رئيس التحرير
خالد مهران

سوق الذهب يتحول إلى ساحة مضاربات.. وارتفاعات غير مبررة

الذهب
الذهب

سجلت أسعار الذهب في الأسواق المحلية ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 5.7% خلال تعاملات الأسبوع المنتهي مساء السبت، بينما ارتفعت أسعار الأوقية في الأسواق العالمية بنسبة 3.6% خلال الأسبوع المنتهي مساء الجمعة. ويُعزى هذا الارتفاع إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية، خاصة بين إيران وإسرائيل، مما أعاد الزخم للمعدن الأصفر كملاذ آمن في ظل المخاطر الجيوسياسية وعدم اليقين الاقتصادي العالمي.

وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفعت بمقدار 240 جنيهًا خلال تعاملات الأسبوع الماضي، إذ بدأ جرام الذهب عيار 21 تعاملاته عند مستوى 4660 جنيهًا، لينهي الأسبوع عند 4900 جنيه، بينما ارتفعت الأوقية عالميًا بقيمة 120 دولارًا، من 3310 إلى 3430 دولارًا.

وأضاف إمبابي أن سعر جرام الذهب عيار 24 بلغ 5600 جنيه، بينما سجل عيار 18 نحو 4200 جنيه، وعيار 14 نحو 3267 جنيهًا، في حين وصل سعر الجنيه الذهب إلى 39200 جنيه.

وأوضح إمبابي أن الأسواق المحلية شهدت ارتفاعات غير مبررة في أسعار الذهب، بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع للبورصات العالمية، مشيرًا إلى أن آخر سعر للأوقية عالميًا بلغ 3430 دولارًا، بينما سجل سعر صرف الدولار الرسمي في البنوك 49.85 جنيه. وبناءً على ذلك، فإن السعر العادل لجرام الذهب عيار 21 يُفترض أن يكون في حدود 4800 جنيه، إلا أن أسعار الذهب الخام ارتفعت محليًا لتتجاوز 4900 جنيه، ووصلت إلى 5000 جنيه في بعض محلات التجزئة خلال تعاملات الأحد، رغم عطلة تجار الخام.

وأكد إمبابي أن هذه الفجوة السعرية توحي بأن السوق المحلي يقوم بتسعير الدولار عند مستويات تفوق 51 جنيهًا، وهو ما يثير تساؤلات حول آلية التسعير المتبعة، خاصة في ظل غياب أية متغيرات جوهرية على الساحة الدولية تبرر هذا الارتفاع المفاجئ.

واتهم إمبابي بعض التجار في السوق المحلي بممارسة التحوّط المفرط، بل ووصف الأمر أحيانًا بالطمع السعري، مؤكدًا أن هذا السلوك قد يؤدي إلى الإضرار بالمستهلكين، خصوصًا في ظل عدم وجود طلب حقيقي يبرر وصول سعر جرام الذهب عيار 21 إلى 5000 جنيه.

وأضاف أن رفع الأسعار خلال عطلة الأسواق العالمية يعكس تفاعل السوق مع المخاوف بدلًا من الواقع الفعلي.

وأشار إمبابي إلى وجود احتمالين لشرح هذه الفجوة بين الأسعار المحلية والعالمية:

الأول: زيادة مفاجئة في الطلب المحلي دفعت بعض التجار إلى رفع الأسعار لتقليل الضغط على المعروض، إلا أنه استبعد هذا السيناريو، نظرًا لعدم وجود مؤشرات على حركة شراء كثيفة أو اكتناز استثنائي.

الثاني: تحركات استباقية من كبار المتعاملين في السوق بناءً على توقعات بارتفاع مرتقب في سعر الدولار بالسوق الموازية، أو استعدادًا لقرارات اقتصادية قادمة لم تُعلن رسميًا بعد.

ونفى إمبابي أن تكون التوترات بين إيران وإسرائيل السبب المباشر في ارتفاع الأسعار المحلية، مؤكدًا أن التأثيرات الجيوسياسية تنعكس غالبًا أثناء تداول الأسواق العالمية وليس بعدها.

ووجّه إمبابي نصيحة مهمة للمستهلكين بعدم التسرع في اتخاذ قرارات الشراء في ظل الأوضاع الحالية، مشيرًا إلى أن التمهّل والانتظار حتى استقرار السوق أفضل من الانجراف وراء موجات ارتفاع غير مبررة قد تكون مؤقتة وغير مستدامة.

وعلى المستوى العالمي، أشار إمبابي إلى أن الضربة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة تسببت في هبوط أسواق الأسهم وارتفاع أسعار النفط، مما عزز جاذبية الذهب كملاذ آمن، ودفعه لتسجيل إغلاق أسبوعي تاريخي عند مستوى 3440 دولارًا للأوقية. ويُظهر هذا الأداء تفوق الذهب على الدولار الأمريكي، الذي تراجع بريقه كأصل آمن خلال الفترة الأخيرة.

وأضاف أن هذا التحوّل يعكس فقدان الثقة في الأدوات الاستثمارية التقليدية مثل الدولار والسندات الأمريكية، وهو ما يدفع المستثمرين نحو الذهب كخيار أكثر أمانًا في الأوقات المضطربة.

وأظهرت البيانات الأمريكية الصادرة مؤخرًا عن شهر مايو، استمرار تباطؤ مؤشرات التضخم على مستوى أسعار المستهلكين والمنتجين، مما يعزز احتمالية إقدام الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة خلال الاجتماعات القادمة، رغم بعض التحسن في ثقة المستهلكين حسب بيانات جامعة ميشيجان.

وتترقب الأسواق العالمية هذا الأسبوع اجتماع الفيدرالي الأمريكي المرتقب يومي 17 و18 يونيو، والذي من المتوقع أن يلعب دورًا محوريًا في تحديد توجهات السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة. كما ستصدر عدة بيانات اقتصادية مهمة مثل مبيعات التجزئة، والإنتاج الصناعي، والوظائف، وسوق الإسكان، وهي عوامل ستؤثر بشكل مباشر في تحركات الذهب.

ورغم تباطؤ التضخم، فإن ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 6% بفعل التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط يثير مخاوف من عودة ضغوط التضخم، لا سيما على صعيد أسعار الوقود.

وجدّدت مؤسسة «جولدمان ساكس» توقعاتها بوصول الذهب إلى مستوى 3700 دولار للأوقية بنهاية عام 2025، و4000 دولار في منتصف عام 2026، وهو ما يتوافق مع توقعات «بنك أوف أميركا» أيضًا، الذي رجّح أن يبلغ الذهب هذا المستوى خلال العام المقبل.

وكشف التقرير السنوي للبنك المركزي الأوروبي أن احتياطيات الذهب لدى البنوك المركزية بلغت نحو 36 ألف طن، وهو ما يمثل أعلى مستويات الاحتياطي منذ إنهاء نظام بريتون وودز، مما يدل على استمرار الطلب المؤسسي القوي على الذهب، والذي من المتوقع أن يظل أحد العوامل الداعمة لأسعاره على المدى القريب.