رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«سناء كسر» تكشف لـ«النبأ» سر حياة جماعة السوريات «النور» وأهل منطقة «عربة» في مصر

محرر «النبأ» في حواره
محرر «النبأ» في حواره مع «ثناء


«سناء كسر»، المتحدثة باسم رابطة «سوريات» بمصر، هى أكثر من تعلم بالمشكلات التي تعاني منها اللاجئات السوريات، ومدى الصعوبات الخاصة بالإقامة، وتدبير أمور المعيشة، والعلاقات الاجتماعية بينهن وبين البيوت المصرية.



«كسر» كشفت لنا كثير من الأمور التى يتعرض لها السوريين المنتشرين في مصر بصورة عامة، وليس في أكتوبر فقط، مشيرة إلى أن أهل الصعيد لا يتقاضون أجرًا من السوريين عن الإقامة، وأن الأعمال الفنية كانت سببًا في سهولة فهم «اللهجة المصرية».



المتحدثة باسم «سوريات»، ترى أن المساجد في مصر لعبت دورًا كبيرًا في تقديم الإعانات للسوريات اللاتي يرتدين زيًا مستوحى من «أهل السنة»، لافتة إلى أن الحديث عن سهولة الارتباط بسورية مجرد «إهانة» لها.



كثير من الأمور الخاصة والمهمة تكشفها فى هذا الحوار:



ما أحوال السوريات في مصر.. وما الصعوبات التي يواجهنها؟

نحن في مصر لا نشعر بالغربة نهائيًا، بل نشعر كأننا بين أهلنا، فأي أسرة تستقبلنا بطريقة طيبة، وهذا الأمر شجعنا على تنفيذ حملة ترويجية لمصر، لدرجة أن لبنانيين وأتراك يريدون القدوم للقاهرة، أما المشاكل التى نواجهها فتتركز فى السكن بالإيجار، ولم شمل الأسر السورية.



كم يبلغ عدد السوريات في مصر؟

بعض المعلومات تشير إلى أن الجالية السورية تعدادها 300 ألف، بينما تكشف إحصائيات المسجلين بالمفوضية أنه يوجد في مصر 210 ألف لاجئ، ووجود السوريين بكثرة في القاهرة كان سببًا في ترويج الإعلام أن الجالية السورية عددها بالملايين، هذا بعكس السودانيين واليمنيين الذين يتمركزون في أحياء معينة، كما توجد عائلات سورية في الصعيد، ويسكنون بدون إيجار، بل الأهالي هناك يعتبرونهم ضيوفًا، خاصة في محافظة أسيوط، كما يوجد سوريين في الإسكندرية والمنصورة.



يوجد سوريون يتمركزون في مدينة نصر و6 أكتوبر؟

توجد فئة من حلب ودمشق كانوا تجارًا، وعندما اندلعت الحرب، هربوا بأموالهم لمصر، وهؤلاء سكنوا في 6 أكتوبر، ومدينتي والرحاب، وهم يعيشون في نعيم، ويفتتحون المحلات التجارية، ولكن معظم السوريين يسكنون في مستوى اجتماعي عادي وأقل من العادي، والسوريون في أكتوبر عملوا على صنع أجواء سورية بالمكان، وفي عين شمس، وجسر السويس فتحوا ورشًا، ومناطق أخرى مثل العشرين والأربعين، ولكن أوضاع هؤلاء «صعبة»، ولذلك حينما أحن إلى الجو والأطعمة السورية أتوجه لأكتوبر.



ما أحوال السوريات اللائي ليس لديهن عائل في مصر؟

صعبة بالتأكيد، خاصة أن هؤلاء فقدن الزوج أو الابن في الحرب، وبعضهن أزواجهن بالمعتقلات السورية، والرابطة بها ما لا يقل عن 400 عائلة بدون عائل، يسكنون في العشرين والأربعين، وخصصت المفوضية لبعضهن مبالغ رمزية؛ لتيسير أمور المعيشة، كما أن المساجد خصصت لهم موادًا غذائية، ورواتب شهرية.



كيف تواجه السوريات في مصر قضية لم الشمل؟

نتواصل فيما بيننا عن طريق التليفونات و«سكاي بي»، والأزمة أن هناك طلابًا وطالبات قدموا في كليات في تركيا، وكان معهم إقامة على «الباسبور»، من سافر منهم لم يستطع العودة مرة أخرى، فلا يوجد حتى استثناء لهؤلاء الطلاب، ومن بقي لم يستطع استكمال تعليمه مرة أخرى، لم نترك مكانًا إلا وطرقنا أبوابه، يجب أن تدفع حتى تدخل، ونحن نناشد الحكومة المصرية في مسألة لم الشمل لأن هناك حالات إنسانية حرجة، فأنا لم أر والدتي من 5 سنين.



