما يخرج وليس في قلبه إلا الله، ويتمنى في قرارة قلبه أنه لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يعلم أحد أنه اعتكف؛ لأنه يحب أن عمله بينه وبين الله تعالى.

فالمعتكف إذا أراد أن يتأدب مع الله ابتدأ بالإخلاص، الذي هو أساس القبول، وأساس التوفيق، ومحور المعونة على الطاعة والبر.

الأمر الثاني: أن يجتهد المعتكف في تحقيق التقوى، التي هي الطريق إلى القيام بحقوق العبادات، فمن اتقى الله تعالى علمه، ورزقه فرقانا يفرق به بين الحق والباطل، وأقامه على سبيل الهدى، وبيّن له معالم المحبة والرضا؛ فاشتاقت نفسه، وتلهفت روحه إلى رحمة الله تعالى حتى يسعى لله، ولا يسعى لشيء سواه.

فإذا أراد المعتكف أن يكون اعتكافه نقيا لله خالصا لله تعالى عليه أن يحصّل التقوى في أقواله وأفعاله وأعماله الظاهرة والباطنة، يحرص على هذا الأساس، وهو تقوى الله عز وجل.

من الأمور التي تعين على الأدب مع الله تعالى: المراقبة، أن يستشعر في كل دقيقة قبل الساعة، وفي كل يوم، وفي كل لحظة أن الله يسمعه ويراه، وأنه في بيت من بيوت الله تعالى وأن هذا البيت له حرمة، فإن هذه المساجد لم تُبنَ إلا لله، {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن:18].

فليس الاعتكاف للجلوس مع زيد أو عمرو، أو لإضاعة الأوقات في القيل والقال والترهات، يستحي من ربه أن يراه يضيع ساعة في غير ذكر أو شكر، فإذا استشعر أن الله يراقبه، وأن الله ينظر إليه، فإنه ينكسر قلبه لله، ويحسن المعاملة مع الله تعالى، يورث هذا شعورا مع الإنسان يجعل النفس من أقوى النفوس انبعاثا في طاعة الله تعالى، حينما يستشعر الإنسان أنه ضيفٌ على الله، وأنه في بيت الله، قد دخل هذا البيت مهموما مغموما من الدنيا، وخلفها كلها وراء ظهره، وأقبل على الله ضيفا عليه، يرجو رحمته، ويخشى عذابه.

من الأمور التي تعين على الأدب مع الله: استشعار المعتكف في كل لحظة، ما كان منه من التقصير في جنب الله تعالى.

الذنوب تكسر القلوب لله تعالى، الذنوب تخشع القلوب لله عز وجل، الذنوب تعلّم الإنسان حقارته، وذلته وفاقته، وأنه تحت رحمة الله تعالى، فإذا دخل إلى الاعتكاف وهو يحس وكأنه أكثر وأعظم من في المسجد ذنبا، وأنه تحت رحمة ربه، وأنه تحت لطفه، وعفوه وبره، نادما على ما كان منه من الإساءة والتقصير في جنب الله تعالى، فيدخل وهو يقول: يا رب، لا تحرمني رحمتك، وذنوبه بين عينيه، كمل أدبه مع الله تعالى:

أنا المسيء المذنب الخطاء في توبتي عن حوبتي إبطاء

إذا أحس أنه مذنب، وأن الواجب عليه أن يتوب إلى الله؛ احتقر نفسه، وانكسر قلبه بين يدي الله تعالى، وأقبل على الله تعالى إقبال الأواه، التائب، الطالب، الراغب، وهنيئا لأقوام دخلوا المسجد بذنوب فخرجوا كيوم ولدتهم أمهاتهم، وهنيئا لأقوام خرجوا من اعتكافهم قد نفضت من على ظهورهم السيئات والأوزار، وهنيئا لأقوام بُيّضت صحائف أعمالهم من ذنوب الأعمار، هنيئا لمن أخلص لله تعالى فتأدب مع الله فخرج من هذا المسجد ومن المساجد معتكفا بأعظم مثوبة وأعظم جزاء.

من الناس من خرج من المسجد بسعادة لا شقاء بعدها أبدا، وكم من معتكف خرج من مسجده وقد عُتقت رقبته من النار، وكم من معتكف خرج من مسجده بالفردوس الأعلى من الجنة، أي شيء تطلبه حتى تتأدب مع الله، وتعرف مع من تُعامل، مع من تتعامل، ومن تعبد، ومن ترجو، ملك الملوك، وجبار السماوات والأرض، هذا الرب الحليم الرحيم الكريم الجواد العظيم، الذي بشربة ماءٍ لكلب غفر ذنوب العمر، هذا الرب الذي لا تنقضي خزائنه، ولا تنتهي فضائله ونوائله عز وجل وهو ذو الفضل العظيم.

