رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل التحركات المصرية لإجهاض المخطط التركي الإخواني لـ«تفكيك ليبيا»

النبأ

 

«بلومبرج»: روسيا تتحدى أمريكا وأوروبا لدفع نجل القذافي إلى رئاسة 

 

حفتر يرفض الخضوع لأي سلطة مدنية والإخوان يعارضون ترشيح العسكريين بالانتخابات

 

حسن: هناك عقبات كثيرة تواجه إجراء الانتخابات الليبية في موعدها المحدد

 

الشاذلي: توحيد الجيش الليبي وطرد المرتزقة والقوات الأجنبية أهم خطوات استعادة الاستقرار


لا يزال الطريق نحو الاستقرار في ليبيا طويلا، على الرغم من الوصول إلى مراحل متقدمة في الحوار السياسي، الذي نتج عنه تشكيل حكومة وحدة وطنية، ومجلس رئاسي جديد، برعاية الأمم المتحدة، من المفترض أن يقودا البلاد إلى انتخابات نيابية ورئاسية في ديسمبر القادم.

ويتفق الخبراء على أن هناك عقبات تهدد بنسف العملية السياسية الليبية، تتمثل في: خلافات توحيد المؤسسة العسكرية، وتمسك تركيا بوجودها العسكري في ليبيا، وتأكيد المشير خليفة حفتر على عدم خضوعه لأي سلطة مدنية، ورفض الإخوان والحكومة المؤقتة لوجود أي دور سياسي لحفتر في الفترة القادمة، وأيضا خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد.

ويعد من أهم المشكلات التي تواجه حلحلة الأزمة الليبية، مسألة عودة سيف الإسلام القذافي إلى المشهد السياسي، وسط تلميحات باستعداده لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة، جيث قالت وكالة «بلومبرغ» الأميركية إن الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين يسعى لإحداث تحالف بين المشير خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي.

وبحسب الوكالة، فإن الرئيس فلاديمير بوتين يتحدى الولايات المتحدة وأوروبا وكذلك تركيا من أجل أن يصل سيف القذافي لسدة الحكم، حسبما نقلت الوكالة عن ثلاثة مصادر في موسكو على دراية بالجهود الروسية في هذا الإطار.

وتقول الوكالة إن موسكو تضغط على المشير خليفة حفتر «لدعم منافسه في السابق سيف الإسلام فيما سيكون تحالفهما مزيجًا انتخابيًا لا يُهزم». ونقلت عن مصادر أخرى في ليبيا، لم توافق على ذكر اسمها، أن حفتر نفسه (77 عامًا)، يريد التنافس على الرئاسة.

وقال شخص مقرب من الكرملين إن بوتين شعر بالرعب من طريقة مقتل القذافي، وأن الرئيس الروسي يعتبر ليبيا «قضية شخصية للغاية ويشعر بالمسؤولية تجاه سيف الإسلام».

لكن هذا الطرح الروسي يقابل برفض من تركيا والولايات المتحدة وأوربا، حيث قال مسؤول كبير في أنقرة إن تركيا تعتبر فكرة عودة القذافي غير موجود ضمن نطاق الاحتمالات، وهو الموقف ذاته الذي يتخذه المسؤولون في الولايات المتحدة وأوروبا.

ووفق الوكالة، يمكن لقوانين الانتخابات المرتقبة أن تمنع من الناحية النظرية سيف القذافي من الترشح، أو تثير مشكلة ازدواج الجنسية الأميركية الليبية لحفتر.

اعتبر مساعد وزير الخارجية الأميركي بالنيابة المكلف بالشرق الأدنى، جوي هود، أن دور المشير خليفة حفتر، وجميع الجهات السياسية والعسكرية الأخرى في المشهد الليبي هو «قرار يخص الشعب الليبي والليبيين فقط».

ويقول مراقبون إن هناك موانع قانونية ربما تحول دون ترشيح سيف الإسلام القذافي في الانتخابات الرئاسية رغم شعبيته وإعلان عدد من القبائل الليبية الكبرى تزكيته، من هذه الموانع أنه مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية ومحكوم عليه بالاعدام من احدى المحاكم الليبية.

