رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«مافيا الكمامات» وراء ارتفاع الأسعار بشكل جنوني وإثارة غضب الصنيين

الكمامات
الكمامات


حالة من الترقب يشوبها «الرعب» يشهدها المجتمع المصري بعد إعلان وزارة الصحة وجود إصابة لأجنبي بـ«فيروس كورونا»، في الأسبوع الماضي؛ لاسيما بعدما اختفت «الكمامات» من السوق، وارتفع سعرها لأرقام خيالية؛ نظرًا لبيع كميات كبيرة منها لدولة الصين التي «ضُربت» بفيروس كورونا.


وأفاد أحد العاملين في مجال بيع المستلزمات الطبية بمنطقة قصر العيني، والذي رفض ذكر اسمه، أن الصينيين يترددون بين الحين والآخر بطريقة شبه يومية للاتفاق على شراء «كمامات» لمن لديه مخزون منها، يأتى ذلك على الرغم من تبرم البعض منهم بسبب الأسعار الخيالية إلا أنهم يشترون أى كمية يعثرون عليها.

وأضاف: في إحدى المرات سأل أحد الصينيين تاجرًا مصريا، وقال له: لماذا تبيعون لنا «كمامات» بأسعار كبيرة جدًا ونحن من يصدرها لكم بأسعار منخفضة للغاية ورغم تلك الأسعار المتدنية فقد ربحنا وأنتم تربحون؟ فرد عليه التاجر المصري وقال له: حينما تصاب مصر بفيروس كورونا لن نجد كمامات لاستيرادها لكي نبيعها للمصريين ووقتها سنشتريها بأى سعرٍ.

واستكمل حديثه: هناك من ربح الملايين من جراء بيع الكمامات وأصبح «البطل» في بيعها في الفترة الحالية، وانتقل من مصاف التجار الصغار إلى اللعب مع الكبار، ما جعل الصينيين يقيمون له حفلة في أحد الأماكن السياحية تقديرا له على ما قام به، ولأن المعروض قليل للغاية، ارتفعت الأسعار ارتفاعا كبيرة؛ فعلبة الكمامات التي بها خمسون كمامة وكان سعرها لا يتعدى السبعة عشر جنيها أصبحت تباع بأكثر من 150 جنيها، هذا في حالة عثورك عليها لأن ما يوجد في السوق المصري محدود للغاية لأن الخامات الأولية أصبحت غير موجودة لأننا كنا نستوردها من الصين فالتاجر بعدما تكبد خسائر فادحة بعد شرائه كميات كبيرة إبان فترة أنفلونزا الخنازير واستيراده كميات كبيرة واحتواء الفيروس في أيام قليلة بعدها، ونقص الطلب على الكمامات وقتها أصبح لديه مخزون كبير لا يعرف كيف يصرفه ولكنهم استخرجوا كل ما لديهم من مخزون في هذه الأزمة وباعوا كل ما لديهم من مخزون وبأسعار فلكية وعوضوا خسائرهم السابقة.

وفي هذا الإطار قال محمد إسماعيل، رئيس شعبة المستلزمات الطيبة، إن التعامل مع المشكلة في بداياتها تم بطريقة خاطئة هذا فيما يخص موضوع «الكمامات»؛ لأن أغلب الظن أنها عامل أساسي في مواجهة الفيروس، وهذا ليس صحيحًا بنسبة 100%؛ فالهرولة خلف شراء الكمامات ليس حلًا جذريًا، ولكنه جزء من عشرة أجزاء من حل المشكلة؛ فالفيروس يموت عند درجة حرارة 20، وبالتالي رفع تدفئة المكان إلى درجة حرارة أعلى من عشرين يساعد في قتل الفيروس وعدم انتشاره.

وأضاف: تشغيل المدفأة يساعد في قتل الفيروس؛ فدرجات الحرارة المرتفعة لا يستطيع الفيروس العيش فيها ولذلك لا خوف على مصر من فيروس كورونا، وعلى العكس فدرجات الحرارة المنخفضة والرطوبة تساعد في انتشار الفيروس فخفض درجة حرارة المكان بواسطة التكييف قد يساعد في انتشار الفيروس ولهذا أقول إن معالجة مشكلة الكمامات لم تكن بالطريقة الصحيحة منذ بداياتها فالتوعية أكثر تأثيرا من ارتداء الكمامات فيجب على المواطن أن يعي جيدا أن اتباع إرشادات وزارة الصحة هي من أجل سلامته وللحفاظ على صحته.

وتابع «إسماعيل» لتصنيع الكمامات محليًا تستورد مصر من الصين الخامات الأولية وذلك لرخص أسعارها عن أسعار الأسواق العالمية ولا تنافسها أى دولة في سعر تلك الخامات، وبخلاف الخامات الأولية التي نستوردها من الصين فإن المنتج نفسه (الكمامات) يكون أرخص من المنتج المحلي هذا في حالة شرائه من الصين مباشرة، فإذا كان هذا المنتج يصنع محليا وسعره خمسة وعشرون قرشا يكون المنتج الصيني عشرين قرشًا، فدعم الصادرات من الدولة ورخص الأيادي العاملة هناك تجعل المنافسة مع المنتج الصيني خاسرة ولذلك تصنيع الكمامات في مصر لا يتم بصورة كبيرة، شركة أو شركتان فقط هما اللتان تصنعان أما الشركات الأخرى فتستورد من الصين لرخص أسعارها.

