رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هل كانت ليلة القدر موجودة لدى الأمم السابقة؟.. علي جمعة يجيب

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة


قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق إن الله تعالى اختص  رمضان بليلة القدر، وليلة القدر مركب إضافي، يتوقف فهم معناه على فهم جزأيه، والجزء الأول من هذا المركب لفظ ليلة وهي في اللغة: من غروب الشمس إلى طلوع الفجر, ويقابلها النهار.

 وثانيهما: القدر , ومن معاني القدر في اللغة: الشرف والوقار, ومن معانيه: الحكم والقضاء والتضييق.

وأضاف “جمعة” عبر صفحته الرسمية على فيس بوك" أن الفقهاء اختلفوا في المراد من القدر الذي أضيفت إليه الليلة فقيل: المراد به التعظيم والتشريف، والمعنى: أنها ليلة ذات قدر وشرف لنزول القرآن فيها، ولما يقع فيها من تنزل الملائكة، أو لما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة, أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر وشرف.

وقيل: معنى القدر هنا التضييق، ومعنى التضييق فيها إخفاؤها عن العلم بتعيينها, أو لأن الأرض تضيق فيها عن الملائكة, وقيل: القدر هنا بمعنى القدَر - بفتح الدال - وهو مؤاخي القضاء: أي بمعنى الحكم والفصل والقضاء.

 قال ابن قدامة: ليلة القدر هي ليلة شريفة مباركة معظمة مفضلة. ثم قال: وقيل: إنما سميت ليلة القدر لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة من خير ومصيبة , ورزق وبركة. [المغني لابن قدامة].

وأشار إلى أن ليلة القدر خير ليلة في العام، فهي خير من ألف شهر وهي ليلة مباركة، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ * لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ} [القدر:1: 5]. وقال سبحانه: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ في لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:3، 4].

قال النبي ﷺ : «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري ومسلم]. وقال النبي ﷺ: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان» [رواه البخاري].

وأكد أن ليلة القدر أفضل الليالي، والعمل الصالح فيها خير من العمل الصالح في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر, وأنها الليلة المباركة التي يفرق فيها كل أمر حكيم. وتنزل فيها الملائكة، وفي معنى نزول الملائكة فيها قال القرطبي : « أي تهبط من كل سماء ومن سدرة المنتهى فينزلون إلى الأرض ويؤمنون على دعاء الناس إلى وقت طلوع الفجر , وتنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالرحمة بأمر الله تعالى وبكل أمر قدره الله وقضاه في تلك السنة إلى قابل» [تفسير القرطبي].

وذكر أنه يندب إحياء ليلة القدر لفعل النبي ﷺ فإنه كان يجاور في العشر الأواخر، فصح عنه ﷺ أنه قال : «إني كنت أجاور هذه العشر، ثم بدا لي أن أجاور هذه العشر الأواخر، فمن كان اعتكف معي فليبت في معتكفه، وقد رأيت هذه الليلة فأنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في كل وتر» [رواه البخاري ومسلم]. وورد عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ : «كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر»[رواه مسلم].

ويكون إحياء ليلة القدر بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء, وغير ذلك من الأعمال الصالحة, وأن يكثر من دعاء : "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : «يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها قال قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني» [رواه الترمذي] قال ابن علان : بعد ذكر هذا الحديث : فيه إيماء إلى أن أهم المطالب انفكاك الإنسان من تبعات الذنوب وطهارته من دنس العيوب , فإن بالطهارة من ذلك يتأهل للانتظام في سلك حزب الله وحزب الله هم المفلحون.

 وونوه إلى أن ليلة القدر  لم تكن من خصائص شهر رمضان فحسب، بل إنها من خصائص هذه الأمة كما ذهب إلى ذلك ذهب جمهور الفقهاء، فرأوا أنها خاصة بالأمة المحمدية ولم تكن في الأمم السابقة، واستدلوا بما روي عن مالك بن أنس : أنه سمع من يثق به من أهل العلم يقول : «إن رسول الله ﷺ أري أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر» [رواه مالك في الموطأ].

ولما روي «أن النبي ﷺ ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر، قال فعجب المسلمون من ذلك، قال فأنزل الله عز وجل ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ...﴾ [رواه البيهقي في الكبرى].

وكان النبي ﷺ يبشر أصحابه بمقدم رمضان وليلة القدر، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : «كان النبي ﷺ يبشر أصحابه بقدوم رمضان، يقول : قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر» [رواه ابن أبي شيبة في مصنفه] وزاد أحمد في روايته : «من حرم خيرها فقد حرم (أي ليلة القدر).