رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كواليس اتفاق «الشروط الـ4» لإتمام المصالحة المصرية القطرية

أمير قطر والسيسي
أمير قطر والسيسي


على الرغم من إعلان وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، توصل قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، خلال قمة العلا الأخيرة، إلى اتفاق يسمح بطي صفحة أزمة الرباعي العربي مع قطر، وعودة العلاقات الدبلوماسية بين كل من: السعودية والإمارات والبحرين ومصر، من جهة، وقطر من جهة أخرى، فإن المراقبين يرون الموقف المصري "ضبابيا" إلى حد كبير، حيث لم تعلن القاهرة موقفها رسميا حتى الآن، بشأن المصالحة مع قطر على وجه الخصوص.


أبرز الإشارات على غموض الموقف المصري، أو بالأحرى انتظار القاهرة، لما ستتخذه الدوحة من إجراءات، تؤكد حسن النية، كان في عزوف الرئيس عبد الفتاح السيسي عن المشاركة بنفسه في قمة العلا التاريخية، وخفض التمثيل المصري، بهذا الحدث المهم إلى مستوى وزير الخارجية، الذي وقع على اتفاق العلا ممثلا للدولة المصرية، وذلك على الرغم من أن مصر رحبت بالمصالحة بشكل عام.


وزارة الخارجية المصرية، أصدرت بيانا قالت فيه: "غادر وزير الخارجية سامح شكري المملكة العربية السعودية عائدا إلى أرض الوطن، بعد أن وقع، اليوم 5 يناير، على بيان العلا، الخاص بالمصالحة العربية".


وأضافت أن هذا الاتفاق "جاء لتكاتف الصف، وإزالة أية شوائب بين الدول العربية الشقيقة، ومن أجل تعزيز العمل العربي المشترك، في مواجهة التحديات الجسام التي تشهدها المنطقة"، وذلك دون الإشارة بشكل صريح إلى المصالحة مع قطر.


في الوقت ذاته قال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن، إن ظروف أزمة 2017، تختلف عن أزمة 2014، والشرح مختلف، وبالتالي التفاهمات مختلفة، على حد وصفه، قائلا في تصريحات لقناة "الجزيرة": "نحن لسنا في صدد أن تكون هناك شروط من دولة على دولة أخرى، الخطوات هي عودة العلاقات إلى طبيعتها ما قبل الأزمة، من قِبل جميع الأطراف".


واعتبر وزير الخارجية القطري أن المصالحة لا يمكن أن توصف بأنها نجاح لقطر، أو السعودية، أو أية دولة أخرى، بل نجاح للجميع، وقال: "نعتبر ما حدث مصالحة والسعودية مثلت كل الأطراف، والجميع شارك، والجميع وقع، وجدنا إرادة من الأطراف لحل الأزمة، وكانت عبر تفويض السعودية، لتمثيل باقي الدول".


بنود وثيقة العلا


ووفقا للتسريبات، التي خرجت عن بنود اتفاق العلا، فإنه يتضمن عددا من الاشتراطات تلتزم قطر بتنفيذها، مقابل عودة العلاقات كاملة، وبخاصة مع مصر، تتمثل في إعلان قطر عن قطع علاقاتها مع التنظيمات الإرهابية والطائفية والإيديولوجية، وعلى رأسها (الإخوان ـ داعش ـ القاعدة ـ فتح الشام ـ حزب الله)، وإدراجهم ككيانات إرهابية لديها، والانضمام إلى قوائم الإرهاب المعلنة من الدول الأربع، مع إيقاف جميع أشكال التمويل القطري، لأي أفراد أو كيانات أو منظمات إرهابية، وكذا المدرجين ضمن قوائم الإرهاب في الدول الأربع، وكذا القوائم الأمريكية والدولية المعلنة.


اتفاق العلا تضمن أيضا تسليم الدوحة لجميع العناصر الإرهابية المطلوبة لدى الدول الأربع، وكذا العناصر الإرهابية المدرجة بالقوائم الأمريكية والدولية المعلنة، والتحفظ على ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة الموجودة في قطر، وعدم إيواء أي عناصر أخرى مستقبلا، والالتزام بتقديم أية معلومات مطلوبة عن هذه العناصر، خصوصا تحركاتهم وإقاماتهم ومعلوماتهم المالية، وتسليم كل من أخرجتهم قطر بعد قطع العلاقات، وإعادتهم إلى أوطانهم.


كذلك وقف التدخل في شؤون الدول الداخلية، وتهديد مصالحها الخارجية، وهو البند الذي أكد عليه سامح شكري، وزير الخارجية، عند تعليقه على اتفاق العلا، معربا عن انتظار مصر أن يكون هذا البند هو الحاسم لقبول المصالحة مع قطر.


