رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

علاقة سد النهضة واللوبي الصهيوني .. سيناريوهات حل مجلس الأمن بعد فضيحة 8 يوليو

النبأ

 

شكرى: مشاورات المجلس تعقدها الاعتبارات السياسية ومواءمات المصالح  

 

خبراء: فرص نجاح الإصلاح شبه معدومة لأنها تعنى خسارة الدول الخمس لنفوذها  

 

حسن: إصلاح مجلس الأمن مستحيل بسبب سيطرة الدول الكبرى عليه

 

«أحمد»: اللوبي الصهيوني يسيطر على الولايات المتحدة الأمريكية التي تتحكم في مجلس الأمن

 

 

بعد جلسة مناقشة أزمة سد النهضة تعرض مجلس الأمن لانتقادات شديدة من جانب مصر والسودان، وعاد الحديث من جديد عن إصلاح مجلس الأمن.

 

والمطالب بإصلاح مجلس الأمن بدأت عام 1965 بعد تصديق ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، بما في ذلك الدول دائمة العضوية على زيادة عضوية الدول غير الدائمة من ستة أعضاء إلى عشرة أعضاء، ثم تكررت المطالبات والمحاولات لاحقًا ولكن دونما تحقيق أي ثمار مرجوة وهو ما يشير بجلاء إلى أن هناك عقبات تعرقل أي عملية لإصلاح المجلس.

 

ويضم مجلس الأمن الدولي 15 عضوا. لكن الدول العشر غير الدائمة العضوية فيه التي تتجدد كل خمس سنوات لا تملك حق الفيتو بخلاف الدول الخمس الدائمة العضوية.

 

مصالح متضاربة

 

قال وزير خارجية مصر "سامح شكري" إن مجلس الأمن تجنب وتجاهل إدانة التعبئة الثانية لسد النهضة، مشيرًا إلى أن مشاورات المجلس تعقّدها الاعتبارات السياسية والمواءمات، للحفاظ على المصالح مع الدول الثلاث.

 

وأضاف أن عقد الجلسة "جاء بعد جهد شاق من مصر والسودان واتصالات كثيفة"، لكنه حذر من أن هناك "مصالح متضاربة"، قائلًا إن "بعض أعضاء مجلس الأمن ربما لا يرغبون بأن تكون بعض المواقف محل إثارة في المجلس".

 

إصلاح مجلس الأمن

 

وقد دعا قادة دول عدة من مختلف القارات خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة أكثر من مرة  للقيام بإصلاحات على تركيبة مجلس الأمن الدولي.

 

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس: "نعرف أن العلاقات بين القوى العظمى في العالم اليوم تعاني من عدم انتظام ما يجعل اتخاذ القرارات أمرا صعبا في مجلس الأمن الدولي". ولا يبدو أن هذا الوضع سيتغير في المستقبل القريب.

 

وقال الرئيس الأنجولي جواو لورينسو "يجب التوصل إلى تشكيلة تعكس بشكل أفضل تمثيل الشعوب والأمم والقارات"، مؤكدا على العالم بحاجة إلى مجلس أمن "يكون أكثر شفافية وديمقراطية وتمثيلا".

 

وطالب رئيس كوستاريكا كارلوس ألفارادو بتسمية هذه الهيئة الأممية العليا "مجلس الأمن البشري" معربا عن أسفه لكون الدول الخمس الدائمة العضوية هي المنتج الرئيسي للأسلحة في العالم. وقال يجب أن يكون هيئة "قادرة على تجاوز الانقسامات الداخلية العميقة للعمل بشكل موحد وبصوت واحد".

 

وقال رئيس الجمعية العامة، جوزيف دايس، إن الأمم المتحدة ستفقد مصداقيتها كمنتدى عالمي ذي أهمية بالغة إذا لم تستطع الدول الأعضاء الاتفاق على إصلاح حجم وعضوية ونظام عمل مجلس الأمن.

 

وأكد وزراء خارجية 12 دولة، بينها تركيا، ضرورة إصلاح مجلس الأمن الدولي، التابع للأمم المتحدة، لجعله "هيئة أكثر ديمقراطية وتمثيلا ومساءلة وشفافية وكفاءة".

 

واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن "مجلس الأمن الدولي لم يعد ينتج حلولًا مفيدة اليوم"، ودعا إلى "تحديث الهيئات الدولية".

