رئيس التحرير
خالد مهران

جامعة نينغشيا تنظم ندوة فكرية اولاين عن العلاقة الصينية العربية

في إطار دعم وتعزيز التعاون والتواصل بين الصين والدول العربية، وبمناسبة قرب الاحتفال بمرور 70 عامًا على انطلاق العلاقات العربية–الصينية والمصرية–الصينية، نظم معهد البحوث الصيني–العربي التابع لجامعة نينغشيا، وبمشاركة جمعية الصداقة العربية–الصينية في نينغشيا، ندوة فكرية مهمة تناولت استعراض استراتيجية الصين والدول العربية لعام 2025، واستشراف آفاق هذه العلاقات في عام 2026.

وجاءت الندوة في سياق الاهتمام المتنامي بتطوير الشراكة الاستراتيجية العربية–الصينية، وتعميق الحوار السياسي والفكري، وتعزيز أطر التعاون في المجالات الاقتصادية والتنموية والثقافية، بما يواكب التحولات الدولية المتسارعة، ويدعم بناء مجتمع عربي–صيني للمستقبل المشترك، تحت عنوان (نظرة على ما تحقق في العلاقات العربية الصينية لعام 2025 واستشراف لعام 2026).

ونُظمت الندوة بإشراف هان تشياوفينج، الاستاذ الباحث في اللغة العربية بجامعة نينغشيا، وبمشاركة عدد من الخبراء والمتخصصين في الشئون العربية والصينية، من بينهم الدكتور ضياء حلمي الفقي، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية وعضو جمعية الصداقة المصرية الصينية بالقاهرة، وعماد الأزرق رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، وأحمد سلام عضو المجلس المصري للشئون الخارجية والمستشار الإعلامي المصري الأسبق في الصين.

جمعية الصداقة المصرية الصينية

وناقش المشاركون حصاد العلاقات العربية–الصينية خلال عام 2025، وما شهدته من زخم غير مسبوق على المستويات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية، إلى جانب استشراف ملامح المرحلة المقبلة في ضوء انعقاد القمة العربية–الصينية الثانية، وتنامي دور الصين والعالم العربي في النظام الدولي متعدد الأقطاب.

أحمد سلام، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية والمستشار الإعلامي المصري الأسبق في الصين

قال أحمد سلام، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية والمستشار الإعلامي المصري الأسبق في الصين، إن العلاقات بين الصين والدول العربية تمثل شراكة متعددة الأبعاد شهدت تطورًا ملحوظًا منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني-العربي عام 2004، مؤكدًا أن مبادرة «الحزام والطريق» شكّلت ركيزة أساسية في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي، وجعلت الصين الشريك التجاري الأهم للدول العربية.

وأشار سلام إلى أن عام 2025 مثّل مرحلة تنفيذية مهمة في الاستراتيجية الصينية تجاه العالم العربي، حيث جرى التركيز على المشروعات العملية في مجالات التكنولوجيا، والطاقة، والبنية التحتية، والتعليم، بما يدعم خطط التنمية الوطنية العربية ويربطها بالأسواق العالمية، لافتًا إلى أن تصريحات وزير الخارجية الصيني وانغ يي الأخيرة عكست استعداد بكين لتعزيز المواءمة بين خطتها الخمسية الـ15 (2026–2030) والرؤى التنموية لدول الشرق الأوسط.

وأضاف أن الشراكة المصرية-الصينية برزت كنموذج ناجح خلال عام 2025، من خلال تعميق التعاون الاستراتيجي وتوقيع عدد من وثائق التعاون، إلى جانب نجاح مصر في دخول مجال تجميع واختبار الأقمار الصناعية بدعم صيني، وتوسيع برامج التدريب التقني للشباب، فضلًا عن تنشيط السياحة عبر الرحلات الجوية المباشرة بين القاهرة وبكين.

وأوضح سلام أن التعاون الصيني-العربي شمل دولًا عربية أخرى، من بينها مشروعات كبرى في الموانئ والبنية التحتية، ومعارض اقتصادية مشتركة ركزت على التجارة الإلكترونية والطاقة الجديدة، بما يعكس التوجه نحو الاقتصاد الأخضر والابتكار.

وأشار إلى أن قطاعات التعاون الرئيسية في 2025 شملت الاقتصاد والتجارة، ونقل التكنولوجيا والابتكار، والتعليم والثقافة، إلى جانب الطاقة والتحول الأخضر، مؤكدًا في الوقت ذاته أن هناك تحديات قائمة، من بينها تفاوت استفادة الدول العربية من مشروعات التعاون، وتأثير الضغوط الجيوسياسية والتنافسات الدولية.