وأكمل «إسماعيل» إبان أزمة أنفلونزا الخنازير منذ عدة سنوات اتجهت بعض المصانع لشراء خطوط إنتاج لتصنيع الكمامات محليا ولكن بعض تلك المصانع لا تنتج الكمامات بطريقة صحيحة 100% لأنها تضع بين طبقات الكمامة مناديل «كيلنكس» وبخلاف ذلك فخطوط الإنتاج في مصر هم سبعة خطوط، لا ينتج الخط الواحد أكثر من نصف مليون كمامة ورغم أنني كنت أحد المستوردين لتلك الخطوط، وقمت بشراء خطين لتصنيع تلك المستلزمات آنذاك، وقمنا بتدريب العمال على كيفية إنتاج الكمامات بطريقة علمية ومطابقة للمواصفات وتم خروج المنتج على أكمل وجه وتوزيعه ولكن بعد مضت فترة وجيزة للغاية لا تتعدى الثلاثين يومًا، فوجئنا أن الطلب على شراء الكمامات قل للغاية فقد انتهت أزمة فيروس أنفلونزا الخنازير ولم أقدر على منافسة الصين لكي أصدر منتجي للخارج، ولم أقدر على منافسة المستوردين الذين يستوردون بأسعار منخفضة بعد زوال أسباب الأزمة، ما اضطرني في النهاية لتفكيك خطوط الإنتاج وبيع الماكينات «خردة» لشركة أخرى.

وتابع «إسماعيل» لم يكن أحد يتوقع أن فيروس كورونا سيصيب دولة الصين الدولة الأولى في بيع «الكمامات» ولو كان الفيروس «ضرب» بلدا آخر فلن تكون هناك أزمة «كمامات» أما الآن فالصين أصدرت قرارًا بمنع خروج أى مستلزمات مضادة للفيروسات حتى الخامات الأولية التي كانت تستوردها مصر لتصنيع الكمامات محليًا ولذلك ما يوجد في السوق المصري في حدود ثلاثة ملايين «كمامة» والمصانع «محكومة» بما لديها من خامات أولية للتصنيع، وحينما أرسلت لطلب كميات من بعض الدول التي تنتج «كمامات» مثل السعودية كانت الأسعار هناك خيالية وأكبر من مثيلاتها في مصر جدا لأن الصين تسحب من كل الدول وليس مصر فقط.

واستطرد «إسماعيل» وزارة التربية والتعليم قررت أن كل طالب يجب أن يرتدي «كمامة» على وجهه أثناء الدراسة والتلاميذ لدينا عددهم كبير للغاية فمن أين نأتي بكمامات لكل هذا العدد المهول من التلاميذ، فإذا كانت وزارة الصحة في بداية الأزمة طلبت مننا أن نقوم بجمع «الكمامات» الموجودة بالأسواق كنا سنتحرك وفق أسعارها المنخفضة ولكن هذا لم يحدث ولم تطلب من الوزارة شيئا من هذا القبيل، فالأزمة كانت في الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر الماضي وكان لدينا استعداد لسحب كل الكميات التي بحوزة التجار لصالح وزارة الصحة في خلال أسبوع واحد فقط.

وفي هذا السياق قال الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرف التجارية، إن إنتاج الكمامات في مصر يغطي الطلب دون وجود أزمة أما في حالة وجود إصابات بمصر وانتشار كورونا فإن الإنتاج لا يكفي خاصة أن السوق المصري كان يستورد الكمامات بنسبة كبيرة من الصين ولكن بعد انتشار «كورونا» بها فستكون هناك أسواق بديلة هذا في حالة حدوث أزمة بمصر وهو لم يحدث حتى الآن ولكن أن حدث ستكون الهند واندونيسيا وكوريا بديلا عن الأسواق الصينية.

وأضاف «عوف» أن المنتج المحلي كان يلبي احتياجات المستشفيات وما شابه والخامات الأولية لعمل الكمامات كان يتم استيرادها من الصين وقد توقف هذا الأمر تماما منذ ظهور فيروس كورونا بالصين وتلك الكمامات رغم أهميتها إلا أنها لم تمنع الإصابة بالمرض كما حدث ما الأطباء الصينيين الذين أصيبوا بالفيروس ورغم ذلك فقد طلبت الصين من مصر كميات كبيرة تقترب من 145 مليونا من الكمامات ولكن لم تتوافر هذه الكمية بمصر لأن الطاقة الإنتاجية لن تلبي هذا العدد ناهيك أن التعليمات مشددة في هذا الشأن بعدم تصدير أى «كمامات» للخارج لأن الأمر أصبح أمنًا قوميًا، وأي كمية تخرج تكون بطرق غير شرعية ويجب التصدي لها.

واستطرد «عوف» توجد أزمة مجتمعية ويجب التصدي لها وهي قلة إدراك المواطن بالأزمة وعدم أخذ الأمور على محمل الجد وعدم إدراكه لأبعاد المشكلة والتعامل بلا مبالاة مع الأزمات من هذا القبيل فيجب اتباع إرشادات وزارة الصحة وتنفيذها حتى لا ينتشر المرض.