خمر وماسونية القصة الكاملة لحفل «Anyma» في الأهرامات

عاد الجدل إلى الواجهة بعد الحفل الضخم الذي أقامه الفنان الإيطالي الأمريكي ماتيو ميليري المعروف بمشروعه الموسيقي البصري «Anyma» عند سفح أهرامات الجيزة في عرض موسيقي بصري غير مسبوق وسط حضور كبير للسائحين من الأجانب، وبعض النجوم المصريين أبرزهم الفنان محمد كريم.
ووجه عدد من الجمهور المصري اتهامات للقائمين على الحفل بأن الحفل يحمل رموزا وطقوسا ماسونية.
وتضمن الحفل الذي حمل عنوان «The End of Genesis» عروضا بصرية وتقنيات إضاءة ثلاثية الأبعاد وخدع هولوغرام متطورة وشارك في تنظيمه مئات العمال والفنيين المصريين.
وبحسب تصريحات ربيع مقبل، منظم الحفل، بلغ عدد الحضور أكثر من 10.500 سائح أجنبي وقرابة 600 مصري فقط بمشاركة نحو 3 آلاف عامل مصري في التجهيزات والإعداد.
وقال «مقبل» إن الحفل كان تجربة فنية وسياحية غير مسبوقة ونجحنا في أن يكون الهرم هو البطل الحقيقي، موضحا أن تكلفة إقامة الأجانب بلغت نحو 20 مليون دولار، حيث وصلت أسعار الإقامة في الليلة ببعض الفنادق إلى 500 دولار، بينما سعر تذكرة الدخول بداية من 10 آلاف جنيه مصري.
وأكد منظم الحفل أن التصاريح صدرت رسميا من وزارة السياحة والآثار ومحافظة الجيزة بالتنسيق مع الجهات الأمنية، مشيرا إلى أنه فوجئ بدعم وتعاون كبير من وزارتي الداخلية والآثار خلال مراحل الإعداد ويسعى حاليا لعقد اجتماع مع وزير السياحة والآثار لبحث استثمار النجاح في تنشيط السياحة الثقافية والترفيهية.
ورغم هذا النجاح التنظيمي أثار الحفل موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي إذ رأى كثير من المصريين أن أغلب الحضور كانوا من الأجانب وأن الأهرامات تحولت إلى ساحة حفلات صاخبة «للأثرياء فقط»، بينما أشار آخرون إلى أن بعض الرموز التي ظهرت على الشاشات مثل العين داخل المثلث والدوائر الهندسية المتكررة تعود لرموز ماسونية وطقوس غريبة، معتبرين أن ما جرى يتنافى مع قدسية ورمزية المكان.
دعوى قضائية لمنع الحفلات بالأهرامات
وبعد الجدل المثار حول الحفل، أقام المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري رقم 1958 لسنة 80 قضائية للمطالبة بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحماية منطقة أهرامات الجيزة والحرم الأثري وتفعيل الدور الرقابي للجهات المختصة في مواجهة الأنشطة والفعاليات المخالفة داخل المنطقة مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها وقف الاحتفالات الليلية الصاخبة التي تستخدم معدات صوت تنتج ذبذبات بترددات مرتفعة قد تحدث خلخلة في البناء الحجري وأضواء ليزرية غير متوافقة مع الاشتراطات الدولية للإضاءة بالمواقع الأثرية
وطالبت الدعوى التي أقامها المركز بصفته وكيلا عن الدكتورة مونيكا حنا والمرشدة السياحية سالي صلاح الدين، والمحامي بالنقض مالك عدلي ضد كل من وزير السياحة والآثار، والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، ومحافظ الجيزة، بصفاتهم بمنع أي نوع من الحفر أو الإنشاءات سواء المؤقتة أو الدائمة لأغراض إقامة الحفلات بالمنطقة.
وأوضح المركز في بيانه أن الدعوى استندت إلى الدستور المصري وقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 واتفاقية اليونسكو لحماية التراث العالمي التي تلزم الدولة باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية لضمان سلامة مواقعها التراثية باعتبارها من ممتلكات الشعب والإنسانية جمعاء
وأشار البيان إلى أن الجهة الإدارية امتنعت عن أداء واجبها في حماية الأثر رغم علمها بإقامة احتفالات ليلية داخل الحرم الأثري باستخدام المعدات المشار إليها وما يصاحبها من أعمال حفر وإنشاءات مؤقتة ودائمة بما يشكل خطرا جسيما على سلامة الأهرامات ومحيطها التاريخي وانتهاكا لمبدأ المشروعية وواجب الدولة في صيانة المال العام والتراث القومي.