 

وقالت الكويت، إن المجموعة العربية تتمسك بتحقيق إصلاح "حقيقي وشامل" لمجلس الأمن، لاسيما بصفته الجهة الرئيسية المنوط بها حفظ السلم والأمن الدوليين بموجب ميثاق الأمم المتحدة ليصبح "أكثر قدرة وفعالية" على مواجهة التحديات ذات الصلة والتغلب عليها، وذلك في إطار "أكثر تمثيلا وشفافية وحيادية ومصداقية".

 

في 2013، أعلنت المملكة العربية السعودية رفضها شغل مقعد غير دائم من مقاعد مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة وذلك بعد ساعات من وقوع الاختيار عليها لتشغل المقعد للمرة الأولى في تاريخها.

 

روسيا تعترض

 

قال دميتري بوليانسكي نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، إن موسكو تعارض بشكل مباشر، زيادة عدد أعضاء مجلس الأمن الدولي.

 

وأضاف بوليانسكي، في حديث صحفي: "نحن نركز على أن أي إصلاح لمجلس الأمن الدولي، يجب أن يحظى بأوسع موافقة ممكنة، وأن يؤدي إلى تكوين أكثر توازنا للمجلس. نشير علانية ومباشرة إلى أننا ضد زيادة عدد دول الغرب الجماعي في مجلس الأمن الدولي، ويشمل ذلك ألمانيا واليابان".

 

وشدد على ضرورة، تحقيق التوازن في تكوين مجلس الأمن الدولي، ويجب أن يدور الحديث عن زيادة مشاركة الدول النامية فيه. ونوه بوليانسكي بأن العدد المثالي لأعضاء المجلس، هو 20 دولة وأكثر.

 

وقال: "نهجنا في الإصلاح لا يعني توسعيا آليا للمجلس، وفقا لمبدأ ليكن التمثيل 50 بدلا من 15". وأضاف: "يجب أن يبقى مجلس الأمن هيئة قادرة على العمل ويمكن إدارتها. تحقيق موقف مشترك في المجلس في وضعه اليوم، يتطلب منا ساعات طويلة من العمل. وطبعا إذا تم توسيع قوامه بشكل كبير، فستزداد مشاكل تنسيق المواقف فيه. لذلك، نعتبر العدد الأمثل، 20 دولة أو أكثر بقليل".

 

مجلس الأمن واللوبى الصهيوني واليهودي

 

يؤكد الكثير من الخبراء على أن اللوبي الصهيوني الاسرائيلي يسيطر على السياسات الخارجية للولايات المتحد، من هنا يتضح أن اللوبي الصهيوني وعلى رأسه الايباك هو أداة عملية لحكومة أجنبية هي حكومة اسرائيل، يمسك بعصب حياة كونجرس الولايات المتحدة بل يختطف السياسة الخارجية، ويهيمن على السياسة الداخلية للولايات المتحدة.

 

كما يرى الكثر من الخبراء، أن فرص نجاح الإصلاح "شبه معدومة لأنها تعني خسارة نفوذ للدول الخمس الدائمة العضوية"، معتبرين أن إصلاحه يبدو مستحيلا لأنه مصمم لخدمة الدول الخمس دائمة العضوية التي تحتكر القرار بهذا الشأن.

 

إصلاح مجلس الأمن مستحيل

 

يقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إنه لم يكن متوقعا أن يتولى مجلس الأمن بحث الموضوع من الناحية الموضوعية، مشيرا إلى أن موضوع سد النهضة عندما عرض للمرة الأولى على مجلس الأمن قام بتحويله إلى الاتحاد الإفريقي بدعوى أنه أدرى بظروف الدول الإفريقية والأقدر على تسوية هذا الملف، لافتا إلى أن عرض الموضوع على مجلس الأمن كان من قبيل المتابعة، وكان معروفا منذ البداية أن مجلس الأمن لن يقوم بإصدار قرار.

 

وأضاف «حسن»، أن إصلاح مجلس الأمن أمر مستحيل بسبب سيطرت الدول الخمس الكبرى عليه، مشيرا إلى أن هذه الدول لن توافق على التنازل عن الامتيازات التي تحصل عليها من مجلس الأمن، لافتا إلى أن هناك مشكلتين في عملية إصلاح مجلس الأمن، المشكلة الأولى أنه ليس هناك اتفاق داخل كل مجموعة إقليمية على من يتولى مقعد هذه المجموعة، فهناك خلافات شديدة جدا بين مصر ونيجيريا وجنوب إفريقيا على من يتولى مقعد إفريقيا، وهناك خلاف شديد في أمريكا اللاتينية بين المكسيك والبرازيل والأرجنتين ودول أخرى على من يشغل المقعد الدائم، وكذلك خلافات بين اليابان وأندونيسيا والهند، حتى يوجد خلال في الاتحاد الأوربي، المشكلة الثانية هي أن إصلاح مجلس الأمن في يد الأعضاء الخمسة الدائمين، وهم الذين وضعوا هذا النظام منذ الحرب العالمية الثانية وأعطاهم مزايا لن يتنازلوا عنها.

