رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أخصائية نفسية تكشف أسرار مراحل المراهقة لدى الشباب والفتيات

خلافات المراهقة
خلافات المراهقة

غاضبون.. ثائرون.. مزعجون.. خارجون على القواعد.. هكذا يرى الكثير من الآباء والأمهات، أبناءهم في مرحلة المراهقة. 

ومن المدهش أن تشوش الفهم هذا عن المراهقة لا يقتصر على الراشدين، وإنما موجود أيضا لدى المراهقين عن أنفسهم. 

وعن أسلوب التعامل مع الابن المراهق توضح الدكتورة زينة زايد، الأخصائية في الطب النفسي، أن المراهقة هي مرحلة الانتقال من الاعتماد الكامل نفسيّاً ووظيفيّا على الأسرة، وحتى تحقيق درجة مقبولة من الاعتماد على النفس والاستقلالية، لكن اتُفِق على أنها تبدأ غالبا في النصف الأول من العقد الثاني من العمر، وتستمر حتى الحادية والعشرين.

وأشارت إلى أنه يمكن تقسيم مرحلة المراهقة إلى 3 مراحل داخلية هي: المراهقة الأولية، والمراهقة الوسطى،
وما قبل الرشد، وتتميز كل منها بعدة أزمات نفسية، تبدأ بتحدّي الهوية والانتماء، وتنتهي بتحدي القبول، والقابلية لتكوين علاقات عاطفية.

وأوضحت أنه في المرحلة الأولى ينمو دماغ الفرد في الحجم والكم، ويكون في نهاية هذه المرحلة أشبه بقطعة الرخام التي سينحت فيها الفنان قطعته، ثم تأتي مرحلة التشذيب وفيها يتم قص ووصل الروابط الدماغية، فبعض الدوائر يتم تكثيفها وتعزيزها، وتضمر دوائر أخرى أو يتم قصّها بالكلية.

والعمليات التي تتم في مرحلة التشذيب والتهذيب هي عمليات بالغة الخطورة، ويدخل فيها عدة عوامل أهمها البعد الوراثي ثم التفاعلات البيئية، وأعني بالتفاعلات البيئية الشعار القائل: "استعمله أو ستفقده" وهو واقع حرفي، حيث يتم تشذيب الروابط غير المستعملة، ولذلك ينبغي استعمال قدرات الدماغ في أكثر من نشاط اجتماعي ورياضي وذهني وفني في مرحلة المراهقة بشكل خاص، لأن كل هذه المناطق ممثلة بدوائر كهربية دماغية.

وتأتي في النهاية مرحلة العزل العصبي حيث تحاط الألياف العصبية بمادة المايلين Myelination، وهي الخطوة الفاصلة في سرعة التوصيل والنقل والترابط بين الألياف العصبية.

وأشارت إلى أنه تتزامن مرحلة المراهقة مع مرحلة البلوغ، أي مرحلة فوران هرمونات النمو والهرمونات الجنسية؛ فعلى سبيل المثال يتم ضخ كمية تستوستيرون [هرمون الذكورة] في الفتيان بمعدل خمسين ضعفاً عن نسبته في الطفولة، وما يتبع ذلك من تفاعلات وظيفية تظهر في تغيرات جسدية وسلوكية، فيجد المراهق نفسه في حالة من الإرباك، فعظام الفك لا تتراكب وقد يصاحبها آلام لدى بعضهم، وتظهر البثور ورائحة العرق، وفيها يتمايز جسد وطبقة صوت الفتيات عن الفتيان. كل ذلك من شأنه أن يترك المراهق في حالة من التشوش والارتباك، خاصّة في غياب التربية النفسية والجنسية، وهذه الهرمونات ترمي بظلالها سلوكياً في ميل للعنف أو التصادم لدى الفتيان.

كذلك لا يتمكن المراهقون من النوم في الموعد المعتاد ببساطة لأنهم يفرزون هرمون الميلاتونين بعد منتصف الليل، أي بعد موعده لدى الراشدين بمتوسط ساعتين، فهم لا يتعمدون مخالفة تنبيهات الأسرة، بل ساعتهم البيولوچية متأخرة عن مرحلة الطفولة والرشد، فيمكن إخلاء منطقة نومهم من أي مثيرات أو شواغل لمحاولة التوفيق وليس الضبط.

يجد المراهق نفسه أمام أدلة حسيّة أنه لم يعد طفلاً كما كان، لكنه أيضاً لا يجد نفسه واحداً من الكبار، فيصارع بين احتياجين رئيسين وهما الاحتياج للاستقلال والاحتياج للانتماء، والهدف الكامل هنا يمكن توصيفه بالقدرة على الاختلاط بلا انصهار، الدخول في دائرة الآخر مع الاحتفاظ بالأنا، وتبعاً لإريك إريكسون يمكن وضع مرحلتين رئيستين من النمو النفسي في فترة المراهقة، وهما: تحدي الهوية مقابل اختلاط الأدوار، والانتماء مقابل العزلة، طبقا لوصف الدكتورة زينة زايد.

وأفادت بأنه في بداية هذه المرحلة يحاول المراهق تحقيق الاستقلالية النفسية واختبار الحدود والسلطة، واتخاذ قرارات بعيداً عن دائرة الطفولة وبيت التنشئة، ثم يبدأ في مرحلة ما قبل الرشد يظهر الاحتياج للانتماء لآخر حميمياً وهو ما يعبرون عنه بالفراغ العاطفي، وثبات وكفاية إشباع الاحتياجات في الطفولة هو الدعامة الأهم لاجتياز هذه المرحلة.