وفي ظل كل هذه الأوضاع المتأزمة عاد الحديث مرة أخرى عن سيناريو تقسيم ليبيا، وهذه ما ترفضه مصر جملة وتفصيلا لما يمثله ذلك على الأمن القومي المصري والعربي

تحركات مصر لمنع سيناريو التقسيم 

في ظل كل هذه العقبات يشير الكثير من الخبراء إلى أن إجراء الانتخابات في موعدها في ظل هذه الظروف شبه مستحيل، وهذا ما يفتح الباب مجددا عن سيناريو «تقسيم ليبيا»، الذي تقوده الكثير من القوى الدولية وعلى رأسها تركيا، لذلك تسابق مصر الزمن من أجل افشال هذا السيناريو واجهاض أحلام أردوغان والإخوان وبعض القوى الدولية والإقليمية.

ومنذ فترة تقوم مصر بجهود حثيثة من أجل توحيد المؤسسة العسكرية الليبية وجميع المؤسسات الليبية، حيث تم عقد عدد من الاجتماعات في القاهرة، بمشاركة اللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة المصرية، وسامح شكري، وزير الخارجية، واللواء مساعد وزير الدفاع للشؤون الخارجية، واللواء رئيس المخابرات الحربية، ورئيسي أركان الجيش الليبي الفريق عبدالرازق الناظوري، واللواء عبدالرحمن الطويل، بالإضافة إلى رئيسي وفدي الجيش الليبي، اللواء فرج الصوصاع واللواء على عبدالجليل، وأعضاء اللجنة الوطنية المعنية بالملف الليبي.

كما تقوم مصر بتحركات مكثفة وحثيثة من أجل إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، حيث تعتبر وجودهم في ليبيا تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري ووحدة ليبيا، حيث قال سامح شكرى وزير الخارجية، أن التدخلات الخارجية في ليبيا، وجلب المسلحين الأجانب يشكل تهديدا جسيما للأمن القومي المصري والعربي، متهما أطرافا خارجية بزعزعة الاستقرار.

وقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة على ضرورة إنهاء التدخلات الأجنبية، وخروج كافة المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا فورا.

وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن استعادة سيادة ليبيا تبدأ بسحب القوات الأجنبية والمرتزقة، مؤكدًا دعم مصر الكامل لهذه الجهود خلال كافة تحركاتها على الصعيد الثنائي والإقليمي والدولي، مؤكدا حرص مصر على موقفها الثابت القائم على الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية، وصون مقدرات الشعب الليبي الشقيق، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا.

كم تقود مصر جهودا حثيثة من أحل انجاح المسار السياسي في ليبيا، حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، على دعم مصر الكامل للمجلس الرئاسي، وحكومة الوحدة الوطنية الليبية، في مهامهما خلال المرحلة الانتقالية بهدف استعادة ليبيا لأمنها واستقرارها، وصولًا إلى عقد الانتخابات الوطنية في موعدها المحدد في ديسمبر القادم، وذلك كخطوة أساسية على طريق التسوية السياسية للأزمة الليبية من خلال تفعيل الإرادة الحرة للشعب الليبي، وفي إطار دعم مصر الكامل لليبيا في مسارها السياسي على اعتبار أن أمنها القومي يمثل امتدادًا للأمن القومي المصري.

الضبابية الشديدة

يقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن الوضع في ليبيا يسوده نوع من الضبابية الشديدة، مشيرا إلى أن عقبات كثيرة تواجه اجراء الانتخابات الليبية في موعدها المحدد في 24 ديسمبر القادم منها، وجود أزمة قانونية واجرائية تتمثل في عدم الاتفاق على كيفية اجراء الانتخابات. 

