رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الاكتفاء الذاتى من العلاج «حلم مستحيل» رغم إنشاء «مدينة الأدوية»

مدينة الدواء والرئيس
مدينة الدواء والرئيس السيسي


افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، مدينة الدواء، التى تعد الأولى من نوعها في مصر والشرق الأوسط، الأمر الذي يفتح الباب أمام أملا جديدا في توطين هذه الصناعة في مصر.

وأثارت هذه المدينة الجديدة، والدعاية التى احاطتها كثير من التساؤلات حول تأثيرها على سوق الدواء في مصر، ومدى قدرتها على تحقيق حلم "الاكتفاء بالأدوية المحلية" دون اللجوء للأدوية المستوردة باهظة الثمن خاصة لمرضى الأورام.

وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن مشروع مدينة الدواء بدأت فكرته منذ 7 سنوات، وكان التخطيط لبناء مصانع بشكل علمي وبجدارة عالية جدا، طبقا للمعايير العالمية المتقدمة، ويتبقى لنا الآن في مجال صناعة الأدوية تصنيع أدوية الأورام، مشيرا إلى أن امتلاك القدرة على تصنيع الدواء أمر حيوي يتجاوز فكرة التكلفة والمكسب.

وشدد على أن الدولة مستعدة لتوفير جميع التسهيلات لصناعة الدواء خاصة أدوية الأورام وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها، مشيرا إلى تشجيع القطاع الخاص وتوفير المخصصات المالية والتكنولوجية والخامات.

وطالب الرئيس بتصنيع المواد الخام لصناعة الأدوية، مشددا على أن الحكومة مستعدة لاتخاذ كل ما يلزم لتوطين صناعة الأدوية في مصر.

وأضاف أن الشركة المعنية بإنتاج مشتقات البلازما، التي نستوردها حاليا من الخارج، سوف تقوم بإنتاج تلك المشتقات خلال عامين، مبينا أن ذلك كان حلما سيتم تحقيقه، وقال إن مصر دولة كبيرة يعيش فيها أكثر من 100 مليون مواطن، مشيرا إلى أن اختبار جائحة كورونا أعطانا دروسا في تأمين المستلزمات الطبية بشكل متكامل.

ولفت إلى أن امتلاك القدرة على صناعة الدواء هو الهدف الأساسي الذي نسعى لتحقيقه وليس فقط الاستثمار أو تحقيق المكاسب المادية، وطالب بأن تكون جدارة المنتج الدوائي تشمل كل مراحل الإنتاج، بنسبة لا تقل عن 100%، لتكون بمثابة شهادة ثقة دولية للمنتج المصري، لافتا إلى أن هذا هو الهدف من إنشاء المدينة وأن الدولة مستعدة لتمويل مرحلتها الثانية مهما تكن تكلفتها.

وتعرف مدينة الدواء، بأنها مدينة متخصصة فى تصنيع وإنتاج الأدوية واللقاحات والأمصال للسوق المصرى، وتقام على مساحة 180 ألف متر، وتعتبر الأكبر فى الشرق الأوسط وتقام فى منطقة الخانكة.

وتستهدف تصنيع وإنتاج الأدوية واللقاحات كما أن لها جدوى اقتصادية كبرى، وهى جذب استثمارات ضخمة لقطاع الدواء والأمصال، من خلال استقطاب الشركات الاستثمارية الكبرى فى هذا القطاع لضخم استثمارات فيها، ومن ثم توفير فرص عمل جديدة والحد من الاستيراد، بل التوجه للتصدير.

وتعتبر مدينة الدواء واحدة من المدن الإنتاجية الجديدة التي تقوم مصر بتدشينها، مثل مدينة الروبيكي للجلود والأثاث في دمياط ومدينة الذهب وغيرها من المدن الصناعية المتخصصة، التى تستهدف دعم وتقوية الصناعة الوطنية في كافة القطاعات.

واستطاعت الدولة المصرية تزويد المدينة بأحدث التقنيات والنظم العالمية في إنتاج الدواء، لتصبح بمثابة مركز إقليمي يجذب كبرى الشركات العالمية في مجال الصناعات الدوائية واللقاحات، وهذا يعتبر أحد الأهداف الرئيسية من تدشين هذه المدينة الكبيرة وبتكلفة مرتفعة لتكون نقطة انطلاق لاستقطاب وجذب الاستثمارات للقطاع.

وتصل الطاقة الإنتاجية لمدينة الدواء إلى 150 مليون عبوة سنويا، وتضم المدينة حتى الآن مصنعين منهما مصنع الأدوية غير العقيمة يضم 15 خط إنتاج، يوفر ما تحتاجه الدولة من أدوية، وتقع المدينة في منطقة الخانكة بمحافظة القليوبية، حيث تمتد مدينة الدواء الطبية على مساحة 182 ألف متر، وتقام على مرحلتين الأولى بمساحة 120 ألف متر، وهي عبارة عن جزأين، الأول يضم مصانع إنتاج الأدوية العقيمة على 33 ألف متر، وتتكون من 10 خطوط إنتاج، أما الجزء الثاني من المرحلة الأولى لمدينة الدواء مخصص للمنطقة العقيمة، ويضم 5 خطوط إنتاج، فضلا عن مخازن آمنة تشغل مساحة 7 آلاف متر بارتفاع 15 مترا، وتضم 5 مبان إدارية خاصة بالمصنع، فيما تقع المرحلة الثانية من المشروع على مساحة 60 ألف متر، وهي مخصصة لمصانع إنتاج الأدوية المعقدة مثل الأورام والهرمونات.

