المشاط: نتجه لتحول في منظومة تمويل التنمية عالميًا من الأدوات التقليدية

شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في جلسة نقاشية بعنوان «إعادة التوازن في التعاون الضريبي العالمي لتعزيز تعبئة الموارد المحلية: الفرص والتحديات في إطار اتفاقية الأمم المتحدة»، نظمتها اللجنة المستقلة لإصلاح النظام الضريبي للشركات الدولية (ICRICT)، بمشاركة الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل جوزيف ستيجلتز، وذلك ضمن فعاليات الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين لعام 2025 بواشنطن.
وخلال كلمتها، قالت الدكتورة رانيا المشاط، إننا نشهد اليوم نقاشًا بناءً حول منظومة تمويل التنمية في عالم ما بعد المساعدات الإنمائية التقليدية، مؤكدة على ضرورة التركيز بشكل أكبر على الاستدامة، وأن تصبح منظومة التمويل العالمية، داعمة بشكل أكبر للتمويل المبتكر والتدخلات التي تحفز استثمارات القطاع الخاص، والشراكات متعددة الأطراف.
وأوضحت أن التمويلات الإنمائية بمفهومها التقليدي، شكّلت في السابق العمود الفقري للتعاون الإنمائي، إلا أنها تمثل اليوم أقل من 10% من الموارد الخارجية المتاحة للدول النامية وفقًا لتقرير التعاون الإنمائي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2024 وفي الوقت ذاته، تضاعفت تكاليف خدمة الديون ثلاث مرات منذ عام 2010 وفقًا لصندوق النقد الدولي.
وأضافت ان التحدي الأكبر في هذه الأيام هو كيف نمول التنمية المستدامة من خلال أدوات تمويل أكثر ابتكارًا، بينما لا تزال الاختلالات الاقتصادية العالمية قائمة، موضحة أن الإجابة تكمن في بناء هيكل جديد لتمويل التنمية، يقوم على تعبئة الموارد المحلية، والعدالة الضريبية، واستدامة الديون، والشراكات المبتكرة.
وأوضحت أن مصر أطلقت الاستراتيجية الوطنية المتكاملة لتمويل التنمية، التي تعد أول استراتيجية تمويل وطنية لأهداف التنمية المستدامة في مصر تتبع النهج العالمي "الإطار الوطني المتكامل للتمويل (INFF)، حيث تقدم إطارا وطنيا متكاملًا للتمويل وحشد الموارد بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، لتحديد فجوات التمويل وتحسين تخصيص الموارد للقطاعات ذات الأولوية، حيث تركز الاستراتيجية على تعبئة التمويل المستدام لسد فجوة التمويل وتقليل المخاطر المالية، كما تعزز الاستراتيجية الانتقال من آليات التمويل التقليدية إلى استراتيجيات تمويل شاملة لتحقيق التنمية المستدامة.
وأكدت أن منصة «نُوَفِّي» تُعد نموذجًا لهذا المفهوم في التطبيق العملي، إذ تجمع بين التمويل الميسر والاستثمارات الخاصة لدعم مشروعات المناخ، من خلال الاستثمارات المحلية، والأجنبية، والتمويل الميسر، والمنح، وأدوات خفض المخاطر، مؤكدة أن البيان الختامي للمؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، أشاد بالمنصة باعتبارها نموذجًا لآليات هيكلة النظام المالي العالمي.
وذكرت أنه في سياق ما بعد المساعدات الإنمائية الرسمية، يجب أن تقوم الشراكات التنموية على التعاون المتكافئ، لا على علاقة المانح والمتلقي، ويعني ذلك التحول نحو منصات الدول التي توحّد أدوات التمويل المختلفة، مثل: مبادلات الديون من أجل التنمية لتحويل الالتزامات إلى استثمارات في التعليم والبيئة؛ والسندات المرتبطة بالاستدامة التي تكافئ الأداء لا الوعود؛ إلى جانب آليات التمويل المختلط لتقليل المخاطر على الاستثمار الخاص في القطاعات الاستراتيجية.
وأشارت "المشاط" إلى تجربة مصر في مبادلات الديون مع ألمانيا وإيطاليا، وتعاونها مع صندوق النقد الدولي من خلال مرفق الصلابة والاستدامة (RSF)، وشراكاتها مع وكالات الأمم المتحدة في إطار الـINFF، التي تُجسّد أن تمويل التنمية اليوم يقوم على الاتساق والمساءلة، موضحةً أن مستقبل التعاون الإنمائي لن يُقاس بحجم المساعدات، بل بمصداقية النظم وعدالة القواعد التي تحكمها.