وفيما يتعلق باستشراف عام 2026، قال سلام إن المرحلة المقبلة تتطلب توسيع دور القطاع الخاص، وتعزيز التعليم الفني والبحث العلمي، ودعم المشروعات الخضراء، وترسيخ الأطر المؤسسية للتعاون، مع تعزيز التنسيق السياسي والدبلوماسي لمواجهة التحديات الإقليمية.

واختتم سلام بالتأكيد على أهمية إنشاء آليات مشتركة لمتابعة وتقييم المشروعات، ودعم البحث والابتكار والتبادل الثقافي والتعليمي، باعتبارها قاعدة أساسية لاستدامة العلاقات العربية-الصينية وتعميق الثقة المتبادلة.

عماد الأزرق، رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية

قال عماد الأزرق، رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن العلاقات العربية-الصينية شهدت خلال عام 2025 زخمًا غير مسبوق، عكس تطورًا استراتيجيًا شاملًا في مختلف المجالات، وذلك في إطار تنفيذ برنامج منتدى التعاون الصيني-العربي للفترة 2024-2026، وقبيل الاحتفال بمرور 70 عامًا على إقامة العلاقات العربية-الصينية والمصرية-الصينية، وانعقاد القمة العربية-الصينية الثانية في بكين العام المقبل.

وأشار الأزرق إلى أن هذا التطور يأتي في ظل تحولات جيوسياسية متسارعة يشهدها العالم، دفعت العديد من الدول إلى إعادة صياغة علاقاتها الخارجية بما يحقق التوازن والاستقلالية، مؤكدًا أن الشراكة العربية-الصينية تمثل نموذجًا متقدمًا لهذا التوجه، حيث تقوم على الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، والدعم المتبادل في القضايا الجوهرية.

وأضاف أن عام 2025 شهد توافقًا عربيًا-صينيًا حول أسس «بناء مجتمع مصير مشترك عربي-صيني نحو العصر الجديد»، مع إعطاء أولوية للتعاون في مجالات التنمية والأمن والحوار الحضاري، الأمر الذي أسهم في توسيع نطاق العلاقات الاستراتيجية وتنسيق المواقف السياسية بين الجانبين.

وأوضح الأزرق أن الزيارات رفيعة المستوى المتبادلة خلال العام الجاري، سواء على مستوى القيادات السياسية أو الوزراء، عكست عمق العلاقات ومتانتها، وأسهمت في ترفيع مستوى الشراكة الاستراتيجية وتعزيز التعاون في مختلف القطاعات.

وأكد أن الصين واصلت دعمها الثابت للقضايا العربية العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ورفضها لسياسات الإبادة والتهجير، وتمسكها بحل الدولتين، في حين جددت الدول العربية موقفها الداعم لمبدأ الصين الواحدة ورفض التدخل في الشئون الداخلية للصين، إلى جانب دعم المبادرات العالمية التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ.

وأضاف أن مبادرة «الحزام والطريق» تمثل إحدى الركائز الأساسية للتعاون العربي-الصيني، حيث أسهمت في تعزيز الثقة السياسية، وتحقيق نتائج ملموسة في مجالات البنية التحتية والاستثمار والتبادل الثقافي، لتصبح نموذجًا ناجحًا للتعاون بين دول الجنوب.

وحول التحديات، أشار الأزرق إلى أن عام 2025 شهد تصاعدًا في التحديات الجيوسياسية، سواء ما يتعلق بتهديدات الاستقرار الإقليمي أو أمن الملاحة الدولية، أو محاولات فرض مسارات اقتصادية بديلة تستهدف تقويض مبادرة الحزام والطريق، مؤكدًا أن هذه التحديات عززت من مستوى التنسيق والتعاون العربي-الصيني.

وفيما يتعلق بعام 2026، قال الأزرق إنه يمثل امتدادًا طبيعيًا لما تحقق خلال عام 2025، لكنه يحمل فرصًا نوعية جديدة في ضوء انعقاد القمة العربية-الصينية الثانية، وإطلاق الخطة الخمسية الصينية الجديدة، وتنامي دور تجمع «بريكس»، متوقعًا أن تشهد العلاقات طفرة في مجالات توطين التكنولوجيا، والصناعات المتقدمة، والبحث العلمي، وتكنولوجيا الفضاء، وبناء القدرات وتبادل الخبرات.

واختتم الأزرق بالتأكيد على أن العلاقات العربية-الصينية تتجه نحو مرحلة أكثر عمقًا وشمولًا، بما يخدم المصالح المشتركة للجانبين، ويسهم في ترسيخ نظام دولي أكثر توازنًا وتعددية.