نجاح كبير
في هذا الصدد، قال الناقد الموسيقي أحمد السماحي، إن الحفل الذي قدمته فرقة الموسيقى الإلكترونية العالمية «أنيما» عند سفح أهرامات الجيزة وبتوقيع الفنان الإيطالي الأمريكي ماتيو مليري حقق نجاحا كبيرا جدا، حيث حضره حوالي 15 ألف متفرج أغلبهم من السياح الأجانب وعددهم نحو 11 ألف شخص، بينما كان الجمهور المصري من جمهور النخبة وعددهم نحو 4 آلاف شخص ووصفهم بأنهم جمهور متميز جدا.
وأوضح «السماحي» أن الحفل كان مبهرا لأنه جمع بين الموسيقى الإلكترونية والخدع الضوئية والعروض البصرية المدهشة في أحضان الأهرامات أشهر معلم أثري في العالم، مؤكدا أن الصحافة العالمية أشادت بالحدث.
وأضاف: «يجب أن نقف أمام هذا النجاح ونفهم أن الجهات السيادية المصرية واعية تماما وتعرف من هو الخطر على مصر ومن هو غير ذلك ولا يمكن أن تسمح بأي حفل يضر البلد أو شبابها».
وأكد أن هذه الحفلات تروج للسياحة المصرية لأن أغلب الحضور أجانب يعودون لبلادهم بانطباع رائع عن مصر ويعتبرون ما شاهدوه تجربة لا تنسى وهذا أفضل دعاية ممكنة لمصر.
وشدد «السماحي» على ضرورة تجاهل ما يثار على السوشيال ميديا لأن وراءه أحيانا جهات لا تريد الخير لمصر، قائلا إنه كرر هذا التحذير كثيرا من قبل.
وأشار إلى أن إلغاء حفل ترافيس سكوت كان دليلا على يقظة الدولة لان المطرب يمارس طقوسا غريبة والجهة المنظمة لم تحصل على التراخيص المطلوبة ولذلك تم إلغاؤه.
واختتم «السماحي» حديثه قائلًا: «يجب ألا نزايد في حب مصر لأن الأجهزة الأمنية أكثر حرصا على الوطن ويجب أن ندعم هذه الحفلات التي تؤكد أن مصر بلد الأمن والأمان وتروج لها بشكل أفضل من أي إعلان».
الأهرامات مش مسرح
وفي السياق ذاته، قال الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، إن المواقع الأثرية مثل الأهرامات وسقارة أماكن دفن مقدسة ويجب احترام طبيعتها وعدم تحويلها إلى ساحات للرقص أو الحفلات الصاخبة.
وأوضح «شاكر» أنه لا يعارض استغلال المواقع الأثرية في الثقافة لكن بشروط تتناسب مع قدسيتها لأن هذه مقابر ولكل مقام مقال فقد تمت فى نفس المكان حفل لعمر خيرت وكان شيء رائع.
وأشار إلى أن استخدام الليزر والموسيقى الإلكترونية والهولوجرام أمام الأهرامات أمر غير مقبول علميًا وأثريا خاصة مع وجود أكثر من 11 ألف شاب يهزون الأرض لعدة ساعات متواصلة، مؤكدا أن ذلك يؤثر على أحجار الهرم التي عمرها آلاف السنين وأسفلهم حجر لمقابر.
وأكد كبير الأثريين أن الآثار حساسة جدا لأي مؤثر قائلا: «الآثار زي الطفل في العناية المركزة ممكن تموت من أي مؤثر بسيط والاهتزازات الموسيقية بتعمل تصدعات صغيرة ومع تكرار الحفلات الضرر بيكبر».
وتابع: «كذلك غياب الشفافية في إدارة الفعاليات، لازم نعرف الحفلة دخلت كام من الحفل والعوائد راحت ولمين وهل في دراسة لتأثير الصوت والضوء وناتج الألعاب النارية على الأثر على المدى القريب والبعيد من قبل خبراء فى الصوت والضوء والترميم».
وتساءل «شاكر» عن العائد الحقيقي للدولة من الحفلات، موضحًا أن المنظمين قالوا إن التصاريح كانت سهلة متسائلًا: «طيب الدولة استفادت بإيه؟ هناك أحد رجال الأعمال مأجر المنطقة من الآثار وهو المستفيد».
كما حذر من المخاطر الأمنية والسلوكية لمثل هذه التجمعات قائلًا: «تجمع آلاف الشباب وسط موسيقى صاخبة ومتعاطين لمشروبات كحولية خطر، ومن يضمن إن محدش منهم وهو سكران مايقربش من الهرم أو يتسلقه؟ ده تهديد مباشر لصورة مصر أمام العالم».
واختتم الدكتور مجدي شاكر تصريحاته مؤكدًا أن حماية التراث مسؤولية وطنية، قائلا: «إحنا الدولة الوحيدة اللي الأموات فيها بيصرفوا على الأحياء فلازم نحافظ على آثارنا نحن لسنا ضد التطوير أو الاستثمار لكن لازم يكون مدروس ومناسب لطبيعة المكان لأن أي خطأ في حق الأثر مش هيتعوض».

