رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

ملفات تُنشر لأول مرة عن عصابة «ريا وسكينة»

ريا وسكينة
ريا وسكينة

ريا وسكينة شقيقتان مصريتان تعدان من أشهر السفاحين في مصر، كونتا عصابة لخطف النساء وقتلهن من أجل السرقة، ما بين عامي ١٩٢٠ - ١٩٢١؛ ما سبب حالة من الذعر في منطقة الإسكندرية.

اسمهما ريا وسكينة على همام، نزحتا في بداية حياتهما من منطقة الصعيد واستقرتا في مدينة الإسكندرية في بدايات القرن العشرين، ثم كونتا «عصابة» لخطف النساء وقتلهن بالاشتراك مع محمد عبد العال زوج سكينة والتي بدأت حياتها بائعة هوى، وحسب الله سعيد مرعي زوج «ريا»، واثنين آخرين، هما عرابي حسان وعبد الرازق يوسف.

أُلقىّ القبض عليهم وتوجيه تهمة القتل العمد لـقتلهم ١٧ سيدة، وتمت إدانتهم من قبل المحكمة، وتم إعدامهم في ٢١و٢٢ ديسمبر سنة ١٩٢١.

تعد ريا وسكينة أول سيدتين يتم تنفيذ حكم الإعدام فيهما في العصر الحديث.

كل هذا يتداول عبر التاريخ ولكن اللحظات الأخيرة قبل الإعدام وآخر الكلمات نقدمها لكم فى الملف التالى.


تفاصيل الجرائم الغامضة والبشعة فى «4» منازل

توفيّ والد «ريا وسكينة» في سن صغيرة، وانتقلتا إلى بني سويف ثم إلى كفر الزيات حيث كانت تعملان في جمع القطن. 

تزوجت "ريا" من حسب الله سعيد مرعي وأنجبت "بديعة" وابنها الآخر الذي توفي بعد ولادته بفترة وجيزة، ثم انتقلت سكينة مع زوجها الجديد إلى الإسكندرية في حي اللبان بالإسكندرية عام 1918م، ولحقتها فيما بعد أختها «ريّا» مع أسرتها. 

طلقت سكينة من زوجها وتزوجت بمحمد عبد العال الذي كان جارهم في ذلك الوقت.

ومع الظروف الاقتصادية الطاحنة التي واجهت المنطقة أثناء الحرب العالمية الأولى وانتشار البطالة والفقر اتجهت الأسرة لأعمال، مثل الخمور والدعارة المقننة وقتها، ثم بدأوا التفكير في سرقة المصوغات الذهبية من السيدات ثم دفنهن بشكل خفي دون ترك أي أثر.

بدأ نشاط العصابة عندما كانت الشقيقتان تقومان في البداية بإغراء وخداع الضحية بالكلام المعسول حتى تنالا ثقتها ثم تسقياها شرابا فيه خمرة قوية تؤدي بها إلى السكر والثمالة فتفقد القدرة على التركيز والقوة على المقاومة، حينئذ كان أحد أفراد العصابة من الرجال يتسلل بهدوء خلف الضحية ثم يقوم بحركة سريعة ومباغتة بلف منديل من القماش على رقبتها بإحكام ثم يبدأ بخنقها بكل ما أوتي من قوة، وفي هذه الأثناء أيضا يرتمي بقية أفراد العصابة على الضحية لتقييد حركتها فيقوم بعضهم بتكميم فمها لمنعها من الصراخ فيما يمسك الآخرون بيديها ورجليها ويثبتونها حتى تلفظ آخر أنفاسها، وما أن تفارق الضحية الحياة حتى يجردوها من حليها ومصوغاتها الذهبية وملابسها، ثم يقومون بدفنها في نفس المكان الذي قتلت فيه، وكانت الشقيقتان تبيعان الذهب المسروق إلى أحد الصاغة في السوق ثم تقتسمان ثمنه مع بقية أفراد العصابة.

