رئيس التحرير
خالد مهران

عامل مأكولات سريعة يقتل زبونًا في المرج بسبب خلاف على ثمن الطعام

عامل مأكولات سريعة
عامل مأكولات سريعة يقتل زبونًا في المرج بسبب خلاف

في جريمة مأساوية شهدتها منطقة المرج شرق القاهرة، كشفت تحقيقات نيابة شرق القاهرة الكلية تفاصيل مروعة لجريمة قتل راح ضحيتها أحد المواطنين على يد عامل بإحدى عربات المأكولات السريعة، بعدما أقدم الأخير على طعنه بسكين عدة مرات حتى فارق الحياة إثر مشادة كلامية حول ثمن الطعام.

بداية الواقعة

أوضحت التحقيقات أن المجني عليه  عبد الهادي محمد بيومي سعيد عبد الله، كان قد توجه إلى عربة مأكولات سريعة يعمل عليها المتهم لشراء بعض الأطعمة، ودفع مبلغًا نقديًا بسيطًا، إلا أن خلافًا نشب بينهما حول الطلب، فتطور النقاش إلى مشادة كلامية حادة أمام المارة.

وأضافت التحقيقات أن المتهم لم يتمالك أعصابه، وتحوّلت المشادة إلى تشابك بالأيدي، قبل أن يتوجه المتهم إلى العربة ويستخرج منها سكينًا حادًا دون مبرر قانوني أو مهني، ثم تعقب المجني عليه أثناء محاولته مغادرة المكان، وسدد له عدة طعنات متتالية في صدره وجانبه الأيمن، قاصدًا من ذلك إزهاق روحه، ثم لاذ بالفرار.

شهادات الشهود

استمعت النيابة إلى أقوال عدة شهود عيان تصادف وجودهم وقت الحادث، حيث قرر أحد الشهود أن المجني عليه طلب مأكولات من المتهم بمبلغ زهيد، إلا أن الخلاف حول الطلب سرعان ما تصاعد إلى مشاجرة انتهت بجريمة قتل.

وقال الشاهد محمد سمان (29 عامًا – عامل بمتجر قريب): "كنت في المحل وقتها، وشوفتهم بيتخانقوا، والمجني عليه كان بيحاول يمشي، لكن المتهم جري وراه بالسكين، ولحظات وشوفته بيطعنه، والناس كانت بتصرخ تحاول تمنعه، لكنه وقع على الأرض ومات في الحال."

فيما أضاف الشاهد ممدوح أبو الحسن (37 عامًا – عامل): "بعد الطعن شفت المتهم راجع على العربة اللي بيشتغل فيها والسكين في إيده ودمها سايل. الناس كانت بتزعق تقوله اسعفه، لكنه ولا كأنه عمل حاجة، رجع لمكانه كأن الموضوع بسيط."

أما شقيقة المجني عليه، رحاب محمد بيومي، فقالت إنها علمت بوفاة شقيقها من أحد أقاربها وتوجهت على الفور إلى المستشفى، مضيفة: "لقيت جسده كله طعنات، والدكتور قال إن سبب الوفاة نزيف حاد من جرح نافذ، أنا بتهمه إنه قتله عمدًا، مش خناقة عادية دي، دي نية قتل."

تحريات المباحث

وأكدت تحريات الرائد رامز هشام، ضابط وحدة مباحث قسم شرطة المرج، صحة ما جاء بأقوال الشهود، موضحًا أن المتهم تعقب المجني عليه بعد مشادتهما وطعنه باستخدام سلاح أبيض قاصدًا قتله.

وأضافت التحريات أن الواقعة موثقة بكاميرات المراقبة الخاصة بأحد المحال القريبة، حيث ظهر المتهم في الفيديو ممسكًا بسكين عقب ارتكاب الجريمة، فيما سقط المجني عليه أرضًا غارقًا في دمائه، ثم شوهد المتهم وهو يغادر المكان دون أي محاولة لمساعدته.

تقرير الطب الشرعي

أثبت تقرير الصفة التشريحية الصادر عن مصلحة الطب الشرعي أن الإصابات الموصوفة بجسد المجني عليه هي إصابات قطعية وطعنية ذات طبيعة حيوية حديثة حدثت نتيجة التعدي عليه بأداة حادة ذات طرف مدبب، وجائزة الحدوث من السكين المضبوط.

وأكد التقرير أن الوفاة نتجت عن جرح طعني نافذ بالفخذ الأيمن والبطن، أحدث قطعًا بالشريان الرئيسي المار بتلك المنطقة، وأدى إلى نزيف دموي حاد وهبوط بالدورة الدموية انتهى بالوفاة.

بينما كشف التقرير الطبي الصادر عن مستشفى السلام التخصصي أن الكشف الظاهري على الجثمان أظهر وجود جرح طعني عميق بالصدر وجروح طعنية متعددة بالجانب الأيمن من الجسد، مع اشتباه استرواح هوائي بالرئة ونزيف داخلي بالبطن، وهي إصابات قاتلة تتفق مع الأداة المستخدمة.

مناظرة النيابة العامة

وذكرت النيابة العامة في مناظرتها لجثمان المجني عليه أنها لاحظت وجود جرح قطعي بالجهة اليمنى أسفل الصدر، وجرحين أسفل الإبط الأيسر، وجرحين آخرين أعلى وأسفل الرقبة من الجهة اليمنى والخلفية، وهي إصابات تتطابق مع ما ورد في تقرير الطب الشرعي، وتدل على استخدام أداة حادة بشكل متعمد ومباشر لإزهاق الروح.

قرار الإحالة

وبناءً على مجمل الأدلة من أقوال الشهود، وتحريات المباحث، والتقارير الفنية، قررت نيابة شرق القاهرة الكلية إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات المختصة محبوسًا على ذمة القضية، بعد أن وجهت إليه تهمة القتل العمد دون سبق إصرار أو ترصد، مع سبق القصد في إزهاق روح المجني عليه باستخدام سلاح أبيض دون مسوغ قانوني.

وطالبت النيابة بتوقيع أقصى العقوبة المقررة قانونًا على المتهم، مؤكدة أن الجريمة تشكل نموذجًا واضحًا لجريمة القتل العمد وفق نصوص قانون العقوبات.

مأساة في الشارع المصري

تحولت مشادة عابرة على عربة مأكولات إلى جريمة قتل مكتملة الأركان، أودت بحياة شاب في مقتبل العمر بسبب لحظة غضب وانفعال.

الواقعة التي شهدتها المرج تلقي الضوء مجددًا على تصاعد مظاهر العنف اليومي في الشوارع المصرية، وتطرح تساؤلات مؤلمة: كيف يمكن لخلاف بسيط على وجبة طعام أن يتحول إلى جريمة تنهي حياة إنسان؟
وأين غابت قيم ضبط النفس والتسامح في مواجهة الانفعال؟