رئيس التحرير
خالد مهران

عادل توماس يكتب.. نقابة المحامين في مرمى الأزمة للدفاع عن حق "الغلابة" في التقاضي!!

عادل توماس
عادل توماس

في زمن تتسارع فيه القرارات، وتتضاعف فيه الأعباء على المواطنين، تجد نقابة المحامين نفسها في قلب معركة لا تخص أعضائها فقط، بل تمس جوهر العدالة في مصر وحق المواطن البسيط في اللجوء إلى القضاء دون عوائق مالية تعجيزية.

رسوم جديدة تُثقل كاهل المتقاضين

بدأت الأزمة حين قرر مجلس رؤساء محاكم الاستئناف فرض رسوم إضافية على تسجيل الدعاوى القضائية. خطوة ربما تبدو تنظيمية من وجهة نظر البعض، لكنها في حقيقتها تمثل عبئًا ثقيلًا على كاهل مئات الآلاف من المواطنين، ممن يلجأون إلى ساحات العدالة للدفاع عن حقوقهم في نزاعات العمل، أو النفقة، أو السكن، أو التعديات، أو حتى إثبات النسب والملكية.

هذه الرسوم ليست مجرد أرقام تُضاف إلى ملف القضية، بل هي فاصل بين من يستطيع دفع كلفة التقاضي ومن يُحرم من العدالة لأنه لا يملك ما يسدد به الرسوم.

نقابة المحامين: صوت الدفاع عن حق التقاضي

حين دعت نقابة المحامين لعقد جمعية عمومية غير عادية لمناقشة هذه الأزمة، لم تكن تفتعل معركة من فراغ، بل كانت تمارس دورها الطبيعي كممثل شرعي وحيوي للمدافعين عن العدالة، فهي تعرف من واقع الممارسة اليومية كم من القضايا تم التنازل عنها لأن صاحبها لا يملك المال لفتح الملف، وتدرك جيدًا كيف أن كثيرًا من المظلومين يُسكتهم العجز المادي عن المطالبة بحقوقهم.

الحكم بوقف العمومية: مسألة إجرائية لا تلغي جوهر القضية

صحيح أن محكمة القضاء الإداري أصدرت حكمًا بوقف تنفيذ قرار النقابة بعقد الجمعية العمومية، استنادًا إلى اعتبارات إجرائية، لكن ذلك لا يجب أن يُفهم على أنه إدانة لموقف النقابة، بل هو تأكيد على أهمية اتباع الإجراءات القانونية الدقيقة، دون أن يُغيّب ذلك القضية الجوهرية: هل الرسوم الجديدة تتوافق مع حق المواطن البسيط في التقاضي؟

نقابة المحامين ليست ضد القانون.. بل تدافع عنه

من المؤسف أن يُصور موقف النقابة أحيانًا على أنه صدام مع القضاء، بينما الحقيقة أن النقابة تتحرك في إطار دستوري وقانوني واضح، ينص على كفالة حق التقاضي ومجانيته في حدود الإمكانات، ما تفعله النقابة ليس تمردًا، بل صوتًا عاليًا لحماية الحقوق، ورفضًا لقرارات قد تحوّل المحاكم إلى ساحات للأثرياء فقط.

من الخاسر الحقيقي من زيادة الرسوم؟

الضحية الأولى ليست المحامي، بل المواطن الفقير، الذي لن يجد محاميًا يقبل الدفاع عنه في قضية تكلف رسومها أكثر من قيمة ما يطالب به.

نقابة المحامين، في سعيها لطرح القضية داخل جمعيتها العمومية، أرادت فتح نقاش مهني ونقابي مسؤول حول الحلول الممكنة، سواء بالطعن على القرار أمام المحكمة، أو بالضغط لإعادة النظر فيه، أو حتى بتحمل الدولة جزءًا من العبء عن المتقاضين. لكن توقيف هذه الخطوة فتح الباب أمام تأويلات قد تُجهض أي جهد جماعي لمعالجة الأزمة.

النقابة على صواب.. والمواطن يستحق الحماية

المطلوب اليوم ليس كبح نقاش داخل النقابة، بل دعم جهودها في طرح البدائل، وإيجاد صيغة عادلة تحفظ حقوق المحاكم كمؤسسات، وتحمي المواطنين كمستفيدين من خدماتها.

العدالة ليست رفاهية، ولا يجب أن تتحول إلى "سلعة" يدفع ثمنها من يملك فقط، ومن هنا، فإن دور نقابة المحامين في التصدي لزيادة الرسوم القضائية ليس مجرد دفاع عن أعضائها، بل معركة وطنية من أجل عدالة متاحة للجميع.