موقف الإخوان


يرى المحللون أن ما يتعلق بالإخوان، قد تأخذ وقتا كبيرا لدى قطر، حيث يتوقع المراقبون أن تكتفي الدوحة بإبعاد قيادات الجماعة، لكن دون تسليمهم إلى مصر.


وفي هذا الشأن بدأت جماعة الإخوان الإرهابية، البحث عن ملاذ آمن لها، حيث تواصل قادتها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لفتح أبواب استقبالهم، وعلى رأسهم يوسف القرضاوي.
وقالت مصادر مقربة من جماعة الإخوان الإرهابية، إن قادة الجماعة بدءوا في التواصل مع عدد من الدول، لتصبح ملاذا آمنا لكل الهاربين خارج مصر، على رأسها تركيا، وذلك من خلال الأجنحة التي يسيطرون عليها داخل الدولة التركية، كما تواصلوا مع الحكومة الماليزية، لمنح اللجوء السياسي لأعضاء الجماعة الإرهابية، خاصة أن الجماعة لديها قواعد إخوانية هربت من مصر واستقرت في ماليزيا، كما أن العديد من شباب الجماعة يدرسون الآن فى جامعات كوالالمبور.


وأوضحت المصادر أن من بين الدول المرشحة أن تكون ملجأ للجماعة خلال الفترة المقبلة، بريطانيا، وذلك لما يربط إبراهيم منير، نائب المرشد، بعلاقة قوية بالمخابرات البريطانية، كما ستكون إندونيسيا من بين الدول التي سيهرب عناصر الجماعة إليها، خاصة أن الجماعة بعد سقوط حكمها فى عام 2013 عقدت بعض المؤتمرات التحريضية خلال عام 2014 فى دولة إندونيسيا، كما أن للجماعة حزبا هناك يدعى حزب العدالة والرفاهية الإندونيسي.


4 شروط مصرية


ويرى السفير صلاح فهمي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن هناك 4 شروط مصرية أساسية، لن تتم المصالحة مع قطر دون تطبيقها، وهي: وقف التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وكذلك وقف الدعم القطري غير المحدود للإرهاب ولا سيما داخل الأراضي الليبية، بالإضافة إلى التوقف عن مناصرة الجانب الإثيوبي فيما يتعلق بأزمة سد النهضة، وأيضا تسليم قادة جماعة الإخوان المطلوبين للقضاء المصري.


وقال إن القاهرة رحبت بالمصالحة بشكل عام، إلا أن غياب التفاصيل حتى هذه اللحظة، يجعل الأمر غير مؤكد، خاصة إذا وضعنا في اعتبارنا أن أي من الجانبين لم يتخذ أية خطوة إيجابية واضحة نحو المصالحة، اللهم إلا تخفيف قناة الجزيرة من الهجوم على مصر، وحديثها الإيجابي لأول مرة، عن نجاح الاقتصاد المصري في مواجهة تداعيات كورونا. 
القاعدة التركية في قطر


بدوره يرى الدكتور جمال الشريف، منسق السياسة الخارجية بجامعة الدول العربية سابقا، أن الملف الليبي، الذي تنخرط فيه مصر والإمارات ضد تركيا، هو عامل آخر مهم تدركه الدول العربية، وسيكون له دور بارز فيما يتعلق بإجراءات المصالحة، والذي يجعل من شرط إغلاق القاعدة التركية في قطر أكثر إلحاحا


وأشار إلى أن استئناف العلاقات بين مصر وقطر، يتوقف التزام قطر، وهي ذات تاريخ غير جيد فيما يتعلق بالالتزام باتفاقاتها.


واستبعد الشريف أن تعقد مصر وقطر خلال المرحلة المقبلة، أي مشاورات للاتفاق على نقاط الخلاف بين البلدين، قائلا: "لا أتوقع أن تشهد الفترة المقبلة اجتماعات بين قطر ومصر، حيث مازالت توجد 3 خلافات أساسية مع قطر، أولها أن تتوقف قطر عن دعم آبي أحمد في موضوع سد النهضة، والنقطة الثانية هي التوقف عن دعم بقايا وفلول الجماعات الإرهابية الموجودة في شمال سيناء، ووقف إرسال المال والسلاح لهم عن طريق حركة حماس في قطاع غزة، والنقطة الثالثة هي التوقف عن دعم وتمويل التدخل التركي في ليبيا".

وتابع: "إذا قطر التزمت وقامت ببعض الجهود في هذه النقاط الثلاث خيرا ومصلحة جيدة لمصر، إذا لم تلتزم سيكون هناك كلام. آخر، وقبول مصر للتوقيع يمكننا وصفه بأنه فرصة لاختبار النوايا، ورغبة في تنفيذ هذه النوايا.