فإذا علمت من هو الله الذي تعامله، وأنها سوق رابح، وأنك داخل على باب من أبواب الرحمة لا يعلم مداه وقدره إلا الله تعالى.

يا هذا أين أنت، أنت في الرحاب الطاهرات، والمنازل المباركات، وفي بيوتٍ أذن الله أن ترفع.

تتأدب مع الله تعالى حينما تعلم من هو الرب الذي تعبده؟ ومن هو الرب الذي تناجيه؟ من هو الكريم الذي ينفحك برحماته وبركاته وعطاياه عز وجل؟ نسأل الله العظيم أن يجعل لنا ولكم من ذلك أوفر الحظ والنصيب.

مما ينبغي للإنسان أن يستشعر أيضا في اعتكافه: حسن الظن بالله تعالى، فالأدب مع الله في بيوته وفي العبادات أن يحسن العبد الظن بربه تعالى، ولذلك تجد المحسنين الذي أحسنوا الظنون بربهم إذ ا قرؤوا القرآن خشعت قلوبهم، وبكت من خشية الله عيونهم، وسكنت في طاعة الله جوارحهم، وخضعت لربهم.

كذلك أيضا مما يعين على الأدب في حالة الاعتكاف: مراعاة حقوق النفس، أن يتأدب المعتكف مع نفسه.

والأدب مع النفس له جوانب عديدة:

على المعتكف أن يعرف من هو؟ ومن هي نفسه الأمارة بالسوء؟ ويتأدب مع هذه النفس، فلا يعطيها أكثر من حقها، ولا يحملّها فوق ما تطيق، حتى يُقبل على العبادة بسنة، وإتباع لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعيدا عن غلو الغالين، بعيدا عن الرهبانيّة، والتنطع، والغلوّ في الدين، يقبل على اعتكافه متّبعا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، حنيفية سمحاء، ورحمة من أرحم الراحمين، لا غلوّ فيها ولا شطط، يقبل بنفس منشرحة، لا تحمّل فوق ما تطيق، قال صلى الله عليه وسلم يشير إلى هذا الأدب: «أيها الناس، أكلفوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا».

وقال صلى الله عليه وسلم في الذي يعذب نفسه، ويجهد نفسه ويحملّها فوق ما تطيق: «إن المنبت لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع».

يسهر الإنسان سهرا لا يعطي نفسه حق النوم في النهار، ويقدم على العبادة بجد واجتهاد فوق الطاقة، فعندها يمرض، أو يسقط، فلا هو بقي له جسده، ولا هو كملت له عبادته، وهذا شيء مذموم في الشرع، غير محمود، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتيسير، ولم يأت بالتعسير، جاء بالرحمة، ولم يأت بالعذاب، رأى صلى الله عليه وسلم رجلا قام في الشمس، فقال:«من هذا ؟ قالوا: هذا أبو إسرائيل، نذر أن يقوم فلا يقعد، وأن لا يستظل، وأن يصوم ولا يفطر، فقال: إن الله عن تعذيب هذا لنفسه لغني».

فالله لا تنفعه طاعة المطيعين، ولا تضره معصية العاصين، فيتأدب مع نفسه، فلا يحملها ما لا تطيق، وإنما يأخذها بالسماحة واليسر.

وهناك جوانب عديدة في الأدب مع النفس، منها: عدم العجب، وما أهلك العابد في عبادته شيء مثل العجب، والغرور.

يدخل الإنسان إلى المسجد، فيخلّي الشيطان بينه وبين عبادته، فيخشع قلبه، وينشرح صدره، ويُقبل على العبادة إقبال المجدّين، حتى إذا انتهى منها، جاءه الشيطان من حدب وصوب، وأشعره بأنه قد فاز، وأنه قد نال الدرجات العلا، حتى إن قدميه قد وطئت جنة الله تعالى من الغرور، وعندها يمقته الله تعالى ولربما أحبط عمله.