 

وتابع مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن إفريقيا متعاطفة مع إثيوبيا في ملف سد النهضة، مشيرا إلى أن الأفارقة يرون أن مصر تبالغ في الأضرار، لافتا إلى أن الحديث عن عدم اختصاص مجلس الأمن في قضايا المياه غير صحيح، موضحا أن لجوء مصر لمجلس الآن كان محاولة للضغط على إثيوبيا، منوها إلى أن موقف الدول الكبرى مثل روسيا والصين وفرنسا كان معروفا ومتوقعا.

 

مشوه وغير عادل

 

يقول الدكتور إبراهيم أحمد، رئيس قسم القانون الدولي السابق بجامعة عين شمس، أن المطالبة بإصلاح مجلس الأمن مطالبات قديمة جدا، مشيرا إلى أن الفترة الماضية أثبتت وجود تشوهات كثيرة جدا وعدم عدالة في عمل مجلس الأمن سواء في تشكيل المجلس أو في طريقة اصدار قراراته وممارسته لعمله، مؤكدا على أن المجلس ساهم في حفظ الأمن والسلم الدوليين ولكن بطريقة انتقائية، بمعنى عدم تطبيق نفس القواعد في كل الحالات وكل المشكلات، فمثلا بعض المشكلات انحاز فيها للمعتدي والمخالف، وهذا نتيجة لسيطرة بعض الدول على مقدرات المجلس، نتيجة وجود الفيتو الممنوح للدول الخمس الكبرى دون بقية دول العالم، لافتا إلى أن هذه السياسة أتاحت للدول الكبرى السيطرة على قرار المجلس، مشيرا إلى أن المجلس يغض الطرف عن بعض الحالات ويتدخل في حالات أخرى نتيجة لسياسات بعض الدول المسيطرة أو المهيمنة على مجلس الأمن.

 

وأضاف «أحمد»، أن مجلس الأمن لم يتدخل لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الفلسطينيين، نتيجة انحياز الولايات المتحدة إسرائيل أو عدم اطلاع المجلس بدوره في حفظ السلم والأمن الدوليين عند الاعتداء على الفلسطينيين، مشيرا إلى أن اللوبي الصهيوني يسيطر على الولايات المتحدة الأمريكية، ولأن الولايات المتحدة هي الدولة الأكثر تحكما سواء في مجلس الأمن، أو في توجيه السياسة الدولية بصفة عامة، فإن اللوبي الصهيوني يستغل كل إمكانيات الولايات المتحدة لصالحه، مؤكدا على أن مصالح الدول الكبرى هي التي تتحكم في قرارات مجلس الأمن، واصفا عملية إصلاح مجلس الأمن بالمستحيلة، لأن إصلاح مجلس الأمن يحتاج إلى موافقة الدول الخمسة دائمة العضوية، وهذه الدول لا يمكن أن توافق.

 

ولفت استاذ القانون الدولي، إلى أن القول بعدم اختصاص مجلس الأمن في قضايا المياه غير صحيح، لأن أزمات المياه يمكن أن تؤدي إلى نشوب حروب، وهذا يهدد السلم والأمن الدوليين، وهما من أهم اختصاصات مجلس الأمن، وبالتالي لا يمكن القول بأن مشاكل المياه ليس من اختصاص مجلس الأمن، مشيرا إلى أن الحرب يمكن أن ينجم عن تعنت دولة مثل إثيوبيا مثلا وافتئاتها على حقوق دول أخرى مثل دول المصب مصر والسودان، وهذه الدول لن تضيع حقوق شعوبها وبالتالي هذا يهدد السلم والأمن الدوليين، مؤكدا أنه لم يكن متفائلا بأي دور للمجلس في موضوع سد النهضة نظرا لسيطرة الدول الكبرى عليه، لكن رغم ذلك المجلس أتاح لمصر عرض وجهة نظرها والظلم الذي وقع عليها وأنها قد تضطر إلى استخدام القوة للحفاظ على حق شعبها.