رئيس التحرير
خالد مهران

وزير السياحة والآثار ومحافظ القاهرة يفتتحان قبتي يحيي الشبيه وصفي الدين جوهر بعد الانتهاء من مشروع ترميمهما

شريف فتحي وزير السياحة
شريف فتحي وزير السياحة والآثار

وزير السياحة والآثار ومحافظ القاهرة يقومان بجولة تفقدية داخل القبتين

 شريف فتحي: بالغ التقدير للتعاون المثمر في تنفيذ هذا المشروع  الذي يعد نموذجًا يُحتذى به في التعاون البنّاء مع الجهات الداعمة

- الدولة ملتزمة التزامًا كاملًا بالحفاظ على التراث والتاريخ المصري

- ما تم إنجازه في هذا المشروع يُجسّد بوضوح حجم الحرص المبذول لحماية هذه المواقع التراثية

- سيتم إدراج مشروع ترميم القبتين على المنصة الإلكترونية للتدريب التي تعتزم الوزارة إطلاقها الأسبوع المقبل

- سيتم إدراج القبتين على خريطة المزارات الأثرية المتاحة للزيارة


افتتح، اليوم شريف فتحي وزير السياحة والآثار  والدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة بمرافقة الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار والسفير جاريث بايلي سفير المملكة المتحدة بالقاهرة، قبتي يحيي الشبيه الفاطمية وصفي الدين جوهر المملوكية، وذلك بعد الإنتهاء من مشروع ترميمهما.

وقد شارك في حضور الافتتاح مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، ومارك هاوارد مدير المجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة، والدكتور خالد صلاح وكيل أول وزارة الأوقاف بالقاهرة، وعدد من قيادات وزارة السياحة والآثار والسفارة والمركز الثقافي البريطاني.

وقد قام بتنفيذ هذا المشروع مبادرة الأثر لنا التابعة لمكتب مجاورة للعمران، تحت إشراف وزارة السياحة والآثار ممثلة في المجلس الأعلى للآثار وبتمويل من صندوق حماية الثقافة التابع للمجلس الثقافي البريطاني بالشراكة مع وزارة الشئون الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة البريطانية، وذلك ضمن برنامج "إرث – للتراث والمناخ"، الذي أُطلق عام 2023 واستُكمل بنجاح مع نهاية عام 2024، مستهدفًا دمج الحفاظ على التراث المعماري التاريخي والأثري مع مواجهة آثار تغير المناخ، عبر سلسلة من التدخلات الفنية والمجتمعية والتعليمية.

وعقب الإنتهاء من مراسم الافتتاح، قام الوزير والمحافظ ومرافقيهم بجولة تفقدية داخل القبتين استمعوا خلالها إلى شرح مفصل من الدكتورة مي الإبراشي رئيس مجلس ادارة جمعية الفكر العمراني - مجاورة ومنسق مشروع إرث عن ما تم من أعمال ترميم ورفع الكفاءة والأهمية التاريخيّة والأثرية للقبتين، بالإضافة إلى مشاهدة فيلم وثائقي يبرز حالة القبتين قبل مشروع الترميم والمراحل المختلفة التي تم تنفيذها لاستعادة رونقها، كما يلقي الضوء على المجهود المبذول لرفع الوعي السياحي والأثري للمجتمعات المحيطة بالأثر واشراكهم في أعمال تطوير المنطقة.

وفي كلمته خلال مراسم الافتتاح، أعرب شريف فتحي، عن بالغ تقديره للتعاون المثمر في تنفيذ مشروع ترميم قبتي يحيى الشبيه وصفى الدين جوهر، واصفًا المشروع بأنه نموذج يحتذى به في التعاون البنّاء مع الجهات الداعمة، موجهًا الشكر والتقدير للمجلس الأعلى للآثار ومؤسسة "مجاورة للفكر العمراني" على جهودها الكبيرة لتنفيذ المشروع، والسفارة البريطانية والمجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة على ما قدموه من دعم مالى وفني للمشروع، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يُعد من الشراكات المستمرة والفاعلة في مجال الحفاظ على التراث.

وأكد الوزير أن الدولة ملتزمة التزامًا كاملًا بالحفاظ على التراث والتاريخ المصري، مشيرًا إلى حرص الوزارة على تحقيق التوازن بين حماية الآثار ودراسة سبل تعظيم الاستفادة منها اقتصاديًا، دون الإخلال بقيمتها الأثرية أو الإضرار بالبيئة المحيطة بها.

وأضاف أن ما تم إنجازه في هذا المشروع، على الصعيدين الفني والمادي، يُجسّد بوضوح حجم الحرص المبذول لحماية هذه المواقع التراثية، لافتًا إلى أنه سيتم إدراج مشروع ترميم القبتين ضمن المنصة الإلكترونية للتدريب التي تعتزم الوزارة إطلاقها الأسبوع المقبل، وذلك بهدف إتاحة هذا النموذج كمرجع تدريبي والاستفادة من الدروس المستخلصة منه في مشروعات الترميم المستقبلية.

كما أعلن عن إدراج القبتين على خريطة المزارات الأثرية المتاحة للزيارة، ما يأتي في إطار سياسة الوزارة لإتاحة المزيد من المواقع أمام الزوار من المصريين والسائحين وتعزيز التنوع في البرامج السياحية.