استمر نشاط العصابة في استدراج الضحايا وقتلهن حتى وصلت إلى 17 سيدة (من واقع التحقيقات)، ولم تستطع الشرطة التوصل للجناة لفترة طويلة وكانت أبرز الأسباب التي طرحها بعض المؤرخين والكتاب، هى:

انتشار ظاهرة هروب السيدات من عائلاتهن في ذلك الوقت بسبب الفقر أو العشق وهو ما يبرر أن احتمال اختفاء الشخص لتلك الأسباب قد يستبعد فكرة القتل أو الخطف.

 أن زي السيدات المنتشر وقتها هو الجلباب الأسود وغطاء الوجه وبالتالي لا يستطيع أحد التعرف على هوية أي سيدة أو التمييز بينهن.

عدم وجود أي أوراق هوية وقتها، وهو ما يصعب من مسألة العثور على الأشخاص المختفيين.

أن الشقيقتين ريا وسكينة كانتا تستدرجان السيدات التي لهما صلة مسبقة بهن أو ممكن أن تستطيعا كسب ثقتهن، ولذلك كانت الضحية تدخل المنزل بإرادتها بدون إبداء أي ضجيج أو شكوك.

أن الشرطة لم تشك مطلقًا في كون المجرمين من السيدات، ولذلك تركزت التحريات عن المشتبه فيهم من الرجال ولم يفكر أحد أو يشك مطلقًا في كونها عصابة نسائية، كذلك أن أعضاء العصابة من الرجال لم يكن من الممكن أن يشتبه فيهم إطلاقا، لعدم اشتراكهم في عمليات الاستدراج والتي كانت بالأحرى من تخصص ريا وسكينة فقط.

البداية كانت في منتصف يناير 1920 حين تقدمت السيدة "زينب حسن" البالغة من العمر 40 عاما ببلاغ إلى حكمدار بوليس الإسكندرية عن اختفاء ابنتها "نظلة أبو الليل"، البالغة من العمر 25 عامًا منذ عشرة أيام. 

وقالت إنها تتزين بحلى ذهبية في يدها؛ وانتهى بلاغ الأم بأنها تخشى أن تكون ابنتها قد قتلت بفعل فاعل لسرقة الذهب الذي تتحلى به.

تم اكتشاف جرائمهما عن طريق الصدفة، حيث يملك البيت الذي تقطنان فيه رجل عجوز ضرير وبالاتفاق مع شخص إيطالي الجنسية تم تأجير المنزل، ولكن المستأجر الإيطالي اشترط أن يتم توصيل المياه والمجاري في البيت، وأثناء الحفر عثر على الجثث وانكشف سر ريا وسكينة، فتم القبض عليهما.

البيوت التي شهدت الجرائم كانت أربعة وكلها تقع قرب ميدان المنشية، وكان سوق زنقة الستات القريب من ميدان المنشية هو الذي اصطادت منه السفاحتان معظم ضحاياهما، وكانت عناوين البيوت تحديدا هي: رقم 5 شارع ماكوريس في حى كرموز، رقم 38 شارع علي بك الكبير، رقم 6 حارة النجاة، رقم 8 حارة النجاة.

بدأت التحقيقات مع المتهمين وأنكروا جميعًا التهم المنسوبة لهم، ومع التحقيقات تم استجواب ابنة ريا وهي "بديعة" والتي أقرت بمشاهدتها للجرائم. ومع مواجهة المتهمين بالأدلة والشهود انتهى بهم الأمر إلى أن اعترفوا بارتكاب هذه الجرائم.

تم توجيه جريمة القتل العمد والسرقة لكل من: ريا وزوجها حسب الله، وسكينة وزوجها محمد عبد العال، وشخصين آخرين باسم عرابي وعبد الرزاق.