هل تتعرض النساء السوريات لمضايقات في الشارع المصري؟

هذا الأمر «ممكن»، من خلال محاولات البعض جر أطراف الحديث، ولكن دائمًا السيدة السورية تصد ذلك؛ والسبب ما أشيع في الإعلام عن أن السيدة السورية لاجئة رخيصة الثمن، وليست كالسيدة المصرية، وخاصة الإشاعات التى انتشرت عن إمكانية زواج المصري من سورية بـ 100 جنيه أو 500 جنيه، فأنا شخصيا لو جاءنى مليونير مصري لن أتزوجه.



كيف ترى السوريات الزواج من المصريين؟

هذا الأمر سبب لنا وللرابطة مشكلات، فأنا أدمن صفحة «سوريات»، وهي ليست صفحة لتسهيل الزواج، وصار الفكر العام للسوريات أن المتقدمين للزواج سوف يستغلونهن، والمرأة السورية ترفض الزواج من مصري إلا في حالات نادرة، مثل وجود علاقة عاطفية.



إلى أي مدى وصلت العلاقة بين السوريات والمصريات؟

لم نصل للاختلاط الكامل، لأن المرأة السورية لا تزال تحافظ علي عاداتها، لا تزال تصادق السوريات أكثر، لأنه يوجد تحفظات على حياة المصريات من المرأة السورية، كما أن البيت السوري له خصوصية.



ما الصعوبات التي تواجه المرأة السورية في المدارس المصرية؟

بالرغم من مساواة الحكومة بين المصري والسوري في المعاملة، إلا أن التسيب في المدارس الحكومية المصرية، هو أصعب شىء يواجه السوريات في مصر، ولذلك اتجهت معظم العائلات السورية إلى المدارس الخاصة، ومن أبقى أطفاله في مدارس حكومية يضطر لاعطاءهم دروسًا خصوصية.



هل سببت اللهجة صعوبة لدى بعض السوريين الوافدين إلى مصر؟

لا توجد مشكلة في اللهجة المصرية لدى معظم السوريات والسوريين بمصر، بفضل الفن المصري من السينما والمسرح والدراما المصرية التي نشأ عليها معظم السوريين، إلا أن هناك صعوبة بسيطة علي الأطفال، خاصة من يدرسون في المدارس الابتدائية، وبعضهم يأتون من المدارس يبكون من عدم فهم المدرسين المصريين.



ما سر لجوء الشباب السوري للهجرة غير الشرعية من مصر؟

بداية أحكي قصة واقعية عن إبنى، فهو خريج كلية السياحة في دمشق، وكان يعد نفسه قبل الثورة السورية ليكون مرشدًا سياحيًا، وعندما جاء إلى مصر عمل «جرسون» بالكافيهات المصرية، وحاول أن يبحث عن عمل في مجاله بشرم والغردقة، وعمل 3 شهور بمارينا، كما عمل ببعض الأعمال الفنية بمصر كفيلم "الأماكن"، واضطر لأن يعمل في أحد المحلات، ولكن وجد أن راتبه بالكاد يكفيه، فاضطر للهجرة بشكل غير شرعي إلى أوروبا، واجتمعنا في المنزل وقررنا أن يصطحب معه أخاه الصغير الذي عمرة 13 عاما، لذلك أعتقد أن الحاجة إلى المال هى سبب الهجرة غير الشرعية من مصر.



ماذا عن خطورة الهجرة غير الشرعية؟

في الحقيقة الخطورة تكمن في الجزء الفاصل بين إزمير التركية واليونان، لأنها مسافة قصيرة والأمواج «متلاطمة»، وهنا تحدث معظم حوادث الغرق، كما أن هناك بعض المهربين الذين يستخدمون قوارب بلاستيكية ينقلون بها أعدادًا ضخمة من اللاجئين السوريين، ما يؤدي لغرقهم.



ما تأثير الهجرة على النساء السوريات؟

المرأة السورية تختار غالبا مرافقة زوجها، حيث يتحملان الشدة والرخاء معًا، وبعض الرجال يحاولون إبقاء زوجاتهم في مصر، ولكن معظمهن يرفض ويقلن لأزواجهن: "هتسيبني لمين في الغربة، سأعيش معاك أو أموت معاك" ويتحملان معًا مشاق السفر.



لماذا يخشى السوريات الحديث في السياسة؟

السوريون عمومًا يخشون من الحديث بالسياسة، منذ عهد حافظ الأسد؛ لوجود قبضة أمنية مشددة، ويمكن أن تجد جواسيس بداخل منزلك، ولذلك نحن حاليًا نقوم بعمل دورات توعية سياسية لهن، عبر الرابطة.



