رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خفايا «صناعة البديل».. الملف الغائب فى انتخابات «الصحفيين»

نقابة الصحفيين
نقابة الصحفيين

بعد إعلان فوزه رسميًا بمنصب نقيب الصحفيين، صعد ضياء رشوان إلى المنصة؛ لتوجيه رسالة شكرٍ للزملاء الذين كانوا يستعدون لفرز صناديق المتنافسين على عضوية مجلس النقابة.


أمسك النقيب الجديد «الميكروفون»، مستهلًا كلمته بـ«خطأ فادح» في عنوان نقابة الصحفيين، لكن جمال عبد الرحيم، وكيل النقابة، والمشرف وقتها على لجنة الانتخابات، صحّح له هذا الخطأ، مع ابتسامةٍ لها معنى، قبل أن يستكمل «رشوان» رسالته للعاملين فى «بلاط صاحبة»، أو الناخبين، بعد الفوز.


ربما كانت هذه البداية «علامةً» على ما ستؤول إليه حالة النقابة في عهد ضياء رشوان، الكاتب والباحث البارز بـ«الأهرام»، ورئيس هيئة الاستعلامات، الذي وصل لمنصب نقيب الصحفيين مرتين؛ أولهما: فى الفترة بين عامي 2013 و2015، عندما حصل على 1280 صوتًا بنسبة 55%، مقابل 1015 صوتًا لمنافسه عبد المحسن سلامة، والثانية في انتخابات التجديد النصفي الأخيرة مارس 2019، عندما حصل على 2810 صوتًا مقابل 1585 صوتًا لـ«رفعت رشاد»، عضو مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم».

اقرأ أيضًا: تُصدره قريبًا دار «ريشة».. كتاب جديد عن «هيكل» ساحر الصحافة العربية (صور)


وسط حالة الخمول التى تعصف بـ«العمل النقابي»، والغليان المكتوم بين أبناء صاحبة الجلالة، وتوالى فشل أغلب النقباء القادمين من «دولاب السلطة»، فإنّه تتوفر حتى الآن «3» سيناريوهات في ما يخص الترشح على منصب «نقيب الصحفيين»؛ الأول اتجاه مهتمين بشئون العمل النقابي للبحث عن «بديل» أو مُرشح قوى لا يكون محسوبًا على «السلطة»، بل شخصية مستقلة يمكنها منافسة مرشح السلطة المتوقع في انتخابات 2021، لا سيما أنّ هذا الأمر سيعمل على تجديد آمال أبناء صاحبة الجلالة، وتحقيق «انتعاشةٍ» في العمل النقابي.



أما السيناريو الثاني فهو أن يترشح النقيب الحالي ضياء رشوان لفترةٍ ثانيةٍ، في وقتٍ تتصاعد ضده حالة الغضب من أعضاء الجمعية العمومية.


في السياق عينه، علم موقع «النبأ» أنّ هناك صحفيًا بارزًا في مؤسسة «الأهرام»، ينتوي الترشح لمنصب «النقيب» في حال عدم ترشح ضياء رشوان على المنصب لدورةٍ ثانيةٍ، مرحبًا بالعمل على خدمة الزملاء الصحفيين.


ووفقًا للمعلومات المتوفرة لـ«النبأ»، فإنّ هذا المرشح المحتمل يرفض الإعلان عن هذه الخطوة صراحةً في الوسط الصحفي، نظرًا لصداقته بالنقيب الحالى، وأنه لا يريد «الشوشرة» عليه من الآن، وهذا هو السيناريو الثالث.


في بورصة التوقعات أيضًا يظهر اسم النقابي السابق كارم محمود. 

نرشح لك: تلقيت عروضًا لتحويلها إلى فيلم سينمائي.. أحمد مراد يتحدث عن روايته «لوكاندة بير الوطاويط»



«المرشح البديل».. فكرة قديمة لـ«مشاكسة السلطة»
بالرجوع قليلًا إلى الوراء، نجد أن فكرة البحث عن «مُرشح قوي» لمنافسة مُرشح السلطة لمنصب النقيب، هي فكرة ليست جديدة؛ بل ظهرت في انتخابات التجديد النصفي التي أُجريت في مارس 2019، والتي بدَت مقدماتها «هادئةً»؛ وقتها كان السيناريو المطروح أمام الوسط الصحفي أن يترشح عبد المحسن سلامة نقيبًا للصحفيين، لدورةٍ ثانيةٍ، على الرغم من انخفاض أسهم فوزه، مع احتمالاتٍ لترشح النقيب الأسبق يحيى قلاش عن «تيار الاستقلال النقابي».