وقضت محكمة جنايات الإسكندرية بإعدامهم جميعا، كما شمل الحكم حكما بسجن الصائغ الذي كان يشتري الذهب المسروق من الشقيقتين لمدة خمسة أعوام، في حين برأت المحكمة ثلاثة أشخاص آخرين كانوا على علاقة بالمجرمين وتم إخلاء سبيلهم، وتم تنفيذ الحكم فيهم بتاريخ 21 – 22 ديسمبر عام ١٩٢١. 


اللحظات الأخيرة لـ«السفاحين» على «طبلية» الإعدام

لم تكن شمس يوم الأربعاء ٢١ ديسمبر ١٩٢١، تشرق حتى رفعت الرايات السوداء على سارية سجن الحضرة إعلانًا بأن حكمًا بالإعدام سيتم تنفيذه.

وفى السابعة والنصف، اصطفت هيئة التنفيذ أمام غرفة الإعدام وجاء حراس السجن بـ "ريا"، أول امرأة في تاريخ مصر سينفذ فيها حكم الإعدام.

كانت ترتدي ملابس الإعدام الحمراء وعلى رأسها طاقية بيضاء، تسير بأقدام ثابتة، إلا أنها كانت ممتقعة اللون خائرة القوى وقد استمعت بصمت إلى حكم الإعدام الذى تلى عليها.

مأمور السجن، ثم سألها "محمد حداية" باشا محافظ الاسكندرية إذا كانت تحتاج إلى شيء، فقالت إنها تريد رؤية ابنتها "بديعة"، فأخبره المأمور أنها زارتها قبل يومين، فقالت: "يعنى ماشوفش بنتى؟!" ثم دخلت إلى غرفة الإعدام، وكانت آخر عبارة قالتها "أودعتك يا بديعة يا بنتى بيد الله." ثم نطقت بالشهادتين ونفذ الحكم، واستمر نبضها دقيقتين وظلت معلقة لمدة نصف ساعة.

وبعد الثامنة بقليل اقتيدت "سكينة" إلى ساحة التنفيذ وكانت كثيرة الحركة والكلام، بينما يقرأ عليها مأمور السجن نص الحكم وكانت تتمتم بعبارات تُعلق بها على ما تسمعه، فعندما ذكر الحكم أنها قتلت 17 امرأة قالت: "هو أنا قتلتهم بإيدى؟!"، ثم قالت بتحدٍ: وأيوه قتلت واستغفلت بوليس اللبان، وأتشنق وما يهمنيش.. أنا جدعة." 

وعندما دخلت إلى غرفة المشنقة قالت للجلاد وهو يوثق يديها خلف ظهرها: "هوّ أنا رايحة أهرب ولا أمنع الشنق بإيدى، حاسب.. أنا صحيح ولية لكن جدعة والموت حق".

ولما كانت تحت الحبال قالت:  "سامحونا... يمكن عِبنا فيكم."

وقال تقرير طبيب السجن إن "سكينة بنت علي همام دخلت السجن بصحة جيدة ولم تكن تعاني من شيء إلا من جرب فى أنحاء جسدها وكانت عند التنفيذ جريئة ورابطة الجأش، وأن آخر عبارة فاهت بها هى: "أنا جدعة وهاتشنق محل الجدعان وقتلت ١٧ واستغفلت الحكومة."

وفي حوالي التاسعة جاؤوا بحسب الله سعيد، وكان جريئًا هو الآخر وعلق على منطوق الحكم بإعدامه قائلًا: "بتقولوا قتلت ١٧، الحقيقة أنهم 15 بس، ولو عايزين أعدهم واحدة واحدة وأسميهم كمان، ولو كنت عشت سنة واحدة كمان لكنت قطعت لكم دابر العواهر، وحرمتهم يمشوا فـى الشوارع، دول بيستغفلوا رجالتهم، ويبيعوا أعراضهم بربع  ريال.. تشنقونا عشان شوية عواهر».

وعندما دخل إلى حجرة الإعدام قال للشنّاق: "شوف شغلك كويس، شد واربط زى ما أنت عاوز.. كله موت."

