رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لربات البيوت.. «أغذية» تتفوق على الأدوية في تقوية المناعة لعائلتك

أطعمة
أطعمة


«عدس»، «حمص شام»، «كرنب»، وثنائى «البرتقال واليوسفي» هى مكونات رئيسية لا غنى عنها ولا بديل لها فى قائمة الطعام المصغرة التى تقوم معظم الأمهات بإعدادها وقراءتها مرات ومرات على الأبناء وحفظها كقائمة ثابتة واجبة التقديم لكل أفراد الأسرة طوال فصل الشتاء فهى قائمة «حاضرة دائماً» تستخدم من أجلها الأمهات كل سبل الإقناع لإلزام الجميع بتناولها، وكلمة السر والهدف الذى يجتمعون عليه دائماً واحد هو تقوية جهاز المناعة.

يحاربون البرد والإنفلونزا ويبحثون عن الدفء والوقاية ويحاولون الالتزام بالوصفة المنزلية «الأضمن» لقضاء شتاء بلا أطباء كما توارثوها من الأجداد.

فى البداية توضح الدكتورة مارتينا بشرى أخصائية تغذية علاجية وعلاج السمنة والنحافة بكلية الطب جامعة الإسكندرية أن جهاز المناعة هو المدافع الأول عن الجسم ضد الكثير من البكتيريا والفيروسات المسببة للأمراض، وأنه بعيدا عن الأدوية والعقاقير الطبية التقليدية هناك بعض الأطعمة والمشروبات التى تحتوى على الكثير من الفيتامينات والمعادن التى تعين الجسم على مقاومة الأمراض وقد تكون بديلاً أفضل وأكثر توافراً من الأدوية فى سبيل تقليل إصابة الأطفال ـ الأكثر تضررا من تقلبات الشتاء- وكذلك الكبار الذين يصابون بالإنفلونزا ونزلات البرد، مشيرة إلى العديد من الأمثلة على أطعمة تساند جهاز المناعة وتساعد على تقويته كالجوافة والليمون والبرتقال واليوسفى والفلفل الألوان والكيوى لأنها تحتوى على نسبة كبيرة من فيتامين C بالإضافة إلى تأثيرها السريع والقوى فى مواجهة نزلات البرد والإنفلونزا والسعال، بل تقلل فرص إصابة الأطفال بالأمراض وتساعدهم على المقاومة دون تناول أى أدوية.

وأشارت «مارتينا» إلى أن المسألة لا تقتصر على هذا العدد المحدود من الوجبات المفيدة لوقاية فى الشتاء كما هو الاعتقاد السائد لدى معظم الأمهات، فهناك مثلاً «البروكلي» الذى يغفل أهميته الكثيرون مؤكدة أنه من أفضل الخضراوات لصحة الأطفال والكبار لأنه يحتوى على نسب عالية جداً من الألياف ومضادات الأكسدة وغنى بالمعادن والفيتامينات مثل فيتامين c و A، كما يمنع الإصابة بالعديد من الأمراض، وكذلك «الثوم» الذى يستخدم بشكل فعال جدا فى تقوية جهاز المناعة ضد أى نوع من أنوع الالتهابات خاصة أنه يعد مضادا قويا للسموم، وتنصح »مارتينا« بضرورة إشراك الثوم فى معظم الوجبات الغذائية الخاصة بالأطفال. كما تناولت «مارتينا» أهمية العسل كأحد أهم مصادر الطاقة للجسم حيث يستخدم كمضاد للالتهابات ومقاوم للفيروسات وعلاج نزلات البرد مؤكدة أن ملعقة عسل واحدة للأطفال يومياً «على الريق» لها مفعول ساحر فى الوقاية. وانتقلت إلى فوائد «الأسماك» مشيرة إلى التونا والسلمون باعتبارهما الأكثر إفادة لاحتوائهما على «أوميجا 3» التى تزيد نشاط خلايا الدم البيضاء وتدمر البكتيريا وتساعد على تقوية المناعة، كما يحمى زيت السمك الجسم من الإصابة بأمراض القلب والشرايين ويساعد على تحسين المزاج وتقوية الذاكرة وأداء المخ بشكل عام.

ومن الأسماك إلى اللحوم التى تحتوى على الزنك الذى يزيد إنتاج خلايا الدم البيضاء والأجسام المضادة التى تحارب العدوي، كما لا يمكن إغفال البيض كمصدر غنى بالبروتين ويحتوى على فيتامين A الذى يساعد على تقوية جهاز المناعة وله خصائص مضادة للأكسدة ويحافظ على الخلايا التى تقاوم البكتيريا والفيروسات.