الدكتور ضياء حلمي الفقي، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية وعضو جمعية الصداقة المصرية الصينية بالقاهرة

من جانبه، قال الدكتور ضياء حلمي الفقي، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية وعضو جمعية الصداقة المصرية الصينية بالقاهرة، إن عام 2025 يشهد ذروة غير مسبوقة في تطور العلاقات العربية-الصينية، التي تمتد جذورها التاريخية لآلاف السنين عبر طريق الحرير، وتقوم اليوم على شراكة استراتيجية شاملة في مجالات الاقتصاد والطاقة والتكنولوجيا والثقافة، في إطار رؤية مشتركة لبناء مستقبل واحد.

وأشار الفقي إلى أن الصين أصبحت الشريك التجاري الأول للعالم العربي، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بين الجانبين 400 مليار دولار، مع توسع ملحوظ في مجالات التعاون الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، والطاقة النظيفة، والنقل الذكي، وتكنولوجيا الفضاء، إلى جانب الدور المحوري الذي تلعبه مبادرة «الحزام والطريق» في دعم مشروعات التنمية والبنية التحتية بالدول العربية.

وأضاف أن الصين تواصل سياسيًا دعمها الثابت للقضايا العربية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مؤكدة أن حل الدولتين هو المسار الوحيد لتحقيق السلام، لافتًا إلى أن القمم العربية-الصينية أسهمت في ترسيخ نموذج أكثر توازنًا للعلاقات الدولية، في ظل عالم يتجه بوضوح نحو التعددية القطبية.

وأوضح الفقي أن عام 2026 يمثل فرصة تاريخية لتعميق الشراكة العربية-الصينية، من خلال توطين الصناعة، وزيادة الاستثمارات المتبادلة، ونقل التكنولوجيا، وتوسيع استخدام العملات الوطنية في التبادل التجاري، مع التركيز على تأهيل الشباب العربي وتعزيز تعليم اللغة الصينية.

واختتم الفقي بالتأكيد على أن العلاقات العربية-الصينية ليست خيارًا تكتيكيًا مؤقتًا، وإنما مسار استراتيجي راسخ يقوم على المصالح المشتركة، والإرادة السياسية المتبادلة، والسعي لبناء مجتمع عربي-صيني للمستقبل المشترك.

خالد مهران، رئيس تحرير جريدة النبأ الأسبوعية والموقع الإلكتروني

قال خالد مهران، رئيس تحرير جريدة النبأ الأسبوعية والموقع الإلكتروني، إن تزامن الذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية العربية–الصينية مع انطلاق الخطة الخمسية الصينية الخامسة عشرة (2026–2030) يمثل لحظة تاريخية تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، مؤكدًا أن هذا التزامن يجسد مسارًا تعاونيًا طويلًا تطور من علاقات سياسية تقليدية إلى شراكة شاملة تشمل الاقتصاد والطاقة والبنية التحتية والابتكار التكنولوجي.

وأشار مهران إلى أن الخطة الخمسية الجديدة تفتح آفاقًا واسعة أمام الدول العربية لجذب الاستثمارات الصينية، خاصة في مجالات الاقتصاد الأخضر والرقمي، والطاقة المتجددة، والمدن الذكية، والنقل المتطور، لافتًا إلى أن الموقع الجغرافي المتميز للدول العربية يعزز من دورها المحوري في مبادرة «الحزام والطريق» ويقوي مكانتها اللوجستية والتجارية عالميًا.

وأضاف أن الصين، في مرحلتها التنموية الجديدة، تحتاج إلى شركاء موثوقين لتأمين احتياجاتها الطاقية وتعزيز أمنها الغذائي، وهو ما توفره الدول العربية، إلى جانب كون السوق العربية سوقًا واعدة للصادرات الصينية والخدمات التكنولوجية.

وأوضح مهران أن هذه الذكرى تمثل أيضًا فرصة مهمة لتعميق الحوار السياسي وتنسيق المواقف في القضايا الدولية، وتعزيز التبادل الثقافي والتعليمي بين الشعوب، مع الاستفادة المتبادلة من التجربة الصينية في مكافحة الفقر والتنمية، ومن الإرث الحضاري العربي في دعم التفاهم الحضاري.

واختتم مهران بالتأكيد على أن نجاح الشراكة العربية–الصينية في المرحلة المقبلة مرهون بتحويل أطر التعاون إلى مشروعات عملية ملموسة، تقوم على الاستدامة والتوازن والمنفعة المتبادلة، بما يضمن أن تأتي الذكرى الثمانون للعلاقات على أساس إنجازات تنموية حقيقية تخدم أجيال المستقبل في الجانبين.