وكانت ألفاظه عن العواهر وبيع الأعراض خشنة لا تكتب وقد ظل يكررها بصوت عال حتى سقط فى حفرة الإعدام.

وفى اليوم التالى - الخميس ٢٢ ديسمبر ١٩٢١ كان أول الذين أعدموا هو "عبد الرازق يوسف" وآخر ما نطق به هو "مظلوم".

وفى الثامنة جاءوا بـ"محمد عبد العال" وكان رابط الجأش صلب العود ولما تلى الحكم عليه قال: "صلى على النبى أنا قتلت سبعة مش سبعتاشر!"، وكان آخر ما قاله قبل أن ينطق بالشهادتين: "كتّف.. شد حيلك."

وفى الثامنة و40 دقيقة جئ بالأخير "عرابى حسان" وقد أكثر من تبرأ من الجرم وقال إنه سيلقى ربه طاهر اليدين وكان خائر القوى وآخر ما طلبه كان شربة ماء وآخر ما قاله قبل النطق بالشهادتين هو: "مظلوم".

وفى اليوم الأول لتنفيذ أحكام الإعدام أحاطت بالسجن مجموعة من نساء منطقة "جنينة العيونى" بحي اللبان يهتفن ويزغردن، وكانت إحداهن تغنى: «خمارة يا أم بابين.. وديتى السكارى فين؟»، والباقيات يرددن المقطع خلفها وعندما خرج محافظ الاسكندرية هتفن: عاش اللى قتل ريا.. عاش اللى قتل سكينة.

أما بديعه فطبقًا لما ورد في كتاب «حكايات من دفتر الوطن.. رجال ريا وسكينة» للكاتب صلاح عيسى، فقد أودعت "بديعة" ابنة "ريا" بأحد الملاجئ بالإسكندرية، وتوفيت بعد ثلاثة أعوام من تنفيذ الأحكام أي عام ١٩٢٤، توفيت بديعة بنت ريا محروقة إثر حريق في الملجأ.


نص قصيدة الشاعر بيرم التونسى عن أشهر «مجرمتين»

يا ولاد حكاية في البلد ما تتنسيش طول الأبد

شابت لها راس الولد واختل عقل اللي كبر

يا خلق سامع صوت أنين وشيء يقول يا مسلمين

و لما مالقاشي المعين سكت ولا بان له خبر

يا من سمع صوت القدوم في بيت على شارع عموم

و حس بيقول ياللا قوم افحت يا عبد العال حفر

و جسم مين اللي اندفن ونزلوه من غير كفن

من بعد ما انداس وانطحن في الليل ونادى يا غفر

يا بنت دي أمك بكت لما لقوكي في الجتت

متقطعة حتت حتت ومتقلينك بالحجر

لا بد أبكي علي راح من الصبايا والملاح

الممدودين تحت السلاح عشان رقابهم تنجزر

وحش الجلنفات الوحيد وابن بياعة الجزر

بيسكروا فوق اللحود فوق مرتبة محشية دود

تقرف تنام فوقها القرود من دهنها اللي ينعصر

طابخين فاصوليا وسلكمة ويغرفوا في الجمجمة

عندًا في أحسن محكمة ولو فيها القاضي عمر

الشيء دا داير من زمان والخلق تشهد والجيران

و ريا وسكينة في أمان ما عندناش عنهم خبر

طالع من الشباك ساروخ من ريحة الشيح والفاسوخ

والعفنة تضرب في النافوخ آدي اللي خلا الشيء ظهر

انزل يا حاكم بالصرم واكسر لنا كل البرم

بزيادة دا اللحم انفرم فوق الطوايل وانتظر

البنت قبله تنصطل وبعد منها تنقتل

و الحبل حالًا ينفتل والجوزة ضوغري تنكسر

هاتوا المشانق والنعوش وريحونا م الوحوش

وأنت يأ بو البنت حوش بنتك في بيتك يا بقر