رئيس التحرير
خالد مهران

من العلم للاستثمارات.. انفراجة بالعلاقات الأمريكية السورية بعد رفع العقوبات

سوريا وأمريكا
سوريا وأمريكا

شهدت الحكومة السورية أولى خطواتها بعد رفع العقوبات الأمريكية عنها، وذلك على مرحلتين الأولى عبر التمثيل الدبلوماسي الأمريكي داخل الأراضي السورية لأول مرة منذ سقوط الأسد، وبدء تدفق الاستثمارات على دمشق، في مشهد لم يعتد عليه السوريون.

وشهدت دمشق وصل توماس باراك، المبعوث الأمريكي إلى سوريا، اليوم الخميس، إلى مقر إقامة السفير الأمريكي في العاصمة دمشق، في زيارة تُعد الأولى من نوعها منذ إغلاق السفارة الأمريكية هناك عام 2012. ونقلت وكالة "رويترز" أن هذه الخطوة تمثل تحولًا رمزيًا في العلاقات بين واشنطن ودمشق بعد أكثر من عقد من القطيعة الدبلوماسية.

وفي مشهد لافت، تم رفع العلم الأمريكي خارج مقر إقامة السفير، في إشارة رمزية إلى ما وصفه مراقبون بأنه بداية مرحلة جديدة من التواصل بين الولايات المتحدة والحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع.

وبحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، فإن توماس باراك، الذي يشغل أيضًا منصب المبعوث الخاص إلى سوريا، حضر مراسم افتتاح مقر إقامته، في تحرك يُعد تمهيدًا لإعادة فتح التمثيل الدبلوماسي بشكل تدريجي.

خلفية الإغلاق: من الثورة إلى القطيعة

كانت الولايات المتحدة قد أغلقت سفارتها في دمشق عام 2012، مع تصاعد الثورة الشعبية ضد حكومة بشار الأسد، وتحول المشهد السياسي إلى نزاع مسلح واسع النطاق. ومنذ ذلك الحين، اتسمت العلاقات بين البلدين بالجمود والتوتر، خاصة في ظل العقوبات الاقتصادية والسياسية المفروضة على النظام السوري السابق.

أفادت مصادر دبلوماسية بأن واشنطن، التي كانت مترددة في التعاطي مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، بدأت مؤخرًا في تبني موقف أكثر انفتاحًا، بتشجيع من حلفائها الإقليميين السعودية وتركيا.

وتُشير التحركات الأخيرة، ومنها زيارة باراك ورفع العلم، إلى رغبة أمريكية بإعادة رسم العلاقة مع دمشق، في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية.

تخفيف العقوبات.. إشارات لتغيير في السياسة الأمريكية

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد بدأت بتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا تدريجيًا، بعد زيارته إلى الرياض مطلع الشهر الجاري، ولقائه المفاجئ مع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع.

ويرى مراقبون أن هذه التحولات قد تمهد لتعاون أمريكي أوسع مع سوريا، خاصة في ملفات إعادة الإعمار، ومكافحة الإرهاب، واستقرار المنطقة.

وفي سياق متصل، وقّعت الحكومة السورية، خمس مذكرات تفاهم مع عدد من الشركات العالمية المتخصصة في قطاع الطاقة، وذلك بهدف توسيع شبكة الكهرباء في البلاد وزيادة القدرة الإنتاجية بنحو 5000 ميجاواط. هذا التوسع يُتوقع أن يُضاعف الطاقة الكهربائية المتاحة حاليًا، وفقًا لما نقلته قناة روسيا اليوم.

وجرت مراسم التوقيع بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، في خطوة اعتبرتها الحكومة "محورية" في سياق إعادة إعمار قطاع الكهرباء المتضرر بشكل كبير بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد.

وشملت مذكرات التفاهم شركات رائدة في مجال الطاقة، وهي UCC العالمية، أورباكون القابضة، باور الدولية، جنكيز للطاقة، كاليون للطاقة، وتهدف هذه الاتفاقيات إلى تعزيز الاستثمار في البنية التحتية الكهربائية المتهالكة، وتحفيز مشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة.

تفاصيل المشروع واستثمارات ضخمة

وقال وزير الطاقة السوري، محمد البشير، إن قيمة الاستثمارات الإجمالية تبلغ 7 مليارات دولار، موضحًا أن هذه المشاريع ستسهم في توليد 5000 ميجاواط من الكهرباء، ما يعني زيادة ساعات التغذية الكهربائية وتحسين مستوى المعيشة في مختلف أنحاء البلاد.

وأضاف أن هذه الخطوة تُشكل "نقطة تحول تاريخية" في قطاع الطاقة، مشيرًا إلى أن المشروع يدعم التكامل الإقليمي، ويؤسس لمرحلة جديدة من الاعتماد على تقنيات الطاقة الحديثة.

محطات توليد جديدة وتكنولوجيا متطورة

تشمل المشاريع إنشاء أربع محطات كهرباء تعمل بتوربينات غازية بنظام الدورة المركبة (CCGT) في مواقع مختلفة هي دير الزور، محردة، زيزون (ريف حماة)، تريفاوي (ريف حمص).

وتُقدّر السعة الإجمالية لهذه المحطات بنحو 4000 ميجاواط، إلى جانب محطة طاقة شمسية بقدرة 1000 ميجاواط في منطقة وديان الربيع جنوب البلاد، باستخدام تقنيات أمريكية وأوروبية حديثة.

فرص عمل وتأثير اقتصادي كبير

من جهته، أكّد رامز الخياط، الرئيس التنفيذي لشركة "أورباكون"، أن المشروع سيمثل انطلاقة جديدة نحو إعادة إعمار سوريا وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة.

وأوضح أن المشروع سيوفر أكثر من 50 ألف فرصة عمل مباشرة، وقرابة 250 ألف فرصة غير مباشرة، ما من شأنه أن يساهم في إنعاش سوق العمل السوري وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي.

خلفية الحرب وتدمير البنية التحتية

يُذكر أن البنية التحتية الكهربائية في سوريا تعرضت لأضرار جسيمة على مدى السنوات الـ14 الماضية نتيجة الحرب، مما جعل إعادة بنائها أولوية قصوى في إطار جهود الدولة للعودة إلى الاستقرار.