وثائق تكشف.. خطة ترامب للسلام بين إسرائيل وحماس على كف عفريت
في ظل الحديث عن تقسيم قطاع غزة إلى منطقتين بين حماس وإسرائيل، كشف موقع "بوليتيكو"، اليوم الثلاثاء، أن بعض مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يشعرون بقلق عميق من احتمالية انهيار اتفاق السلام بين حماس وإسرائيل، بسبب صعوبة تنفيذ بعض بنوده الأساسية.
وكشفت وثائق حصل عليها "بوليتيكو"، "عدم وجود أي مسار واضح" للمضي قدما للمرحلة الثانية، لإتمام تنزيل خطة ترامب ذات البنود العشرين لإحلال السلام في غزة.
وأشارت الوثائق التي عرضت على مسؤولين أمريكيين إلى صعوبات تعيق نشر قوات دولية لحفظ السلام مثل التفويض القانوني، وقواعد الاشتباك، وكيفية تشكيلها، مكان انتشارها، وكيفية تنسيقها.
وحصل "بوليتيكو" على نسخة من الوثائق التي عرضت في الندوة عبر مشارك في الحدث، وتضمنت ملفات وعروضا تقديمية أعدتها وكالات حكومية أميركية، إلى جانب تقارير حالية عن الأوضاع في غزة، ووثائق استشارية من معهد "بيلر" الذي يترأسه رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بيلر.
ورسمت بعض الوثائق صورة للعقبات التي تواجهها إدارة ترامب وحلفاؤها في المنطقة لاستتباب السلام الدائم في غزة.
وأكّدت الوثائق، التي لا تحتوي على أي مواد سرية، أن إدارة ترامب ملتزمة باتفاق السلام رغم تعقيداته، إلى جانب مخططات التنظيمية لإشراف واشنطن على إعادة الإعمار.
وذكر "بوليتيكو" أن هذه الوثائق تشير إلى احتمالية أن "يقع ترامب في المأزق الذي وقع فيه العديد من أسلافه، أي التوسط في صراع مستعص بالشرق الأوسط دون صبر، أو موارد، أو الشراكات اللازمة لإنجاح الخطة".
وعرضت الوثائق في أكتوبر الماضي خلال ندوة استمرت ليومين لقوات القيادة المركزية الأمريكية وأعضاء مركز التنسيق المدني العسكري الجديد الذي أُنشئ في جنوب إسرائيل، كجزء من اتفاق السلام الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر.
ولم يقترح العرض التقديمي أي حلول سياسية ملموسة، وأوضح بدلا من ذلك العقبات التي تواجه واشنطن، وشركاءها في محاولة تحويل وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل إلى خطة سلام دائم تمهّد لإعادة الإعمار.
ويمتلك الجيش الأمريكي بعض الخطط لدعم هذا الانتقال، لكن وزارة الخارجية الأميركية لم تلعب دورا كبيرا في تطوير هذه الخطط، وفقا لمسؤولين أميركيين مطلعين على التخطيط.
وتشمل العقبات الكبرى التي تعيق مسار إتمام تطبيق خطة ترامب، تردد إسرائيل في الانسحاب من غزة، ومواصلة حماس استعراض قوتها، إلى جانب وظائف مجلس السلام الذي سيشرف على الخطة.
وتواجه الإدارة الأمريكية أيضا رغبة السلطة الفلسطينية في المشاركة في مستقبل غزة، رغم المعارضة الإسرائيلية.
كما أن التزام الحلفاء بتوفير القيادة، والموارد لإتمام الخطة من بين الأسئلة المحورية التي قد تعيق مسار السلام في غزة.
وذكرت إحدى الوثائق أن الهيئة الفلسطينية التي ستحكم غزة ستحتاج إلى دعم أمريكي ودولي طويل الأمد، وقد تحتاج قوات الأمن والشرطة إلى تمويل واستشارة خارجية لعقود.
كما أشارت إحدى الوثائق بعنوان "تقرير حالة غزة"، والذي أعده معهد بيلر، إلى الدمار الهائل خلفته الحرب، وطرحت الوثيقة عدة أسئلة من بينها مدى سرعة أي انتقال، وإلى أي مدى ستتعاون حماس.
وأكدت الوثيقة أن حماس تعيد فرض السلطة وتملأ الفراغ الأمني من المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي، وفقا لذات المصدر.
وتقول وثيقة أخرى، إن حماس تكسب الوقت لإعادة فرض السيطرة على غزة، وأن أي تأخير يصب في مصلحتها.
وكانت تقارير صحفية عدة قد كشفت أن احتمال تقسيم القطاع الفلسطيني بحكم الأمر الواقع بين حماس وإسرائيل أصبحت مرجحة بشكل متزايد، وذلك مع تعثر الجهود الرامية إلى دفع خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة إلى ما بعد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.