حضرت في هذه الانتخابات، فكرة «البديل» إذا رفض يحيى قلاش الترشح لمنصب «النقيب» في مواجهة المرشح الحكومي المنتظر عبد المحسن سلامة، يتركز «البديل» في إمكانية إجراء مفاوضات مع الصحفيين البارزين الدكتور عمرو الشوبكي، المفكر والخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، وعلاء العطار، رئيس التحرير السابق لـ«الأهرام العربى»، للدفع بأحدهما مرشحًا لمنصب «النقيب» باعتبار أنّ هذين الصحفيين مقبولان من جانب «تيار الاستقلال النقابي».

ولكن.. كان نزول ضياء رشوان «الملعب» مرشحًا لمنصب نقيب الصحفيين مثل عصا موسى التي «ابتلعت» كل سيناريوهات الانتخابات بسبب عاملين؛ أولهما: أنّه أصبح المرشح الرسمي للسلطة الذي سيحظى بالكتلة الانتخابية الأكبر فى المؤسسات الصحفية القومية، والثاني: أنه أيضًا كان ومازال مقبولًا من جانب شخصياتٍ في تيار الاستقلال النقابي، بدليل دعمه وتأييده من أبناء هذا «التيار» داخل مجلس نقابة الصحفيين.


لماذا يُعد النقيب الأسبق جلال عارف صاحب تجربة مهمة فى مواجهة «مُرشحى الحكومة»؟

بحسب كتاب النقابي المعروف كارم يحيى، «حرية على الهامش.. فى نقد أحوال الصحافة المصرية»، فإنّ نتائج انتخابات «النقيب» على مدى السبعينيات كانت تتسم إلى حدٍ ما بالتنافس المتكافئ، كما كانت تعكس ثقلًا لـ«تيار اليسار»، ولقيم الاستقلالية الصحفية، ضاربًا المثل بفوز عبد المنعم الصاوي في انتخابات عام 1974، بمنصب «النقيب» متفوقًا على حافظ محمود.


يذكر «يحيى» أنّ «الصاوى» في هذا الوقت كان مهمشًا، وأبعد عن الارتباط بالسلطة التي رأت استمالته عن طريق تعيينه رئيسًا لمجلس إدارة دار «التحرير» في 12 مارس 1976.


لم يكن «النقيب» الأسبق جلال عارف بعيدًا عن قصة «البديل والمنافس القوى» لمرشح السلطة على منصب نقيب الصحفيين؛ بل يعد النموذج الأبرز فى هذا الأمر، «عارف» في الأصل يملك تاريخًا مشرفًا في العمل النقابي؛ فقد شارك منذ السبعينيات في كثيرٍ من المعارك النقابية؛ أبرزها: إسقاط محاولة الرئيس الراحل أنور السادات لتحويل النقابة إلى نادٍ بدون صلاحيات تدافع عن الصحفيين، ومساعدة كامل الزهيري فى الفوز على مرشح الحكومة لمنصب «النقيب»، فضلًا عن مساهماته في إسقاط قانون اغتيال حرية الصحافة.


خاض «عارف» معركة نقيب الصحفيين فى عام 1985 ضد إبراهيم نافع، ولكنه خسر بعد حصوله على 592 صوتًا مقابل 668 صوتًا لـ«نافع»، وتكرر السيناريو أيضًا في انتخابات عام 1999، وحصل عارف على 881 صوتا مقابل 1958 صوتا لـ«نافع».


كان عام 2003 فاصلًا في معركة «النقيب»؛ جرت الانتخابات بعد محاولات فاشلة للدفع بـ«إبراهيم نافع» إلى انتخابات النقيب في صيف 2003، رغم أنه أمضى فترتين متتاليتين بالمخالفة لنص قانون النقابة.



بعد الإطاحة بـ«نافع» من هذه الانتخابات، رشحت السلطة صلاح منتصر، وكيل المجلس الأعلى للصحافة وقتها، ورئيس مجلس الإدارة السابق لـ«دار المعارف»، إلا أنّه خسر على الرغم من أنه كان مدعومًا من «نافع» أيضًا.


