باستئجار أحدث سفينة تغويز..
الحكومة تستعين بشركة أمريكية لمواجهة أزمة انقطاع الكهرباء في الصيف

في خطوة استراتيجية تهدف إلى مواجهة التحديات المتزايدة في قطاع الطاقة، وقّعت وزارة البترول والثروة المعدنية اتفاقية مع شركة «نيوفورتس» الأمريكية لاستئجار وحدة التغويز العائمة «Energos Power»، وذلك ضمن جهود الدولة لتأمين إمدادات الغاز الطبيعي وتعزيز قدرة الشبكة القومية للكهرباء على تلبية الطلب المتزايد، خاصة خلال أشهر الصيف التي تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الاستهلاك.
وتأتي هذه الاتفاقية في توقيت بالغ الأهمية، في ظل أزمة الكهرباء التي تشهدها البلاد نتيجة ارتفاع الأحمال، وزيادة الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي الذي يُعد المصدر الرئيسي لتشغيل محطات الكهرباء في مصر، وذلك بعدما وعدت الحكومة المواطنين بإنهاء أزمة الكهرباء بشكل نهائي وعدم اللجوء مرة أخرى هذا الصيف لخطط تخفيف الأحمال.
وتهدف الاتفاقية إلى توفير مصدر مستدام ومرن للغاز المسال المستورد، حيث ستعمل وحدة التغويز العائمة على استقبال شحنات الغاز المسال في محطة العين السخنة، ثم تحويله إلى حالته الغازية وإدخاله مباشرة إلى الشبكة القومية.
وتُعد «Energos Power» واحدة من أحدث الوحدات العائمة عالميًا، وتتمتع بقدرة كبيرة على التغويز ومعالجة كميات ضخمة من الغاز المسال بكفاءة عالية، ما يسهم في دعم جهود الحكومة في توفير الطاقة للمواطنين والقطاعات الإنتاجية.
تأثير الاتفاقية لن يكون فوريًا
وفي هذا الصدد، قال الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي، مدير مركز الغد للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، إن اتفاقية وزارة البترول مع شركة «نيوفورتس» لاستئجار وحدة التغويز العائمة «Energos Power» تُعد خطوة مهمة نحو تأمين إمدادات الغاز الطبيعي لمصر، وهو ما يمثل تحركًا إيجابيًا في التوقيت المناسب لمعالجة أزمة الكهرباء التي تواجه البلاد في الوقت الراهن، ويخفف من حدة الانقطاعات، وبالتالي يسهم في استقرار شبكة الكهرباء على المدى القريب والمتوسط.
وأوضح أن تأثير الاتفاقية لن يكون فوريًا، بل يعتمد على عدة عوامل، أبرزها: كفاءة تشغيل الوحدة، تكاليف الاستئجار، مدى استغلال القدرات المتاحة، ومدى القدرة على تلبية الطلب المحلي من الغاز، سواء للمحطات أو للقطاعات الصناعية.
وأكد أن تأمين كميات كافية من الغاز سيساعد الشركات الصناعية على تلبية احتياجاتها التشغيلية، مما يؤدي إلى تحفيز النمو وزيادة الإنتاجية.
وأشار إلى أن هذه الاتفاقية من شأنها أيضًا أن تُسهم في خلق بيئة استثمارية أكثر استقرارًا، مما يُعزز من ثقة المستثمرين، سواء المحليين أو الأجانب، ويجذب المزيد من الاستثمارات إلى السوق المصرية، خاصة في القطاعات المعتمدة على الطاقة.
وأضاف أن تقليل انقطاعات الكهرباء لا يساعد فقط في تحسين بيئة الأعمال، بل يقلل من التكاليف التشغيلية للمصانع والشركات، ويرفع من مستوى الأرباح، مما يُنعكس على تحسين الأداء الاقتصادي ككل.
كما أوضح أن القطاعات الصناعية والتجارية ستستفيد بشكل مباشر من توفير طاقة مستدامة، وهو ما يُعزز الإنتاجية ويدعم خطط الدولة في التنمية الشاملة.
ولفت إلى أن تحسين إمدادات الكهرباء سينعكس أيضًا على حياة المواطنين من خلال تحسين جودة الخدمات المقدمة ورفع مستوى المعيشة.
استقرار إمدادات الكهرباء
ومن جانبه، قال الدكتور الحسين حسان، خبير التنمية الحضارية، إن الاتفاقية الجديدة تُعد بالغة الأهمية، وجاءت في توقيت دقيق للغاية، حيث إن استهلاك مصر اليومي من الغاز الطبيعي يصل إلى نحو 30 ألف مليار وحدة، وهو ما يمثل زيادة بنسبة تقارب 25% عن فصل الشتاء، وهو معدل كبير للغاية، ويؤكد الحاجة الماسة إلى تعزيز الإمدادات في الفترة المقبلة، خاصة مع الارتفاع الكبير في الطلب على الكهرباء
وأضاف «حسان»، أن الاتفاقية تهدف في الأساس إلى تأمين إمدادات الغاز الطبيعي، وتدعم بشكل مباشر تعزيز البنية التحتية لقطاع الغاز في مصر، من خلال رفع القدرة الاستيعابية للغاز الطبيعي وإعادة تنظيمه بالشكل الذي يسمح بتلبية الطلب المحلي المتزايد.
وأشار إلى أن الاتفاقية ستُسهم في استقرار إمدادات الكهرباء، وهو أمر مهم، غير أن تأثيرها على أسعار الكهرباء لن يكون فوريًا، إذ إن الأسعار تخضع لعوامل عديدة، وبالتالي، لا يمكن الجزم بحدوث انخفاض فوري في الأسعار، لكن على المدى المتوسط، قد تساهم الاتفاقية في تحسينها تدريجيًا.
وتابع أن الاتفاقية تنص على تخصيص نحو 80% من كميات الغاز المستوردة لمحطات الكهرباء التقليدية، و20% لمصانع الأسمدة والبتروكيماويات، ما يعكس توازنًا في توزيع الموارد بين قطاعات الطاقة والصناعة، ويُعزز القدرة الإنتاجية لكلا القطاعين.
وتطرق إلى أزمة الكهرباء في بعض المناطق الصناعية، مشيرًا إلى أن المنطقة الصناعية في الأقصر لم تستكمل بعض مراحلها بسبب عدم توصيل الكهرباء، وهو ما ناقشه في عدة مناسبات.
وأكد أن هذه الأزمة تمثل أحد التحديات الأساسية التي تعرقل التنمية الصناعية، إلى جانب نقص التمويل، مما يُبرز أهمية مثل هذه الاتفاقيات التي تساهم في حلحلة الأزمات وتشغيل المحطات بكفاءة.