رئيس التحرير
خالد مهران

السجن 15 سنة لمدير طرق القاهرة الكبرى في أكبر قضايا الرشوة بحلوان

محكمة حلوان
محكمة حلوان

أسدلت محكمة جنايات حلوان الستار عن واحدة من أبرز قضايا الفساد الإداري والرشوة التي هزت الأوساط التنفيذية بوزارة الإسكان، حيث أصدرت حكمًا بالسجن المشدد 15 عامًا على ثلاثة من المتورطين في وقائع فساد مالي ضخمة بجهاز تعمير القاهرة الكبرى، بينما قضت بإعفاء الراشي – مالك شركة المقاولات – من العقوبة بعد تعاونه مع جهات التحقيق.

تفاصيل الحكم

أدانت المحكمة مدير عام الطرق والكباري بجهاز تعمير القاهرة الكبرى، وصديقه، وشقيقه، بتلقي رشوة مالية بلغت 6 ملايين جنيه، مقابل تسهيل حصول شركة الرواء للمقاولات على مشروعات بالأمر المباشر، وتسهيل صرف مستحقاتها المالية. وأعفي المتهم الرابع، مالك الشركة، من العقوبة بموجب قانون الإعفاء في قضايا الرشوة لمن يُبلغ أو يتعاون.

مبالغ بمئات الملايين ومشروعات كبرى

كشفت تحقيقات نيابة حلوان الكلية، ومصادرها من هيئة الرقابة الإدارية، عن أن المتهم الأول – بصفته موظفًا عامًا – طلب عطية مالية بلغت 10.2 مليون جنيه، تم تخفيضها لاحقًا إلى 6 ملايين، مقابل إسناد أعمال ضخمة لشركة الرواء.

وتشمل هذه الأعمال، وفقًا لما أعلنه جمال أحمد حسين، مدير عام مكتب وزير الإسكان، عددًا من المشروعات القومية، أبرزها تطوير منطقة الفسطاط التاريخية، وإنشاء النادي المصري القاهري، وتطوير واجهات شارع الحسن، وتنفيذ مبنى المخزن المتحفي بمنطقة الحدائق التراثية.


وأوضح حسين أن قيمة المشروعات الإجمالية التي حصلت عليها شركة الرواء بالأمر المباشر تجاوزت مليار و366 مليون جنيه، تم صرف ما يزيد على 677 مليونًا منها فعليًا، اعتمادًا على مستخلصات أعمال وقع عليها المتهم الأول بنفسه بصفته الرسمية.

كيف كُشفت الجريمة؟

حسب عضو هيئة الرقابة الإدارية، بدأت خيوط القضية بعد ورود معلومات دقيقة عن سلوكيات مشبوهة للمتهم الأول، وتمت متابعة تحركاته المالية والتنسيق مع النيابة العامة لاستصدار إذن قانوني بتسجيل محادثاته الهاتفية.

أظهرت التسجيلات الهاتفية تفاصيل دقيقة عن كيفية الاتفاق بين مدير الطرق وممثل الشركة على مبلغ الرشوة، وآليات تحويله عبر شركات يملكها المتهمان الثالث والرابع (شقيقه وصديقه)، في محاولة لإخفاء الطابع غير المشروع للأموال.

تحويلات بنكية تكشف المستور

كشفت التحريات وتحليل الحسابات البنكية عن قيام المتهم الثاني بتحويل مبلغ 5 ملايين جنيه إلى شركة "ميجرينج أند كنترول ماك للمقاولات"، التي يمتلكها صديق المتهم الأول، وتحويل مليون جنيه آخر إلى شركة "مؤسسة الأندلس للمقاولات" المملوكة لنفس الشخص.

لاحقًا، جرى سحب أجزاء من هذه المبالغ نقدًا وتسليمها للمتهم الأول بشكل مباشر، في حين تم تحويل جزء آخر دون علم المتهمين الثالث والرابع بطبيعة الغرض الحقيقي.

دور النيابة العامة والرقابة الإدارية

لعبت النيابة العامة بدائرة حلوان، بالتعاون مع هيئة الرقابة الإدارية، دورًا محوريًا في بناء ملف القضية وتوثيق الأدلة، بداية من الإذن بتسجيل المكالمات، حتى متابعة التحويلات البنكية، ما أفضى إلى إحالة القضية إلى محكمة الجنايات.

وقد أكدت النيابة في أمر الإحالة أن المتهم الأول ارتكب جريمة طلب وأخذ عطية على سبيل الرشوة مقابل أداء عمل من أعمال وظيفته، وأن شقيقه وصديقه قاما بدور الوسيط، بينما قدم المتهم الثاني – مالك الشركة – الرشوة بمحض إرادته، لكنه أُعفي لاحقًا من العقوبة نظير تعاونه.

محاكمة علنية.. وحكم صارم

في جلسة علنية شهدتها قاعة جنايات حلوان، استمعت المحكمة لمرافعات الدفاع والنيابة، حيث قدمت الأخيرة مستندات دامغة تؤيد الاتهامات، من بينها التسجيلات، والتحويلات البنكية، والتقارير المالية.

وانتهت الجلسة بالحكم على المتهم الأول والثاني والثالث بالسجن المشدد 15 سنة، مع إعفاء مالك الشركة – الذي أصبح شاهدًا – من العقاب.