رئيس التحرير
خالد مهران

مصر تُبدع من جديد.. الدقهلية تحتضن مسابقة القرآن الكريم في أجواء روحانية

مسابقه القران الكريم
مسابقه القران الكريم

شهدت محافظة الدقهلية صباح اليوم أجواء روحانية مميزة مع انطلاق فعاليات مسابقة "دولة التلاوة" للقرآن الكريم، والتي تُعد واحدة من أبرز المسابقات التي ينتظرها آلاف المواطنين ومحبي كتاب الله كل عام، حيث أقيمت داخل مسجد النصر بمدينة المنصورة وسط حضور حاشد من المشاركين والمتابعين.

المسابقة، التي تنظمها وزارة الأوقاف بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، لم تكن مجرد مناسبة دينية عابرة، بل تحولت إلى حدث وطني جامع، جسّد ارتباط المصريين الوثيق بالقرآن الكريم، وحرصهم على توريث أبنائهم فنون التلاوة والترتيل وفق قواعد التجويد العريقة.

منذ الساعات الأولى من الصباح، توافد المتسابقون من مختلف قرى ومدن المحافظة، رجالًا ونساءً، صغارًا وكبارًا، وحتى من أصحاب الهمم، في مشهد جسّد وحدة المجتمع على مائدة القرآن. وارتدى الكثير من المشاركين الزي التقليدي من عمائم وقفاطين، مما أضفى على الأجواء مظهرًا مهيبًا يعكس الأصالة والهوية الإسلامية.

لجنة التحكيم، المكوّنة من كبار القراء والعلماء، استمعت بإمعان لأداء المشاركين الذين توزّعوا بين فرعي التجويد والترتيل، حيث جرى تقييمهم وفق معايير دقيقة تشمل سلامة النطق، وضبط الأحكام، وجمال الصوت، وأثر التلاوة في المستمعين. وقد وصف أحد أعضاء اللجنة هذا الحدث بأنه "رسالة من مصر للعالم تؤكد ريادتها في نشر القرآن وإحياء مدرسة التلاوة الأصيلة".

ولم تخلُ الأجواء من مواقف إنسانية مؤثرة، حيث وقف أحد الأطفال المشاركين، لم يتجاوز العاشرة من عمره، أمام اللجنة بصوت عذب وملامح بريئة، فملأ المسجد بخشوعه وأبكى بعض الحاضرين. وفي جانب آخر، أعربت سيدة خمسينية حضرت مع ابنتها للمشاركة عن سعادتها الغامرة، مؤكدة أن مثل هذه المسابقات تغرس في الأجيال حب القرآن والانتماء للدين والوطن.

اللافت في المسابقة هذا العام كان تنوع الفئات المشاركة، مما أكد أن القرآن يجمع الجميع دون تمييز، فهو كتاب للروح والضمير والهوية. وقد أكد وكيل وزارة الأوقاف بالدقهلية في كلمته أن المسابقة تأتي ضمن جهود الدولة لتعزيز قوتها الناعمة، ونشر رسالة الاعتدال والتسامح التي يحملها الإسلام الوسطي.

هذا وتستمر فعاليات المسابقة عدة أيام، على أن يتم إعلان النتائج النهائية وتتويج الفائزين في حفل كبير يليق بمكانة التلاوة المصرية، التي ما دام أنجبت أعلامًا وقراءً كان لهم صدى عالمي.

وبذلك، تتحول الدقهلية من جديد إلى منارة قرآنية، تؤكد أن مصر ستظل دائمًا حاضنة للفن الأصيل في تلاوة كتاب الله، ومصدر إشعاع روحي يمد العالم الإسلامي بالنور والايمان.