إياك والغرور، كان السلف الصالح رحمهم الله يحملون همّ الصواب في الأعمال، أول همّ يحملون في العمل أن يعلموا الصواب والحق، فإذا علموا الصواب، حملوا همّ التوفيق للعمل، وكانوا يسألون الله المعونة على الرشد، فإذا وفّقوا للعمل بالصواب، حملوا همّ الإخلاص فيه، فإذا وفّقوا للإخلاص أو وجدوا الإخلاص حملوا همّ إتقانه، والقيام به على الوجه الذي يرضي الله، فإذا أتموا الأعمال خالصة متقنة إذا بهم يحملون همّ القبول، فتجد الإنسان يخاف من ذنب بينه وبين الله أن يحول بينه وبين القبول.

فإياك والغرور، ولذلك قال مطرف بن عبد الله بن الشخّير: "لأن أبيت نائما وأصبح نادما أحب إلي من أبيت قائما وأصبح معجبا".

العجب طريق الحبوط والعياذ بالله للأعمال، فمن أصابه العجب؛ فعلى مهلكة، فيسأل الله أن يعافيه من هذا البلاء. فإياك والعجب.

أما الأدب مع الناس، فجماع الخير كله في تقوى الله تعالى، ومن اتقى الله فهو المسلم الحق، الذي سلم المسلمون من يده ولسانه.

والأدب مع الناس أن تقرأ في كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ما الذي أمرك به تجاه إخوانك المسلمين؟ وما الذي نهاك عنه؟ فتعطيهم ما تحب أن ُتعطى، وتكف عنهم ما تحب أن ُيكف عنك، وتكون مسلما حقا، قد سلم المسلمون من ويده لسانه، وزلات جوارحه وأركانه، فإذا وفقك الله لهذا؛ فأبشر بخير كثير.

مبادئ معروفة عند المسلمين عرفها الصغار قبل الكبار، من حقوق المسلم على أخيه المسلم، هذه حقوق واجبة على المسلم وهو خارج المسجد، ففي داخل المسجد تعلم أنها آكد، وأنها أعظم، فالله، فالله، أن ينظر الله إليك، أو يسمع منك أذية لمسلم، في بيته، وفي هذا المكان الذي أذن الله أن يرفع، إذا سبّك أحد فلا تسبّه، وإذا شتمك فلا تشتمه، واتق الله تعالى، وكفّ لسانك عن أعراض المسلمين، لا تغتابهم، ولا تلمزهم، ولا تتهمهم بالسوء، ولا تحملهم على سوء المحامل، ولا تجلس في بيت الله تعالى تجمع الناس على بغض المسلمين بعضهم لبعض، وتؤلّب المسلمين بعضهم على بعض، فاتق الله تعالى في ذلك، أن تحفظ أن حقوق إخوانك المسلمين، وأن تعلم علم اليقين أنك ستقف بين يدي ملك الملوك، وجبار السماوات والأرض، ويحاسبك عن فقير المسلمين كما يحاسبك عن غنيّهم، واعلم أن الذي تراه أمامك من الفقراء والضعفاء، وممن لا يُؤْبه به من الناس، من عامة المسلمين، أنه عند الله بمكان، ولربّ أشعث أغبر، ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرّه.

فتحرص أن تكون معتكفا كما ينبغي أن يكون عليه المعكتف، في حفظ جوارحك عن أذية المسلمين، وصيانة نفسك عن ذلك، واعلم أنك لا تستطيع أن تنال ذلك إلا بتوفيق الله تعالى، فاسأل الله أن يسلّمك، وأن يسلم منك، واستعذ بالله، ولذلك جاء في السنة أنك تستعيذ بالله في دعاء المساء والصباح أن تجر السوء إلى أخيك المسلم، تستعيذ بالله أن تعمل سوءا أو تجره إلى أخيك المسلم، فتتق الله في إخوانك المسلمين، فكيف وأنت في بيوت الله، وكيف وأنت في الزمان المفضل، والمكان المفضل، ونسأل الله بعزته وجلاله العافية، وأن يسلمنا وأن يسلم منا، فو الله، فإنها من أعظم نعم الله، ومن أصدق الشواهد على الإيمان في هذا الزمان، أن تجد الإنسان عفيف اللسان عن سب الناس وشتمهم، ومن أصدق الدلائل على الإيمان الآن أن تجد إنسانا يحترم عامة المسلمين فضلا عن طلاب العلم وعن العلماء، فضلا عن أئمة السلف، والصالحين من هذه الأمة، أن تجده معتكفا كما ينبغي، فليس الإسلام بالتشهي ولا بالتمني، ولا بالدعاوى العريضة، وإنما أن تكون مسلما حقا قد سلم المسلمون من يدك ولسانك، فإذا فعلت ذلك؛ فقد رحمك الله.