وأشار إلى أن البعض يتحدث عن اجرائها طبقا للإعلان الدستوري القائم، وهناك فريق يريد عمل قاعدة دستورية أو دستور جديد، وهناك من يطالب بتأجيل الانتخابات، وهناك من يريد اجراء الانتخابات البرلمانية ثم إجراء استفتاء على دستور جديد ثم اجراء الانتخابات الرئاسية، وهناك من يصمم على اجراء الانتخابات كلها في وقتها، وكذلك أزمة انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا في ظل اصرار الجانب التركي على عدم مغادرة ليبيا. 

وأيضا وجود أزمة ثقة بين الفرقاء الليبيين، ورفض ترشيح العسكريين ومن يحملون الجنسية الأجنبية في هذه الانتخابات ومنهم المشير خليفة حفتر، بالاضافة إلى ظهور سيف الإسلام القذافي المدعوم من روسيا ومن انصار النظام القديم، وهناك من يرفض ترشحه باعتبار أنه مطلوب أمام الجنائية الدولية بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وكذلك عدم توحيد الجيش الليبي في ظل وجود جيشين وعدم خضوع المشير خليفة حفتر للسلطة المدنية، لافتا إلى أن الوضع في ليبيا معقد ومحير والصورة ضبابية وهناك تنازع في الأراء والاختصاصات ونوع من عدم الثقة الصامت، مشيرا إلى أن هناك تخوفات من اجراء الإنتخابات دون الاعتراف بنتائجها مثلما حدث في انتخابات 2014.

المغامرات والحماقات والأوهام

يقول السفير محمد الشاذلي، مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر السابق في السودان، إن ما يحدث في ليبيا هو نتيجة 40 عاما من حكم معمر القذافي، الذي ارتكب الكثير من المغامرات والحماقات والأوهام، مثل محاولته غزو تشاد وعداءه لمصر وتفجير لوكيربي، هذا السلوك حول ليبيا إلى بؤرة من التطرف وخلق مناخ غير صحي داخل ليبيا، وبالتالي الوضع في ليبيا لن يتم حله بين يوم وليلة. 

وأشار إلى أن ليبيا بعد سقوط القذافي أصبحت مطمع للكثير من الجهات خاصة وأن ليبيا دولة بترولية ولها موقع مميز على البحر المتوسط، مشيرا إلى أن ظهور سيف الإسلام القذافي وسعيه ليكون له دور في المرحلة القادمة أصابه بالغضب، لافتا إلى أن مصر طالبت باخراج المرتزقة من ليبيا، سواء التابعين لتركيا أو قطر أو روسيا أو الولايات المتحدة، وبالتالي إعلانها لدعم سيف الإسلام القذافي لرئاسة ليبيا يكشف عن وجهها القبيح والحقيقي.

وأوضح أن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر يحارب ضمن مجموعات متقاتلة، وبالتالي هو يرفض أن يضع نفسه تحت وصايا أو قيادة أحد لأن ذلك يعتبر انتحارا سياسيا بالنسبة له، لافتا إلى أنه يراهن على ظهور قيادة واعية حكيمة في ليبيا تتعظ مما يحدث في سوريا ولبنان واليمن والعراق، ولها نظرة جديدة وواعية تجاه مستقبل ليبيا، مؤكدا على أن توحيد الجيش الليبي هي الخطوة الأهم والأولى لاستقرار ليبيا وسلامتها.  

ولفت إلى أن أول مظهر من مظاهر وحدة البلد أن يكون لها جيش موحد، لافتا إلى أن معالجة الوضع في ليبيا يحتاج لجهد جبار، وأول هذا الجهد هو بناء الثقة والتوعية، واقناع كل الأطراف بأن استمرار الأوضاع على ما هي عليه ستكون وبالا على الجميع، مستبعدا اجراء الانتخابات في موعدها في ظل انعدام الثقة وفي ظل هذا المناخ السائد، مشككا في التزام الأطراف الليبية بنتائج الانتخابات لو اجريت في موعدها، لافتا إلى أن هناك أطراف ترغب في تقسيم ليبيا، لكن مصر وتونس ودول الشمال الأفريقي لن تقبل بذلك.