وقد حرص وزير السياحة والآثار، على هامش الافتتاح، تفقد مجموعة من المنتجات اليدوية التي نفذها عدد من أهالي المنطقة المحيطة بقبة صفي الدين جوهر، والمستوحاة من التراث المصري الأصيل، مشيدًا بجودة هذه المنتجات وتميزها، ومنوهًا إلى ما تبرزه من إبداع محلي يعكس الهوية الثقافية للمجتمع المصري.

وأكد  شريف فتحي على أهمية دعم هذه المبادرات المجتمعية التي تُمكّن السكان حول المناطق الأثرية والسياحية، وتُسهم في دمجهم في جهود الحفاظ على التراث، وتعزز من مفاهيم الأمن الاقتصادي السياحي، باعتباره أحد محاور استراتيجية الوزارة، مشددًا على دور هذه الأنشطة في دعم التنمية المستدامة للمناطق المحيطة بالمواقع الأثرية، بما يضمن استفادة المجتمعات المحلية من القيمة التراثية والسياحية لمناطقهم.

ووجه الوزير بضرورة الترويج لهذه المنتجات الحرفية والاستفادة منها ضمن منظومة تنشيط السياحة الثقافية، بما يسهم في إبراز المقومات الحضارية المتفردة للمجتمع المصري.

ومن جانبه، أكد الدكتور محمد إسماعيل خالد، أن أعمال الترميم تمت تحت الإشراف الكامل للمجلس الأعلى للآثار، الذي يحرص دومًا على أن تُنفذ كافة مشروعات الترميم وفقًا لأعلى المعايير العلمية والدولية المتبعة، باعتباره مؤسسة علمية بالدرجة الأولى.

وأكد على أنه قبل البدء في أعمال الترميم تم  عمل دراسات دقيقة وتوثيق علمي شامل للقبتين، بما يحقق أعلى درجات الحفاظ على أصالة الأثر وسلامته.

وأشار إلى أنه خلال أعمال الترميم استطاع فريق العمل في الكشف عدد من العناصر المعمارية والزخرفية، والتي تم توثيقها علميًا بشكل دقيق، تمهيدًا لعرضها في معرض مستقل خلال الفترة المقبلة، بما يسهم في إلقاء الضوء على القيمة الفنية والتاريخية لهذين الأثرين الهامين.

فيما أعرب السفير البريطاني بالقاهرة عن بالغ فخره واعتزازه بالمشاركة في هذا المشروع الهام، مشيرًا إلى أن تمويل الصندوق لهذين المشروعين جاء في إطار المبادرات المستحدثة خصيصًا لدعم جهود حماية التراث وتعزيز دور المجتمع المحلي في صونه.

وأكد السفير على حبه وتقديره العميق لمصر، ولا سيما القاهرة التاريخية التي وصفها بـ "القلب النابض" للعاصمة، لما تزخر به من تراث معماري وثقافي فريد تعكس عمق الحضارة الإسلامية في مصر.
وتضمن المشروع ثلاثة محاور رئيسية أولها عبارة عن عمليات ترميم لقبتي يحيى الشبيه (الفاطمية) بقرافة الإمام الشافعي وقبة صفي الدين جوهر (المملوكية) بشارع الخليفة.
وشملت الأعمال التوثيق، والتدعيم الإنشائي، ومعالجة الشروخ، والترميم الدقيق للعناصر الرخامية والخشبية والجصية، وتنفيذ نظام صرف وخفض منسوب المياه الأرضية، بالإضافة إلى تركيب كاميرات وشاشات مراقبة، ولافتات تعريفية وإرشادية.

كما تم إعداد دليل إرشادي تقني، يوضح أساليب الترميم المرتبطة بتأثير التغيرات المناخية مرفق بمقاطع تعليمية ومواد تدريبية رقمية وميدانية، بالإضافة إلى تنظيم عدد من الأنشطة التوعية والتثقيف المجتمعي حول العلاقة بين التراث وتغير المناخ، مع استغلال المياه الجوفية المستخرجة من الموقعين لأغراض الزراعة الحضرية، والتنظيف، ومقاومة الحريق، فضلًا عن تنمية المساحات الخضراء.

ومن الجدير بالذكر أن قبة يحي الشبيه أنشأها الخليفة الفاطمي الظافر بأمر الله إسماعيل أبو منصور، وذلك عام 949هـ / 1191م، وتنسب  إلى يحيى بن القاسم بن محمد المأمون بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن علي بن أبي طالب، قدم إلى مصر مع أخيه عبد الله أحمد، وذلك أيام بن طولون، ولما وصل مصر وسمع أهل مصر بقدومه خرجوا للقائه، وتوفي بمصر، ودفن بالمشهد، وذلك في شهر رجب سنة 562هـ / 1167م، ودفن بجواره أخيه عبد الله، ودفنت بالقبة أيضًا السيدة أم الذرية زوجة القاسم الطيب، وكذلك السيد يحيى بن الحسن الأنور أخو السيدة نفيسة وولدها، ودفن بالقبة أيضًا.

أما قبة صفي الدين جوهر فتعود لعام 740 هـ / 1340 م، أنشأها صفي الدين جوهر الناصري المالكي، ويعرف أحيانًا بجوهر المدن، هو أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون. ترقى في المناصب حتى تولى منصب الجاشنكير في عهد الملك المظفر بيبرس. أنشأ هذه القبة سنة 740 هـ / 1340 م لتكون مدفنًا له.

وتتميز القبة بجمالها المعماري والمعالجة الفنية الفريدة، حيث تحتوي على فتحات مثلثة الشكل مصنوعة من الجص المعشق بالزجاج، وهي من السمات المميزة للعمارة في القرن الرابع عشر الميلادي.