قال الإمام البخاري رحمه الله: "والله ما اغتبت مسلما منذ أن سمعت الله ينهى عن الغيبة". فإذا علمت أن الله أعطاك لسانا وأنطقك وأخرس غيرك، وأن أخاك المسلم يسألك حقه عندك، وهو أن تكف لسانك عنه، وأن تكف شرك عنه، وتلك صدقة من الصدقات، فإذا لزمت المساجد معتكفا تحفظ لسانك عن أذية المسلمين.

من الصور التي تخالف هذا الأدب: أنك تجد الشخص يحجز مكانا في الصف الأول، أو في أماكن معينة، فيأتي ضعيف من المسلمين ويجلس، فيأتي ويلكزه، أو يضربه، أو يسبه ويشتمه في بيت الله تعالى، ولربما يكون في حال الصوم، ولربما يؤذيه، ولربما يتهمه بالسوء، فهذا كله من التهتك في حرمات الله تعالى، والتساهل في حدود الله، لقد أصبحت أعراض المسلمين رخيصة عند الناس، ولكنها غالية عند رب الجِنّة والناس، ولينصبن للناس ميزان لا يضيع فيه مثقال خردلة من حقوق الناس ومظالمهم، وليعلمن هؤلاء الذين يرتعون في أعراض المسلمين ويؤذونهم خاصة في حال اعتكافهم ولزومهم لبيت الله تعالى أي ذنب أصابوه، وأي خير ضيعوه على أنفسهم، فنحن نشدد في هذه الأمور؛ لأن الناس أصبح عندهم تساهل في هذه الأشياء إلا من رحم الله، ونسأل الله السلامة والعافية. والله تعالى أعلم.

لو اشترط المعتكف أن يخرج لتشييع جنائز أو عيادة مريض من قرابته، فهل شرطه صحيح، وله الحق في الخروج أم لا؟ وهل خروجه لهذه الأشياء منافيا للاعتكاف؟

مسألة الاشتراط في الاعتكاف فيها خلاف بين العلماء رحمهم الله على القول الذي يقول بالجواز، وهو مبني على القياس؛ لأنهم قاسوا الاعتكاف على الحج، وهذا في النفس منه شيء، لكن على مذهب من يقول قول مرجوح أنه يجوز الاشتراط؛ فإنه إذا اشترط هذا يخرج لتشييع الجنائز وعيادة المرضى، لكن يفصل فيه: إذا قيد لا يخرج إلا بالمقيد، فلو قال: مثلا أعود قرابتي إذا مرضوا، لا يخرج لمريض من غير قرابته؛ لأنه قيد.

أما إذا أطلق فإنه يخرج لكل مريض يعوده، وهكذا بالنسبة لتشييع الجنائز، فإنه إذا قيّد يكون شرطه مقيدا، وإذا أطلق يكون شرطه مطلقا. والله تعالى أعلم.

أحرص على الاعتكاف في العشر الأواخر، ولكن ظروفي الخاصة قد لا تساعدني كثيرا فهل يجوز لي أن أعتكف بعض الليالي من العشر الأواخر، وما هو الأفضل منها؟

يجوز أن يعتكف المسلم بعض العشر، والأفضل اعتكاف العشر كاملا، وليس هناك أحد من العلماء من المتقدمين من السلف يلزم بأن يكون اعتكافه للعشر فقط كاملا، إنما يجوز له أن يعتكف بعض العشر ويترك البعض، والسنة إتباع الهدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتكفها كاملا، لكن لو عنده ظروف، وعنده عمل، يقدم ليالي الوتر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تلتمس ليلة القدر في الليالي الوتر، «تحروها فمن كان منكم متحرها فليتحرها في الوتر من العشر الأواخر»فيحرص على أن يدخل ليالي الوتر، وهي أرجى إصابة لليلة القدر. والله تعالى أعلم.

لو نام المعتكف ثم أصابته جنابة، فهل تؤثر في اعتكافه، وماذا يجب عليه؟

يخرج ويغتسل ولا يؤثر هذا في اعتكافه؛ لأن الجنب لا يمكث في المسجد، وهذا لا يؤثر في اعتكافه؛ لأنه نائم، وقد رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ، فهذا لا يؤثر في اعتكافه، فيخرج فيغتسل، ثم يعود. والله تعالى أعلم.