وتشير اخصائية التغذية العلاجية أهمية المكسرات النيئة غير المحمصة التى تمد الجسم بالفيتامينات اللازمة لتقوية جهازه المناعي، وعلى رأسها فيتامين هـ، ومن أفضل أنواع المكسرات اللوز، كما أشارت إلى بذور القرع أحد المصادر المهمة التى تمد الجسم بالزنك، وتحتوى أيضًا على معادن تعزز مناعة الجسم، وتساعد على زيادة كرات الدم البيضاء التى تساعد على مكافحة العدوي، وتحمى الجسم من الفيروسات.

ومن الأطعمة إلى قائمة لا تقل أهمية ولا تنوعا عنها من المشروبات الشتوية التى تساعد على الوقاية من الأمراض وتقف سدا منيعا أمام عدوى الشتاء، كالكركديه الذى يعد من أقوى المشروبات الغنية بالفيتامينات مثل فيتامين C وفيتامين A وفيتامين B1 وفيتامين E ومعادن مثل الفوسفور والحديد والكالسيوم كما يساعد على تقوية القلب والمعدة، ويحميها ويعالج مختلف حالات الربو الشعبي.

كما يقوم «الجنزبيل» بدور مهم فى مقاومة قائمة طويلة من الأمراض لأنه يحتوى على أقوى مضادات للأكسدة ولأن طعمه «مُر جداً» يمكن أن يتم إضافته لعصير الجزر مثلاً حتى نتمكن من تقديمه للأطفال حتى يحصل منه على أعلى فائدة ممكنة تحميه من البكتيريا والعدوى الطفيلية

كما تنصح «مارتينا» بضرورة الإكثار من شرب السوائل والماء التى ينساها الغالبية العظمى فى الشتاء لأنها تخفض نسبة السموم فى الجسم وتحسن من قدرته على مقاومة الفيروسات.

وتشير إلى أن هناك عادات وطقوسا أخرى يغفل البعض أهمية تأثيرها على الجسم فى فصل الشتاء موضحة أن ممارسة الرياضة والحركة المستمرة تساعد على تنشيط الدورة الدموية وتحافظ على الصحة بشكل عام لذلك فإن المشى أو الركض أو ركوب الدراجات لمدة 30 دقيقة يوميا قادرة على تعزيز جهاز المناعة، كما أن النوم لفترات كافية كل يوم مع أخذ قيلولة خلال اليوم إذا أمكن يزيد القدرة المناعية على عكس قلة ساعات النوم التى تجعلك أكثر عرضة للإصابة بأمراض مختلفة.

وتناولت «مارتينا» مجموعة من أشهر الأخطاء الشائعة التى تمارسها بعض الأمهات فى الشتاء، كامتناعهم عن إطعام أولادهن السمك والبيض واللبن والموز والزبادى عند ظهور أعراض البرد أو لاحظن ارتفاعا فى درجة الحرارة رغم أن هذه الأطعمة ليس لها أى تأثير فلا تزيد حدة دور البرد أو تُظهره بل على العكس هى أطعمة مفيدة لمناعة الجسد إلا إذا كان هناك حساسية منهما، ففى هذه الحالة فقط يجب تجنبهما.

كما انتقدت اللجوء إلى المضادات الحيوية فور الإصابة بنزلات البرد دون استشارة طبيب لأن ذلك يضر بجهاز المناعة ويضعفه، والأمر نفسه ينطبق على تناول أقراص فيتامين C باستمرار لتقوية المناعة رغم أننا لا نعلم ما يحتاجه الجسم يومياً فيما يُعرف علمياً بـ Recommended dietary allowance وهى الكمية المسموح بها يوميا طبقا للعمر فالرجل على سبيل المثال يحتاج 90 مجم يوميا والمرأة تحتاج 75 مجم فقط يوميا والقرص الواحد فيه 1000 مجم، هذه النسبة الزائدة على الحاجة تتحول إلى «أوكسلات» أملاح تترسب على الكلى وتتجمع فى صورة حصوات كلى لذلك فإن القرص الذى يتناوله البعض يومياً لتقوية جهاز المناعة تضرهم أكثر مما تنفعهم، مشيرة إلى أن بعض مستخدمى مواقع التواصل أصبحوا يتداولون صور روشتات أدوية خاصة بعد انتشار فيروس كورونا ينصحون بتناولها لتقوية المناعة، ولكن الأمر ليس كما يروج له البعض أبداً.

