أحلام أم واقع؟..
حقيقة وعود مدبولي بتحسين حياة المصريين فى 2026
أثارت تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، حول تحسن الأوضاع الاقتصادية بداية العام المقبل، حالة من الجدل، ولا سيما أنها ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها الحكومة عن مؤشرات إيجابية وتعافٍي اقتصادي، في وقت لا يزال فيه قطاع واسع من المواطنين يؤكد عدم شعوره بأي تحسن ملموس في مستوى المعيشة على مدار السنوات الماضية، الأمر الذي أعاد فتح النقاش حول الفجوة بين الخطاب الرسمي للسياسات الاقتصادية والواقع اليومي الذي يعيشه الشارع، ومدى انعكاس برامج الإصلاح على جودة حياة المواطنين فعليًا.
وبحسب تصريحات رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، فأنه الحكومة تستهدف بداية من هذا العام أن يكون هناك تحسين كامل لجودة حياة المصريين.
وأضاف «مدبولي»، خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي للحكومة، أن المواطنين تحملوا خلال الفترة الأخيرة عبء بناء دولة قوية في ظل ظروف اقتصادية عالمية شديدة التعقيد، لكن خلال المرحلة المقبلة سنركز بصورة أساسية على أن يشعر المواطن بثمار الإصلاحات الاقتصادية.
وتابع رئيس مجلس الوزراء: «نستهدف اعتبارًا من العام الجاري ولمدة ثلاث سنوات قادمة أن يكون هناك تحسين كامل لجودة حياة المصريين وتحسين ظروف المعيشة».
وتوقع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد المصري معدل نمو يتراوح بين 4% و4.2% خلال العام المقبل، مدفوعًا باستمرار الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وتعزيز مناخ الاستثمار.
بينما كشفت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني عن توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر للعام المالي (2025-2026)، من 4.8% إلى 5.2%.
وأوضحت «فيتش»، أن هذا التسارع في النمو الاقتصادي يأتي مدعومًا بعدة عوامل رئيسية، تشمل الاستثمار المتزايد، ونمو الصادرات وتحسن المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري.
وأكد التقرير، أن تحسن مؤشرات الاستثمار والصادرات سيكون محركًا رئيسيًا للنمو، إلى جانب الاستفادة من الاستقرار الإقليمي، ما يضع مصر على مسار إيجابي لتحقيق معدلات نمو أسرع في 2026 وتعزيز الاستدامة المالية على المدى المتوسط.
انتقادات واسعة
وانتقد المواطنين تصريحات رئيس مجلس الوزراء، قائلين: «هناك فرق بين مفهوم الحكومة والمؤسسات الدولية، ومفهوم المواطن لجني الثمار، حيث مكان هذه الثمار التي لا يراها إلا في التصريحات الرسمية، والإصلاح الاقتصادي لا يُقاس بالكلام، ولا يُترجم عبر شعارات، ولا يُقرأ في التقارير الدولية وحدها».
ويرى المواطنين، أن الثمار تأتي بقوة الجنيه أمام الدولار، وقدرة المواطن على شراء احتياجاته الأساسية، وقدرة الدولة على تقليل الاقتراض وليس زيادته، ولكن عندما نراجع المشهد نجد أن هناك فجوة ضخمة بين تصريحات المسؤولين وبين ما يلمسه المواطن، حيث هناك ارتفاع غير مسبوق في الأسعار سواء في اللحوم، والدواجن، والدواء، والمواصلات، والكهرباء، كما أن الطبقة المتوسطة تنهار، والفقيرة تزداد فقرًا، والغنية فقط لا تشعر بالضغط.
وأشاروا إلى أن عوائد الإصلاح ذهبت لغير أصحابها، حيث ذهب أغلبها إلى تغطية الديون السابقة وليس إلى تحسين مستوى المعيشة، بالإضافة إلى مشروعات عملاقة لا يشعر المواطن بثمارها المباشرة، فضلًا عن خطة الحكومة لرفع أسعار الوقود، الكهرباء.
أسباب ارتفاع أسعار السلع
وفي هذا السياق، قال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي ومدير عام مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، إن هناك تحسن نسبي في الوضع الاقتصادي، والدليل على ذلك انخفاض سعرالدولار.
وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن الفترة الأخيرة لم تشهد أي معوقات في فتح الاعتمادات المستندية، وتوفير الدولار لجميع المستثمرين وزيادة خطوط الإنتاج والتصدير، وتمكين بعض الصناعات مما يقلل الضغط على الدولار، بجانب وصول الاحتياطي النقدي إلى 50 مليار دولار.
وأشار «عامر»، إلى أن الحكومة تعمل على تحسين البنية التحتية وخطوط الإنتاج، وإقامة المدن الاستثمارية الجديدة، والاستغلال الأمثل لأملاك الدولة وكيفية الحصول على عائد اقتصادي جيد منها.
وأكد الخبير الاقتصدي، أن المواطن لا يشعر بهذا التحسن؛ لأن حتى الآن لم تفعل أدوات الإنتاج، لتحقيق التوازن الاقتصادي، لافتًا إلى أنه لذلك يشهد السوق ارتفاعات فى الأسعار.
مؤشر لعدم تحسن الوضع الاقتصادي
من ناحيته، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن الشعب لم يشعر خلال السنوات الماضية بأي تحسن في الاقتصاد، لافتًا إلى أن تصريحات الحكومة بداية ونهاية كل عام تتمحور حول التحسن الاقتصادي ووضع المواطنين، ولكن في المقابل لم نشهد أي تحسن.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن المواطن ينتظر بداية عام 2026 زيادة في أسعار الكهرباء، وهو مؤشر لعدم تحسن الوضع الاقتصادي، بالإضافة إلى توقعات لحدوث زيادة في أسعار البنزين والسلع الغذائية مع دخول شهر رمضان.
وتابع: «هذا بجانب عدم وجود رقابة صارمة من الحكومة على الأسواق المصرية، تسببت في ظهور جشع التجار، واستغلال أي وضع أو أزمة لرفع الأسعار».
وأوضح «فهمي»، أن الاقتصاد المصري، يتمثل في بيانات وأرقام، وعلى الحكومة توضيح من أي ناحية سيشعر المواطن بالتحسن، متابعًا: «ما أسهل الكلام وأصعب التنفيد، فالفترة الماضية شهد سعر الدولار انخفاض ولكن الأسعار في ارتفاع مستمر، في المقابل عند زيادة الدولار، جميع السلع تشهد ارتفاعات».
وأشار إلى أن بوادر العام الجديد لا تبشر بانخفاض الأسعار، فسيكون هناك ارتفاع في أسعار اللحوم قبل العيد الكبير، بالإضافة إلى الزيت والسكر والدقيق يشهدون ارتفاعات قبل رمضان.
وأوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر، أنه بالفعل يوجد طفرة غير مسبوقة في منظومة الطرق والكباري، وإنشاء المدن الجديدة وتطوير الساحل الشمالي، وجذب السياحة.
وأكد أنه لا أحد ينكر جهد الحكومة في تحسين البنية التحتية، ولكن يجب الاتجاه نحو زيادة حجم الصناعة والزراعة والصادرات، حتى يجني المواطن المصري ثمار الإصلاحات الاقتصادية.