لو أصاب المعتكف مرض فهل يخرج من اعتكافه، وإذا خرج فهل يقطع خروجه التتابع، أم أنه لا يزال معتكفا، وما هو الضابط في ذلك؟

المرض على قسمين:القسم الأول: أن يكون مرضا يسيرا يمكن الصبر عليه، مثل: الصداع، مثل: أذى الأسنان كما ذكر العلماء في بعض أحواله، فهذا يصبر، ويحتسب عند الله تعالى الأجر وهو مثاب.

النوع الثاني من المرض: المرض المزعج المقلق، أو المؤذي للمسجد، مثلا أن يكون معه استطلاق في البول أكرمكم الله أو استطلاق في العذرة الغائط، فهذا لا يمكنه أن يجلس في المسجد، فإذا كان المرض مضرا خرج من المسجد ولم يقطع ذلك التتابع، وعلى هذا يفصل في المرض. والصحيح أنه إذا خرج أثناء خروجه يتقيد بقدر الحاجة والضرورة، ولا يفعل شيئا يخل بالاعتكاف. والله تعالى أعلم.

يتشدد البعض في اعتكافه إلى درجة يلتزم فيها الصمت ولا يكلم أحدا، ولا يختلط بأحد، ويتساهل البعض في اعتكافه فيدمن الجلوس مع الآخرين، ولا يبالي باغتنام الوقت في ذكر الله.؟الوسط من الإنسان يعطي العبادة حقها، ويعطي الأنس حقه؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان على هذا الوسط، ولذلك جاءته صفية رضي الله عنها فحدثها وحدثته رضي الله عنها، ولم ينقض ذلك اعتكافه، ولم يؤثر في الاعتكاف، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا التوسعة على المعتكف، وخرج بهذا عن ضيق الرهبانية؛ ولذلك كان يدني رأسه إلى أم المؤمنين عائشة فترجله وهو معتكف بالمسجد صلوات الله وسلامه عليه.

هذا بالنسبة للإفراط في الغلو والتشدد والتساهل أيضا كلاهما مذموم، وينبغي للمسلم أن يتوسط بينهما. والله تعالى أعلم.

ما هي الطاعات المستحبة والمرغّب فيها لكي يجد المسلم أثر اعتكافه؟

سماع القرآن ومن تلاوة القرآن،و أن تحرص كل الحرص على كف نفسك عن شيء حرّمه الله عليك، بمجرد ما تدخل في اعتكافك احرص على أنك لا تصيب ذنبا، لا في قولك، ولا في عملك، ولا في نظرك، ولا في سمعك، ولا في جوارحك، فإذا حفظت جوارحك من معاصي الله تعالى وطهرتها من الذنوب، وكنت حفيظا محافظا؛ رزقت البركة في سمعك وبصرك وجوارحك.،كذلك الحرص على العبادات الخفية.

متى يسن للمعتكف أن يدخل معتكفه إذا نوى أن يعتكف العشر الأواخر كاملة، ومتى يسن له الخروج مع ذكر الدليل، وإذا نوى اعتكاف ليلة كاملة فمتى يبدأ بدخول المسجد ومتى يخرج منه؟

في العشر يدخل إذا غابت الشمس من يوم العشرين، قبل غروبها بيسير يدخل حتى تصبح ليلة الحادي والعشرين تامة كاملة؛ لأنك ما تستطيع أن تُمسك إلا بإمساك جزء يسير من المخالِف، وهذا أصل في العبادات؛ كقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ}.

على أن {إلى}بمعنى (مع) الشاهد من هذا تدخل قبل غروب الشمس باليسير، غروب الشمس يوم العشرين حتى تصيب ليلة الحادي والعشرين كاملة، وتصيب العشر الأواخر تاما.

متى تخرج؟ تخرج بغروب شمس آخر يوم من رمضان، فإذا غاب الشمس يوم الثلاثين تخرج. وكذلك أيضا إذا كانت ليلة شك إذا تبيّن أن الهلال رؤي، تخرج بمجرد علمك، هذا هو الأصل في استتمام المدة، فإذا فعل ذلك فقد اعتكف العشر تامة كاملة، وهكذا إذا نوى اعتكاف ليلة يدخل قبل غروب الشمس من النهار قبلها، ويخرج بعد طلوع الشمس من صبيحتها، هذا إذا نوى الليلة، وإذا فعل ذلك فقد استتم ما نواه. والله تعالى أعلم.