وكشف 6 مسؤولين أوروبيين مطلعين مباشرة على جهود تنفيذ المرحلة التالية لوكالة رويترز، اليوم الثلاثاء، أن الخطة توقفت فعليًا، وأنه من المرجح الآن أن تقتصر إعادة الإعمار على المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، محذرين من أن ذلك قد يؤدي إلى تقسيم يستمر لسنوات.
وحسب ما قاله 18 مصدرًا من بينهم 6 مسؤولين أوروبيين ومسؤول أمريكي سابق مطلع على المحادثات، يبدو أن الخط الأصفر سيصبح الحدود الفعلية التي تقسم غزة إلى أجل غير مسمى، قي ظل غياب أي جهد كبير من جانب الولايات المتحدة لكسر الجمود.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أنه لا يتصور تقسيمًا دائمًا لقطاع غزة، فيما يسيطر الجيش الإسرائيلي على نحو نصف القطاع منذ بدء سريان وقف إطلاق النار.
وقال روبيو إنه سيتم نشر قوة دولية، تسعى الولايات المتحدة إلى تشكيلها، لضمان الأمن في كل أنحاء قطاع غزة.
وذكر نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس وصهر ترمب جاريد كوشنر الشهر الماضي أن أموال إعادة الإعمار قد تبدأ في التدفق بسرعة إلى المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل حتى من دون الانتقال إلى المرحلة التالية من الخطة، بناء على فكرة إنشاء مناطق نموذجية لبعض سكان غزة للعيش فيها.
وقال مايكل وحيد حنا، مدير برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، إن مثل هذه المقترحات الأميركية تشير إلى أن واقع القطاع المقسم على الأرض يهدد بأن يصبح «أمرًا أطول أمدًا بكثير».
وأشار متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إلى أنه على الرغم من تحقيق «تقدم هائل» في دفع خطة ترمب إلى الأمام، فهناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به، دون الرد على أسئلة حول ما إذا كانت إعادة الإعمار ستقتصر على المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
يشار إلى أنه بموجب المرحلة الأولى من الخطة، التي دخلت حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الفائت، يسيطر الجيش الإسرائيلي حاليًا على 53% من القطاع المطل على البحر المتوسط، بما في ذلك معظم أراضيه الزراعية، إلى جانب رفح في الجنوب وأجزاء من مدينة غزة ومناطق حضرية أخرى.
فيما تتضمن المرحلة التالية من الخطة انسحاب إسرائيل بشكل أكبر انطلاقًا مما يسمى بالخط الأصفر المتفق عليه في خطة ترامب، إلى جانب إنشاء سلطة انتقالية لحكم غزة، ونشر قوة أمنية متعددة الجنسيات تهدف إلى تسلم المسؤولية من الجيش الإسرائيلي، ونزع سلاح حماس وبدء إعادة الإعمار.
غير أن الخطة لا تتضمن أي جداول زمنية أو آليات للتنفيذ. في الوقت نفسه ترفض حماس نزع سلاحها وترفض إسرائيل أن يكون للسلطة الفلسطينية أي دور، في حين لا يزال الغموض يكتنف القوة متعددة الجنسيات.
وصاغت الولايات المتحدة مسودة قرار لمجلس الأمن الدولي يمنح القوة متعددة الجنسيات وهيئة حكم انتقالية ولاية لمدة عامين. لكن 10 دبلوماسيين أفادوا بأن الحكومات لا تزال مترددة في الالتزام بإرسال قوات.
كما أضاف مسؤولان أوروبيان ودبلوماسي غربي أن من بين الأفكار قيد المناقشة ما إذا كان بإمكان حماس تلسيم السلاح تحت إشراف دولي بدلًا من تسليمها إلى إسرائيل أو أي قوة أجنبية أخرى.
وفي شهر أكتوبر الماضي، كشفت وسائل إعلام عالمية عن مخطط أمريكي إسرائيلي لإعادة تقسيم قطاع غزة إلى منطقتين، ومساعي واشنطن لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار الإقليمي.
ورصدت صحيفة "وول ستريت جورنال" المباحثات التي أجرتها الولايات المتحدة مع مسؤولين إسرائيليين حول مخطط يقترح تقسيم قطاع غزة إلى منطقتين منفصلتين.
وحسب الصحيفة الأمريكية، فإن إحدى المنطقتين تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي وأخرى تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، على أن تُنفذ عمليات إعادة الإعمار فقط في الجزء الخاضع لإسرائيل.
لكن دولا عربية -وفق الصحيفة- أبدت رفضها لخطة التقسيم المقترحة، معربة عن قلقها من أن يؤدي هذا التقسيم إلى ترسيخ الوجود الإسرائيلي الدائم في جزء من القطاع، كما استبعدت الموافقة على إرسال قوات عربية لغزة في ظل هذه الظروف.
كما نقلت عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية قوله "إن خطة تقسيم القطاع هي مجرد فكرة مبدئية وسيتم تقديم التحديثات في الأيام المقبلة".