رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مريم ناعوم.. «حرّيفة» كتابة تبحث عن «السيناريو» فى روايات المشاهير (بروفايل)

مريم ناعوم - بريشة
مريم ناعوم - بريشة الفنان دسوقى البغدادي


فى السنوات الأخيرة، انشّغل أغلب كُتاب السيناريو بتقديم نوعياتٍ معينةٍ من الأعمال الدرامية التى تركز على قضايا الصراعات فى الصعيد، أو مجتمع المال والأعمال، ثم العشوائيات والعوالم الخفية لـ«تجارة المخدرات»، أو مسلسلات تركز على الأكشن، و«تلميع» الأجهزة الأمنية.


وسط هذه الأعمال الدرامية، كانت السيناريست مريم ناعوم تهتم بقراءة الروايات الأدبية لمشاهير الكتاب، وتعمل على تحويلها لأعمالٍ دراميةٍ حقق أغلبها نجاحًا، ومنها مسلسل «موجة حارة» المأخوذ عن رواية «منخفض الهند الموسمي» للكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، و«بنت اسمها ذات» عن رواية لـ«صنع الله إبراهيم»، ثم «سجن النسا» المستوحى من مسرحية للكاتبة فتحية العسال، فضلًا عن أعمال كُتبت مباشرة للتليفزيون مثل «تحت السيطرة» الذى اهتّم بمناقشة قضية التعافى من الإدمان، وبـ«الشمع الأحمر».


نرشح لك: من الصحافة لـ«عالم الدراما».. «6» مسلسلات رمضانية تأتيكم بأقلام الـ«4m»



التصدى لتحويل نصٍ أدبى لـ«عمل تليفزيونى أو سينمائي» لا يمثل عمليةً سهلةً؛ خاصةً أنّ كاتب السيناريو يحاول طوال الوقت المحافظة على «روح» الرواية أو العمل الأدبي، حتى لا يكون المنتج الجديد «مشوّهًا» أو يخل بالعمل الأصلى. 


وبسبب الجزئية السابقة كان الروائي العالمي نجيب محفوظ (11 ديسمبر 1911 - 30 أغسطس 2006)، الحائز على جائزة نوبل فى الآداب، يردد دائمًا أنّ محسن زايد أفضل سيناريست نجح فى تحويل رواياته إلى أعمالٍ دراميةٍ وسينمائيةٍ؛ ففضلًا عن محافظة «زايد» على روح الأعمال الأدبية لـ«سيد الرواية العربية»، فإنّه كان ينجح فى «زرع» شخصيات جديدة عندما يحول تلك الروايات إلى أعمالٍ سينمائيةٍ وتليفزيونيةٍ، ومع ذلك لا يخلّ ولا يسئ للقصة الأصلية.


لكن «ناعوم» أفلتت من فخ الفشل فى تحويل عمل أدبي لـ«مسلسل تليفزيوني»، رغم تصديها لنصوص صعبة، فوسط اتهامها بالتركيز على القضايا النسائية فقط فى أعمالها الدرامية، وجدنا «مريم ناعوم» تتحدى وتحول روايتين للكاتب عز الدين شكرى فشير هما «مقتل فخر الدين» و«أبو عمر المصري» لمسلسل تليفزيوني حمل اسم الرواية الثانية؛ فانتقلت من الاهتمام بقضايا المرأة إلى عوالم أخطر تدور حول مناهضة «النظام السلطوي»، والجماعات الإرهابية، والحقيقة أنّها نجحت فى تحويل قصةٍ صعبةٍ ومتداخلةٍ إلى عمل فنى رائع رغم أنه لم يحقق نجاحًا كبيرًا، ويبدو أنه ظُلم فى الأوقات الخاصة بعرضه.


يقول طارق الشناوي، الناقد الفني المعروف لـ«النبأ»، إنّ محافظة كاتب السيناريو على روح العمل الأدبى «مسألة شائكة»؛ لأنه علميًا يجب على كاتب السيناريو أن «يفترس» الرواية الأدبية؛ لأنها فى النهاية سواء حُولت لمسلسل أو فيلم، ستخرج بإحساسه، وبالمنطق الدرامي في الوسيلة الجديدة.


نرشح لك: من رصد التطرف الدينى إلى الرقابة والصحافة.. رسائل مخفية فى «أهو ده اللى صار»



وضرب «الشناوى» المثل بفيلم «الكيت كات» المأخوذ عن رواية للأديب الكبير إبراهيم أصلان تحمل اسم «مالك الليل الحزين»، مؤكدًا أن داود عبد السيد لم يلتزم بالنص الأدبي، وأنّ «أصلان» قرأ السيناريو، ولكنه لم يقل رأيًا فيه لا سلبًا ولا إيجابًا، ومع ذلك نجح الفيلم نجاحًا مدويًا رغم اختلافه كليةً عن الرواية الأصلية.


واستكمل: «ولكن فى رواية أخرى للكاتب نفسه تحمل اسم عصافير النيل، نجد أنّ المخرج مجدى أحمد على التّزم بالنص الأدبي، ومع ذلك لم يحقق الفيلم نجاح الكيت كات».


