إحالة طبيب مزيف إلى محكمة الجنايات لإدارته منشأة طبية غير مرخصة بدار السلام
قررت النيابة العامة برئاسة المستشار هشام الشريف المحامى العام لنيابات حلوان الكلية إحالة شاب يبلغ من العمر 35 عامًا إلى محكمة الجنايات المختصة، بعد ثبوت تورطه في واحدة من أخطر قضايا انتحال الصفة ومزاولة مهنة الطب دون ترخيص بمنطقة دار السلام، حيث كشفت التحقيقات عن قيامه بانتحال صفة طبيب، وإدارة منشأة طبية غير مرخصة، وممارسة العمل الطبي لعدة سنوات اعتمادًا على شهادات جامعية وتراخيص مزورة، في وقائع تمثل تهديدًا مباشرًا لحياة المواطنين وسلامتهم.
بلاغات تكشف نشاطًا طبيًا غير مشروع
وجاء قرار الإحالة عقب تحريات موسعة أجرتها الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع النيابة العامة، إثر ورود بلاغات ومعلومات مؤكدة عن وجود منشأة طبية تعمل دون ترخيص قانوني، وقيام شخص غير معلوم الموقف المهني بتوقيع الكشف الطبي وكتابة الروشتات والتعامل المباشر مع المرضى، بالمخالفة لأحكام القانون، ما أثار شكوك الجهات المختصة ودفعها لفحص طبيعة النشاط القائم داخل المنشأة.
شهادات جامعية وتراخيص مزورة
وكشفت التحقيقات أن المتهم اشترك مع آخر مجهول في تزوير محررات رسمية منسوبة لجهات حكومية وتعليمية، شملت شهادات تخرج من كلية الطب وجراحة جامعة القاهرة، وشهادات ماجستير من جامعتي القاهرة والأزهر، إلى جانب شهادة اجتياز سنة الامتياز والتدريب بمستشفيات جامعة القاهرة، فضلًا عن ترخيص مزاولة مهنة الطب، واستخدم هذه المستندات المزورة مع علمه بتزويرها لإقناع المرضى والعاملين بالمنشأة بأنه طبيب مرخص له بمزاولة المهنة.
النقابة ووزارة الصحة تحسمان الموقف
وأكدت الاستعلامات الرسمية الواردة من النقابة العامة لأطباء مصر والإدارة العامة للتراخيص الطبية بوزارة الصحة أن المتهم غير مقيد بسجلات الأطباء البشريين، ولا يحمل أي مؤهل طبي معتمد، ولم يصدر له أي ترخيص قانوني يخول له ممارسة مهنة الطب داخل جمهورية مصر العربية، وأن جميع المستندات المقدمة مزورة بالكامل ولا تمت للواقع بصلة.
أرقام قيد مسروقة لطبيبة حقيقية
وأثبتت التحقيقات أن أرقام القيد والترخيص التي نسبها المتهم لنفسه تعود لطبيبة حقيقية تُدعى «فاطمة»، في واقعة تؤكد تعمده استخدام بيانات الغير وانتحال صفة على نحو منظم، لإضفاء مشروعية وهمية على نشاطه الإجرامي، والتحايل على الجهات الرقابية.
مزاولة المهنة منذ عام 2021
وتبين من أقوال الشهود والعاملين داخل منشأة تُعرف باسم «كيرو كير لأمراض البطن والحالات الحرجة» بدار السلام، أن المتهم كان يباشر العمل داخلها منذ عام 2021 باعتباره «أخصائي أمراض حساسية وصدر»، ويوقع الكشف الطبي، ويكتب الأدوية، ويتعامل مباشرة مع المرضى، رغم عدم حصوله على أي مؤهل طبي أو تصريح قانوني بمزاولة المهنة.
منشأة بلا ترخيص ومخاطر صحية جسيمة
ولم تتوقف جرائم المتهم عند حد انتحال الصفة، إذ كشفت أوراق القضية عن قيامه بإنشاء وإدارة منشأة طبية كاملة دون الحصول على التراخيص القانونية اللازمة من الجهات المختصة، بالمخالفة لأحكام قانون العلاج الحر، واستقبال المرضى داخل بيئة علاجية تفتقر للاشتراطات الصحية، بما يشكل خطرًا جسيمًا على صحة المواطنين.
أدوية فاسدة ومخازن مخالفة
كما أسفرت التحقيقات عن ضبط أدوية ومستلزمات طبية غير مرخصة وأخرى فاسدة داخل المنشأة، إلى جانب إنشاء مخازن أدوية دون استيفاء الشروط القانونية والصحية، في مخالفة صريحة لتعليمات وزارة الصحة وهيئة الدواء المصرية، وتبين أن بعض المضبوطات تتبع الهيئة العامة للشراء الموحد للتأمين الصحي، وتم الحصول عليها بطرق غير قانونية.
تضليل المرضى واستغلال الثقة
وأشارت التحقيقات إلى أن المتهم استغل المحررات المزورة ووسائل الترويج المختلفة لتقديم نفسه للمواطنين باعتباره طبيبًا متخصصًا ومرخصًا، مستغلًا ثقة المرضى وحاجتهم للعلاج، وحقق مكاسب مادية غير مشروعة على حساب صحة وسلامة المترددين على المنشأة.
اتهامات جسيمة أمام محكمة الجنايات
وأسندت النيابة العامة للمتهم اتهامات متعددة، شملت تزوير محررات رسمية، واستعمال محررات مزورة، وانتحال صفة طبيب، ومزاولة مهنة دون ترخيص، وإدارة منشأة طبية غير مرخصة، وحيازة أدوية ومستلزمات طبية غير قانونية، وهي جرائم معاقب عليها بعقوبات مشددة وفقًا لأحكام قانون العقوبات وقوانين تنظيم العمل الطبي.
تحقيقات مستمرة لكشف باقي المتورطين
وأكدت مصادر قضائية أن التحقيقات لا تزال جارية لكشف باقي المتورطين في وقائع التزوير أو تسهيل ممارسة النشاط الطبي غير المشروع، سواء من داخل المنشأة أو من خارجها، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالهم.
ناقوس خطر للمنظومة الصحية
وتعيد هذه القضية الخطيرة تسليط الضوء على ضرورة تشديد الرقابة على المنشآت الطبية الخاصة، وتكثيف حملات التفتيش، وإحكام التنسيق بين الجهات المعنية، لمنع تسلل منتحلي الصفة إلى القطاع الصحي، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، حفاظًا على صحة المواطنين وسلامتهم.







