الذهب يسجل أعلى مستوى في تاريخه عالميًا
شهدت أسواق الذهب المحلية والعالمية، خلال تعاملات اليوم الإثنين، ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار، بعد أن سجلت أوقية الذهب أعلى مستوى لها على الإطلاق، مدفوعة بتزايد إقبال المستثمرين على الأصول الآمنة، في ظل توقعات الأسواق باتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة خلال الفترات المقبلة، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية عالميًا، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة».
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في الأسواق المحلية ارتفعت بنحو 85 جنيهًا خلال تعاملات اليوم، ليسجل سعر جرام الذهب عيار 21 مستوى 5875 جنيهًا، وهو أعلى مستوى يسجله على الإطلاق، بالتزامن مع ارتفاع سعر أوقية الذهب في البورصة العالمية بنحو 87 دولارًا، لتصل إلى مستوى 4426 دولارًا، كأعلى سعر تاريخي للأوقية.
وأوضح إمبابي أن سعر جرام الذهب عيار 24 بلغ نحو 6714 جنيهًا، في حين سجل جرام الذهب عيار 18 مستوى 5036 جنيهًا، بينما وصل سعر الجنيه الذهب إلى نحو 47000 جنيه في السوق المحلية.
وأشار إلى أن أسعار الذهب محليًا كانت قد سجلت ارتفاعًا بنحو 45 جنيهًا خلال الأسبوع الماضي، حيث بدأ سعر جرام الذهب عيار 21 تداولات الأسبوع عند مستوى 5745 جنيهًا، ثم لامس مستوى 5800 جنيه، قبل أن ينهي التعاملات عند مستوى 5790 جنيهًا. وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت أوقية الذهب بنحو 40 دولارًا خلال الأسبوع الماضي، بعدما افتتحت التداولات عند مستوى 4299 دولارًا، وأغلقت قرب مستوى 4339 دولارًا.
وأكد إمبابي أن الارتفاعات القوية في أسعار الذهب بالأسواق المحلية والعالمية جاءت مدفوعة بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة، في ظل تراجع الدولار الأمريكي، وتصاعد حدة التوترات الجيوسياسية، موضحًا أن المعدن النفيس يتجه نحو تسجيل أقوى أداء سنوي له منذ عام 1979، بعد أن ارتفعت أسعاره بنحو 69% منذ بداية العام الجاري.
وأضاف أن هذا الأداء القوي للذهب جاء نتيجة مجموعة من العوامل الداعمة، من بينها السياسات النقدية المتساهلة التي ينتهجها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، واستمرار ضعف الدولار على نطاق واسع، إلى جانب مواصلة البنوك المركزية العالمية تعزيز احتياطياتها من الذهب، فضلًا عن تدفقات قياسية إلى صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب.
وأوضح أن الأسواق لا تزال تتوقع مزيدًا من التيسير النقدي من جانب الاحتياطي الفيدرالي حتى عام 2026، خاصة في ظل البيانات الاقتصادية الأخيرة التي تشير إلى تراجع الضغوط التضخمية وضعف سوق العمل الأمريكي، وهو ما يعزز من جاذبية الذهب كأداة تحوط ضد التقلبات الاقتصادية.
وفي المقابل، أشار إمبابي إلى أن بعض البيانات الاقتصادية الأمريكية المرتقب صدورها غدًا الثلاثاء قد تلعب دورًا محوريًا في تحديد اتجاه أسعار الذهب على المدى القريب، حيث تترقب الأسواق بيانات متوسط التغير في التوظيف لأربعة أسابيع وفقًا لمؤشر ADP، إلى جانب صدور التقرير الأولي المؤجل للناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث، وبيانات طلبات السلع المعمرة، والإنتاج الصناعي، بالإضافة إلى مؤشر ثقة المستهلك.
وعلى صعيد السياسة النقدية، أوضح أن الأسواق تتوقع حاليًا تنفيذ خفضين لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي خلال عام 2026، إلا أن حالة الانقسام لا تزال قائمة بين صناع السياسة النقدية حول الحاجة إلى مزيد من التيسير، وذلك بعد التخفيضات التراكمية التي بلغت 75 نقطة أساس خلال العام الجاري.
وفي هذا السياق، أشارت بيث هاماك، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، والمرشحة للتصويت في لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية عام 2026، في تصريحات لصحيفة وول ستريت جورنال، إلى أنها لا ترى ضرورة لإجراء تعديلات إضافية على أسعار الفائدة خلال الأشهر القليلة المقبلة، مؤكدة أن التضخم لا يزال يمثل مصدر قلق رئيسي، حتى بعد إجراءات التيسير الأخيرة، ومرجحة أن يبقي البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة ضمن نطاقها الحالي بين 3.50% و3.75% حتى فصل الربيع.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، تواصل التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، إلى جانب تصاعد حدة الخلافات بين الولايات المتحدة وفنزويلا، تعزيز الطلب على الذهب كملاذ آمن، في الوقت الذي تستمر فيه محادثات السلام الأوكرانية التي تقودها الولايات المتحدة بوتيرة تدريجية، دون تحقيق اختراق جوهري حتى الآن، وسط تمسك موسكو بمطالبها الإقليمية.
واختتم إمبابي بأن هذا الارتفاع القياسي في أسعار الذهب يأتي في وقت تشير فيه التوقعات إلى إمكانية دخول السوق مرحلة من الاستقرار النسبي أو جني أرباح محدود على المدى القريب، عقب الارتفاعات الأخيرة، قبل أن يعاود الذهب محاولاته للصعود نحو مستويات تاريخية جديدة، مع ترقب المستثمرين للبيانات الاقتصادية الأمريكية المقبلة، والتي ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد مسار المعدن النفيس خلال الفترة القادمة.