لذلك تنصح بتقوية المناعة عن طريق الغذاء فهو السبيل الآمن والأكثر ضماناً وليس الدواء، من خلال التركيز على الأطعمة الغنية بمواد وفيتامينات ومعادن مفيدة ومعرفة مدى تأثيرها وفائدتها كالجوافة والليمون والبرتقال والكيوى وكل ما تم ذكره والتنويع بينهما قدر الإمكان دون التركيز على نوع واحد.

وتشير إلى أن معاناة بعض الأمهات من فقدان شهية أطفالهن وسؤالهن عن أدوية فتح شهية أمر مغلوط تماماً ولا تحبذه لأن هناك فواتح شهية طبيعية للأطفال ومنها ما يساعد على تقوية مناعة الطفل فى فصل الشتاء، مُحذِّرة من تناول الحلوى بكل أنواعها خاصة المحفوظة فالمواد الحافظة الموجودة فى كيس واحد قادرة «تسد نفس طفل لأسبوع كامل» على حد وصفها.

ومن أمثلة محفزات الشهية الطبيعية للأطفال الفول السودانى وزبدة الفول السودانى الغنى بالبروتين ولكن بعد بلوغ عمر عام، وهناك الزبادى الغنى بالبروبايوتكس والكالسيوم مايحفز الشهية ويقوى جهاز المناعة، وكذلك عصير الليمون الذى يمكن تقديمه للطفل فى حالة عدم شعوره بالجوع لأنه يقوم بتحفيز العصارة الهاضمة فيتسبب فى إحساسه بالجوع، كما تنصح بكل ما هو غنى بالزنك كالبليلة وقرع العسل والكاجو والدجاج لنفس السبب حيث يقوم الزنك بتحفيز العصارة الهاضمة مما يحسِّن الشهية بخلاف تأثيرها على قوة جهاز المناعة.

كما تنصح بإضافة بعض التوابل الغنية بالفوائد للأطعمة بشكل عام ولأغذية الأطفال على وجه الخصوص مثل الزعتر والريحان والكركم والحبهان والقرفة التى تعد من أكثر محفزات الشهية إلى جانب احتوائها على مضادات الأكسدة اللازمة لتقوية المناعة، وتشير إلى الفواكه وأن هناك ما يتساوى مع البرتقال فى الفائدة كالرمان والخوخ والتفاح وعصائرها التى تقدم فوائد كبيرة وتفتح الشهية.

وتشير «مارتينا» إلى أنه يجب التأكد أولاً من أن الشخص والطفل على وجه الخصوص لا يعانى الأنيميا لأنها من أسباب فقدان الشهية وتقليل مناعة الجسم، موضحة أنه عند تشخيص الأنيميا يجب الأخذ فى الاعتبار بعض التعليمات المهمة التى يغفلها البعض حيث يبحثون عن الحديد فى المصدر النباتى كالسبانخ التى تحتوى على حديد ولكن بكميات قليلة و فيها »أوكسلات« تقلل من امتصاص الحديد، بمعنى أن السبانخ ليست المصدر الأساسى للحديد كما يعتقد بينما يكمن المصدر الرئيسى للحديد فى البروتين الحيوانى مثل الكبدة واللحمة والدجاج والسمك.

كما تشير إلى اعتقاد خاطئ سائد بخصوص تغير لون الباذنجان والتفاح «بيسود على حد وصف الكثيرين» وأن هذا دليل على نسبة كبيرة من الحديد ولكن الأمر ليس كذلك بل هو مجرد تفاعل oxidation browning reaction نتيجة للتعرض للهواء وليس له أى علاقة بالحديد إطلاقا، مشيرة إلى أن أفضل امتصاص لدواء الحديد يكون على معدة خاوية «بمعنى قبل وجبة الغداء مثلاً»، كما أن الغذاء الذى يحتوى على فيتامين سى يساعد على امتصاص الحديد من المصدر النباتى مثل عسل أسود بالليمون، ونصحت بتباعد الكالسيوم والحديد وعدم تناولهما معاً لأن الكالسيوم يقلل امتصاص الحديد، والأمر نفسه يحدث فى حالة شرب الشاى بعد الأكل مباشرة.