رئيس التحرير
خالد مهران

ذكرى وفاة العندليب الـــ39 .. آخر ما قاله «المتحدث بلسان الجماهير»

عبد الحليم حافظ
عبد الحليم حافظ

تمر هذه الأيام الذكرى ال 39 لوفاة العندليب الأسمر، عبد الحليم حافظ، صاحب الصوت الذي عبر عن أحلام وطموحات حقبة زمنية هي الأكثر ثراء في التاريخ المصري الحديث.

مر العندليب بكل ما يمكن أن يمر به فنان من أفراح وأتراح، فعاش أجمل لحظات النجاح، وأشد أوقات الألم ، وعلى الرغم من أن العندليب شدا بألحان نالت رضا جميع الأذواق، وجسد بطولات سينمائية حققت نجاحا جماهيريا باهراً، فإنه دخل مشروعات فنية لم تكتمل.

مشاكل إنتاجية

من الأعمال التى واجهت هذه المشاكل فيلم حمل عنوان «دعني لولدي»، والذي بدأ تصوير بعض مشاهده لكنه لم يتم للنهاية، وهو فيلم مأخوذ عن قصة للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، ومن إنتاج رمسيس نجيب ، وكان مقررًا أن تقوم بدور البطولة أمام حليم، سيدة الشاشة العربية الراحلة فاتن حمامة، لكن أزمات نشبت بينها وبين أسرة العمل أسفرت عن إسناد البطولة للنجمة لبنى عبد العزيز، وتم تصوير المشاهد الأولى فى "فينيسيا"، وفي النهاية لم ير العمل النور؛ بسبب المشاكل الإنتاجية.

«وتمضى الأيام».. هذا هو اسم العمل الثاني الذي لم يتم للعندليب الأسمر، والذي لم يتم أيضًا وهو من تأليف المخرج حلمى حليم الذى كتب القصة، وأسند الإخراج ليوسف شاهين وظل التصوير مستمرًا ثلاثة أعوام ثم توقف، لذات السبب السابق.

حليم.. الابن الضال

حاول يوسف شاهين إقناع عبد الحليم ببطولة فيلم «عودة الابن الضال»، كتعويض عن توقف مشروع إنتاج فيلم «وتمضي الأيام»، إلا أن فطنة العندليب، جعلته يدرك أن الدور ليس مناسبا له؛ لذا رد على يوسف شاهين ردًا قاطعًا بالرفض، وقال له: «الدور عايز واحد صغير فى السن يا جو»

وجاء الدور على القصة الرائعة للكاتب الصحفي الكبير، مصطفى أمين، والتي تحمل عنوان «لا» وكان العندليب ينوي إنتاج هذا العمل وإسناد الإخراج للمخرج الجزائرى أحمد راشدى، كما اتفق مع المخرج حسين كمال على بطولة فيلم «تائه بين السما والأرض»، إلا أن القدر أبى أن يقف العندليب أمام الكاميرات مرة أخرى.

الساعات الأخيرة

وبينما كان حليم يعيش اللحظات الأخيرة من حياته الحافلة، طار إليه في لندن مودى حكيم، مندوب صباح الخير؛ للاتفاق معه على عمل جديد يجمعه بالفنانة ماجدة الرومى بعنوان «سندريلا»، لكن المثير أن العندليب أجاب على العرض باقتضاب قائلا: «الله وحده أعلم».

ماذا قال العندليب قبل وفاته بلحظات؟

تحدث العندليب للموسيقار محمد عبد الوهاب قائلاً: الحمد لله العملية نجحت وبقيت زى البمب علشان أقدر أغنى اللحن الجديد؛ لأنه عايز مجهود، وكان يقصد أغنية «من غير ليه» وقال لكل من عمرالشريف: الظاهر مش هقدر أجيلك باريس المرة دى؛ لأنه مفيش وقت على كل حال هاسيبها لظروفها ، وشقيقه محمد شبانة: إذا كنت مادهنتش أوضة النوم بتاعتى خليها زى ما هى على لونها اللبنى لأنى بتفائل باللون ده وقائد الفرقة الماسية أحمد فؤاد حسن: استعد يا فؤاد للشقا أنا جاى بعد أسبوع علشان نبدأ البروفات؛ لأن مفيش وقت فاضل شهر على حفلة الربيع.

وقال لصديقه مجدى العمروسى: والله يا مجدى أنا قريت السيناريوهات الثلاثة، وكلهم كويسين مش عارف أبدأ بأى فيلم فيهم، على كل حال بإذن الله يتصوروا الثلاثة خلال سنتين؛ لأن بقالنا كتير قوى معملناش حاجة فى السينما.

رحيل المطرب الإنسان

ولأنه لم يكن لدى المصريين مجرد مطرب يسلون أوقاتهم بسماع صوته الشجي، فقد جاءت لحظات الإعلان عن مغادرته الدنيا، بالغة الصعوبة على المجتمع في ذلك الوقت ، فشعرت الأمهات بأنهن فقدن ابنا لم تنجبه أية منهن، وغرقت الفتيات في دوامة من الحزن على ذلك الصوت الذي طالما عبر عن أحلامهن حتى صار لسانًا يتحدث بما يجيش في صدر كل منهن دون أن تفصح هي عما فيه، كما فقدت صوابها كل من اعتبرته فارس أحلامها ورمز الحب والشجن لديها.

وكان للرجال نصيب من الحزن العميق على فراق العندليب الذي أرخ بصوته لثورة ولد معها وولدت معه، فعاش بين الناس يستخدم الألحان العذبة والكلمات الرائعة للتعبيرعن أيام من الانتصار، وأخرى يملؤها الانكسار.

تحدث حليم بلسان الجماهير فحكى تأميم قناة السويس وملحمة بناء السد العالي، وكان حاضرًا لرسم معاني الحزن في عام 1967 بالأغاني، ثم إذا به يستنهض الهمم ويعمل كبوق إعلامي ينشر بطولات المصريين في حرب الاستنزاف، والتبشير بنصر أكتوبر المجيد، كما أثبت ولاءه لوطنه أكثر من ولائه لنظام الحكم، حين عبر عن سعادة الشعب بالنصر، وكان أول من حيا سيناء بعد عودتها لأحضان الوطن فقال: «صباح الخير يا سينا»

رحم الله العندليب بقدر ما أسعد القلوب.. «وعلى قد الشوق اللي في عيوني يا حليم سلم»