كانت هناك العديد من الدلالات لفوز جلال عارف، ابن مؤسسة «أخبار اليوم» بمنصب نقيب الصحفيين؛ وأبرز رموز تيار الاستقلال النقابي، أولها: تحقيق الانتصار لإرادة الجمعية العمومية، والإطاحة بمحاولات تطويعها، فضلًا عن أنّ هذا الانتصار اعتُبر وقتها أول فوزٍ لمرشحٍ مستقلٍ بمنصب «النقيب» منذ عام 1981، حينما فاز كامل زهيري المستقل بالمنصب عام 1979 وأنهى احتكار مرشحي الحكومة للمنصب طيلة ربع قرن.



أجبرت الدولة على التعامل مع النقيب الجديد وإن كان قادمًا من تيارٍ لا تُريده، وقدمت له «10» ملايين جنيه لسداد العجز في صندوق المعاشات، وإلغاء ديون كانت قد تراكمت على النقابة، فضلًا عن اعتماد بدل شهري «40 جنيهًا»، كانت قد وعدت به في حال فوز منافسه صلاح منتصر.


في انتخابات التجديد النصفي التي جرت في نهاية سبتمبر عام 2005، فاز النقيب جلال عارف بمنصب نقيب الصحفيين للمرة الثانية على التوالي؛ بعد حصوله على 1675 صوتًا، فيما حصل منافسه الأبرز إبراهيم حجازي، على 1087 صوتًا.


شهدت هذه الانتخابات القوية التفافًا غير مسبوق حول النقيب جلال عارف؛ بعد حصوله على دعم المرشحين السابقين للمنصب نفسه الكاتب الصحفي مصطفى بكري، الذى حل فى المركز الثالث بأكثر من 600 صوت فى الجولة الأولى من الانتخابات، وكذلك أسامة الغزالي حرب.


نرشح لك: «قضيتنا عادلة ومطالبنا مشروعة».. صحفيو «الصباح» يردون على قرار إغلاق الجريدة


كيف يمكن اختيار «بديل قوي» يواجه مرشح السلطة لمنصب «النقيب»؟

بحسب مصدرٍ تحدث لـ«النبأ»، ورفض الكشف عن اسمه، فإنّ عملية البحث عن مرشحٍ قوي لمنافسة المرشح الحكومي المنتظر على منصب نقيب الصحفيين، سواء كان ضياء رشوان، أو غيره، هي عملية تستوجب التحرك من الآن عن طريق مشاوراتٍ بين الزملاء المهتمين بالعمل النقابي، والاستقرار على اسم أو اثنين للدفع بأحدهما على منصب «النقيب» في الوقت المناسب لذلك.


يؤكد المصدر أنّ فكرة وجود «بديل مستقل» قوي يستطيع صنع معركةٍ حقيقيةٍ أمام مرشح السلطة لمنصب نقيب الصحفيين، هى عملية ليست سهلة، وتتطلب دعمًا والتفافًا قويًا حول هذا «البديل»؛ لا سيما أنه جرت العادة أن توفر السلطة بعض المميزات لمرشحها مثل «الزيادة» الموسمية في بدل التدريب والتكنولوجيا، أو مميزاتٍ خدميةٍ أخرى يمكن تقديمها للزملاء الصحفيين في ظل تردي الأحوال الاقتصادية للعاملين بالمهنة الآن.


يرفض المصدر ترشيح أسماءٍ يراها قادرةً على خوض هذه المعركةً؛ مضيفًا أنّ هذا الأمر قد يكون سابقًا لأوانه الآن؛ بل قد يعمل على «حرق» هذا المرشح إذا أعلن رسميًا في الوسط الصحفي، ولكن يمكن إجراء مشاوراتٍ ومناقشاتٍ مع أكثر من شخصٍ، على أن يعلن المرشح الذى يتفق عليه الجميع في الوقت المناسب، متابعًا: «أعتقد أن هناك كثيرين يرحبون بهذا الأمر إذا كان هناك التفاف ودعم ونية كاملة لصنع معركةٍ حقيقيةٍ أمام مرشح السلطة لمنصب النقيب، حتى لا تكون الانتخابات مجرد استفتاء على منصب النقيب، أو معركة سهلة كما حدثت في الانتخابات الماضية».