وبالرغم من دخولها مجال كتابة السيناريو منذ وقت طويل، إلاّ أنّ السيناريست مريم ناعوم لا تهتم بـ«بالكم» الذى تنتجه من تلك الأعمال الدرامية، وفي الغالب لا يُعرض لها سنويًا سوى عمل واحد.


عن هذه النقطة، يؤكد «الشناوي» أنّ مريم ناعوم تسكنها «روح الهواية» وليس «الاحتراف» حتى الآن، متابعًا: «من الواضح أنها تركيبة مودية، ولذلك لن تكون غزيرة الإنتاج مثل أسامة أنور عكاشة (27 يوليو 1941 - 28 مايو 2010)، أو السيناريست الشهير عبد الرحيم كمال؛ لأنّ الشخص المودي تتدخل لديه عوامل أخرى في الكتابة».


واستكمل: ضربت مثالًا بـ«عكاشة» و«كمال»؛ لأنهما يفصلًان بين الجانب العملي، والجانب الحياتي، ومريم ناعوم غير ذلك، وهذا إحساسي عنها من خلال متابعتي لأعمالها الجميلة.


نرشح لك: «قيد عائلى».. حلقات مفقودة «تُشوه» عملًا فنيًا ربما يكون ناجحًا ولكن بشروط



فى رمضان هذا العام، سيعرض لـ«مريم ناعوم» مسلسل «زي الشمس» من بطولة الفنانة دينا الشربيني، وهو العمل الذي استعانت فيه بعدد من شباب كُتاب السيناريو، ومنهم الزميل محمد هشام عُبيّه، رئيس تحرير جريدة «اليوم الجديد» السابق، ونجلاء الحدينى ودينا نجم وسمر عبد الناصر وسارة لطفى.


«زي الشمس» ليس أول عمل تهتم «مريم» فيه بالاستعانة بكتاب سيناريو شباب، ووفقًا لمن عملوا معها فى أعمال درامية سابقة، فإنّها تهتم بحصول الكاتب على حقوقه المادية والمعنوية، فضلًا عن الروح الجماعية التي تكون موجودة أثناء العمل.


وعن اهتمام الكاتبة مريم ناعوم بتكوين ما يشبه «الورشة» فى غالبية أعمالها الدرامية يقول طارق الشناوى: «رغم استعانتها بزملاء لها في كتابة الأعمال الدرامية التي تقدمها، إلا أنّ كل الأعمال تجد بها نَفس مريم، وده شيء نادر لا تجده فى أعمال تنتجها ورش، فلا تشعر فيها بنَفس الأسطى اللى هو الكاتب الكبير.. لكن ناعوم شخصيتها قوية، ودائمًا تكون مسيطرة على العمل».


ويؤكد «الشناوى» أنّ مريم ناعوم من أكثر الكاتبات فى جيلها «موهبةً»، فضلًا عن تشكيلها «ثنائي رائعًا» مع المخرجة كاملة أبو ذكرى، وقدما معًا «واحد صفر»، و«ذات» و«سجن النسا» وغيرها من الأعمال.


يتابع: «مريم لفتت انتباهي فى العرض الخاص لفيلم واحد صفر، وسألت كاملة أبو ذكرى: مين اللى كاتب الفيلم، قالتلى مريم ناعوم، قلتلها دي موهوبة جدًا وبلغيها إعجابي، ودي أول مرة أشوف فيها شغل لهذه الكاتبة»، ولكنها انطلقت بعد ذلك بقوةٍ.


بطاقة هوية

تكشف السيرة الذاتية المتوفرة عن «مريم ناعوم» أنّها ولدت فى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1977، ووالدها هو الروائي نبيل نعوم، ووالدتها مصممة الحلي سوزان المصري، وهى عاشقة للقراءة. 


عادت مريم ناعوم إلى مصر بعد أن تركت دراسة الاقتصاد في فرنسا، ودرست «السيناريو» في معهد السينما، فى الدفعة نفسها التي كانت تضم السيناريست عبد الرحيم كمال.


بعد تخرجها فى معهد السينما، عملت في مجال الدعاية الإعلانية، قبل أن تعود إلى كتابة السيناريو، وهى كانت متزوجةً من المخرج تامر محسن، ولكن انفصلا عام 2011.


يُعد فيلم «واحد صفر» هو أول تجربة حقيقية لـ«ناعوم»، وهو الفيلم الذي أخرجته كاملة أبوذكري، وبطولة الفنانة إلهام شاهين ونيللي كريم وخالد أبوالنجا، ومجموعة أخرى من الفنانين، وعُرض فى عام 2009.


حصلت مريم ناعوم على عدد من الجوائز ومنها: جائزة مهرجان دبي، جائزة أحسن سيناريو من مهرجان السينما المستقلة ببروكسل، جائزة السيناريو من المهرجان الدولي للسينما المستقلة في بلجيكا، جائزة أفضل مؤلف من المهرجان القومى للسينما.