كيف تسير علاقة الرابطة بجامعة الدول العربية؟

حضرنا مؤتمر المرأة العربية بالجامعة، ولم يكن هناك بنود خاصة بالمرأة السورية، وتحدثنا في المؤتمر رغمًا عن القائمين عليه، لأنه لا يوجد مقعد لسوريا بالجامعة التي شكرت «فراشين الفندق» الذي أقامت فيه المؤتمر، ولم يذكروا المرأة السورية.



هل أعجب السوريات بعض الأكلات مصرية ؟

كل العائلات السورية تحب «الكشري» ونأكله من أماكن نظيفة، خوفا من الإصابة بالأمراض.



ما دور الرابطة؟

تثقيف وتوعية، كيفية التعامل بمصر، وعمل دورات ومشاريع للسوريات ومعارض، ولكن الأزمة أن مفوضية الأمم المتحدة أوقفت التمويل عنا.



هل يوجد تواصل بينكم وبين رجال الأعمال السوريين أو الائتلاف المعارض؟

لا يوجد تواصل بين المجتمع السوري في مصر ورجال الأعمال السوريين، هم في واد ونحن في واد آخر، ومثلهم «مكتب الائتلاف» الذي لم يقدم شيئًا أو مساعدة للرابطة برغم ظروفها الصعبة حاليًا.



كيف ترى من يقول إن السوريات شاركن في اعتصام «رابعة»؟

قالوا إن هناك تجمعات سورية، ولكن علي الأرض لم نكن موجودين، فكانت مجرد إشاعات يروجها الإعلاميين، والحقيقة أننا جئنا من سوريا هاربين من حرب، خارجين من وضع مأساوي، فليس معقولا أن نتدخل بالشئون الداخلية المصرية.



كيف ترين الوضع بسوريا.. وماذا عن نزوح السكان منها؟

الناس بسوريا لا يوجدون عمل حقيقي، ويعيشون علي الإعانات التي تأتي من مصر وأوروبا، والسبب الرئيسي للهجرة هو الحرب، وعندما بدأ الجيش بالتحرش بالسوريات، رحلت العائلات.



ماذا عن ظاهرة السوريات اللاتي يمارسن التسول بمصر؟

سوريا لم تكن مدينة فاضلة، فيها العامل والشريف، والمتسول واللص، والنساء اللائي يتسولن بالقاهرة، كن يتسولن بسوريا أيضًا، وعدن لممارسة هذا الأمر في مصر، وليسوا نساء فقيرات، وهؤلاء المتسولات يُطلق عليهن اسم «النور»، وكن يقطن في ريف حلب، ويتميزن ببشرتهن البيضاء المشربة بالحمرة، ولا ينتمين لأي فئة بسوريا، وكن يتسولن بالعاصمة دمشق قادمات من الشمال السوري، قبل لجوئهن لمصر، ومن القصص الطريفة التي تدل علي أنهن يمارسن التسول كمهنة وما يكشف زيف هؤلاء المتسولات أنهن إذا رأين سوريا يهربن، ولا يقابلونه.


ما السر في انتشار ظاهرة الدعارة السورية بمصر؟

لم تختلف كثيرًا حالة محترفي الدعارة في مصر من السوريات، عن المتسولات، حيث كن يقطن في سوريا منطقة اسمها «عربة»، أنشأها لهم خصيصًا حافظ الأسد، ومن حظهن العثر أن تلك المنطقة قصفت أثناء الثورة السورية، وعندما سافر هؤلاء إلى مصر، مارسن مهنتهن الأصلية في الهرم وشارع محمد علي.



ماذا عن السوريات المتحررات؟

هم أبناء المناطق الساحلية واللاذقية، ويرتدين الملابس القصيرة، و«الجينز الضيق»، وهن فى الغالب من العلويين والدروز، والطائفة الإسماعيلية.



ما سر الزي الموحد الذي ترتديه معظم السوريات؟

هو خاص بأهل السنة، وهذا الزي يسمي «المانطوا»، أو اللباس الإسلامي الذي لا يشف ولا يصف، ولونه العام أزرق والحجاب أبيض، وهو الزي المخصص عند الخروج للشارع، فلسنا عارضات أزياء، وفي البداية كنا نعتمد في شراء زينا علي العبور وأكتوبر، ولكن بعد ذلك عملت بعض المصانع المصرية على تصنيع هذا الزي، لأنهم وجدوه تجارة رابحة، وهو زي مميز وغال في الوقت نفسه، وأقل سعر للزي يكون 300 جنيه.



ما الرسالة التي توجهينها إلى السوريات في مصر؟

أنتن مثال رائع للمرأة بشكل عام، ونموذجًا في الحفاظ على سمعة المرأة السورية.