رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«لغز» اختفاء أشهر مذيع فى «الجزيرة»

النبأ


قبل «20» عامًا، ومع تأسيس قناة «الجزيرة» برز المذيع المصري والذي يحمل الجنسية البريطانية أحمد منصور، كوجه مميز للقناة القطرية، حيث عمل مراسلًا ميدانيًا في أماكن الصراع من سراييفو إلى أفغانستان ثم العراق، وكان مسئولًا عن تغطية الأوضاع في تلك البلاد في أوقات الحروب.


بعد ذلك، وقبل 15 عاما، استقر «منصور» في العمل كمقدم برامج، وأسندت قناة الجزيرة له تقديم برنامجين أسبوعيين، هما: «شاهد على العصر»، والذي يستضيف خلاله الشخصيات السياسية البارزة لتروي ما حدث في عصور مضت وفي أوقات الصراع المختلفة، وبرنامج «بلا حدود» الذي يتعرض للقضايا المطروحة على الساحة، ويستضيف خلاله شخصيات عامة من اتجاهات مختلفة، وظل البرنامجان طوال تلك السنوات الماضية من الأيقونات المميزة لقناة «الجزيرة».


فجأة.. ودون سابق إنذار، وفي غمرة اشتعال الأزمة الخليجية بعد قرار كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة قطر، اختفى المذيع أحمد منصور، وبدأت «الجزيرة» بث حلقات معادة من برنامجه «شاهد على العصر»، ثم تم وقف عرضه، في حين أسندت برنامج «بلا حدود» لمذيعين مختلفين.


سبق تلك الأحداث توجه للجزيرة للاستغناء عن 600 موظف موزّعين بين إعلاميين وتقنيين ومعدين لأسباب مختلفة من بينها مهنية وأخرى سياسة، ولكن مع بدء الأزمة الخليجية توقفت «الجزيرة» عن ذلك، بل وبدأت في الحفاظ على مذيعيها وكوادرها وإضافة خبرات ووجوه أخرى للقناة التي أصبحت «رأس الحربة» في حربها الجديدة الذي تصدرها الإعلام ولعب أدوارا بارزة فيها.


لم تطل حملة الاستغناء السابقة على الأزمة الخليجية المذيع أحمد منصور، وفي غمرة حفاظ الجزيرة على مذيعيها وإضافة وجوه لهم، وبعد أقل من شهر من اشتعال الأزمة الخليجية توقف أو أُوقف أحمد منصور من الظهور على القناة بشكل كامل.


تحليلات كثيرة ذهبت كل مذهب في تفسير توجه «الجزيرة» لوقف مذيعها الأشهر، ما بين تقارير رأت أن القناة ضاقت ذرعًا من توجه أحمد منصور «الإخواني»، الذي أصبح يفقدها مصداقيتها ويكشف انحيازها الواضح للجماعة، ما يقلص من جماهيريتها وتأثيرها، وأخرى ذهبت إلى أن وقف «منصور» تم بقرار أمريكي؛ بسبب الهجوم اللاذع الذي شنه على رئيس أمريكا، دونالد ترامب، واعتياده التجاوز في حقه والحديث باستخفاف عنه في حلقات برنامجه الأخيرة.


أمام كل تلك التقارير وطلبات التواصل مع أحمد منصور للتعقيب والكشف عن سر وقف برامجه على قناة الجزيرة، وعدم ظهوره على شاشتها منذ نحو عام، كان رد أحمد منصور الدائم أنه لا يدلي بتصريحات صحفية.


وخلال العام الماضي كثف «منصور» من تغريداته وتدويناته بشأن موقفه من الشأن العام وخاصة المصري، على صفحتيه بـ«تويتر» و«فيس بوك»، وزاد عدد تدويناته ليتطرق لجميع ما يجري تقريبا، إلا أنه لم يلمّح من قريب أو بعيد لموقفه من قناة الجزيرة ولم يتعرض لها، وإنما كان يحرص على نشر مقاطع قديمة لبرامجه، ومقاطع أخرى لزملائه في القناة، كما أنه لم ينتقد سياسة القناة ولم يكشف سبب توقيفه.


في المقابل كشفت مصادر مطلعة في قطر سر اختفاء أحمد منصور طوال تلك الأشهر، وحقيقة استغناء قناة الجزيرة عنه بسبب إثارته للجدل ومواقفه غير المنضبطة.


وأوضحت المصادر، أن قطر سعت لإطلاق شبكة قنوات جديدة تكون معبرة عنها بشكل كبير وتبث من بلد آخر، ولا تكون ملتزمة بالحيادية والموضوعية التي تلتزمها الجزيرة، بحيث تكون «مخلبًا» في يد قطر للهجوم على خصومها، بعيدا عن الجزيرة التي وضعت لها خطا مهنيا لا يخدمها كثيرا في حالة النيل من خصومها في أمور تتعارض مع المهنية.


وأوضحت المصادر أن قطر أطلقت قناة «التليفزيون العربي» وخططت لتتبعها بمجموعة من القنوات، وأسندت إدارتها إلى عزمي بشارة مطلع 2015، واستقطبت لها عددا من الوجوه الليبرالية والشبابية، مشيرة إلى أنه على مدار السنوات الثلاث الماضية لم تحقق القناة أية شعبية أو تأثير يذكر.


وأكدت المصادر أنه مع اشتعال الأزمة الخليجية والمقاطعة الشديدة المفروضة على قطر شعرت الدوحة بأهمية وجود أذرع إعلامية مختلفة لها بالإضافة لقنوات الجزيرة، وبدأت في التخطيط لتأسيس مشروع إعلامي ضخم يشمل قنوات ومواقع إلكترونية عربية وأجنبية، لتكون معبرة عن سياسة قطر بشكل واضح وتكون أداة في يديها للنيل من خصومها.


وأوضحت المصادر أن اجتماعات مكثفة جرت لاختيار شخصية ذات خبرة كبيرة يمكنها إدارة هذا المشروع الضخم، موضحة أن الاختيار وقع على أحمد منصور؛ لما يتمتع به من خبرة إعلامية واسعة.


وأشارت المصادر إلى أن القناة طلبت من «منصور» التفرغ الكامل للعمل على هذا المشروع والتخطيط له واختيار الكوادر المناسبة له، ووضع الاستعدادات الكاملة لانطلاق هذا المشروع الإعلامي الضخم، ما استدعى وقف بث برنامجيه لانشغاله بالمشروع الإعلامي الجديد.


وأوضحت المصادر أن «منصور» بدأ في وضع خطة شاملة للمشروع الذي تم تخصيص ميزانية ضخمة له وسط تكتم شديد على الأمر لحين انطلاقه، مشيرة إلى أن «منصور» بدأ التفاوض مع عدد من الشخصيات العامة العربية وعدد من المذيعين في «بي بي سي» والصحفيين الكبار للانضمام لهذا المشروع، ولن يتم الكشف عن تفاصيل تلك الخطوات إلا عندما يفاجئ الجميع بانطلاق المشروع والمقرر له مطلع العام المقبل.