لماذا يبدو الأغنياء أكثر أنانية من الفقراء؟

تزخر الثقافة الشعبية بفكرة الأغنياء الأنانيين البخلاء الأشرار، ويقول علماء النفس إن "تأثير البخل" قد يكون له أبعاد أخرى غير مجرد صورة نمطية غير عادلة.
وأظهرت الأبحاث وجود روابط واضحة بين زيادة الثروة والسلوكيات غير الأخلاقية كالغش والسرقة، حيث تبين أن الأغنياء يركزون بشكل أناني على مصالحهم الخاصة، ويقل تعاطفهم مع معاناة الآخرين.
وقد يكون من السهل افتراض أن الثراء يحوّل الأشخاص الطيبين إلى أشخاص أكثر أنانية، ولكن قد يكون العكس صحيحًا، ففي الأساس، ترتبط الرغبة في الثروة بحالة من الإحباط وعدم الرضا.
ولا يسعى السعداء عمومًا إلى الثراء، إلا أن هناك مجموعة متزايدة من الأبحاث التي تشير إلى أن كلما زاد ثراء الشخص، قلّت أخلاقه.
في إحدى الدراسات، وجد علماء النفس من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، أن أفراد الطبقة العليا أكثر عرضة للكذب أثناء المفاوضات، والغش للفوز بجائزة، وتأييد السلوكيات غير الأخلاقية في العمل.
وبالمثل، أظهرت الدراسة نفسها أن هذه الميول تُعزى بشكل كبير إلى ميل أفراد الطبقة العليا إلى تبني موقف أكثر إيجابية تجاه الجشع.
من ناحية أخرى، أظهرت أبحاث أخرى أن الأشخاص من الفئات الاجتماعية والاقتصادية الدنيا يميلون إلى الشعور بتعاطف أكبر مع معاناة الآخرين مقارنةً بنظرائهم الأغنياء، ولكن ليست الطبقة الاجتماعية وحدها هي التي يمكنها التنبؤ بمدى أنانية سلوك شخص ما.
دراسات أخرى
وجدت الدراسات أن سائقي السيارات الأغلى سعرًا أقل ميلًا إلى التباطؤ للمشاة أو السماح للسائقين الآخرين بالسير على الطريق.
وفي الواقع، وجدت دراسة أجرتها جامعة نيفادا أن احتمال إبطاء السائق لسماحه للمشاة بالعبور انخفض بنسبة 3% من قيمة سيارته.
ومع ذلك، يطرح هذا سؤالًا بديهيًا: هل المال يجعل الناس أنانيين، أم أن الأنانية تجعلك ثريًا؟
والإجابة هي أن السمات الشخصية التي تجعل الشخص أنانيًا تجعله أيضًا أكثر ميلًا للسعي وراء الثروة وكسبها.
وتُعرف هذه السمات بمجموعة من الشخصيات تُعرف باسم "الثالوث المظلم"، والتي تشمل الاعتلال النفسي والنرجسية والميكافيلية.
بينما تُظهر الأبحاث باستمرار أن الأشخاص الذين يحملون هذه السمات ينجذبون نحو مناصب السلطة الاجتماعية ويصبحون أكثر ثراءً، تُظهر الدراسات أيضًا أنهم أقل سعادة.
ويعاني بعض الناس من حالة من الانفصال النفسي الشديد، وحدودهم النفسية قوية لدرجة أنهم يشعرون بالانفصال عن الآخرين والعالم، مع نقص في التعاطف أو الارتباط العاطفي بالآخرين.
ويقول إن هذا "النقص"، الناجم عن شخصية الثالوث المظلم، يدفع بعض الناس إلى محاولة ملء الفراغ من خلال تراكم المكانة والسلطة.
قد يفسر هذا العامل ارتفاع معدل الاعتلال النفسي السريري بثلاثة أضعاف بين مجالس إدارة الشركات مقارنةً بعامة السكان.
وينجذب الأشخاص ذوو السمات النرجسية والاضطرابات النفسية بشدة إلى الثروة، ويعاملون الآخرين كأشياء لا فائدة منها إلا إذا ساعدوا في إشباع رغباتهم.
ويحاولون تعويض شعورهم بالنقص، ويحاولون إضافة أشياء إلى أنفسهم ليشعروا بمزيد من الاكتمال، ولكنهم يحاولون ملء فراغ داخل أنفسهم.
وفي الوقت نفسه، فإن نقص التعاطف الشائع بين المصابين بالاضطرابات النفسية والنرجسية يُسهّل تحقيق هذا النجاح، وهذه السمات تجعل الناس أكثر قسوةً وأقل اهتمامًا بمدى تضرر الآخرين في عملية تكوين الثروة.