ووفق تقديرات غرفة صناعة الدواء فيبلغ صادرات القطاع 250 مليون دولار كمتوسط فى العام، قابلة للارتفاع والهبوط، وهذا الحجم لا يتناسب مع صناعة الدواء فى مصر، والمدينة الجديدة تعتبر فرصة كبرى للارتقاء بحجم الصادرات.

تقليل الفجوة
وفي هذا السياق، قال على عوف رئيس غرفة صناعة الأدوية، إن تلك المدينة لن تحقق الاكتفاء الذاتي من الأدوية، ولكنها ستساعد في تقليل حجم الاستيراد من الأدوية.

وأوضح في تصريح خاص ل"النبأ" أن مصر تستورد 15% من الأدوية، وتصنع 85% أبرزها أدوية السرطانات والهرومان وأمراض الدم وبنسبة 50% لأدوية الأنسولين. مشيرا إلى أن العرف السائد في العالم هو التكامل بما يعنى أنه لا توجد دولة في العالم تستطيع تغطية جميع احتياجاتها من الدواء بنسبة 100%، والدليل على ذلك أن لقاح كورونا "فايزر" هو لقاح ألماني ولكن تم التعاقد مع فايزر، من أجل دخوله أمريكا.

وأضاف أن مدينة الدواء ستستطيع تغطية الفجوة في نسبة الاستيراد لتكون 3 أو 4% بدلا من 15% بعد 5 سنوات ولكن لا يمكن الاكتفاء الذاتي خاصة أن التقدم العلمي أساسه الدول الأوربية والأمريكية وبالتالي أي اكتشاف جديد في مرحلته الأولية لن نستطيع تصنيعه بمفردنا دون الاستعانة بما تنتجه هذه الدول، وهو ما حدث في لقاح كورونا.

وتابع: "ما نستطيع الاجتهاد فيه عمل مدينة الدواء بما تملكه من تقنية عالية، تستطيع استيعاب الأدوية وتصنيعها الحديثة والباهظة وتوفيرها بسعر أقل من المستوردة"، مضيفا: "ميزة المدينة أيضا أنها ليس مثيل في دول الشرق الأوسط والإفريقية مما يجعلها مصدرا لتوفير الأدوية الحديثة التى تحتاج لتقنيات عالية توفرها إمكانيات المدينة".

من جانبه أكد الدكتور محمود فؤاد، رئيس المركز المصري للحق في الدواء، أنها خطوة أولية جيدة جدا، كنا بحاجة إليها، خاصة أن هذا المشروع كانت بدأت فكرته منذ 15عاما، ثم توقفت لتعود من جديد ويتم تنفيذها على أرض الواقع.

وأضاف أن فاتورة أدوية الأورام ومشتقات الدم المستوردة باهظة الثمن، ففكرة وجود مدينة متكاملة بها حوافز للمستثمرين، وضمانات تشجع الشركات العالمية للاستثمار في مصر لبيئتها الصناعية الخصبة، وتسهيلاتها، بالإضافة إلى توفير فرص عمل وعملة صعبة وكذلك بيفتح المجال أمام شركات القطاع الخاص.

وتابع: "مصر لديها مشكلة حقيقية تتمثل في عدم قدرتها على تصدير الأدوية، وهو ما يجعل هناك فرصة في تحقيق هذا الهدف خاصة في أدوية مشتقات الدم للدول الإفريقية خاصة أن مصر قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال".

وأضاف: "تأثير ومردود مدينة الدواء لن يأتي في الوقت الحالي، ولكن على المدى البعيد، خاصة أن 95% من صناعة الدواء في الشرق الأوسط ودول إفريقيا تعد استيرادا من الخارج، بالتالي نحن بحاجة لبيئة صناعية وقوانين، هو ما حدث في وجود المدينة والتشريعات في هيئة الدواء العليا والتجارب السريرية". متابعا" تأمين الدواء والغذاء الهدف الأهم في دول العالم".

وتابع: "مصر تستورد بقيمة تتجاوز الـ7مليارات جنيه سنويا، خاصة أدوية التأمين الصحى ونفقة الدولة، ومن الممكن توفيره بتلك البيئة المهيئة لذلك". متابعا "في خلال ٣ او 5سنوات سنرى مردوده على الواقع".

مصر رائدة
بدوره، أشاد أيمن أبو العلا، عضو مجلس النواب، ورئيس لجنة الصحة بالبرلمان السابق، بهذه المدينة، وقال إن مصر كانت رائدة في تصدير الدواء صناعة الدواء، ووجود مدينة متخصصة بهاالاكاديميون والمضانع يعتبر انجازا في مجرى الرعاية الصحية بمصر.

وأضاف: "جاءت المدينة لتوفير الأدوية الناقصة وخاصة المستوردة في مجال السرطانات، كما أنها ستوفر العملة الصعبة التى تتكبدها مصر سنويا".